انوار الفقاهه - کتاب الحج

اشارة

نام کتاب: أنوار الفقاهة- کتاب الحج موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، حسن بن جعفر بن خضر تاریخ وفات مؤلف: 1262 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء تاریخ نشر: 1422 ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: نجف اشرف- عراق

ص: 1

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ و به نستعین

کتاب الحج

و هو بکسر الحاء و فتحها لغة القصد المخصوص إلی بیت الله بمکة مع أو مناسک مخصوصة عنده فی أزمنة مخصوصة و أماکن مخصوصة أو هو نفس الأفعال المؤداة بتلک الأماکن فی تلک الأزمنة و بناء علی وضع العبادات للصحیح یؤخذ فیها علی الوجه الصحیح و وجوبه من ضروریات الإسلام و منکره کافر مرتد أن کان من المسلمین و تولد بینهم و لا یکفر تارکه إجماعاً و ما ورد من ذلک محمول علی المبالغة و یجب بأصل الشرع علی المستطیع مرة واحدة للأخبار و الإجماع بقسمیه و ظاهر الکتاب یدل علیه و ما ورد فی بعض الأخبار و أفتی به بعض القدماء من وجوبه فی کل مقام علی المستطیع مطرح لشذوذه أو محمول علی الندب المؤکد أو علی العموم البدنی

بالنسبة إلی أفراد المستطیعین أو العموم البدنی بالنسبة إلی أفراد السنین بمعنی أنه یجب علیهم التأدیة فی کل عام إذا ما یؤدوه فی الأول ففی الثانی و هکذا فإذا أدوه فی أی عام کان فرضاً علیهم أو الوجوب کفایة کی لا یخلو البیت من طائف و الکل حسن و ان کان بعضها أقرب من بعض و وجوبه فوری للإجماع و الأخبار الناهیة عن حج النیابة للمستطیع و النافیة للعذر عمن یسر فی الحج للمؤخر من أن ترک شریعة من شرائع الإسلام و لیس من المؤقت بل یجب أداؤه علی الدوام فی کل عام و أن أثم بالتأخیر و یجب التأهب لمقدماته عند ضیق الوقت إلا عن فعلها و لو من أول السنة بل و لو من قبل سنتین و وجوب المقدمات أن لم یقتضها الخطاب اللفظی یقتضیها الخطاب العقلی التابع له و ألا فالإجماع علی الظاهر فیجوز حینئذ نیة الوجوب فیها و ربما یقال بوجوبها موسعاً فتصح نیة الوجوب لها فی حال السعة و علی کل حال فهل تتضیق عند أول مسیر القوافل فلا یجوز التأخیر أو عند آخرها مع احتمال أو رآها أو عند أولها إذا لم تثق بآخرها و إِلّا جاز للتأخیر إذا وثق و علی جواز التأخیر فهل یستقر الحج بذمته عند أولها بحیث لو لم یتمکن من آخرها انکشف ثبوت الحج فی ذمته ابتداء و لا یستقر إلا

[فی معنی الحج]

ص: 2

بآخرها و أن تمکنه من السفر معها مع حصول باقی الشرائط أستقر علیه وجوب الحج و ألا سقط وجوه أقربها جواز التأخیر إلی أخر الرفقة إذا أحتمل إمکان المسیر معهم و استقراره بادل الرفقة حتی لو لم یتمکن من المسیر مع أخرهم و قد تمکن من المسیر مع أولهم فلم یفعل کان ممن أستقر علیه الحج و وجب علیه الأداء فی العام القابل استناداً إلی الأصل فی جواز التأخیر و إلی عمومات الأدلة فی استقراء الحج و قد یجب الحج بالأسباب الصادرة من المکان من نذر أو عهد أو یمین أو إفساد لواجب أو مندوب و یتکرر بتکرر السبب و یندب الحج لغیر من وجب علیه من مملوک أو قاصد الاستطاعة أو مؤدّ للواجب الذی علیه کل ذلک للأخبار و الإجماع

القول فی حج الإسلام

اشارة

و فیه مطالب.

أحدها: لا یجب حجة الإسلام علی غیر العاقل من صبی أو مجنون

إجماعاً من المسلمین نعم یصح الحج من الصبی الممیز کسائر عباداته للأخبار و الإجماع و الأصح أن عبادته شرعیة لا تمرینیة و یشترط فی صحة أذن الولی لأنه تصرف بدنی غیر معتاد و مالی و هما متوقفان علی أذن الولی و للولی أن یأذن مع المصلحة له بذلک بل یکفی عدم المفسدة لأنه بذل مال فی مثوبة یجوز حمل الصبی علیها و یحتمل صحة فعل الصبی من دون أذن من الولی علی ما إذا لم یستلزم تصرفاً مالیاً و لکن توقیفیة للعبادة تقضی بالتوقف علی الأذن اقتصاراً علی المورد الیقین فی الصحة لها نعم یتعین القول باشتراط إذن الأبوین حجة للبالغ فی الحج المندوب للکتاب و السنة الأمرة بطاعتها و الناهیة عن مخالفتها و أذیتها و رفع الصوت علیهما و أنهما إذا أمر بالخروج من الأهل و المال لزم أتباعهما و أن الجهاد یسقط عند نهیهما سیما لو کان فی الحج خطر و ضرر و مشقة بحیث یؤذیهما الخروج إلیه و سیما نهی الوالد فإنه له الامتیاز علی الأم و لا یبعد وجوب تقدیم قوله و أن أحتمل العکس لمکان الرقة و یجب علی الولی مع أذنه غرامة النفقة الزائدة علی الحضر لأنها غرامة أدخلها علی الصبی بسبب أذنه له و لأن وجوب غرامة النفقة أولی من وجوب کفارة الصید اللازمة للولی الدال علیها الصحیح أو مساویة لها مع احتمال کونها فی مال الصبی لأنه نفع یعود إلیه و إنفاق لمصلحته فیخرج

ص: 3

من ماله و غرامة الکفارة لو قلنا بها فللدلیل و الأولویة و المساواة ممنوعتان هذا کله لو کان الولی إجباریاً أو کان غیره مع المصلحة أما لو کان مع عدم المصلحة بالنسبة إلی غیر الولی الإجباری أو مع المفسدة بالنسبة إلی الولی الإجباری فلا شک فی ثبوت غرامة النفقة الزائدة علیه و لو أفسد حجة وجب علیه القضاء بعد بلوغه کما إذا جامع قبل الوقف عمداً فی الفرج و لا یصح منه حال الصبا و لا تجب نفقة الحج علی الولی لتسببه عن أذنه لضعف السبب عن الضمان و یجب علی الولی الهدی من ماله فإن عجز أمر الصبی بالصبی أو صام أو بدله للأمر بالذبح عنه و الأمر بالعدم لمن لم یجد الهدی عنه و هل یجوز أمره بالصوم مع قدرة الولی علی الهدی لأنه بمنزلة الفاجر الذی فرضه الصوم و لقوله یذبح عن الصغار و یصوم الکبار أو لا یجوز لقوله فی الخبر و اذبحوا عنهم کما تذبحون عن أنفسکم و لأنه لو جاز صومه مع قدرة الولی علی الهدی لجاز صوم الولی عمن لا یمیز مع قدرته علی الهدی و اللازم تنفیه الأخبار و الأقوی الأول و الأخیر أحوط و لو فعل الصبی ما یوجب الکفارة أو الفداء علی الکامل احتمل لزومه مطلقاً فی مال الولی المتسببة عن لذته فکان کالنفقة الزائدة و لقوله (علیه السلام) فإن قتل صیدا فعلی أبیه و أحتمل عدم لزومه مطلقاً أما ما یلزم فی العمد فلأنه لا عمد للصبی و أما ما یلزم مطلقاً فللأصل و رفع القلم عن النامی خروج البالغ العاقل و بقی الباقی و أحتمل التفصیل بین ما یلزم مطلقاً فعلی الولی و بین ما یلزم فی حالة العمد فقط فلا یلزم أحد و أحتمل التفصیل بین ما یلزم مطلقاً فیلزم فی مال الصبی و بین ما یلزم فی حالة العمد ففی مال المولی و أحتمل التفصیل بین الأول فما ذکرناه و بین الثانی فلا یلزم أحد وجوه أقواها الثالث للخبر المتقدم فی الأول و أصالة البراءة فی الثانی و دعوی أن عمد الصبی خطأ غیر مسموعة إلا فی الجنایات دون هذه المقامات و المراد بالولی هنا الأب و الجد له إجماعاً منقولًا و شهرة محصلة و الأقوی إلحاق الوصی و الحاکم الشرعی بهما مع وجود المصلحة فی حجتهما بل یکفی عدم المفسدة لأنه فی نفسه صلاح للطفل و الحق جمع بولی المال الأم لروایة عبد الله بن سنان عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حیث أجاز لها الحج بابنها الصغیر و صحح بعضهم هذه

ص: 4

الروایة لکن الأصل و الاحتیاط یقضیان بالعدم و یمکن أن تحمل الروایة علی أن إجازة النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أذن لها و هو الولی الحقیقی و تسری بعضهم إلی جواز الإحرام بالصبی من الأجانب لإطلاق بعض الأخبار و هو ضعیف لظهور الأخبار فی الولی و لحرمة التصرف من غیره فیه و لقوله (علیه السلام) فلیصم عنه ولیه و حمله علی متولی الإحرام بعید و الصبیة هاهنا کالصبی لاشتراکهما فی الأحکام إلا ما خرج بالدلیل و لقوله (علیه السلام) و کذلک الصبیة إذا طمثت یعنی فی إعادة الحج بعد أیام الصفر.

ثانیها: إذا أدرک الصبی اختیاری المشعر

أجزأه عن حجة الإسلام للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب و لإشعار الأخبار الواردة فی أجزاء حج العبد المعتق إذا أدرک ذلک عن حج الإسلام و للأخبار الدالة علی أن من أدرک المشعر فقد أدرک الحج و لأنه من لم یحرم من مکة أحرم من حیث أمکنه فالوقت صالح لإنشاء الإحرام فکذا صالح لانقلابه علی أن الصبی قد أحرم من مکة و أتی بما علی الحاج من الأفعال فلا یکون أسوأ حالًا ممن أحرم بعرفات و لم یدرک إلا المشعر و لو کمل قبل فجر النحر و أمکنه إدراک اضطراری عرفه مضی إلیه و أن کان قد وقف به قبل الإکمال و قد بقی وقت الوقوف عاد إلیه ما دام وقت اختیاری المشعر باق و لو قدم الطواف و السعی أحتمل وجوب العود إلیه للاحتیاط و أحتمل عدمه للأصل و معنی الأجزاء أنه یکون فرضه حجة الإسلام و لا یجوز له تأخیرها و لو أهمل استقرت فی ذمته و لکن هل یجب علیه تحدید النیة علی وجه الوجوب لأن لکل امرئ ما نوی و لوجوب نیة الوجه أو لا یجب للأصل و لعدم وجوب فیه الوجه کفایة التقرب و لو وجبت فی الابتداء فلا نسلم وجوبها فی الاستدامة و الأول أحوط نعم لا یبعد وجوب تعیین أنها حجة الإسلام لترددها بین حجة الإسلام و المندوبة و تعیین نوع شرط فی النیة و لو أتم بنیة الندب زاعماً عدم البلوغ فتبین بلوغه بعد ذلک حق الحج احتملت الصحة و الأجزاء عن حجة الإسلام لتعینها فی الواقع فینصرف إلیها العمل المتقرب به و تقع نیة الندب لغواً لمکان الاشتباه و أحتمل صحتها ندباً و عدم أجزائها عن حجة الإسلام لعدم وقوع غیر المنوی عن المنوی لأن حجة الإسلام و الحج المندوب نوعان متغایران و أحتمل بطلانها لوقوع

ص: 5

المندوب فی غیر محله و عدم إمکان وقوع الواجب وجوه أوجهها و أحوطها الوسط و یشترط فی أجزائها عن حجة الإسلام الاستطاعة للأفعال الباقیة قطعاً لأن شرط حجة الإسلام الاستطاعة و القدرة علی الزاد و الراحلة قطعاً و لکن هل یشترط الاستطاعة بجمیع أفعال الحج من مکة أو یشترط الاستطاعة من بلده بمعنی أنه یملک الزاد و الراحلة سابقاً فی بلده و لیس المانع إلا البلوغ أو بمعنی أنه بقدر أنه مستطیع من بلده حال البلوغ أو لا یشترط شی ء منها ظاهر الفتوی و نسب إلی المشهور و النصوص الواردة فی العبد المعتق عدم الاشتراط و الاحتیاط أو اصالة عدم الأجزاء إلا فالمتیقن یقضی بلزومها من بلده و فی الاکتفاء بها من مکة قوة و إذا نوی الوجوب فالأحوط أنه ینویه ببقیة إحرامه و بباقی أفعاله المتلبس بها و المتجددة و ظاهر الفتوی و النصوص الواردة فی العبد عدم الفرق بین حج التمتع و غیره لأن عمرة التمتع مقدمة فیقع کلها و لکن الاحتیاط و الاقتصار علی مورد الیقین یقضیان باختصاص الأجزاء فی غیره لأن عمرة التمتع مقدمة فتقع کلها بنیة الندب و من البعید إجراؤها مع جملة من أفعال الحج عن الحج الواجب و حینئذ فیأتی بعمرة مفردة فی العام أو بعده و قیل یأتی بعمرة التمتع و یسقط الترتیب فی حج التمتع و هو بعید هنا إذا کان فرضه التمتع و ما أتی به أیضاً کذلک و أما لو کان فرضه التمتع و المأتی به الأفراد أو کان فرضه الأفراد فکذلک فی لزوم الإتیان بعمرة مفردة و یکون فی الأول عادلًا عن فرضه إلی الأفراد ضرورة و أما لو کان فرضه الأفراد و الذی أتی به التمتع فهل یبقی علیه و یجزی عنه الأفراد کمن عدل عن الأفراد إلی التمتع ضرورة أو یعدل بنیته إلی الأفراد أو ینقلب حجة مفردة قهراً أقواها أحد الأخیرین و علیه عمرة حینئذ و فی الأجزاء عن حج الإسلام فی هذه المقامات نظر للأصل و عدم الداعی إلی العدول مخالفته الأصل لأن وجوب أداء حجة الإسلام فی ذلک العام و الحال هذه محل نظر فی المقام.

ثالثها: الصبی غیر الممیز یحج به الأب و الجد مع عدم المفسدة

و الوصی و الحاکم مع المصلحة و الأم علی وجه و مثله الصبیة و فی إلحاق المجنون بهما قول لا یخلو عن قوة فیحرم بهما الولی بمعنی أنه ینوی الإحرام عنهما فیفعل بهما ما یفعل المحرم و یکون

ص: 6

الصبی محرم حینئذ لأنه یحرم عنهما بمعنی أنه یحرم و ینوی بإحرامه عن إحرام الصبی علی الأظهر و یلبی عنهما و یحضرهما المواقف و کلما أحسنه الصبی فعله هو و ما لا یحسنه فعله عنه و یتولی النیة الولی علی کل حال و یجوز أن ینوب عن الولی غیره و فی الکل أو البعض مع أذن الولی له و علیه أن یحضره المطاف و المسعی و الموقفین و الجمار و یطوف به أن لم یقدر علی المشی سواء کان طائفاً لنفسه أو لا و له أن یحمله علی دابة یقودها أو یسوقها و الأحوط لزوم الطهارة علی الطائف به و أن لم یکن طائفاً لنفسه و الأفضل أن یفعل به صورة الطهارة بل هو أولی بالاحتیاط لأن الصبی هو الطائف و للأمر بغسله للإحرام فی بعض الأخبار و یجزی طواف واحد عن الحامل و المحمول للإجماع المنقول و الخبر المرآة تطوف بالصبی و تسعی به یجزی عنهما قال و مثله السعی و یصلی عن الصبی أن لم یمکنه الصلاة و ألا حمله علیها و یذبح الهدی عنه من ماله لا من مال الصبی و من لم یجد هدیاً فلیصم عنه ولیه و علی الولی الغرامة من نفقة زائدة علی الحضر و من فدیة تلزم فی العمد و الخطأ أو تلزم فی العمد فقط لو تعمدها الصبی فی وجه تقدم وجهه و یرمی عنه الولی بیده أو یجعل ید الصبی آلة للرمی و أکثر هذه الأحکام بل کلها دلت علیه الأخبار منطوقاً و مفهوماً و کلام الأصحاب و لو أدرک المشعر بالغاً غیر ممیز أو عاقلًا و کانا مجنونان فالأقوی الاجتزاء بحجهما کما تقدم فی الممیز لعموم من أدرک المشعر فقد أدرک الحج و فی القول بعدم الاجتزاء به قوة لأن فعله کلا فعل فلا یجزی عن الواجب و المقطوع به عن الإجماع هو أجزاء فعل الممیز دون غیره.

رابعها: یشترط فی وجوب حجة الإسلام الحریة

إجماعاً فلا تجب علی المملوک و یصح منه مع أذن الولی و لا یجزیه عن حجة الإسلام بالإجماع و الأخبار نعم لو أدرک عرفه أو اختیاری المشعر معتقاً أجزأه عن حجة الإسلام بالإجماع و النصوص کالصحیح فی العبد المعتق یوم عرفة قال إذا أدرک أحد الموقفین فقد أدرک الحج و ما ورد فی الخبر أن العبد إذا حج به موالیه فقد قضی حجة الإسلام محمول علی ما إذا أدرک أحد الموقفین معتقاً أو علی أنه یجزیه ما لم یعتق لقوله فی الصحیح المملوک أن

ص: 7

حج و هو مملوک أجزأه إذا مات قبل فإن عتق فعلیه الحج و الآخر العبد إذا حج به فقد قضی حجة الإسلام حتی بعتق و یشترط فی أجزاء حجه عن حج الإسلام استطاعته من زاد و راحلة أو من شرب و عدم مشقة لا تتحمل عادة لبقیة الأفعال التی علیه من حین العتق و هل یشترط استطاعته سابقاً بمعنی القعدة عن الحج علی نحو الاستطاعة الشرعیة ما عدا الحریة أو یشترط استطاعته بالفعل عند عتقه من مکة أومن بلده تقدیراً بأن یتمکن من المال بهبة أو معاوضة أو لا یشترط وجوه أوجهها عدم اشتراط شی ء من ذلک لإطلاق الأخبار و کلام الأصحاب فی الأجزاء من دون تفصیل و لأن الاستطاعة مع القول بإحالة ملک العبد غیر معقول إلا علی وجه البذل مع إذن المولی أو بذل المولی و تنزیل الأخبار علی هذه الصورة بعید کل البعد و مستقر الحج فی ذمته لو أهمل و یجری علیه حکم تجدید النیة من لزوم نیة الوجه أو بنیته نوع حج الإسلام علی نحو ما قدمناه فی الصبی الممیز و العبد المأذون یجب علیه القضاء لو أفسد حجة و علی السید أن یأذن له فی ذلک لأن الأذن فی الحج إذن فی لوازمه و لقوله فی الصحیح کلما أصاب العبد المحرم فی إحرامه فهو علی السید إذا أذن فی الأحرام و لأن القضاء تسبب وجوبه عن إذنه فی سببه فیلزمه الأذن فیه و قد یؤید أیضاً بأن القضاء فرض الفاسد عفویة و لکنه ضعیف و لا قلنا به و یحتمل عدم لزومه علی المولی فینظر أرادته بعد عتقه للأصل و لأن الأذن متعلق مما ساغ شرعاً لا بما فعله عصیاناً و لأن القضاء أنما یجب بأمر جدید فلا یتناوله الأذن و وجوبه علیه مع عدم إذن المولی مشکوک به و الأول أقوی و أحوط و لو فعل العبد ما یوجب الکفارة فإن فدی السید عنه فلا کلام و الا وجب علیه الصیام لعموم الدلیل الدال علی أن العاجز علیه الصوم و یحمل الصحیح المتقدم علی إذن المولی له به بالصوم أو علی الندب مع احتمال لزوم الفدیة علی السید للصحیح المتقدم و احتمال التخییر بین الفدیة و أمره بالصیام جمعاً بین الصحیح المتقدم و خبر ابن أبی عمران عن عبد أصاب صیداً و هو محرم هل علی مولاه شی ء من الفداء فقال لا شی ء علی مولاه قوی و یحتمل الفرق بین إذن المولی بالجنایة فتلزم المولی الفدیة و بین عدمه فیلزم العبد الصوم جمعاً بین الخبرین و هل للمولی منع العبد من الصوم لصدوره

ص: 8

بسبب منه غیر مأذون به فیشک فی تعلق الأمر به و لیس له منعه لظاهر الصحیح المتقدم و لأن الکفارة من لوازم المأذون به و لتعلق الخطاب به الناشئ من عموم الدلیل و دعوی تخصیصه بمنع المولی خلاف الظاهر قطعاً کما یلزم العبد الصوم بدل الهدی قطعاً سواء أذن له فیه أم لم یأذن و سواء منعه أو لا و لو أفسد العبد حجة قبل الوقوف بالجماع و أعتق بعد الموقفین لزمه البدنة و الإکمال و القضاء کالحر و حجة الإسلام أن کان مستطیعاً و هل یقدم القضاء علی حجة الإسلام أو یقدمها علی القضاء وجهان تقدم سبب القضاء علی سبب حجة الإسلام حتی أنه یشک فی استقرارها قبل فعل القضاء و من أهمیة حجة الإسلام و الأمر بها فوراً و الأظهر الأول و لو أعتق العبد قبل المشعر بعد الافساد و القضاء هنا یجزی عن حجة الإسلام و لا یجوز الرجوع من المولی بعد الأذن بالحرام لدخول العبد فیه دخولًا صحیحاً شرعیاً فلا یتحلل إِلا بمحلل شرعی و مثله لو رجع و لما یعلم المولی العبد حق أحرم علی الظاهر و یکون حکم الإحرام حکم الصلاة الموسعة أو النافلة مع إذن المولی و رجوعه فی أثنائها لقوله تعالی (وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ) سورة البقرة آیة (196) مع احتمال جواز الرجوع من المولی فی الأخیر لانکشاف وقوع الإحرام من العبد بغیر إذن واقعاً و هو جید إلا أن الأول أقوی و العبد لو هایاه مولاه فأحرم بتوبته انعقد إحرامه أن علم بسعة توبته لإحرامه و کذا إذا تجدد القصور لعارض إلا إذا أمکن تأخیرها إلی توبة أخری و لم یفت باستمرار إحرامه أحتمل إلیها حق من حقوق المولی فلا یبعد عدم جواز تحلیل المولی له و أن علم العبد قصور توبته عن إحرامه أحتمل جواز إحرامه لأن غایته التحلیل إذا حبس و من الحبس تحلیل المولی و أحتمل عدمه لأقدامه علی عمل یعلم عدم اتمامه و جواز إحرامه مشروط بعدم الحضر و الضرر و منه السفر علی المولی فی زمن توبته و ألا فلا یجوز له الإحرام رعایة لحق المولی الواجب بالنص و الإجماع بل الأحوط ترک الإحرام فی نوبته و أن علم السعة و لم بکن ضرر و لا خطر فالعبد لا یقدر علی شی ء و لعموم قوله (علیه السلام) لا حج له و لا عمرة و لا شی ء و عموم فتوی الأصحاب باشتراط الإذن للعبد.

ص: 9

خامسها: یشترط فی حج الإسلام الاستطاعة

إجماعاً محصلًا و منقولًا و کتاباً و سنة و قد فسرت فی بعض الأخبار بالزاد و الراحلة و فی بعضها فحلا فی سربه صحیحاً فی بدنه له زاد و راحلة و فی بعضها الزاد و الراحلة مع الصحة و فی بعضها الصحة فی بدنه و القدرة فی ماله و فی بعضها القوة فی البدن و الیسار فی المال و فی بعضها الاستطاعة الزاد و الراحلة لیس استطاعة البدن و علی کل حال فالمراد بالاستطاعة فی الکتاب و السنة و الإجماع معنی خاص و لم یبق علی إطلاقها بحیث یراد بها المعنی الفعل أو العرفی قطعاً فهی أما مجمل و بیانه فی الأخبار و کلام الأصحاب أو مطلق منصرف إلی الفرد المعهود فی لسان الشارع و عمله و عمل أصحابه و إلی السیرة المألوفة و الطریقة المعهودة من الإمامیة لأن الاستطاعة فی الآیة الکریمة مطلق و أن کان المستطیع عاماً و لا شک أن المعهود قولًا و فعلًا من زمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أن حجة الإسلام لا تدور مدار القدرة العقلیة أو العرفیة بل لا بد من آمر آخر ورائه فهو المراد بالإطلاق و لما کان ما فی الأخبار و کلام الأصحاب و المعهود من الآیة و أصحابهم کالمجمل لعدم إرادة المطلقات فی بیانها علی إطلاقها من جهة أن الزاد هل یراد به عینه أو ثمنه و أنه هل یلزم شراؤه و لو بثمن مضر بالحال و أکثر من ثمن المثل أو لا یلزم و أن الراحلة هل یعتبر فیها المناسبة فی الشرف و الصفة أو یکفی المناسبة فی القوة و الضعف و أن القدرة علی استدانتهما کافیة فی الاستطاعة و لأن الدین المقابل لهما مانع أم لا و لأن الدار و الخادم و الثیاب و أوانی البیت و الحلی و الکتب العلمیة هل یستثنی أم لا و أن الزاد و الراحلة فی العود هل تعتبر أم لا و أن نفقة العیال هل تعتبر أم لا و أن نفقة العیال هل تستثنی أم لا و أن الرجوع کفایة هل یعتبر أم لا و أن تخلیة السرب بالنسبة إلی الخوف علی المال هل تعتبر أم لا قلیلهُ أو کثیرهُ المضر و غیر المضر أم لا و أن عدم المهانة و الذل علی نفسه أو علی عرضه هل تعتبر أم لا و أنه لو قدر علی مشی بعض الطریق دون بعض هل یعتبر أم لا و أنه لو قدر علی المال بالسؤال هل یجب أم لا و أن القریب إلی مکة أو من کان فیها هل یشترط له القدرة علی الراحلة أم لا و أن الاحتیاج إلی حمل الماء و علف الدواب من کان بعید هل یرفع حکم الاستطاعة أم لا و أن الاحتیاج ابنه أو صلة

ص: 10

أرحامه أو إکرام ضیوفه هل هو مانع أم لا و هل القدرة علی اکتساب الزاد و الراحلة بصنعة أو حرمة أو إیجار نفسه لعمل داخل فی الاستطاعة أم لا و أن من قصرت أعیان ماله من الاستطاعة فهل یجب علیه الرجوع إلی المنافع لو أمکن وفاءها لو أجراها سنیناً أم لا و إِن من کانت عنده دور متعددة موقوفة یمکنه الاستطاعة بثمن منافعها فهل یجب إیجارها أم لا و إِن من کان عنده بستان أو عقاراً أو حمام معدها للتعیش بمنافعها فهل هو مستطیع بها و یجب بیعها علیه أم لا إلی غیر ذلک فإذا تحقق إجمال الاستطاعة و عدم وفاء الأخبار ببیانها و کان وجوب الحج معلقاً علیها لاشتراط تحققها فی وجوبها و کان المشروط عدم عند عدم العلم بشرطه لزم عند عدم العلم بشرطه لزم عند وجوب الحج عند الشک فی تحققها و عدم القطع بحصولها و کذا لو کان معناها القدرة من دون مشقة کقوله لا أستطیع النظر إلی أماکن و لن تستطیع معی صبرا لکان أیضاً مقارباً للمعنی الشرعی فیلزم مما ذکرناه حینئذٍ ملک الزاد و الراحلة عیناً و قیمة للذهاب و الإیاب أن کان له وطن محقق و أن لم یکن له وطن فالإیاب إلی ما یریدان یتوطنه و أن لم یکن کذلک و أراد الوطن بمکة فلا یعتبر الإیاب مع الإیاب و أن یکن زائداً عن حاجته و حاجة مثله شرفاً و صفة من مسکن و ثیاب بذله و تجمل و عبد خدمة أو فرس رکوب لا یمکنه رکوبها للحج و نفقة عیال واجبة أو مندوبة و إکرام ضیوف و مصانعة ظلمة وصلة أرحام معتادة له و صدقات مندوبة کذلک و بدل علی استثناء المسکن و الخادم و الثیاب المحتاج إلیها و نفقة العیال و فرس رکوب فتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و یدل علی استثناء النفقة خبر أبی الربیع و فیه لأن کان لمن له زاد و راحلة قدر ما یقوت به عیاله و یستغنون به عن الناس ینطلق إلیه فیسلبهم إیاه لقد هلکوا أذن فقیل له فما السبیل فقال السعة فی المال إذا کان بحج ببعض و یبقی بعضاً لقوت عیاله و فی أخر فی الاستطاعة و أن یکون الإنسان ما یخلفه علی عیاله و ما یرجع من حجة و یدل علی استثناء حلی المرأة أنها بمنزلة الکسوة لها و لکن لا کل الحلی بل الحلی المعتاد لهن غالباً و ألا یلزم سقوط الحج عن النساء غالباً و یدل علی استثناء الکتب العلمیة أن الأمور الأخرویة أهم من الأمور الدنیویة و یدل علی استثناء الصلاة

ص: 11

و الصدقات و إکرام الضیوف جریان السیرة علی عدم استثنائها و عدم الأمر بترکها و المحاسبة فیها و شدة الحاجة إلیها و حدیث لا أضرار واردة الیسیر نعم لو زادت قیمة الدار و العبد و الفرس عما یحتاج إلیها أو تناسب حالة و أمکن بیعها و شراء غیرها کان لازماً علیه بیعها و إنفاق ما زاد فی الحج و یلحق بما ذکرنا أثاث البیت من الفرش و الأوانی و الرحی للسیرة و نفی العسر و یجب بیع الأعیان و استئجار غیرها لإطلاق الفتوی و لزوم الضرریة و لا بد فی الراحلة من المناسبة له قوة و ضعفاً فلو أفتقر إلی محمل أو کنیسة اعتبرت القدرة علیهما و لا یعتبر فی الرکوب الشرف و الصفة للأخبار الدالة علی أنهم (صلّی الله علیه و آله و سلّم) رکبوا الحمیر و الزوامل و لقوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من عرض علیه الحج و لو علی حمار أجدع مقطوع الذنب فأبی فهو مستطیع للحج إلی غیر ذلک نعم لو أصابه انحطاط حقیقی أو حصلت بسببه سخریة أو استهزاء سقط عنه لزوم رکوبه و القادر علی المشی إذا لم یقدر علی الراحلة بملک عین أو منفعة غیر مستطیع و کذا لو قدر علی رکوب بعض الطریق و مشی بعض و الظاهر أنه لا یتفاوت بین قریب المسافة و بعیدها نعم لو کان قریباً جداً کالمکی بحیث لا یحتاج عادة إلی الرکوب أمکن القول بسقوط الراحلة فی حقه و لزوم المشی و لکن الأقوی الاحتیاج إلیه للمضی إلی عرفات لو أدنی الحل و العود لإطلاق الروایة و الفتوی باشتراط الزاد و الراحلة و بعض أصحابنا قرب ثبوت الاستطاعة علی من قدر علی المشی فی جمیع الطریق أو بعضه للأخبار المستفیضة الدالة علی وجوب حجة الإسلام من إطلاق المشی من المسلمین و خص أخبار الزاد و الراحلة المؤیدة بالإجماع بقسمیه علی الظاهر و بالأصول و القواعد فلا بد من طرحها أو حملها علی القریب أو علی من استقر الحج فی ذمته أو علی الندب أو علی التقیة لفتوی بعض علمائنا بذلک هو الوجه و لو توقف شراء الزاد و الراحلة علی بذل ثمن یضر بالحال لم یجب للشک فی حصول الاستطاعة و صدق عدم القدرة علیهما عرفاً و لو توقف علی بذل ثمن أزید من ثمن المثل فوجهان أحوطهما ثبوت الاستطاعة مع القدرة علیه و لو کان علیه دین حال أو مؤجلًا یطالبه به الغریم أو دیناً خالقیاً کخمس أو زکاة أو مخلوقیاً لا یکون مستطیعاً للشک فی ثبوتها مع تحقق

ص: 12

الدین لأن تعلق حق المخلوق مقدم هنا علی حق الخالق و وفائه أهم بنظر الشارع و مما ذکرنا بعلم أنه لا یجب الاستقراض للحج و لو بأجل متأخر أو من غریم مطالب إلا إذا کان عنده ما لا یرید بیعه فإنه یجب علیه استقراض مقابله له و لو کان عنده مال لا یبتاع و لا یؤجر لعارض من العوارض فهل یجب الاستقراض علیه لصدق الاستطاعة أو لا یجب لأصالة عدم الوجوب و لما فی الفرض من الکلفة و المشقة و لأن الظاهر أن المراد بالاستطاعة کونها بماله فعلًا وجهان أقواهما الثانی و من کان له علی أخر دین مؤجلًا أو حال لا یمکن اقتضاؤه فی تلک السنة فالأظهر عدم لزوم الاقتراض فی مقابله و عدم تحقق الاستطاعة إلا بعد اقتضائه و من کان عنده مال قد تعلق به حق رهانة أو جنایة أو خیار لغیره أو کان مبیناً علی الرد عند حلول أجل الثمن و دفع النفع کما یقع الیوم لم یکن مالکه مستطیعاً و مال بعض أصحابنا إلی لزوم الحج علی من کان علیه دین مؤجل أو حال لا یطالب به و کان للمدیون وجه للوفاء بعد الحج استناداً إلی شمول إطلاق المستطیع له و إلی الصحیح عن رجل علیه دین علیه أن یحج قال أن حجة الإسلام واجبة علی من أطاق المشی من المسلمین و هو ضعیف لأن الاطلاق موهون بما قدمناه من کونه کالمجمل و لأن الروایة مرهونة باشتمالها علی ما لا نقول به من لزوم المشی علی القادر علیه و بأنها لم تتضمن أن الدین منقص لثمن الزاد و الراحلة فلعله المدیون مالک للوفائیة أو لأثمانهما و بأن الجواب لیس منه تصریح بلزوم الحج علی المدیون و ما ورد فی أخبار متعددة من الافتراض و عدم منافاة الدین له محمول علی حج الندب بل هو الظاهر منها و فی بعضها أن الحج یعنی علی وفاء الدین و أنه یوفر بالدعاء لوفائه فی الحج و أنه من کان عنده مال و علیه حج أنفقه فی الحج دون الدین کله محمول علی تأکد الندب و المراد بالاستطاعة الزاد و الراحلة الاستطاعة من بلده أو ما توطنه و لو کان مسافراً فلا یبعد أن الاستطاعة لا تتحقق إلا بالقدرة علی الرجوع إلی بلده و السفر منها إلی مکة و لا یکفی استطاعتة منها إلی مکة و فی کفایة استطاعته من بلده تقدیراً إلی مکة فی بلده دون الوصول إلیها وجه یوافقه الاحتیاط و بعضهم اکتفی بالاستطاعة من أی مکان و لو من المیقات فعلی ذلک فمن حج ندباً و استطاع لباقی قطع

ص: 13

المسافة و باقی الأفعال و من المیقات کان مستطیعاً و وجبت علیه حجة الإسلام و هو بعید جداً و ما ورد فی الخبر المعتبر أن الرجل یمر مجتازاً یرید الیمن و غیرها من البلدان فیدرک الناس و هم یخرجون إلی الحج فیخرج معهم إلی المشاهد أ یجزیه ذلک عن حجة الإسلام قال نعم یراد به أن المستطیع سابقاً لو قطع الطریق بغیر الحج لا یلزم تجدید الذهاب بل یجزیه ما قطعه لأن قطع الطریق مقدمة و یکفی حصولها کیف اتفق جمعاً بینه و بین ما دل علی اشتراط الاستطاعة الظاهر کونه من بلد المکلف أو مما توطنه و من أضطر إلی التزویج استثنی له المهر المعتاد لا وسط النساء و من کانت له أرباح من التجارات و کان لا یفی بالحج إلا رأس المال أو الربح بأجمعه بحیث لو أخرج خمسه لم یمکنه الحج فالظاهر لزوم الحج علیه و یسقط الخمس لأن الحج من المؤنة مندوبة و واجبة فإذا خرج المندوب من المؤن تعلق الوجوب به لصیرورته مستطیعاً حینئذٍ مع احتمال عدم الوجوب لتوقف الاستطاعة علی عدم تعلق الخمس الموقوف علی تعلق الخطاب بالحج الموقوف علی الاستطاعة فیدور فیسقط وجوب الحج و لکن الأول أقوی و من کان له رأس مال فینتفع بربحه أو غلة یتعیش منها فهل یجب إنفاقه فی الحج إذا کفاه ذهاباً و إیاباً و کفی عیاله و فضل منه شی ء بعد رجوعه علی القول باشتراط ذلک أخذ بظاهر الفتوی و النصوص أو لا یجب لحدیث الیسر و نفی الضرار و للشک فی الاستطاعة و لقوله (علیه السلام) فی خبر الأعمش و أن یکون للانسان ما یخلفه علی عیاله و ما یرجع إلیه من حجة و لقوله فی خبر أبی الربیع هلک الناس إذا کان من له زاد و راحلة لا یملک غیرهما أو مقدار ذلک مما یقوت به عیاله و یستغنی به عن الناس فقد وجب علیه أن یحج بذلک ثمّ یرجع فیسأل الذی یکفیه لقد هلک أذن قیل له فما السبیل قال السعة فی المال و هو أن یکون معه ما یحج ببعضه و یبقی بعضاً یقوت به نفسه و عیاله و ظاهرها استثناء رأس المال و شبهه مما یکون ربحه و نماؤُهُ لا یزید علی قوته المعتاد نعم لو زاد رأس المال و شبهه علی کفایة نمائهما لما بقوته و عیاله علی نحو القوت المعتاد وجب صرفه فی الحج.

ص: 14

سادسها: و یلزم فی الاستطاعة أیضاً إمکان السیر ذهاباً و إیاباً

بأن یکون صحیحاً فی بدنه غیر مریض أو ضعیف أو کبیر لعجز عن السفر أو الرکوب أو عن الحرکة العنیفة لضیق الوقت و یتضرر بذلک ضرر معتاد للإجماع بقسمیه و لقوله (علیه السلام) من مات و لم یحج حجة الإسلام و لم تمنعه من ذلک حاجة تجحف به أو مرض لا یطیق معه الحج أو سلطان یمنعه فلیمت یهودیاً أو نصرانیاً و لا یدخل فی المریض الأعمی و الأصم و الأعرج بل یجب علیهم فإن افتقروا إلی قائد و مترجم و حامل وجب علیهم بذله کما یجب بذل الدواء من المریض إذا کان فی استعماله قوة لرکوبه و لسفره فلو لم یمکنهم بذله لقلة المال أو لم یمکنهم تحصیله سقطت الاستطاعة فی حقهم و من تضرر بالرکوب دون المشی و کان مالکاً للراحلة فلا یبعد تحقق الاستطاعة بالنسبة إلیه فیجب علیه المشی حینئذٍ و نقصان العقل و شبهه لیس من الأمراض بل یجب علیه و علی الولی أن یبعث معه مرشداً أو حافظاً للمال عن تفریطه به و أجرته و ما یحتاج إلیه من مال السفیه و جزء من استطاعته فلو قصر المال عنها فلا یبعد سقوط الاستطاعة فی حقه و من إمکان المسیر تخلیه السرب و هو الطریق بأن یکون أمناً فیه علی نفسه و ماله و عرضه ذهاباً و إیاباً من قتل أو جرح أو تعد علی عرض أو نهب مال أو سرقته من إنسان أو حیوان و لم یکن له طریق آخر یأمن فیه من بر أو بحر و لو بعد و إذا کان مستطیعاً له فإنه یسقط عنه فرض الحج للإجماع المنقول و فتوی الفحول و نفی الضرار و العسر و الحرج و إرادة الیسر خصوصاً الأخبار کالخبر المتقدم و غیره الدال علی اشتراط کونه صحیحاً فی بدنه مخلا سربه و غیر ذلک و الامرأة و الرجل سواء فی ذلک فلو خافت المرأة علی بضعها سقط عنها فرض الحج و لو أمکنها رفع ما تخاف منه بمصاحبة محرم لها لزم علیها و کانت مؤنثة جزء من استطاعتها و لا یلزمها مصاحبة المحرم مع عدم الحاجة إلیه لفتوی الأصحاب و للأخبار الدالة علی أن الامرأة لو أرادت أن یحملها الأجنبی کان له حملها لأن المؤمن محرم المؤمنة و علی أن المرأة لو أرادت الحج تحج و أن لم یکن معها محرم و علی أن المرآة تحج بغیر ولی إذا کانت مع ثقاة و لو منعها الزوج من حج الإسلام لم یجب علیها أجابته لفتوی الأصحاب و لأنه لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق

ص: 15

و للأخبار الخاصة الدالة علی أنه لا طاعة له علیها فی حجة الإسلام و فی بعضها و لا کرامة تحج أن شاءت نعم یشترط أذنه فی المندوب قطعاً لتعلق حقه الواجب بها فیقدم علی الندب و لفتوی الأصحاب و الأخبار الخاصة الدالة علی أن الزوج له أن یمنع الزوجة عن الحج إذا حجت حجة الإسلام و لو أرادت حجة الإسلام فأدعی الزوج علیها الخوف عمل بشاهد الحال مع انتفاء البینة و مع فقدهما یقدم قولها و فی توقفه علی الیمین لکونها کالمنکرة لأنها لو اعترفت لنفعه اعترافها وجه قوی و یحتمل العدم للأصل و لاختصاص یمین المنکر بالحقوق المالیة و شبهها و هل للزوج منعها باطناً إذا قطع بالخوف علیها إلا أنه أمر یعود إلیه أو لیس له لتکلیفها ظاهراً بالحج فلا سلطان له علیها فیه وجهان أقواها الأول و أحوطهما الأخیر و یشترط فی الخوف المسقط أن یکون خوفاً معتداً به یجری علی أواسط الناس فلا عبرة بالمتهور و لا عبرة بالجبان إلا أن یکون الجبن داء یخش من مخالفته ذهاب العقل أو حصول السقم و یشترط فی المخوف منه أن یکون شیئاً مضراً بجرح جزئی أو حدث مرض جزئی أو ذهاب مال قلیل غیر مضر بالحال و لو کان فی النضر لأن ذلک لا ینافی تخلیه السرب نعم لو کان المال المتلوف کثیراً بحیث یلزمه منه الإجحاف به و أن لم یکن مضراً فلا یبعد سقوط فرض الحج حینئذ لفقدان شرط تخلیة السرب و لا فرق فی الخوف علی المال بین أن یکون المأخوذ نهباً أو سرقة أو غصباً أو ضیاعاً أو غیر ذلک مما شابه ذلک نعم لو کان فی الطریق عدو یمنع الحجاج من الذهاب إلا أن یأخذ منهم مالًا کما یفعله حکام الجور الیوم حیث أنهم یصدون من حج إلا أن یدفع لهم مالهم و کذا ما تفعله الأعراب فإن کان دفعه مضراً بالحال و لو حال السفر سقط فرض الحج و أن لم یکن مضراً بل کان مجحفاً لکثرته وجهان أحدهما سقوط فرض الحج لعدم تخلیة السرب عرفاً و لکون الدفع إعانة علی الإثم و لأنه فی معنی الأخذ غیلة و قهراً و لأن العدو مانع و لا یجب دفع المانع و الثانی عدم السقوط لتحقق الاستطاعة و لأن دفع هذا المانع کشراء الزاد و الراحلة من مقدمات الوجود لا الوجوب و لأن المقصود الطاعة و الإعانة علی الإثم إنما جاءت بالعارض فلا مانع و لمنع عدم تخلیة السرب لإمکانه ببذل المال و لا نسلم أن کل مال

ص: 16

مبذول ینافی تخلیة السرب بل ذلک المأخوذ بغضاضة و مهانة و مشقة علی النفس و لأن الثابت فی بذله اختیاراً هو الثواب الدائم و فی أخذه قهراً للثواب المنقطع کما هو الظاهر فی الفعلین و للسیرة المعلومة فی ارتکاب ذلک فی واجب أو مندوب من دون إنکار أحد من أهل العلم علی فعله فالأخیر أظهر و أحوط و لو افتقر دفع العدو الذی یخاف منه علی النفس أو المال أو العرض فالأظهر وجوبه ما لم یضر بالحال مع احتمال سقوط الاستطاعة لعدم تخلیه السرب و کذا لو أفتقر العدو إلی قتال مع ظن السلامة فإن الأقوی لزومه و مع احتمال سقوطه لعدم تخلیه السرب و مع ظن عدم السلامة فلا شک فی السقوط.

سابعها: و من شرائط الاستطاعة أیضاً أتساع الوقت لقطع الطریق و المسافة و أداء المناسک

فلو ضاق الوقت عنهما سقط عنه الحج فی ذلک العام و لم یقض عنه للإجماع المنقول و فتوی الفحول و من شرائط الاستطاعة عدم التقیة ابتداء فی حجة أو الخوف من سلطان أو ظالم یمنعه عن الحج أو الخوف علی ماله و عرضه بعده و کذا لو خاف من حدوث فتنة علی المسلمین أو ضرر علی المؤمنین یحدث بسفره عنهم فإنه یسقط بذلک فرض الحج لعموم الأدلة و خصوصها الدال علی ذلک و من شرائط الاستطاعة عدم تقدم حق لازم خالقی أو مخلوقی یضاد الحج إلا ما کان مؤدیاً لفوات تعلق الخطاب بعد اجتماع الشرائط کنذر عدم السفر أو عدم الخروج أو صوم الدهر أو زیارة کل یوم أو غیر ذلک فإن الظاهر عدم سقوط الحج بذلک و لو سقط الحج به لم یبق حج المستطیع إلا و یمکن إسقاطه و هو بعید کل البعد و لا یمنع الجهل بحکم الاستطاعة أو بموضعها أو بقدر المال الذی هو عنده عن وجوب حجة الإسلام و لو علم بعد ذلک یتحقق الاستطاعة و لو انتفت الاستطاعة عند العلم علی الأقوی و الأظهر خلافاً لما نقل عن بعض من تأخر و یشعر بذلک ثبوت الحج علی الکافر و المخالف و سقوطه بالإسلام و الایمان نعم قد یقال بسقوطه بالنسبة إلی النوم المستوعب زمن الاستطاعة لعدم تحققها و فی إلحاق النسیان و السهو وجه قوی أیضاً إلا أن الأقوی خلافه لأن الظاهر أن خطاب الحج من قبیل الأسباب بالنسبة إلی الاستطاعة.

ص: 17

ثامنها: الأقوی اشتراط الرجوع إلی کفایة فی الاستطاعة

کصنعة أو حرفة أو بضاعة أو عقار أو بستان أو رأس مال مما یکون فیه الکفایة عادة له بعد رجوعه و لا یحوجه إلی سؤال و ذلة و مهانة إلی أن یستعد لأمره و یسعی لمطالبه و یجلس للبیع و الشراء و الاکتساب و یتسهل علیه أبواب الرزق و لا یحدد بالأیدیة و الألسنة و لا دونها و الدلیل علیه فتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا و نسب لأکثر المتقدمین و للأکثر و للإجماع المنقول و للأخبار المعتبرة المنجبرة بما ذکرناه کقوله فی المرسل بعد تفسیر الاستطاعة بالزاد و الراحلة و نفقة من یلزم نفقته قال و الرجوع إلی کفایة أما من مال أو ضیاع أو حرفة و فی آخر و أن یکون للانسان ما یخلفه علی عیاله و ما یرجع إلیه من حجة و فی ثالث إذا کان من له زاد و راحلة لا یملکه و غیرهما و مقدار ذلک مما یقوت به عیاله و یستغنی به عن الناس فقد وجب أن یحج بذلک ثمّ یرجع فیسأل الناس بکفه لقد هلک أذن فقیل له فما السبیل عندک فقال السعة فی المال و هو أن یکون معه ما یحج ببعضه و یبقی بعضاً یقوت به نفسه و عیاله لقوله فیسأل الناس بکفه و قوله یقوت به نفسه و عیاله ظاهران أن فی اشتراط الرجوع إلی کفایة لأن قوت نفسه بالبعض لازم لرجوعه و سنده و دلالته منجبران بفتوی الأصحاب و بإجمال الاستطاعة و بعمومات رفع الحرج و إرادة الیسر بل الظاهر من الاستطاعة إرادة القدرة السهلة الحصول کما یقال أستطیع صداقته و لا أستطیعها و قوله لن تستطیع معی صبراً و مع عدم الرجوع إلی کفایة یصدق أنه لا یستطیع الحج و قیل و نسب لأکثر المتأخرین عدم الاشتراط لإطلاق الأدلة کتاباً و سنة باشتراط الاستطاعة و کفایة الزاد و الراحلة و تخلیة السرب و الصحة فی وجوب الحج و فیه أن الاستطاعة مجملة أو کالمجملة و الأخبار کذلک و لئن سلم فهی مخصوصة بما ذکرناه و الظاهر أن الرجوع إلی الحقوق العامة من اخماس أو زکاة أو صلاة مضنون حصولها لکونه من أهل العلم و الشرف أو ممن یدفع له ذلک کالرجوع إلی کفایة.

تاسعها: لا یستطیع الرجل من مال ولده

و لا یجوز له الأکل منه و لا یجوز له التصرف فیه مع المفسدة و لو أخذ منه بعنوان القرض أو بنیة الانفاق علی نفسه جاز کل ذلک لعموم حرمة التصرف بمال الغیر من غیر أذنه و لفتوی جل الأصحاب و للأخبار

ص: 18

الخاصة المانعة من أخذ الوالد مال ولده إلا علی وجه القرض أو الانفاق علی نفسه عند الضرورة أو تقویم الجاریة علیه عند إرادة وطئها المعتبرة و المنجبرة بالقواعد و کلام الأصحاب فلا یعارضها ما ورد فی الصحیح أن الوالد یحج من مال ابنه أو ینفق منه لشذوذه و قلة العامل به و هو محمول علی القرض ما لم یعد استقرار حجة الإسلام فی ذمته و علی الانفاق منه فرضاً أو عند الاضطرار و کذا ما ورد فی الأخبار و فیها الصحیح من جواز الأکل من مال الابن و من جواز الأخذ منه ما شاء و جواز أن یقع علی جاریة ابنه و جواز عتقه لمملوک ابنه و أن مال الولد لأبیه و أن الوالد له أن یتناول من مال ولده و بدنه و لیس للولد کذلک إلی غیر ذلک کله شاذ مطرح أو محمول علی کون مال الوالد و أضیف للولد لأدنی ملابسه أو یحمل بعضها علی الاضطرار أو بعضها علی التقیة أو بعضها علی الأخذ فی مقابلة إنفاقه علیه إلی غیر ذلک.

عاشرها: من استقرت علیه حجة الإسلام فمنعه مانع منها

من ضرر أو عدو أو خوف أو کبر أو سلطان أو ضعف أو عرج أو عمی أو شبه ذلک وجبت علیه الاستنابة عنه من ماله إذا یئس من البرءِ للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب و للأخبار الخاصة الدالة علی الحکم الثانی فإنها تدل بإطلاقها و بأولویة علی هذا الحکم و لما کان الحکم مخالفاً للقواعد أقتصر فیه علی الظاهر من الفتوی و کلام الأصحاب و هو ما کان البرء میئوساً منه عادة مضافاً إلی نص المشهور و الإجماع المنقول و لو مات أجزی عنه ذلک لاتفاق الأصحاب و لأن حصول الامتثال یقضی بالأجزاء و لو برأَ أعاد لظاهر الإجماع المنقول و فتوی الفحول و لأن الحج له تعلق بالمال و البدن فإذا أمکن الإعادة بالبدن لزمه ذلک و للاحتیاط أیضاً و یحتمل القول بالعدم للأجزاء بحصول الامتثال و لخلو الأخبار من وجوب الإعادة و من ظاهر الأخبار الدالة علی أن حجة الإسلام فی العمر مرة ینصرف حینئذٍ وجوب الإعادة فی الفتوی و الإجماع المنقول إلی الصورة الثانیة کما هو الظاهر من موردها و لما لم یستقر علیه حجة الإسلام لمانع غیر المال کأن یکون مستطیعاً للمال و لکنه ممنوع لمرض أو عدو أو عرض أو کبر أو ضعف أو خوف فالأقوی وجوب الاستنابة علیه من ماله ما لم یکن مضراً بحاله و لا تعاد له حجة من ماله بعد موته و یعید

ص: 19

فی حیاته إذا زال العارض هذا کله إذا لم یرج زوال العذر و لو رجا زواله لم تجب علیه الاستنابة و استحبت فی حقه کل ذلک لفتوی الکثیر من الأصحاب و للإجماعات المنقولة فی الباب و للاحتیاط و لأنه لا یسقط المیسور من إیقاع الحج بماله بالمعسور من إیقاعه ببدنه و للأخبار الأمرة بالاستنابة کالصحیح أن کان موسراً و حال بینه و بین الحج مرض أو خطر أمر بعذره الله تعالی فیه فإن علیه أن یحج من ماله ضرورة لا مال له و فیه أن علیاً (علیه السلام) رأی شیخاً لم یحج قطعاً و لم یطق الحج من کبره فأمر أن یجهز رجلًا فیحج عنه و نحوه آخر و فی ثالث لو أن رجلًا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم یستطع الخروج فلیجهز رجلًا من ماله ثمّ لیبعثه مکانه إلی غیر ذلک من الأخبار المنجبرة بالاحتیاط و فتوی الأخبار و قیل بعدم الوجوب للأصل و لفقد الاستطاعة المشترطة بإمکان السیر المعلق وجوب الحج علیها فینتفی بانتفائها و فی الخبر أنی کثیر المال ففرطت فی الحج حتی کبر سنی فقال تستطیع الحج قال لا فقال علی (علیه السلام) أنشئت فجهز رجلًا ثمّ أبعثه یحج مکانک و نحوه آخر و ظاهر التعلیق بالمشیة علی من استقرت علیه یقضی بالاستحباب علی من لم تستقر علیه بالطریق الأولی و للأمر فی الصحیح الأول لتجهیز الضرورة و لا یمکن حمله علی الوجوب لعدم القائل باختصاصه بالضرورة فلیحمل علی الندب أو الجواز لأنه خیر من استعمال اللفظ الواحد معنیة معاً و لظهور الأخبار الأخیرة فمن استقرت فی ذمته الحج و لیس الکلام فیه و فی الجمیع ضعف لانقطاع الأصل و تخصیص الأخبار الدالة علی اشتراط تخلیة السرب و الصحة فی الاستطاعة بما باشره المکلف بنفسه بالأخبار المتقدمة المعتبرة المنجبرة بما ذکرناه و لأن الضرورة بعدم قیام الدلیل علی عدم لزوم تخصیصه به لا یدل علی الندب فی النیابة و غایة ما یلزم استعمال الأمر فی القدر المشترک فتکون قرینة الوجوب فی الاستنابة غیره من الأدلة و لأن التعلیق علی المشیئَة لا یدل علی الندب و کثیر ما یستعمل فی الواجب علی أن التعلیق علی المشیئَة وارد فیمن أستقر الحج فی ذمته و القول بالندب فیه ضعیف جداً مخالفاً لمشهور الفتاوی و النصوص فیحمل علی التعلیق علی التحریض علی الفعل و حمل المخاطب علی المشیئة و بما ذکرنا ظهر ضعف

ص: 20

ما مال إِلیه بعض المتأخرین من ندب الاستنابة و حمل بعض الأخبار الآمرة علی الجواز فوقوعها فی مقام توهم الحصر کما أفتی به بعض العامة أو بعضها علی الندب بقرینة تعلیقها علی المشیئَة و بعضها علی التقیة و بعضها علی من استقر الحج فی ذمته و حمل الإجماع المنقول علی الجواز أیضاً فی مقابلة المانع حتی تسری إلی تقریب ندب النیابة علی من أستقر الحج فی ذمته أیضاً للخبر المتقدم المشتمل علی التعلیق بالمشیئَة و لإطلاق الأمر بالنیابة لمن کان یرجو البرء و غیره و راجی البرء یندب فی حقه النیابة عند الأصحاب خلافاً للشهید (رحمه الله) حیث حکم بوجوبها و لکن علی التراخی بخلاف غیر الراجی فإنه تجب علیه فوراً فإذا کانت النیابة مندوبة لراجی البرء دار الأمر حینئذٍ بین تقیید الروایات بغیر الراجی و بین حملها علی الندب و الأخیر أولی لکثرته و وجه ضعف ما قاله أن التخطی عما دل علیه الإجماع المنقول و فتوی الکثیر من الفحول و نطقت به جملة من الأخبار بمثل هذه المناقشات بعید عن أهل الأنظار.

حادی عشرها: من حج و أرتکب الضرر من مرض و شبهه أو الخوف

أو تلف المال أو بذل العرض أو قتال العدو حتی وصل سالماً إلی المیقات فإن انقطع عنه ذلک قبل التلبس بأفعال الحج احتملت صحة حجته حجة إسلام لحصول الاستطاعة من بلده إلی رجوعه حتی لو منعه عدو من الرجوع أو خاف علی ماله أو عرضه عند رجوعه سقطت الاستطاعة فی حقه و حینئذ فلو خاطر و أقدم علی الحج لم تحتسب له حجة الإسلام و هذا الأخیر أقوی نعم لو خاطر فأقدم فتبین له خطأ ظنه بالمرض أو الخوف فلا یبعد هنا صحة حجته حجة إسلامیة و قد تبنی المسألة علی أن هذه الشرائط من المرض و العدو و أخذ المال هل تدور مدار الواقع أو مدار الظن فی حصول الاستطاعة و عدمها و الأظهر أنها تختلف فمنها ما یدور حکمها مدار الواقع کالمرض المظنون حالًا و شبهه و منها ما یدور حکمها مدار الخوف کالخوف من العدو و شبهه أما لو لم یصل سالماً کما إذا وقع بما خشی منه أو استمر الخوف إلی أداء المناسک فالظاهر أن حجه لا یجزی عن حجة الإسلام بل ربما یکون حجه منهیاً عنه فی بعض المقامات فلا یجزی عن المندوب أیضاً فضلًا عن حجة الإسلام.

ص: 21

ثانی عشرها: من أفراد الاستطاعة حکماً أو اسماً و حکماً من بذلت له الاستطاعة

من زاد و راحلة و نفقة و عیال ذهاباً و إیاباً کان یقول له حج و علی نفقتک ذهاباً و إیاباً و راحلتک و نفقة عیالک کذلک أو لک هذا تحج به و هذا لنفقة عیالک أو غیر ذلک مما یدل علی بذل الراحلة و النفقة له و لعیاله قولًا و فعلًا لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و للأخبار و منها الصحیح فإن عرض علیه الحج فاستحیی قال هو ممن یستطیع الحج لم یستحِ و لو علی حمار اجدع و فی آخر فإن عرض علیه ما یحج به فاستحیی من ذلک أ هو ممن یستطیع إلیه سبیلًا فقال نعم ما شأنه یستحیا و لو علی حمار ابتر و فیها فإن کان یستطیع أن یمشی بعضاً و یرکب بعضاً فلیفعل فی أحدهما و فی الآخر فلیحج و هو محمول علی الندب أو علی ما بعد استقرار الوجوب و یلحق بالبذل ما لو حج به بعض إخوانه معرضاً علیه ذلک قولًا و فعلًا بحیث یظهر له انه من أضیافه و من المتکلفین به بعد ان دفع نفقة عیاله لفتوی الأصحاب و للصحیح رجل لم یکن له مال فحج به رجل من إخوانه هل یجزی ذلک عنه عن حجة الإسلام أو هی ناقصة قال بل هی حجة تامة و یجری حجة فی المقامین عن حجة الإسلام لظاهر الأخبار المتقدمة و للتصریح فی الأخیر و لأن حصول الامتثال قاض بالأجزاء و لأن حجة الإسلام إنما تجب فی العمر مرة خلافاً لشاذ و لفتوی المشهور نقلًا و تحصیلًا بل و لظاهر الإجماع المنقول خلافاً للشیخ فی الاستبصار فیعید مع الیسار للأمر بها فی بعض الأخبار بعد الیسار مع النص فیها بأن حجته الأولی حجة إسلامیة تامة و فی بعضها و کذلک الناصب و حمل التامة فی الأخبار علی التام فی القول للمندوب کما ورد أن حجة الأجیر تامة و حمل إطلاق حجة الإسلام علیها علی التجویز لأنها أول حجة حجها کما ورد ان الرجل یحج عن غیره بجزیة عن حجة الإسلام و الکل ضعیف لضعف سند الأخبار و قصورها عن معارضة ما قدمنا فلتحمل علی الندب کما یشعر به الأمر بإعادة الناصب الذی یندب فی حقه الإعادة و لبعد حمل التمام و حمل حجة الإسلام علی ما ذکره بل هو ارتکاب خلاف الظاهر من غیر داع إلیه عما فهم المشهور من غیر باعث علیه و قد تحمل روایات الإعادة علی کون الحجة مستأجراً بها أو تحمل

ص: 22

علی نقصان البذل و لا بأس بهما فی مقام الحمل و ظاهر اطلاق النص و الفتوی عدم منافات الدین لوجوب الحج بالبذل و لا بأس بهما فی مقام الحمل و عدم الفرق فی البذل بین ملکه للمبذول و عدمه و بین وصفه بیده أو بید الباذل و بین الالتزام به بنذر و شبهه و بین عدمه و بین القول بلزوم استمرار البذل علی الباذل عند التلبس بالعمل من المبذول و بین عدمه و بین الوثوق بالباذل و بین عدمه و بین بذل نفس الزاد و الراحلة و بین بذل أثمانها و بین قبول المبذول له و بین عدمه فی استقرار وجوب الحج علیه و بین البذل بصیغة الإیقاع أو بصیغة العقد کالهبة و شبهها إذا کان مقیداً بالحج نعم لو وهب ما لم یعین مصرفه فی الحج لم یجب القبول قطعاً لعدم وجوب الاکتساب و تحمل المنة فی مقدمات الواجب المشروط بل ربما یقال بعدم وجوب قبول الهبة مطلقاً و لو کانت مقیدة بصرفها فی الحج لما ذکرناه و المتیقن من الفتوی و النص هو الاستطاعة بالبذل و هو من قبیل الإیقاعات و الإباحات من الاکتسابات و لکن الأقوی وجوب القبول کما أنه یقوی القول باشتراط الوثوق بالباذل لانصراف الأدلة إلیه و للزوم العسر و الحرج لولاه و الظاهر أنه لا یجب علی الباذل الاستمرار علی البذل ما لم یکن منذوراً له أو موصی به له للأصل فیجوز له العدول فینکشف عدم استطاعة المبذول له حینئذٍ و احتمال وجوب الاستمرار لحدیث الاضرار بعید عن أهل الأنظار و لزوم تعلیق الواجب بغیر الواجب لا مانع منه عقلًا و لا شرعاً نعم لو قیل بلزوم مئونة الرجوع بعد الفسخ علیه لکانَ موجهاً سیما إذا لم یکن للمبذول له ما یرجع به و هل یشترط فی البذل أن یکون فی بلده أو یکفی من أی مکان و لو من المیقات وجهان أقواهما الأول و أحوطهما الأخیر نعم یشترط فی البذل استکمال باقی الشرائط المشترطة فی الاستطاعة و یشترط فیه مناسبة حال المبذول له و حال نفقة عیاله من شرف وضعه و احتیاج الدواء أو غذاء خاص أو آلات سفر خاصة و غیر ذلک إلا الرکوب فالظاهر لزوم الرکوب و لو علی حمار أبتر ما لم یکن مُضرّاً ببدنه أو مؤدیاً للاستهزاء و السخریة به و من بذل بعضاً من المال یکمل به ما عنده للاستطاعة وجب علی المبذول له الحج أیضاً إلا أن وفاء الدین هاهنا معتبر علی الظاهر و کذا الرجوع إلی کفایة بخلاف بذل جمیع الاستطاعة فإنه لا

ص: 23

یعتبر فیهما ذلک علی الظاهر من الفتاوی و النصوص و لو کان الباذل کافراً أو من أهل الخلاف أو من الحکام الذین فی القبول منهم مهانة و غضاضة فلا یبعد عدم وجوب القبول و من استؤجر بما یستطیع به أو بما یکمل ما یستطیع به وجبت علیه حجة الإسلام و من ذلک ما لو استؤجر بما یستطیع به أو شرط له ما یستطیع به وجبت علیه حجة الاسلام و من ذلک ما لو استؤجر للمعونة فی سفر الحج فإنه یجب علیه الحج تلک السنة و أن کان قطع الطریق لما استؤجر علیه من المعونة و أوجب علیه بالإجارة و ذلک لأن المقصود من قطع الطریق حصوله کیف اتفق بعد ثبوت الاستطاعة سواء نواه للحج أو لغیره و سواء نواه لمحرم أو لمحلل و سواء وقع منه اختیاراً أو اضطراراً و هاهنا قد تحققت له الاستطاعة من بلده لأن المفروض أنه مالک لها من بلده و لزوم قطع المسافة علیه بسبب آخر لا ینافی أداء ما یوجب علیه و نظیر ذلک من نذر قطع المسافة فقط فاستطاع فإن له أن یحج حجة الإسلام بعد قطع الطریق المنذور و یدل علی ذلک قوله (علیه السلام) فیمن یمر مجتازاً بالیمن أو غیرها فیدرک الناس بمکة و یحج معهم أ یجزیه ذلک عن حجة الإسلام قال نعم و قوله (علیه السلام) حجة الأجیر تامة و حجة الجمال تامة و قوله (علیه السلام) فیمن یکری إبله إلی مکة و هو کری أو یحمل علیها التجارة فیصیب مالًا فیحج أ تکون حجته تامة أو ناقصة قال فی الجواب نعم حجته تامة و لا فرق فی الأجزاء بین المسیر إلی مکة و إلی المیقات و منه إلی مکة أو منها إلی مکة أو منها إلی عرفات أو منها إلی مکة.

ثالث عشرها: من حج متسکعاً

لم یجز عن حجة الإسلام بالإجماع بقسمیه و لأصالة عدم أجزاء المندوب عن الواجب و لتعلیق وجوب الحج بالاستطاعة فینتفی بانتفائها و الأخبار الخاصة و فیها لو أن عبداً حج عشر حجج کانت علیه حجة الإسلام إذا استطاع و کذا من حج نائباً بإجارة أو غیرها لم یجزئه عن حجة الإسلام للأصل و لو نواه عنهما ایضاً لأصالة عدم التداخل و علی ذلک فتوی الأصحاب و الخبر من حج عنه إنسان و لم یکن له مال یحج به أجزت عنه حتی یرزقه الله ما یحج به و یجب علیه الحج و غیره من الأخبار المشعرة بذلک نعم ورد ما یعارض ذلک و لکنه لشذوذه

ص: 24

ما أولَ کقوله فی الصحیح حج الضرورة یجزی عنه و یراد به یجزی عنه فی النیابة أو ترتیب الثواب أو إلی أن تستطیع و قوله فی آخر رجل حج عن غیره أ یجزیه ذلک عن حجة الإسلام قال نعم یراد به یجزی المنوب عنه أو یجزیه إلی أن یستطیع و فی ثالث رجل لیس مال حج عنه رجل أو حجه رجل ثمّ أصاب مالًا هل علیه الحج قال یجزی عنه هما یراد به حج تبرعاً عن رجل و أحجه رجل یعنی استأجره و یجزی عنهما أی عن النائب فی النیابة عن المنوب أو عن المنوب عنهما عنه أو یراد به حج عن رجل نیابة و أحجه غیره استطاعة و یجزی عنهما أی عن المنوب عنه فی الأول و عن نفسه فی الثانی و فی رابع فیمن حج عن أمه قال و هی له حجة یراد به إلی أن یستطیع أو أنها تحتسب له فی الثواب.

رابع عشرها: من شرائط الحج الإسلام

إجماعاً و نصاً لعدم قبول عبادة الکفار کتاباً و سنة و إجماعاً و لکن شرط الإسلام شرط حجة لا شرط وجوب لأن الحق أن الکفار مخاطبون بالفروع لعموم الخطاب لکل الخطاب لکل مکلف خلافاً لبعض أصحابنا استناداً لتصدیر الخطاب بالمسلمین و المؤمنین و لیسعَ منهم و فیه أن العام لا یحمل علی الخاص مع اتحاد موجبها و المرتد مخاطب ایضاً و أن لم یصح منه لأنه قد فوت الشرط علی نفسه باختیاره و ما بالاختیار لا ینافی الاختیار و لا نرید بخطابه الخطاب الحقیقی لامتناعه فمن یعلم بعدم حصوله بل أجراء أحکام الخطاب علیه من العصیان بترکه و العقاب علیه و یحتمل أن المرتد یخاطب حقیقة و تصح منه العبادات باطناً إذا تاب عن الکفر و أن لم تقبل توبته ظاهراً ثمّ أن الکافر لو أسلم بعد فقد الاستطاعة لم یجب علیه الحج لأن الإسلام یجب ما قبله و کذا لو استمرت الاستطاعة إلی حین الإسلام و فقد شرط من شروطها قبل وقت الحج فلو مات قبل وقته لم یفض عنه و لا یعتد بإحرامه حال کفره بل یجب علیه إعادته من المیقات أو مکة فإن لم یمکنه أحرم من موضعه و لو بالمشعر إذا أدرکه و تم حجة إذا کان مستطیعاً مما عدا مانع الکفر و من أحرم فارتد لا عن فطرة أو حج فارتد کذلک ثمّ تاب بعدهما لم یعد ما تقدم و ما دل علی الإحباط مخصوص بمن استمر علی الکفر حتی مات و فی الخبر ما یدل علی

ص: 25

قبول الأعمال الصالحة الواقعة قبل الارتداد إذا تاب عن ردته و لو استطاع المرتد ثمّ ارتفعت الاستطاعة ثمّ أسلم فهل الإسلام یجب ما قبله هاهنا کالکفر الأصلی أو لا یجب للأصل و انصراف ذلک للإسلام عن الکفر الأصلی فیبقی المرتد داخل تحت عمومات الأدلة وجهان أقواها الأول و أحوطها الأخیر فلو مات مرتداً فهل یخرج من ماله ما یقضی عنه به لعموم الأدلة أو لا یخرج لعدم الفائدة فی إیصال الثواب إلیه لامتناعه بالنسبة إلیه وجهان و الأخیر أقوی و مثله لو استطاع المسلم فارتد بعد استطاعته فمات مرتداً فإن الأقوی عدم لزوم القضاء من ماله.

خامس عشرها: من شروط حج الإسلام الإیمان

و هو شرط صحته لا یقبل الله العمل بدونه إجماعاً و نصاً إلا أن المخالف و من بحکمه علی الأظهر لا یبعد ما فعله من العبادات حال خلافه لطفاً منه و کرماً للنصوص الدالة علی عدم إعادة عبارة المخالف إلا الذکاة و النصوص المتکثرة الدالة علی عدم إعادة الحج خصوصاً و لفتوی الأصحاب إلا أن فی النصوص أن الإعادة أحب و فی بعضها الأمر بالإعادة و کله محمول علی الندب کما فهمه الأصحاب و دلت علیه روایات الباب و استثنی الأصحاب من ذلک ما لو أخل المخالف و من بحکمه من أهل البدع و الآراء و الفرق حتی النواصب برکن من أرکان الحج عندنا فإنه بعید لعدم وقوع الحج منه حینئذٍ و لا صورة و قید بعضهم الرکن بالرکن عندهم و أن لم یکن رکناً عندنا لفساده عندهم حینئذٍ فلا تؤثر فیه الصحة و ربما یقید الرکن بما یکون رکناً عندنا أو عندهم أو یقید بما یکون رکناً عندنا و عندهم و الجمیع لا یخلو من أشکال إلا أن الأقوی فیما کان رکناً عندهم الإعادة و فی غیره احتیاطاً کما أن الأقوی الإعادة علی من حج فی زمن الخلاف حجه دون حجهم و أما من حج من الإمامیة حجهم و لو کان جهلًا فلا شک فی وجوب الإعادة.

سادس عشرها: من مات فی حجه أو عمرته بعد الإحرام و دخول الحرم

أجزأَ عنه استقر علیه أم لم یستقر علیه مات محرماً أو محلًا بین النسکین مات فی الحل أو فی الحرم لفتوی الأصحاب و لا صحیح آخر لیس فیمن خرج حاجّاً حجة الإسلام فمات

ص: 26

الطریق فقال أن مات فی الحرم فقد أجزأَت عنه و أن مات دون الحرم فلیقض عنه ولیه و منطوقه شامل لمن استقر الحج فی ذمته و من لم یستقر و لکنه خاص بمن مات فی الحرم إلا أن قوله و أن مات دون الحرم مما یشعر بأن مات بعد دخوله فی غیره بمنزلة من مات فیه و صحیح یزید عن رجل خرج حاجّاً و معه جمل و له نفقة و زاد فمات فی الطریق فقال أن کان صرورة ثمّ مات فی الحرم فقد أجزأه عن حجة الإسلام و أن کان مات و هو صرورة قبل أن یحرم جعل نفقته و زاده حجة الإسلام و أن فضل من ذلک شی ء فهو للورثة و مفهوم قوله أن یحرم مقید بمنطق قوله و أن مات دون محرم فلیقض عنه ولیه لقوة المنطوق و من هنا ظهر ضعف القول بالاجتزاء بالإحرام و أن لم یدخل الحرم کما نسب للشیخ و ابن إدریس و لو مات بین النسکین أجزأ عنهما و لکن فی الأجزاء عن النسک الذی لم یحرم بعد فیه نظر و تأمل و الاحتیاط غیر خفی.

سابع عشرها: من استقر الحج أو العمرة فی ذمته

وجب علیه الفعل ما دام حیّاً و یسمی قضاء سواء بقیت الاستطاعة أم تلفت و من لم یستقر علیه فلا شی ء علیه و الأخبار الواردة فی لزوم القضاء علی من کان علیه حجة الإسلام ظاهرة فیمن خوطب بها و استقرت علیه و ما ورد فی صحیح ضریس و صحیح برید فیمن خرج حاجّاً فمات أن علیه حجة الإسلام من ماله محمول علی ذلک ایضاً لفهم الأصحاب و لأن الغالب فیمن یحج ابنه یحج بعد عام الاستطاعة و یحصل الاستقرار بمضی زمان علیه یمکن فیه إدراک جمیع أفعال الحج مستجمعاً للشرائط سواء کانت الأفعال أرکاناً أم لا و لکن اعتبار مضی زمان یدرک یمکن فیه إدراک الأرکان خاصة و هو مضی جزء من یوم النحر یمکن فیه الطوفان و السعی و یمکن اعتبار مضی زمان یدرک فیه الإحرام و دخول الحرم لأنه حج بالنسبة إلی من یموت بعد إدراکها و یمکن الفرق بین من یموت بعد مضی زمان یدرک فیه و بین من یحصل له عارض آخر و هو حی و هو الأقوی و یجب أن یقضی عن المیت من صلبه بترکته لفتوی الأصحاب و لقوله (علیه السلام) یقضی عن الرجل حجة الإسلام من جمیع ماله و قوله (علیه السلام) فی آخر عن حجة الإسلام قال یحج عنه من صلب ماله و ما ورد من مات و لم یحج حجة الإسلام و لم یترک إلا بقدر

ص: 27

الحجة فورثته أحق بما ترک محمول علی من لم یستطع و لو لم یخلف ما لا أستحب لولیه الحج عنه بنفسه أو بماله للأخبار و فتوی الأصحاب و الاعتبار و لو قصر مال المیت عن الحج و العمرة من المیقات وجب صرفه فی أحدهما إلی سبیل التخییر للتساوی فی الاستقرار مع احتمال تقدیم الحج لکونه أهم فی نظر الشارع مطلقاً و احتمال تقدیمه عمن علیه الأفراد أو القِران خاصة و تقدیم العمرة عمن علیه المتعة و التخییر لمن علیه المتعة و التخییر لمن علیه أحد الأنواع علی سبیل للتخییر و أحتمل سقوطها معاً عمن علیه التمتع لدخول العمرة فی حجة و أظهر الاحتمالات الثانی و أن قصر عن الجمیع بأن لا یفی بأحدهما مطلقاً سقط الإخراج و عاد المال میراثاً مع احتمال وجوب صرفه فی الطواف و الصلاة لمکان التعبد بهما منفردین و لو کان علی المیت دین و ضاقت الترکة عن أداء الدین و الحج وزع علیهما لأن الحج دین و لا یتفاوت بین کون الدین لمخلوق لو کان الخالق کنذر و خمس و زکاة فإن وسع ما یخص الحج بأحد المنسکین خاصة دون غیره وجب فعله و أن وسع أحدهما جاءت الاحتمالات المتقدمة و یجب التوزیع بالنسبة فلو کان ما یسع الحج ثلث أو ما علیه من الدین ثلثان قسمت ترکته ثلثین و ثلثا و هل یجب القضاء من ماله من أقرب الأماکن إلی المیقات کما أختاره الأکثر نقلًا بل تحصیلًا و نقل علیه الإجماع و أیده الاعتبار لأن المسیر واجب من باب المقدمة یراد مجرد حصوله فلو سار إلی المیقات لا بنیة الحج أو بنیة غیره و کان مستطیعاً فحج أجزأه ذلک و کذا لو استطاع من بلده فی غیر بلده لم یجب علیه قصد بلده بل یجزیه الحج مما استطاع منه و فی الخبر الصحیح عن رجل أعطی رجلًا حجة یحج عنه من الکوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضی جمیع المناسک فقد تم حجه و الصحیح الأخر عن رجل أوصی أن یحج عنه حجة الإسلام فلم یبلغ جمیع ما ترک إلا خمسین درهماً قال یحج عنه من بعض الأوقات التی وقت رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) ما یشعر بذلک حیث أنه أطلق تمام الحج فی الأول و أطلق الأمر بالحج فی الثانی من دون استفصال عن إمکان الحج عنه بذلک من البلد أو غیره مما هو اقرب من المیقات و تضعیفه بجواز کون عدم إمکان الحج بذلک من غیر المیقات معلوماً فی ذلک الزمان لو استقل فی الاستدلال

ص: 28

و لکنه مؤیداً لما قدمناه من الدلیل و قیل یقضی عنه من بلده مع السعة فی ترکته و ألا فما أمکن لوجوب قطع الطریق علیه و لزوم نفقة الطریق فی ماله فی حیاته فاستقر هذا الوجوب علیه بعد موته و لدعوی بن إدریس تواتر أخبارنا به و یضعف الأول بأن قطع الطریق و لزوم نفقته علی الحی کان من باب المقدمة حیث لا یمکن سواه و لو أمکن غیر ذلک لم یلزم و هاهنا بعد موته کذلک ألا یلزم علیه عند إمکان تحصیله من دون ذلک و یلزم علیه لو توقف علی ذلک إذ لو تعسر الاستئجار من المیقات لزوم الإخراج من البلد من صلب الترکة علی القول الأول أیضاً و یضعف الثانی إنکار المحقق و غیره و ورد خبر فی ذلک و لو شاذ فضلًا عن التواتر نعم قد یؤید هذا القول بروایة احمد بن محمد بن عبد الله قال سألت أبا الحسن (علیه السلام) عن الرجل یموت فیوصی بالحج من أین یحج عنه قال علی قدر ماله أن لم یسعه ماله فمنزله و أن لم یسعه ماله فمن الکوفة فإن لم یسعه من الکوفة فمن المدینة و الصحیح الأخر و أن أوصی أن یحج عنه حجة الإسلام و لم یبلغ ماله ذلک فلیحج عنه من بعض المواقیت و الثالث عن رجل أوصی بماله فی الحج فکان لا یبلغ ما یحج به من بلاده قال فلیعطِ من الموضع الذی یحج عنه و الرابع المتقدم فیمن لا یبلغ جمیع ما ترک الا خمسین و الخامس المروری فی مستطرفات السرائر عن رجل مات فی الطریق أو أوصی بحجة و ما بقی فهو لک فاختلف أصحابنا فقال بعضهم یحج من الوقت و قال بعضهم یحج من حیث مات فقال (علیه السلام) یحج عنه من حیث مات و لکن غیر خفی أن هذه الأخبار موردها الوصیة بالحج و الظاهر أن الوصیة بالحج الواجب و المندوب منصرف إلی الحج من البلد کما هو متعارف الیوم

و أن الأول محتمل لإرادة قدر مخصوص عینیة للحج من قوله علی قدر ماله سیما و لو قرئت ما له بفتح اللام لأن الذی له هو ما عینه للحج فإنه یجب الوفاء به مع خروج ما زاد عن أجرته من المیقات من الثلث إجماعاً و أن التقید فی الأخیرین بعدم بلوغ المال ما یسع الحج فی کلام الراوی لا فی کلام الإمام (علیه السلام) و دعوی أن التقید یشعر بفهم الرواة أن القضاء فی البلد لو سلم لا یکون حجة یستند إلیه بالجملة فمحل المسألة هو ما إذا علم اشتغال ذمته یحج إسلام من إقرار علی نفسه أو بنیته أو غیرهما أطلق فیها

ص: 29

الوصیة أو نص علی البلد فإن الظاهر من ذلک إرادة الحج من بلده أما ظهوراً عرفیاً و أما قضاء لهذه الأخبار الدالة علی الإخراج من البلد عند الوصیة بالحج و یبقی الأول علی الأصول و القواعد القاضیة ببراءة الذمة من وجوب الإخراج من البلد و علی ظواهر الأخبار الآمرة بقضاء الحج عن المیت مطلقاً لأن الحج هو الأفعال المخصوصة من غیر دخول المسافة فالقول بوجوب الإخراج من المیقات هو الأظهر و یؤیده قوله فی الصحیح فیمن یموت و علیه خمسمائة درهم من الزکاة و علیه حج إسلام و لم یخلف سوی ثلاثمائة درهم و قد أوصی بالحج و الزکاة أنه یحج عنه من أقرب ما یکون و یرد الباقی فی الزکاة و فی روایة زکریا بن أدم عن رجل مات و أوصی بحجة أ یجزیه أن یحج عنه من غیر البلد الذی مات فیه فقال أ کان دون المیقات فلا بأس ثمّ المراد بالبلد هو بلد الاستیطان کما هو الظاهر من إطلاق النص و الفتوی مع احتمال إرادة بلد الموت کما دلت علیه روایة السرائر و صرح به بعض الأصحاب و أما احتمال إرادة بلد الاستطاعة فهو بعید کل البعد و یمکن حمل روایة السرائر علی من مات فی طریق الحج قاصداً له ثمّ أن بعض أصحابنا أطلق القول بوجوب الحج من البلد و ظاهره أنه لو لم یتمکن منه سقط وجوب الإخراج و أن تمکن من المیقات أو مما دونه و هو بعید عن ظاهر الفتاوی و النصوص الدالة علی وجوب الإخراج من المیقات لمن لم یتمکن من البلد و بعض المتأخرین قدم لزوم خراج الحج من المیقات علی جمیع الدیون للروایة المتقدمة الدالة علی تقدیمه علی الزکاة من غیر تفصیل و لا ذکر للتوزیع بالنسبة و قریب منها روایة أخری و هو حسن مراعاة لإطلاق الروایتین التعدی عما علیه الأصحاب مشکل فحملها علی أن إخراج قدر ما یحج عنه من المیقات مما یساوی القدر عند توزیعه علیها هو الوجه.

القول فی حج النذر و شبهه

اشارة

و فیه أمور:

أحدها: لا یصح النذر من الصبی ممیزاً و لا من المجنون حال جنونه

و لا من المغمی علیه و لا من الغافل و الساهی و السکران و الملجأ إلی النذر و الناذر تقیة للإجماع بقسمیه و لرفع القلم عن جمیع ما ذکرناه و لا یصح من العبد إلا بأذن مولاه لفتوی الأصحاب

ص: 30

و لقوله (علیه السلام) فی المروی فی قرب الإسناد لیس علی المملوک نذر إلا أن یأذن له سیده و لقوله تعالی: (لٰا یَقْدِرُ عَلیٰ شَیْ ءٍ) و للأخبار المتکثرة الدالة علی أنه لا یمین لمملوک مع سیده و فی بعضها مع مالکه بناء علی إرادة الأعم منه و من النذر کما فهم الأصحاب أما علی الحقیقة أو المجاز المقرن بقرینة فهم الأصحاب و عملهم أو بناء علی مساواة النذر له فی الحکم کما هو المسلم عند الأصحاب و أن لم یشمله الاسم أو للاستقراء الدال علی المساواة فی کثیر من الأحکام أو لأن إطلاق الیمین علیه صریحاً فی بعض الأخبار و إطلاقه علیه أیضاً فی بعض أخر مما یکون قرینة علی إرادة أحدهما من الأخر و الظاهر أن أذن المولی شرط فی الصحة لا شرط فی اللزوم لأن الظاهر من الأخبار إرادة نفی الصحة لأنها أقرب المجازات بعد تعذر إرادة الحقیقة و هل یشترط سبقها فی الصحة أو یکفی لحوقها لا یبعد الأول لبعد سریان الفضولی فی مثل النذر و لو أذن له فی النذر فنذر لزم فی حقه و لا طاعة لمولاه حینئذٍ فی معصیة خالقه و هل یجب علی المولی بذل الحمولة له و النفقة لتسبب الوجوب عن أذنه أو لا یجب للأصل وجهان أوجههما الثانی إلا إذا قلنا أن العبد بملک فالظاهر لزوم الأذن علیه فی الانفاق من ماله و لو قیل بوجوب تمکینه مما یتوقف الواجب علیه من تحصیل المال جمعنا معه و شبهها کان قویاً و لو بذل للعبد باذل فالظاهر وجوب إجابته علیه و کذا لا یصح نذر الزوجة من دون أذن الزوج دواماً أو متعة للأخبار النافیة لیمین الزوجة مع الزوج و الظاهر شموله للنذر کما قدمنا و للخبر المصرح بأنه لا نذر للمرأة فی مالها إلا بأذن زوجها و فیه استثناء الحج و بر الوالدین و الظاهر إرادة الحج الواجب بقرینة المقام و لا یلزم من أذن الزوج للزوجة فی الحج المندوب أذنه فی النذر له بل یفتقر نذرها له إلی أذن أخری و یحتمل القول بأن أذن الزوج شرط فی لزوم نذرها لا فی صحته فیحکم بصحة نذرها إلا أن للزوج حله کما أنه لو منع ابتداء لم ینعقد قطعاً و تحمل الأخبار الدالة علی نفی یمین الزوجة مع الزوج علی اللزوم و لکنه بعید لأن نفی الصحة أقرب و لا یلزم تفکیک تسلط النفی بین دخوله علی المملوک فیراد به الصحة و بین دخوله علی الزوج فیراد اللزوم.

ص: 31

ثانیا و هو بعید و کذا لا یصح نذر الولد مع وجود الوالد للأخبار النافیة لیمین الولد مع الوالد الشامل للنذر علی العجز المتقدم ذکره و الظاهر إلحاق الوالدة أیضاً لمساواتها للوالد فی الاحترام أو التأکید علی طاعتهما و برهما و لما فی بعض الأخبار من ذکر الوالدین و لقرب احتمال إرادة ما یشمل الوالدة من لفظ الوالد و یقوی هنا احتمال توقف لزوم النذر علی أذنهما فیحکم بصحته من دون أذنهما إلا أن لهما حله و هو قریب للاعتبار بعید عن ظواهر الأخبار و أقرب منه التفصیل بین الیمین فیشترط الأذن فی صحته للأخبار و بین النذر فله حله و العهد کالنذر فی الأحکام و لا یشترط فی حج النذر الاستطاعة الشرعیة بل یراعی عدم المرجوحیة و الاستطاعة العرفیة و الظاهر اشتراط الإسلام فی النذر و العهد دون الیمین لاشتراط القربة فی الأولین و قد یمنع اشتراط الإسلام فیهما و اشتراط القربة أیضاً و یمنع کونهما عبادة.

ثانیها: ناذر الحج أما أن ینذره مطلقاً غیر مقید بوقت

فلا یجب فیه البدار و کان لفاعله الخیار إلا إذا ظن الفوت و منه ظن الفوت و منه ظن الموت فإنه یتضیق به و لو قیل بجواز التأخیر ما لم یؤدی إلی الإهمال و التهاون عرفاً لکان حسناً و الأحوط البدار للمنذور تخلصاً من شبة وجوب النذر من شبهة شمول الأخبار الناهیة عن تسویغ الحج للحج المنذور ثمّ أن هذا المنذور أن لم یتمکن من أدائه حتی مات أو غصب فلا شی ء علیه و أن تمکن من أدائه فلم یفعل حتی مات أو غصب وجب القضاء لأمر جدید من ماله فی الأول الاستنابة عنه ما دام حیّاً فی الثانی أما لزوم القضاء عند موته فالظاهر أنه إجماعی لأنه حق مالی تعلق به فیجب أَداؤه عنه و منع ذلک استناداً للأصل و افتقار القضاء لأمر جدید ضعیف فی جنب ما لم یتسالم علیه الأصحاب و أشعرت به بعض الأخبار الآتیة أن شاء الله تعالی فی الباب و أما وجوب استنابة المغصوب بعد استقرار النذر علیه فذهب إلیه جملة من الأصحاب و یؤیده الاحتیاط و عموم لا یسقط ما لا یدرک و لأن الحج له تعلق بالمال و البدن فبعد استقراره لو فات أحدهما لا یفوت الأخر و هو قوی نعم لو وقع منه النذر حال کونه مغصوباً فإن نوی الاستنابة حال النذر لزومه ذلک و ألا توقع المکنة و لا یجب علیه الاستنابة للأصل و عدم تعلق الخطاب به و الحمل

ص: 32

علی حجة الإسلام قیاس و أفتی بعضهم بالوجوب و هو أحوط و أما أن ینذره مقیداً بوقت خاص فیجب علیه أداءه فیه أن تمکن من ذلک فإن لم یفعل بعد تمکنه حتی مات أو غصب وجب القضاء من ماله فی الأول کما ذکر لما ذکرنا و الاستنابة فی الثانی علی نحو ما ذکرنا و أن لم یتمکن سقط وجوب النذر و احتمال وجوب الاستنابة للممنوع یساعده الاحتیاط کما قدمنا نعم یبقی الکلام فی لزوم إخراج الحج عن الناذر بعد موته إذا استقر علیه الوجوب قبله هل هو من الأصل لأنه حق مالی تعلق به و له شوب بالبدن و کل حق مالی یخرج من الأصل أما الصغری فوجدانیة للفرق الظاهر بینه و بین الصلاة و الصوم و غیرهما من العبادات من حیثیة اشتماله علی مال و توقفه علی المال بخلاف غیره و هذا أمر ظاهر یدرکه أهل الشرع و العرف و حکم الفقهاء به کاشف عن تحققه و أما أن کل مالی یجب إخراجه من الأصل فقد دل علیه الأخبار و کلام الأصحاب و فی الخبر فیمن فرط فی زکاته أنه بمنزلة الدین یخرج من جمیع المال و ذهب جمع من أصحابنا إلی لزوم إخراج الحج المنذور إذا حصل التفریط به من الثلث للصحاح منها عن رجل علیه حجة الإسلام نذر نذراً فی شکر لیحجن رجلًا فمات فی الذی نذر قبل أن یحج حجة الإسلام من جمیع المال و أخرج من ثلثه ما یحج به رجلًا لنذره و قد وفی بالنذر و إِن لم یکن ترک مالًا إلا بقدر ما یحج به حجة الإسلام حج عنه بما ترک و یحج عنه ولیه حجة النذر أنما هو دین علیه و منها فیمن نذر لیحجن ابنه فمات الأب فقال هی واجبة علی الأب من ثلثه أو یتطوع ابنه فیحج عن أبیه فإن احجاج الغیر لیس إلا بذل المال لحجه أو حمله معه للحج و الحج معه فعلی الأول هو دین مال محض فإذا وجب خروجه من الثلث وجب فی الحج المنذور خروجه منه بالطریق الأولی و علی الثانی فهو عائد لنذر الحج و قد صرح الإمام بخروجه من الثلث و هو حسن قوی لو لا أعراض المتأخرین عن العمل بمضمونها مع صراحتها و صحتها و اطلاعهم علیها حتی أن بعضهم حملها علی وقوع النذر فی مرض الموت أو أخر علی وقوعه التزاماً بغیر صیغته و ثالث علی ما إذا قصد الناذر تنفیذ الحج بنفسه فلم یتفق له الموت فلا یتعلق بماله حج واجب بالنذر و یکون الأمر بآخر أنه من الثلث وارداً علی الاستحباب

ص: 33

و تخصیص الثلث مراعاة للوارث و لو کان علی ناذر الحج المفرط فیه حجة إسلام فمات قسمت الترکة بینهما أن لم یترک ما لا یفی إلا بهما و ألا أخذ من الترکة مال یسع بهما و کان للورثة الباقی و لو اتسعت الترکة أحدهما خاصة قدمت حجة الإسلام لأهمیتها بنظر الشارع و یستحب للولی قضاء المنذور و لو اتسعت بحجة الإسلام و الحجة المنذورة مع ترک العمرة للأولی فالأظهر تقدیم حجة الإسلام مع عمرتها و لو اتسعت حجة الإسلام من المیقات و المنذورة من البلد أو بالعکس فالظاهر أن النذر أن تقید من البلد کانت المنذورة من البلد و حجة الإسلام من المیقات و أن لم یتقید أحتمل التخییر و أحتمل تقدیم بلدیة حجة الإسلام و أحتمل تقدیم بلدیة الحجة المنذورة لانصراف النذر إلی بلد الناذر.

ثالثها: ناذر الحج أن نذر حجة الإسلام انعقد نذره للزوم النذر علی الواجب

و فائدته تأکید الوجوب و لزوم الکفارة عند المخافة و لا تفاوت بین نذره بعد الاستطاعة أو قبلها إلا أنه لو لم یکن مستطیعاً لا یجب علیه تحصیل الاستطاعة إلا إذا قصد بالنذر تحصیلها مع احتمال أن النذر بحجة الإسلام یصیرها واجباً مطلقاً فیجب تحصیل مقدمتها و أن نذر غیرها لم یتداخلا للأصل و للاتفاق فإن کان حال النذر مستطیعاً و کان النذر مطلقاً أو مقیداً بغیر سنة الاستطاعة وجب تقدیم حجة الإسلام لمعذوریتها وسعة مقابلتها و أن کان مقیداً نسبة الاستطاعة لغوا النذر من أصله أن قصدها مع بقاء الاستطاعة و أن قصدها مع فقدها ففقدها تلک السنة صح النذر و لزمته حجة النذر حینئذٍ و أن خلا عن القصد فوجهان أقواهما سقوط النذر و أحوطهما عدمه و أن کان حال النذر غیر مستطیع وجبت المنذورة خاصة بشرط القدرة العرفیة دون الاستطاعة الشرعیة فإنها لیست شرطاً فی غیر حجة الإسلام خلافاً للشهید فی الدروس و وجهه غیر واضح و أن حصلت الاستطاعة الشرعیة بعد النذر قبل الإتیان بالمنذور فإن کانت مطلقة أو مقیدة بزمان متأخر عن سنة الاستطاعة خصوصاً أو عموماً وجب تقدیم حجة الإسلام لما مر خلافاً للدروس فقدم المنذورة و وجهه غیر واضح و أن کانت مقیدة بسنة الاستطاعة ففی تقدیم المنذورة أو حجة الإسلام وجهان ینشئان من عدم تحقق

ص: 34

الاستطاعة فی تلک السنة لأن المانع الشرعی کالمانع العقلی و من انحلال النذر لمعارضة ما هو أهم و أقدم بنظر الشارع و الأول هو الأقوی و علیه فیعتبر فی وجوب حج الإسلام بقاء الاستطاعة إلی السنة الثانیة و أن نذر الناذر حجّاً مطلقاً خالیاً عن قید حج الإسلام و عن قید غیره فالأظهر لزوم حج النذر علیه مستقلًا سواء کان مستطیعاً أو لا لأصالة عدم التداخل و لفتوی الأکثر نقلًا بل تحصیلًا و للاحتیاط و لظاهر الإجماع المنقول بلفظ عندنا و لبعض الأخبار المرسلة فی الخلاف و قیل بأجزاء کل منهما عن الأخری لصدق الامتثال و هو ضعیف بما ذکرنا و قیل یجزی أن یحج بنیة النذر عن حجة الإسلام دون العکس استناداً فی الأول للصحیحین عن رجل نذر أن یمشی إلی بیت الله الحرام فمشی هل یجزی عن حجة الإسلام قال نعم و فی أحدهما قلت أ رأیت أن حج عن غیره و لم یکن له مال و قد نذر أن یحج ماشیاً أ یجزیه عنه ذلک من مشیه قال نعم بدعوی ظهور إرادة نذر الحج ماشیاً من نذر المشی فی الحج لاستعماله فیه عرفاً و لفهم جل الأصحاب منه ذلک لدلالة السؤال فی الثانی علیه و استناداً فی الثانی للأصل و هو فیه حسن معتضد بفتوی الأصحاب و فی الأول ضعیف لضعف الروایتین عن مقاومة ما قدمنا لاحتمال کون السؤال عن أن المشی المنذور إذا تعقبه حج الإسلام فهل یجزی أم لا بد من مشی آخر و أن المشی المنذور مطلقاً أو المنذور فیرجح مطلقاً أو فی حج الإسلام هل یجزی عن الرکوب أو لا یجزی أو أن الناذر لحجة الإسلام ماشیاً لو نوی المنذورة دون حجة الإسلام فهل تجزی أم لا و أن الناذر لحج الإسلام ماشیاً هل یجزیه ذلک أو لا بد من الرکوب و مع قیام هذه الاحتمالات یصعق الرکون إلیهما فی مقابلة ما قدمناه من الأدلة.

رابعها: ینعقد نذر المشی إلی الحج

و لو قلنا أن الرکوب أفضل لرجحانه فی نفسه فینعقد علیه النذر و لا ینافیه کون غیره أرجح منه و یدل علی انعقاده فتوی الأصحاب و ظاهر الاتفاق المنقول فی الباب و عمومات الأدلة و خصوصاتها کالموثق عن رجل نذر أن یمشی حافیاً إلی بیت الله تعالی فلیمش فإذا تعب فلیرکب خلافاً للفاضل فأدعی صحة النذر للحج دون لزوم المشی فیه و ضعفه ظاهر و أما ما ورد فی الصحیح عن

ص: 35

رجل نذر أن یمشی إلی مکة حافیاً فقال أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خرج حاجّاً فنظر إلی امرأة تمشی بین الإبل فقال من هذه فقالوا أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشی حافیة إلی مکة فقال (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یا عقبة أنطلق إلی أختک فمرها أن ترکب فإن الله غنی عن مشیها و حفاها فشاذ محمول علی العجز أو النسخ أو قوة ستر ما یجب ستره أو أن نفس الحفا مرجوح لأنه مضر بالبدن ثمّ أنه یجب الرجوع فیما یلام المشی فیه إلی عرف الناذر فی البدء و المنتهی و الظاهر أن عرف الیوم یقضی بالمشی من البلد و الظاهر من الأخبار أنه فی ذلک الیوم کذلک و لو خلینا و ظاهر اللفظ لمکان المقتضی النذر ماشیاً أن یکون مبدأ أول أفعال الحج و أخره أخر أفعاله الواجبة و هی رمی الجمار و ما ورد من تحدید أخره بالإفاضة من عرفات فشاذ محمول علی ما إذا فاض و رمی أو کون المشی تطوعاً لا منذوراً لکثرة الأخبار الدالة علی أن من علیه المشی إذا رمی الجمرة زار البیت راکباً و لا شی ء علیه و أنه إذا رمی الجمرة انقطع مشیه و ذهب جمع من أصحابنا إلی أن أخره طواف النساء و الأقوی ما قدمناه و لا یجوز لناذر المشی أن یقصد طریقاً لا یتیسر له المشی فیه کلًا أو بعضاً کرکوب بحر أو نهر مع قدرته علی طریق یمشی فیه و لو مشی فعرض له فی طریقه ماء لا یعلم من نهر أو بحر و لا یمکنه العدول عنه عبر فی السفینة قطعاً و یقوم فی مواضع العبور و جریا لعموم لا یسقط لأن الواجب القیام و الحرکة فانتفاء الأخیر لا یقض بانتفاء الأول و لروایة السکونی الآمرة بالقیام فی المعبر علی من نذر المشی إلی بیت الله المنجبرة بفتوی الأکثر نقلًا أو تحصیلًا أو استحباباً کما أفتی به جمع من فقهائنا استضعافاً لدلالة العموم المتقدم و لسند الروایة عن إثبات الوجوب و یبقی الاستحباب یتسامح فیه ما لا یتسامح فی الواجب و الأول أقوی و علیه فهل یختص الحکم بنذر المشی إلی الحج أو إلی البیت أو یعم کل شی ء منذور ظاهر العموم المتقدم و الاحتیاط هو الثانی و أن علم بالماء حین النذر سقط القیام فی المعبر لعدم القصد بنذر المشی إلیه و لو قصده کان نذر غیر المقدور و هو باطل و لو رکب فی الطریق أجمع ناذر الحج ماشیاً مختاراً فإن کان نذر الحج ماشیاً أعاده و أن کان النذر مطلقاً تحصیلًا بقدر الامکان و لا کفارة و أن کان معیناً قضاه أن طاق و سعی راکباً لبطلانهما

ص: 36

بتوجه النهی إلیهما سیما لو نوی بفعله الوفاء بالنذر و أن لم یطف و سعی راکباً فهل یجب علیه القضاء الیوم لعدم الإتیان به علی وجهه أداء فیجب علیه القضاء لأن حجه وقع فاسداً و الحج الفاسد موجب للإعادة و لفتوی الأکثر نقلًا أو تحصیلًا و للاحتیاط أو لا یجب للأصل و لأن فوت الأداء لا یستلزم القضاء و القضاء یحتاج إلی أمر جدید و لیس فلیس و لأن الإفساد الموجب للإعادة هو ما کان للإخلال بجزء أو شرط أو صفة لا الصادر من عدم مطابقة المنذور بل الظاهر أن ما لا یطابق المنذور لیس بفاسد بنفسه إلا إذا نوی به الوفاء غایته أنه لا یقع وفاء أحدهما غیر الأخر بل ربما یقال أنه لو نوی الوفاء به لا یفسد لتعلق النهی بأمر خارج حینئذٍ فتجب الکفارة علی من نفی بنذره و یصح حجه علی هذا القول و هذا القول قریب للنظر إلا أن الأول أقوی و علیه فالظاهر أنه یجب أن یقضیه ماشیاً لا راکباً لأن القضاء یتبع الأداء إلا مع العجز عن المشی فیقضیه راکباً و أن تعلق النذر بالمشی فی حج معین أحتمل إفساد الحج عند وقوعه بغیر الصفة و لزوم الکفارة و أحتمل صحة الحج و لزوم الکفارة و أحتمل فساده و لزوم الکفارة أن نوی الوفاء به و صحته و لزوم الکفارة أن لم ینو الوفاء و هذا الأخیر أقوی و من نذر المشی فی طریق الحج دون أفعاله فالإخلال به لا یستلزم الإخلال بالحج قطعاً و لو رکب بعضاً من الطریق و مشی بعضاً مختاراً قیل أنه یقضی الحج و یمشی ما رکب و له أن یرکب ما مشاه لأن الواجب علیه قطع المسافة ماشیاً و قد حصل بالتلفیق و لما عن الشهید أن به أثر لا یبلغ لأخذ العمل به و یضعف الأول بالمنع من حصول الحج ماشیاً و التلفیق فلا یخرج عن العهدة و یضعف الثانی افراد من نقله یضعفه و قیل یقضیه ماشیاً و هو الأوجه للإخلال بالصفة المشترطة فی یقین الخروج من العهدة و لو عجز عن المشی بعد انعقاد نذره حیث کان قادراً علیه عند النذر بزعمه فعجز عنه کلًا أو بعضاً و قد حدث عجزه فی سنة النذر قبل استقرار المنذور علیه لأنه لو استقر علیه ففرط فیه لزمه القضاء علی کل حال بما أمکن و لا یجری فیه الخلاف الأتی إن شاء الله تعالی و قیل یرکب و یسوق بدنه للصحیحین فی أحدهما عن رجل نذر أن یمشی إلی بیت الله تعالی فعجز قال فلیرکب و لیس بدنه و فی الثانی عن رجل حلف لیحجن ماشیاً فعجز

ص: 37

عن ذلک فلم یطقه قال فلیرکب و لیسق الهدی و یضعفه احتمال ورود الأخبار مورد من نذر المشی فی حج لازم فاستطاع و نحوها لا فیمن نذر الحج ماشیاً و لا شک فی وجوب الرکوب فی الأول و احتمال أن یسوق البدنة للندب بل هو الظاهر کما یشعر به الأخبار الآتیة و قیل و یرکب و لا یسوق للصحیح فیمن نذر أن یمشی إلی بیت الله و قد تعب قال إذا تعب رکب و ترک البیان فی مقامه دلیل علی عدمه و للخبر الأخر و فیه بعد قوله احب أن تذبح بقرة فقال أ شی ء واجب فعله فقال لا من جعل لله علیه شیئاً فبلغ جهده فلیس علیه شی ء و بحمل الأمر فی الأولین علی الندب و یکون الأخیران قرینة علیه و قیل أن کان النذر مطلقاً توقع المکنة لوجوب تحصیل الواجب مهما أمکن و أن کان معیناً سقط الحج لمکان العجز عن القید و المقید و عدم عدمه و یضعفه إطلاق الأخبار الآمرة بالرکوب من دون استفصال بین القدرة فی زمن متأخر و بین عدمها و بین النذر المطلق و بین عدمه و قیل أن حصل العجز قبل التلبس بالإحرام فیجزی فیه التفصیل المتقدم و أن حصل بعد لزوم الإکمال فی النذر المطلق سقوط المنذور فی المعین للزوم العسر و الحرج المنفیین بتوقع المکنة و الإعادة و یضعفه ما یظهر من نفی الخلاف من بعضهم فی لزوم توقع المکنة فی الواجب المطلق و قیل کالتفصیل الأول إلا أنه فی النذر المعین یلزم علیه الرکوب عند العجز أو یلزم علیه الرکوب کالنذر أو مطلقاً و یضعفها أن انحلال النذر عند العجز عن المنذور و أقرب للقواعد و ربما یقال أن العجز إذا کان من البلد فإن کان النذر مطلقاً و ساق فوقع المکنة فان أیسر أو کان النذر معیناً أنحل النذر و أن کان العجز فی أثناء الطریق رکب مطلقاً و ساق بدنه وجوباً أو استحباباً ثمّ أن انحلال النذر إنما یکون فی أصل الحج لا فی المشی فقط لانتفاء المقید بانتفاء

قیده إلا إذا فهم من حال نذر الحج ماشیاً إرادة فعل الموصوف و الصفة بحیث یکون کل منهما مناطاً للنذر لأنه أراد فعل الموصوف من حیث هو متصف بوصف و بالجملة فرق بین نذر المشی فی الحج و بین نذر الحج و المشی فیه و بین نذر المشی حاجّاً فیه فإن لکل واحدة من هذه الصیغ حکماً علی حده و الأقوی فی النظر أن من نذر الحج فعجز عنه توقع المکنة فإن أیسر أو کان نذره معیناً لزم علیه

ص: 38

أصل الحج و رکب کل الطریق أو بعضه و ساق بدنه و هو یوافق الأخبار و الاحتیاط و الأحوط قضاء الحج راکباً لو تمکن بعد ذلک.

القول فی حج النیابة

اشارة

و فیه أمور:

أحدها: یشترط فی النائب العقل و التمییز

فلا تصح نیابة المجنون و لا غیر الممیز إجماعاً و یشترط فیه البلوغ بمعنی عدم الخروج عن العهدة بنیابته من وصی أو ولی أو مغصوب لعدم الاعتماد علی قوله أو فعله نعم لو علم أنه حج حجّاً صحیحاً عن المنوب عنه قوی القول بأجزائه عن المنوب عنه لکون عباداته شرعیة علی الأصح و لا تصح نیابة الکافر عن کافر أو مسلم لعدم صحة عباداته شرعاً و لا نیابة غیر الاثنی عشریة لعدم صحة عباداتهم و لو نابوا عن موش فأمنوا و لم یخلو برکن عندهم أو عندنا احتملت الصحة فی النیابة حینئذٍ بناء علی صحة عملهم إذا استبصر و أحتمل عدمها لعدم العلم بالصحة غایته سقوط الإعادة و لعلها لطفاً و کرماً لا لصحتها فی نفسها و القول بصحة نیابتهم مطلقاً لصحة عباداتهم و اعتبارها بنظر الشارع کما نسب لأکثر المتأخرین ضعیف جداً لما قدمنا و لا تصح النیابة عن غیر المؤمن ناصبیاً کان أم لا لعدم إمکان إیصال الثواب له و للأدلة الدالة علی عدم انتزاعه بأعماله الصالحة و للشک فی شمول دلیل النیابة له و لأنه کافر فی الآخرة کما قضت به الأخبار و ما ورد فیمن یحج عن المیت قال و أن کان ناصباً أ ینفعه ذلک قال نعم یخفف عنه فشاذ لا یعتمد علیه لمعارضته الإجماع نقلًا و الشهرة تحصیلًا و الخبر الصحیح لیحج الرجل عن الناصب قال لا، نعم فی الصحیح استثناء الأب فی جواز النیابة عنه و أن کان ناصباً فیدل علی أنه لو کان غیر ناصبی من الفرق بالطریق الأولی و أفتی به بعض الأصحاب بمضمونه و یؤیده ما جاء من بر الوالدین و الإحسان إلیهما لإمکان إفادة النیابة تخفیفاً عنه و نسب للمشهور الفتوی به و نقل أن الروایة به مشهورة و ربما علل صحة النیابة عن الناصب بتعلق الحج بماله فیجب الإخراج عنه أو الحج بنفسه عنه و لفظ الخبر لا یأبی المشمول لهما فالقول باستثنائه قوی إلا أنه لا یخلو من أشکال و جوز بعض الأصحاب النیابة عن غیر الناصب بناء علی صحة عباداته و هو بعید بعد ما قدمنا من أن النیابة

ص: 39

تحتاج إلی دلیل یدل علیها و لا یکفی فیها عدم الدلیل و قد یقوی القول بصحة نیابة المخالف للحق عن مخالف آخر إذا کان المنوب عنه مغصوباً فاستبصرا بعد ذلک معاً أما لو استبصر المنوب عنه دون النائب فالوجه إعادة النیابة و یشترط فی النائب خلو ذمته عن حج واجب علیه فی سنة الاستئجار و أن کانت الإجارة معینة و خلو ذمته عن حج واجب علیه فی سنة التأدیة أن کانت الإجارة مطلقة بحیث یکون الواجب مضیقاً بتلک السنة بنذر أو استئجار أو إفساد و لو کان موسعاً فلا بأس و کذا لو کان مضیقاً لا یمکنه فعله لعدم قدرته علیه لعارض من العوارض و إطلاق الأصحاب بعدم جواز النیابة لمن کان علیه حج واجب منزل علی ما ذکرناه من الوجوب المضیق و الدلیل علی فساد الاستئجار و التأدیة ممن علیه حج مضیق فتوی الأصحاب و الاحتیاط و کونه منهیاً عنه بناء علی أن الأمر بالمشی یقضی النهی عن ضده أو کونه غیر مأموراً به بناءً علی ذلک و یمکن الاستدلال علیه بعدم صلاحیة الزمان لغیر المضیق من أنواع الحج کزمان الصلاة إذا تضیق فإنه لا یصلح لصلاة أخری علی الأظهر فی الأخبار مما یدل علی المنع أیضاً ففی الصحیح الصرورة یحج عن المیت قال نعم إذا لم یجد الصرورة ما یحج به عن نفسه فإن کان له ما یحج به عن نفسه فلیس یجزی عنه حتی یحج من ماله و فی آخر صرورة مات و لم یحج حجة الإسلام و له مال قال یحج عنه صرورة لا مال له و فی ثالث قریب منهما و یشترط فی النائب إذا استنابه آخر من وصی أو ولی أو مغصوب العدالة أو الاعتقاد بالتأدیة و لو ناب بنفسه لوصایته أو تبرعاً صحت نیابته لنفسه و لا یقبل أخباره لغیره بالتأدیة بحیث سقط عن العین لقوله تعالی (إِنْ جٰاءَکُمْ فٰاسِقٌ) سورة الحجرات آیة (6) و مثله مجهول الحال و الظاهر أن حسن الظاهر مما یکتفی به عدالة و طریقاً إلیها لأن التکلیف فوق ذلک مشقة و لو علم بفعل الفاسق لکن شک فی صحته أحتمل الاکتفاء به حملًا لفعل المسلم علی الصحة مهما أمکن و الأظهر العدم لعدم الوثوق بنیته و تأدیته الأمور الباطنیة و أصالة الصحة یقتصر فیها علی ترتب الآثار المتعلقة به و لا نحکم علی إسقاط ما اشتغلت به ذمة آخر و یشترط فیه أیضاً الفقه و المعرفة فی أفعال الحج و القدرة علی التأدیة و بشرط بلوغ المنوب عنه علی الأظهر و أن

ص: 40

قلنا أن عبادات الصبی شرعیة لعدم انصراف أدلة النیابة لمثل ذلک و لا یشترط التساوی بین النائب و المنوب عنه فتنوب المرأة عن الرجل و بالعکس و لا کون النائب غیر صروره و غیره کل ذلک لعموم النیابة و للإجماع المنقول و لفتوی الأصحاب و للأخبار الخاصة المتکثرة ألا المرأة الصرورة فذهب جمع من أصحابنا إلی عدم جواز استنابتها و نیابتها أیضاً لأنهم أطلقوا عدم جواز حجها عن غیرها مطلقاً و عدم جواز حجها عن الرجل و استندوا لقوله فی خبر سلیمان امرأة صرورة قال لا ینبغی و قوله (علیه السلام) فی الامرأة تحج عن الرجل قال نعم إذا کانت فقیهة مسلمة و کانت قد حجت عن امرأة صرورة و قوله (علیه السلام) یحج الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة و لا تحج الامرأة الصرورة عن الرجل الصرورة و لکنه ضعیف لضعف مقاومة هذه الأخبار للأخبار المتکثرة الدالة علی جواز حج الامرأة عن الرجل بقول مطلق المعتضدة بفتوی الأصحاب فلتحمل هذه الأخبار علی الکراهة بقرینة لا ینبغی فیها کما أن الخبر فی صرورة حج عن صرورة فکتب أنه لا یجزی ذلک و الخبر أنما ینبغی أن یحج الامرأة و الرجل عن الرجل و لا بأس أن یحج الرجل عن المرأة و فیه منع نیابة الامرأة عن الرجل محمولان علی الندب و أفضلیة نیابة الرجل.

ثانیها: یجوز لمن علیه حج أن یعتمر عن غیره و لمن علیه عمره أن یحج نیابة عن غیره إذا لم یجب علیه النسک الآخر

و لم یناف ما وجب و لو استأجر علی إثبات الحج و العمرة أولهما أو مختلفین و أنفقا زمان المستأجر علیه و العقد بطلا لخروج فعلهما عن القدرة و عدم الرجح و لو اختلف زمان العقد فقط بطل المتأخر و لو انعکس کان استأجره للحج عامین مختلفین صحا أن لم تجب المبادرة إلی الأخیر أما لندبه أو لتقید وجوبه بعام متأخر أو اتساعه أو فقد أجیر غیره و ألا فالأقرب بطلان المتأخر و إطلاق الإجارة ینصرف إلی السنة الأولی و لا یصرف لإطلاق إلا قرینة مالیة أو مقالیة و یشترط فی حج النیابة نیة النیابة و تعیین المنوب عنه باسمه أو وصفه الداخلی أو الخارجی فلو لم ینو النیابة لم یجز الحج عنه و کذا لو لم یعین المنوب عنه و یکفی مع اتحاد المنوب عنه نیة أن هذا الحج عمن له حق النیابة أو عمن استأجرنی و لا بد مع التعدد من تشخیص

ص: 41

المنوب عنه بوصف و لو بتقدم إجارته علی الأخر و لو لم یکن التعیین ابتداء بطلت الإجارة کما لو أجر نفسه أن یحج عن اثنین حجتین دفعة واحدة و لم یشخص أحدهما أو کلاهما باسم أو تقدیم و تأخیر أو شخصه أو نسی ما شخصه کانت الإجارة باطلة فی الأول و تنفسخ فی الأخیر فی الأثناء و احتمال عدم الانفساخ فی الأثناء بل یأتی بالعمل ناویاً به أحدهما لا بعینه ثمّ یأتی به ثانیاً ناویاً به کذلک فیصرفه الله تعالی إلیه أو یأتی بالعمل لهما معاً مرتبین فیکون لکل واحد بعد الإتیان بالعملین عمل تام یصرفه الله تعالی إلیه بعید کل البعد لأن نیة المبهم لا تصح إذ لا وجود له فی الخارج و لو استأجر علی حجتین لأثنین معینین فعمل عن أحدهما معیناً و ألا فنسیه جاز أن ینوی بالعمل الأخر أنه لمن له العمل أما لو کان لثلاثة فعمل لأحدهما معنیاً فنسیاه لم یجز له أن یعمل العمل لمن لم یعمل له بل لا بد حینئذٍ من تکریر العمل عن الثلاثة من باب المقدمة مع احتمال جواز إخراج المعمول له بالقرعة و غیر المعمول له کذلک و احتمال الانفساخ فلا یستحق أجره علی الثلاثة أو یرضی بالصلح منهم علی قدر معلوم لا بأس بهما و لا یجب التلفظ بالمنوی للأصل و للصحیح فی الرجل یحج عن الرجل یسمیه باسمه فقال أن الله عز و جل لا تخفی علیه خافیة و فی آخر عمن یحج عن آخر أ یذکره فی جمیع المواطن کلها قال أن شاء فعل و أن شاء لم یفعل و ظاهره الذکر هو الذکر اللسانی نعم یندب فی الأضحیة ذکر المنوب عنه للخبر و کذا فی الإحرام للخبرین المشتملین علی طلب الأجر له و للمنوب عنه اللازم لنیة النیابة و کذا فی المواطن و المواقف للصحیح ما الذی یجب علی الذی یحج عن الرجل قال یسمیه فی المواطن و المواقف.

ثالثها: من کانت علیه حجة منذورة فی عام و حین لم تجز له النیابة فیها عن آخر عنی

... ما أفتی به جل الأصحاب و قضی به الاحتیاط و لو أوقعها بنیة النیابة لم یجزِ فیها لعدم وقوعها و لا عن المنذور لعدم نیتها و تداخلها لا نقول به لأصالة عدم التداخل خلافاً للتهذیب ففیه أن من علیه حجة منذورة فحج عن غیره أجزأه عن النذر لصحیح رفاعة أ رأیت أن حج عن غیره و لم یکن له مال و قد نذر أن یحج ماشیاً أ یجزی عنه

ص: 42

ذلک من مشیه قال نعم و هو ضعیف عن معاوضة القواعد و فتوی الأصحاب محمول علی نذر المشی فی حج و لو عن الغیر و کذا لا یجوز لمن علیه حجة إسلام أن ینوب عنه غیره و لا أن یداخلها معاً و لو ناب أو داخلا لم یقع عن أحدهما لما ذکرنا و ما ورد فی صحیح سعد الواردة فی الصَّرورة یحج عن غیره قال فإن کان له مال یحج به عن نفسه فلیس یجزی عنه حتی یحج من ماله و هل تجزی عن المیت أن کان للصّرورة مال و أن لم یکن له مال و کذا فی صحیحة سعید الأعرج فی الصَّرورة یحج عن المیت قال نعم إذا لم یجد الصَّرورة ما یحج به فإن کان له مال فلیس له ذلک حتی یحج من ماله و هل یجزی عن المیت کان له مال أو لم یکن له مال محمول علی حج الصرورة ثانیا بعد حج الأول و إطلاق الصَّرورة علیه مجازاً بعلاقة ما کان علیه و قرینة ذلک النهی فی حدودهما عن حج الصَّرورة عن غیره إذا کان له مال و قد تحمل روایة سعد علی إرجاع الضمیر إلی الجزء الأول من الحدیث دفعاً لتوهمه الراوی من عدم صحة نیابة للصرورة أو إرجاع الضمیرین المجرورین فی آخر الحدیث إلی المیت بمعنی سواء کان علی المیت حج واجب أو لم یکن و حج عنه ندباً أو تحمل علی أن المراد دفع توهم أنه إذا لم یکن علی أحدهما حجة إسلام فلیس لهما ثواب حجة الإسلام بأنهما یثابان ثواب حجة الإسلام إلا أن التائب إذا استطاع بعد ذلک فحج کتب له ثواب الأولی تفضلًا و الثانیة استحقاقاً و کذا لا یجوز لمن علیه حجة الإسلام أن یحج ندباً و لا أن یداخلهما خلافاً لمن صرف الندب إلی حج الإسلام قهراً و لمن صحح الندب و ألقی حج الإسلام بحاله و لا یجوز لمن علیه حج نیابة غیر سنة معینة لواحد أن یحج عن آخر و لأن تداخلهما معاً و ما ورد فی الصحیح عن رجل أخذ حجة عن رجل فقطع علیه الطریق فأعطاه رجل آخر حجة أخری أ یجوز له ذلک فقال جائز له محسوب للأول و الأخیر و ما کان یسعه عن الذی فعل إذا وجد من یعطیه الحج محمول علی اختلاف عامی الحجتین أو اطلاقها أو اطلاق أحدهما و المحسوب هو الطریق بمعنی لا یجب العود بعد الأولی و تحدید المسیر للثانیة أو علی أن الحجتین هما الزاد و الراحلة یحج عن نفسه أو علی أنهما دفعا ذلک لیحج عنهما ندباً معاً تبرعاً و الاشتراک فی حج الندب لا بأس به أو علی أن قطع بصیغة

ص: 43

المعلوم و فاعله ضمیر الرجل الثانی بمعنی أنه إذا أوجب علیه الطریق فی استنابته و لم یکن فی الاستنابة المسیر من المیقات فأعطی آخر حجة أخری و أطلقا أو من المیقات و أطلق العام أو قیده بما بعد الأول جاز و کان المسیر فی الطریق مرة محسوبة بهما أو قطع الطریق بمعنی إخراجه عما استؤجر له أی استأجره الأول من المیقات و آخر کذلک أو من الطریق فی عامین مختلفین أو مطلقین أو مختلفین أو فاعله ضمیر الرجل الأول و القطع بمعنی السیر و ضمیر علیه للحج أی قطع الطریق للحج الذی أخذه و ما ورد فی صحیح بن بزیع عن رجل یأخذ حجه و لا یکفیه إلا أن یأخذ من رجل آخر حجة أخری و یتسع بها و تجزی عنهما جمیعاً قال أحب إلی أن تکون خالصة لواحد محمول علی اختلاف الحجتین زماناً و الخلوص الذی أحبه خلوص المسیر أو محمول علی أنه استؤجر للحج عنهما معاً ندباً فی عام واحد و کذا من کانت علیه حجة نیابة فی عام معین لا یجوز له أن یجعل الحج عن نفسه مندوباً کان الحج علیه أو واجباً موسعاً و لو نوی الحج عن نفسه بطل و لا یحتسب له و لا للمنوب عنه و ما ورد فی الخبر عن رجل أعطی مالًا لرجل یحج عنه فحج عن نفسه قال هی عن صاحب المال لا یعمل علیها لضعفها فلتحمل علی وصول ثوابها له إذا فعلها جهلًا أو علی سهوه فی الإنشاء بنیة فیبنی علی النیة المتقدمة و کذا لا یجوز العدول من نیة النیابة إلی نفسه أو من نیة نفسه إلی النیابة لحصول التفریق فی العمل المنوی و لکل امرئٍ ما نوی و المفروض عدم صحة التفریق فیه و احتمال البناء علی النیة الأولی و الغاء النقل ضعیف و یجوز استئجار اثنین عن واحد لحجتین علیه فی سنة واحدة و یجزی عنه و لا یشترط تقدیم إِحداهما علی الأخری فی الإحرام و لو کانت إِحداهما إسلامیة و الأخری منذورة أو مندوبة سواء کان المستأجر عنه حیّاً أو میتاً و لو أتی إِحداهما بإحدی الحجتین دون الأخری فإن کان المأتی به حجة الإسلام فلا کلام و أن کان المأتی به غیرها أحتمل البطلان و أحتمل الانصراف إلی حجة الإسلام قهراً فتنفسخ إجارة الآخر حینئذٍ و یثبت المسمی لمن حج حجة لأن الانقلاب من الشارع و القول بصحتها علی ما نوی به هو الأوجه.

ص: 44

رابعها: تجوز نیابة متعددین فی الحج عن واحد ندباً

کما ورد أن خمسمائة و خمسین کانوا یحجون عن علی بن یقطین و لا یبعد جواز نیابتهم عنه فی الواجب أیضاً و الجمیع یکون مجزیاً و لا یتفاوت بین کونه میتاً أو حیّاً و یجوز نیابة واحد عن متعددین لحج مندوب و لا تجوز نیابة واحد عن متعددین لحج واجب أمواتاً کانوا أو أحیاء لأصالة عدم أجزاء الواحد عن المتعدد و تجوز النیابة تبرعاً عن المیت واجباً کان الحج أو مندوباً من ولی أو غیره لفتوی الأصحاب و أخبار الباب المتضمنة للزوم القضاء عمن یموت و علیه حجة الإسلام من غیر تقیید بکونها من ماله أو لا و المتضمنة لجواز حج الابن عن أبیه و أن الرجل یموت فیحج عنه بعض أهله حجة الإسلام أنه یجزیه ذلک و قد ورد فی جواز الحج عن المیت ندباً کثیراً من الأخبار و انعقد علیه إجماع الأصحاب و کذا تجوز النیابة تبرعاً عن الحی فی الحج المندوب لفتوی الأصحاب و أخبار الباب و هی کثیرة معمول علیها بین الأصحاب و هل تجوز النیابة فی الفرض عن الحی المغصوب و شبهه من دون إذنه تبرعاً لمساواته المیت فی جواز الاستنابة فکذا النیابة أو لا تجوز لأصالة عدم أجزاء فعل شخص عن آخر و المتیقن من براءة المغصوب أنما هی الاستنابة دون النیابة و هذا هو الأقوی حتی أن بعضهم تأمل فی جواز النیابة عن الحی تبرعاً فی المندوب و ربما یکون مستنده روایة علی بن جعفر عن رجل جعل ثلث حجة لمیت و ثلثها لحی فقال للمیت و أما للحی فلا و لکنه ضعیف لعدم مقاومة إطلاق الأخبار الواردة فی جواز حج الرجل عن بعض أهله و إخوانه من غیر تقیید بالأذن و یجوز الحج عن نفسه و غیره معاً فی الحج المندوب و یجوز إهداء ثواب الحج بعد فعله أو عند ابتداء فعله أو فی أثنائه لحی أو میت إذا کان مندوباً و یجوز حط شی ء من الثواب نصفاً أو أقل أو أکثر لحی أو میت و لا یبعد جواز إهداء ثواب الإهداء الثالث أیضاً.

خامسها: یجوز الطواف عن الغائب بإذنه و دون أذنه

و حد الغیبة موکول إلی العرف و الظاهر أن المسیرة إلی عشرة أمیال غیبه عرفاً و یدل علیه مرسل ابن نجران المحدد لها فیه بعشرة أمیال و جوازه من الغائب نطقت به الأخبار و ظاهر کلمات

ص: 45

الأصحاب و أشعرت به روایات جواز النیابة عنه فی الحج و العمرة و یجوز النیابة فی الطواف عن حاضر لا یتمکن من استمساک طهارته لبطن أو سلس أو إِعماء للأخبار و منها الصحیح المبطون و الکسیر یطاف عنهما و یرمی عنهما و الصحیح الأخر المریض المقلوب و المغمی علیه یرمی عنه و یطاف عنه و الظاهر أن جواز النیابة مشروط بعدم رجاء البرء أو ضیق الوقت اقتصاراً علی مورد الیقین و لخبر سعید بن یسار أنه سقط من جملة فلا یمسک بطنه أطوف عنه و أسعی فقال لا و لکنه دعه فإن برأ قضی هو و ألا فاقض أنت عنه و إطلاق الأخبار ظاهر فیما ذکرناه من الیاس و هل یشترط الأذن فی جواز النیابة عنه فی غیر الإغماء اقتصاراً فیما خالف الأصل علی مرور الیقین أو لا یشترط لإطلاق الأخبار وجهان أحوطهما الأول و لا یبعد أن من الأعذار المسوغة للنیابة عن الحاضر الحیض إذا لم یکن فی عمرة التمتع فإنه لو کانت فیها لزمها العدول إلی حج الأفراد و کان فی انقطاعها و تأخیرها إلی أن تظهر مضرة شدیدة بانقطاعها عن أهلها فی البلاد البعیدة لعموم أدلة الیسر و لخصوص الصحیح أن معنا امرأة حائضاً و لم تطف طواف النساء و یأبی الجمال أن یقیم علیها قال فأطرق و هو یقول لا یستطیع أن نتخلف عن أصحابنا و لا یقیم علیها جمالها ثمّ رفع رأسه إلیه فقال تمضی فقد تَمَّ حجها بحمله علی الاستنابة لعدم القائل بارتفاعه عنها أصلًا و للخبر المعلل فی المریض أن هذا ما غلب الله تعالی علیه فلا بأس أن یؤخر الطواف یوماً أو یومین و أن طالت علَّته أمر من یطوف عنه أسبوعاً فهی داخلة فیمن لا یستمسک الطهارة و الألم تتسبب فی الطواف إلا إذا غابت فلا یطاف عنها ما دامت حاضرة و أن علمت سیرها قبل الطهر و لا تجوز النیابة عمن لم یکن غائباً و لا معذوراً من جهة فقده للطهارة و لو کان مریضاً للأصل و لخبر ابن أبی نجران فی الرجل یطوف عن الرجل و هما مقیمان بمکة قال و لکن یطوف عن الرجل و هو غائب و للصحیح الکسیر یحمل فیطاف به و المبطون یرمی و یطاف عنه و یصلی عنه و الصحیح الأخر فی المریض لا یستطیع أن یطوف بالبیت و لا یأتی بین الصفا و المروة قال یطاف به و ثالثا عن المریض یطاف عنه بالکعبة فقال لا و لکن یطاف به و المحامل و المحمول تعدد کل منهما أو اتحد یحتسب الطواف لکل منهما

ص: 46

إذا نویاه للاتفاق و لأن کل منهما متحرک بحرکة مخالفة لحرکة الأخر و أن کانت حرکة الحامل ذاتیة و المحمول عرفیة و یتولی کل منهما نیة فعل نفسه إلا إذا کان المحمول لا یعقل النیة کالصبی و المغمی علیه فیتولی نیة نفسه ونیة المحمول و للأخبار ففی الصحیح فی امرأة تطوف بالصبی و تسعی به هل یجزی ذلک عنها و عن الصبی قال نعم و فی آخر فی الطائف بزوجته و هی مریضة نحو البیت و فیه هل یجزی قال نعم و مقتضی اطلاق النصوص عدم الفرق بین ما لو کان الحمل تبرعاً أو کان بأجرة و سواء کان الاستئجار للحمل فی الطواف أو للطواف بالمحمول و أن کان الثانی مشکل جداً لملک الغیر حرکته الذاتیة فیشکل أجزاؤها عنه فیکون کالمستأجر للحج حینئذٍ.

سادسها: من کانت عنده ودیعة لشخص علیه حجة إسلام فمات المستودع بعد استقرار حجة الإسلام

کان للودعی الحج بذلک المال من دون استئذان الوارث و من دون أخباره و یعطی الفاضل من مئونة الحج للوارث للصحیح عن رجل استودعه مالًا فهلک و لیس لولده شی ء و لم یحج حجة الإسلام قال حج عنه و ما فضل عنه فأعطهم و الحکم فی الجملة لا خلاف فیه بین أصحابنا و لکن الکلام أن ذلک هل هو علی سبیل الوجوب أو الجواز و ظاهر الأمر هو الوجوب و لکن احتمال أنه أمر بعد الحضر فیراد به الإباحة قوی و قد یؤید الوجوب بأن خلافه تضییع حق واجب علی المیت و تضییع حق المستحق للمال أیضاً و لانحصار حق المستحق لذلک القدر من المال فیما بیده مع العلم بتقصیر الوارث فیجب تسلیمه إلیه دون غیره و هذا خاص فیما لو لم یکن للمیت مال سوی الودیعة و أن عدم مال غیره هل هو شرط أم لا و الظاهر أنه لیس بشرط و وروده فی السؤال أنما کان لوقوعه کذلک و أن هذا الحکم هل یخص الودیعة أو یجری لکل أمانة بل لکل مال استولت الید علیه و لو کان غصباً و الظاهر عموم لکل مال لأنه إذا جری فی الودیعة جری فی غیرها بالطریق الأولی مع احتمال الاقتصار علیها فی مخالفة الأصل و أنه هل یجب الاقتصار علی أجرة المثل أو یؤخذ قدر الکفایة و لو زاد علی أجرة المثل أو یجب الاقتصار علی أقل الأمرین من أجرة المثل و قدر الکفایة وجوه أحوطها الأخیر و أنه هل یجب مباشرة الحج النفسی الودعی کما

ص: 47

هو ظاهر الأمر و یجوز له الاستئجار لأن المراد فراغ ذمة المیت من الحق الواجب علیه بل و لأنه قد یکون الاستئجار أعود وجهان و الظاهر الثانی و أنه هل یسری الحکم لغیر حجة الإسلام من الحج الواجب بل الغیر الواجب من نذر و کفارات و خمس و زکاة لتنقیح المناط بل الأولویة فی بعضها و لخروج هذا المقدار من المیراث فلا یجب تسلیمه للوارث أو لا یسری قصر الحکم علی المخالف للأصل علی مورد النص وجهان أقواهما الأول و هل یشترط العلم أو الظن الشرعی بعدم تأدیة الوارث عن المیت لعدم انحصار حق غیر الوارث فیه بدونها لجواز أداء الوارث له من غیره فلا یجب علیه الأداء و لمساواة الوارث لصاحب الحق فی التعلق بما عنده فلا یجوز له الأداء منه بغیر أذنه و ربما أشعر به قوله (علیه السلام) و لیس لولده شی ء و لأن الحکم علی خلاف الأصل فیجب الاقتصار فیه علی مورد الیقین و هو العلم بامتناع الوارث أو الظن الشرعی لأنه یکون حینئذٍ کالمال الخارج من المیراث للجهة العامة لأن الوارث إذا أمتنع عن الأداء تعلق الحق المالی بعین الترکة و ألا فلا و لا یشترط أخذاً بظاهر الروایة و هو ضعیف لمخالفته الاحتیاط و فتوی الأصحاب نعم لا یبعد إلحاق الظن العادی بالعلم هاهنا لعدم تسری العلم هاهنا غالباً فتستقی الثمرة حینئذٍ أو تقل جداً و هل یشترط مع ذلک أذن الحاکم الشرعی اقتصاراً علی المورد الیقین من التصرف بمال الغیر و لأن الیقین للجهة العامة یحتاج إلی ولی و لیس إلا الحاکم و لأن أمر الامام (علیه السلام) بالحج إذن له أو لا یشترط أخذ بظاهر الأمر و دعوی أن نفس الأمر إذن فلا حاجة إلی التقید فی الخبر لا یخلو من نظر أو یفرق بین إمکان إثبات الحج لحق عنده فیجب الرجوع إلیه و بین عدمه فلا یجب حذراً من تعطیل الحج الحق وجوه أقواها الأول و أحوطها الأخیر و لو أمکن استئذانه من دون إثبات للحق فلا بأس و هل یضمن الودعی لو أفرط و رجع المال إلی أهله لعدوانه بمخالفة الأمر أو لا یضمن للأصل وجهان أقواهما الأول و لو خاف علی نفسه أو ماله سقط الوجوب عنه و الضمان و الظاهر أنه یجب الإخراج هاهنا من البلد مع احتمال لزوم الإخراج من المیقات و فی المنذورة و الموصی بها یتبع الحکم حال الناذر و الموصی و أن أوصی معیناً لزم المسمی فی الوصیة و الظاهر أنه لو أمتنع بعض الورثة

ص: 48

دون بعض أستأذن من لم یمتنع و لا یجب علیه دفع حصة غیر الممتنع إلیه إلا إذا أراد أخذ حصته و تکملتها لأن یحج بها صاحب المال أو کانت حصته تسع الحج و أراد الحج بها عنه فإنه یجب الدفع إلیهم حینئذٍ و لو کان علیه اکثر من حجة لزم الودعی إخراج الجمیع و لو قصر المال عنهما تحجا فیه من المیقات فإن قصرت الحصة عن إخراج الحجة بأقل ما یمکن وسع الحج خاصة أو العمرة صرف فیه فإن قصر المال عن الجمیع و وسع أحدهما ففی ترکهما و الرجوع إلی الوارث وجوه أوجهها البر و تقدیم حجة الإسلام أو القرعة أوجه تقدم أو وجهها و لو وسع الحج خاصة أو العمرة فکذلک و لو تعدد من عنده الودیعة أو الحق و علموا بالحق و ببعضهم ببعض وزعت الأجرة و ما بحکمها علیهم بنسبة ما بأیدیهم من المال و لو أخرجها بعضهم بأذن الباقین أجزاء لاشتراکهم فی کونه مال المیت المقدم إخراج ذلک منه علی الأرث و لو لم یعلم بعضهم بالحق تعین علی العالم و لو علموا به و لم یعلم بعضهم ببعض فأخرجوا جمیعاً فلا ضمان مع الاجتهاد علی الأقوی و بدونه یضمنون ما زاد علی الواحدة و لو علموا فی الأثناء سقط من ودیعة کل واحد منهم ما یخصه من الأجرة و تحللوا ما عدا واحد بالقرعة أن کان بعد الأحرام و لو حجوا عالمین بعضهم ببعض صح السابق و ضمن اللاحق فإن أحرموا دفعة وقع الجمیع عن المنوب و سقط من ودیعة کل واحد ما یخصه من الأجرة الموزعة و عزم الباقی کذا فی الروضة و فی جملة مما ذکرنا تأمل و نظر.

سابعها: لو مات النائب و لو تبرعاً بعد الإحرام و دخول الحرم

أجزأ حجه عمن حج عنه للإجماع المنقول و فتوی الفحول و لا جزائه من المنوب عنه بالإجماع و الأخبار فکذا من النائب لأنه بمنزلته و للموثق فی الرجل یموت فیوصی بحجه فیعطی رجل دراهم لیحج بها عنه فیموت قبل أن یحج قال أن مات فی الطریق أو بمکة قبل أن یقضی مناسکه فإنه یجزی عن الأول و للخبر الأخر فیمن حج عن غیره فمات قال أن کأن خرج ما صابه فی بعض الطریق فقد أجزأت عن الأول و إلا فلا و للثالث إن مات فی منزله قبل أن یخرج فلا یجزی عنه و أن مات فی الطریق فقد أَجزأَ عنه و هذه الأخبار و أن کانت مطلقة إلا أنها دالة علی ما ذکرنا بعمومها و لما کانت ضعیفة لم تصلح لإثبات

ص: 49

الأجزاء مطلقاً حتی إذا حصل الموت قبل الأحرام و دخول لام سواء کان قبلهما أو کانا بعد الإحرام و قبل الحرم کما ذهب إلیه بن إدریس و لا دلیل علیه سوی ما أوهمته الروایة المتقدمة فیمن حج لنفسه و الرکون إلیها وهم نعم بعض أصحابنا المتأخرین أخذ بظاهر هذه الأخبار و حکم بالأجزاء عن المیت و أن کان الموت فی أثناء الطریق و لکنه قیدها بمن لم یخلف مالًا بحیث یستأجر شخصاً آخر جمعاً بینها و بین بعض الأخبار الدالة علی أن الأجیر أن خلف مالًا أخذ منه مقدار الحجة و أن لم یخلف مالًا کتب الله ثواب الحجة للمستأجر و هی ضعیفة سنداً و دلالة لعدم التصریح فیها بعدم الاستئجار ثانیاً و وصول الثواب إِلیه لیس من لوازمه و مع ذلک فهی مخالفة لما علیه الأصحاب و القواعد الممهدة فی الباب و أعلم أن مقتضی الأجزاء عن المنوب لا ینافی توزیع الأجرة المجعولة علی أداء أفعال الحج جمیعاً بل القاعدة تقضی بالتوزیع إلا إذا کان الاستئجار علی المبرئ لذمة المنوب عنه لو جوزنا مثل ذلک فی الإجارة أو کانت جعاله علی ذلک و لکن بظهر من الأصحاب الاتفاق نقلًا و تحصیلًا علی عدم استعادة شی ء من الأجرة فأتباعهم لازم و علی ما ذکرنا فلو مات قبل الإحرام و دخول الحرم و قد دفع الأجرة المستأجر إلیه بنسبة ما بقی من العمل المستأجر علیه و استعید الباقی فإن کان الاستئجار علی فعل الحج خاصة أو مطلقاً و کان موته بعد الإحرام استحق نسبة إلی بقیة أفعاله و أن کان علیه و علی الذهاب استحق اجرة الذهاب و أجرته بالنسبة إلی بقیة الأفعال و أن کان علیهما و علی العود استحق بنسبة المجموع من الذهاب و الأفعال و العود و أن کان موته قبل الإحرام لم یستحق شیئاً أن کان المستأجر علیه نفس أفعال الحج و أن کان علی الذهاب و أفعال الحج و العود فیستحق بالنسبة هکذا الظاهر و ذهب جمع من أصحابنا إلی أنه لو استأجر علی الحج مطلقاً استحق بما فعله من الذهاب بنسبة إلی الذهاب و أفعال الحج و الإیاب و کأنهم صرفوا المطلق فی الاستئجار إلی جمیع الأفعال و الذهاب و الإیاب و هو بعید عرفاً و لغة سیما فی دخول الإیاب فی اطلاق الاستئجار علی الحج نعم ربما (یقال) بدخول الذهاب عرفاً فی الاستئجار علی الحج کما یلاحظ ذلک الیوم فی الإجارات و لذا یزید الأجر و ینقضی ببعد الطریق و قربه و کون الذهاب

ص: 50

مقدمه لا ینافی فی شمول عقد الإجارة علی ذبها له تبعاً أو شمول نفس الاسم المستأجر علیه عرفاً علی وجه الحقیقة العرفیة أو المجاز المشهور قیل أن الذهاب و الإیاب و أن لم یتضمنها عقد الإجارة لکنه من حکم المتضمن لأن أجرة الحج تتفاوت بتفاوت المسافة ذهاباً و إیاباً فإن من المعلوم أن السائر من بغداد المرید العود یأخذ الأجرة ما یفی له بذهابه و إیابه و أفعاله فإن مات بعد الإحرام حینئذٍ استحق أجرة إحرام مثله إذا سار من بغداد و أن لم یدخل المسیر فی المستأجر له و علی الورثة رد ما بإزاء الباقی و منه الإیاب و أن لم یدخل فی المستأجر له و أن مات قبل الإحرام فهو و أن لم یفعل شیئاً مما استؤجر له لکنه فعل فعلًا له أجره أذن المستأجر و لمصلحته فیستحق له أجرة مثله کمن استأجر رجلًا لبناء فنقل آلاته ثمّ مات قبل الشروع فیه فإنه یستحق أجرة مثل النقل قطعاً و مثل الموت لصد و الإحصار قبل دخول الحرم محرماً إذا استؤجر فی عام معین و لا یجب اجابته لو ضمنه فی المستقبل للأصل و عدم الدلیل خلافاً لما یظهر من بعضهم و لعله محمول علی الجواز برضا المستأجر و لا قضاء علی الأجیر و علی المستأجر الاستئجار ثانیاً من البلد أو من مکان الصد و الموت أن کان الحج واجباً و قیل أن کان قد وجب من البلد و کان صد الأجیر و حصره بعد المیقات وجب الاستئجار منه لا من البلد و أن لم یتعین الزمان لم تنفسخ الإجارة و وجب إلی الأجیر الإتیان بالعمل ثانیاً و هل لهما الفسخ لمکان الفوریة الفائتة و انهرار وجه فلو حصل الفسخ کان له من الأجرة بنسبة ما فعل و استعید الباقی و لو صد أو حصر بعد الإحرام و دخول الحرم فکذلک و القول بأن الاحصار کالموت فی خروج الأجیر من العهدة لو وقع بعد الأحرام و دخول الحرم کما یظهر من الشیخ بل یظهر منه دعوی الإجماع ضعیف جداً لعدم الدلیل علیه و حمله علی الموت قیاس مع الفارق حتی قال بعضهم و ظنی أن ذکر الاحصار سهواً من قلمه أو قلم غیره و لا یجب علی المستأجر اکمال نفقة الأجیر لو قصرت الأجرة عن نفقته للأصل و الإجماع بقسمیه و لا یجب علی الأجیر رد الفاضل للأصل و الإجماع بقسمیه و الأخبار و لو شرط المستأجر رد الفاضل و الأجیر أخذ الناقص لزم لعموم أدلة لزوم الشرط.

ص: 51

ثامنها: لا یجوز للأجیر فی سنة معینة للحج أن نفسه فیها أیضاً لغیر المستأجر

للاحتیاط و لفتوی الأصحاب أو لاقتضاء الأمر بالشی ء النهی عن ضده أو عدم الأمر به أو لملک منافعه تلک السنة للمستأجر فلا یجوز له صرفها لغیره نعم لو کانت الإجارة الأولی مطلقاً بحیث نص فیها علی الإطلاق و جواز التراخی أو الثانیة کذلک أو مطلقین أو الثانیة معینة فی زمن غیر زمن الأولی جاز و أن أطلقت الإجازة من دون ذکر شی ء فالظاهر إفادة الإطلاق لإطلاق التعجیل کما نسب للأصحاب بل دلت علیه ظواهر الخطاب فالظاهر عدم جواز الثانیة لا مطلقة و لا معینة بتلک السنة الأولی و الإطلاق هاهنا بمنزلة الأمر الثانی بالفوریة و بمنزلة الشرط فبفواتها لا یفوت المستأجر علیه علی الأظهر و لا یجوز للأجیر أن یستأجر غیره مع اشتراط المباشرة و مع ظهور المباشرة من اللفظ کآجرتک نفسی لأن أحج أو استأجرتک لتحج مع الإطلاق لانصراف المطلق لمباشرة المستأجر بنفسه لکونه بمنزلة الأوامر الظاهرة فی المباشرة و لأن ظاهر الدفع أنه فی مقابلة أفعال المستأجر بنفسه لا بالاستنابة و لا مع الرخصة أو لإطلاق الغیر المنصرف لذلک من قرائن أحوال أو مقال تجوز الاستنابة عن الأجیر و ینوب بالنیابة عن الأول و عن الأخیر مع قید کون الفعل عن الأول ما فی الخبر ما تقول فی الرجل یُعطی الحجة فیدفعها إلی غیره قال لا بأس محمول علی العلم برضاه بالاستنابة و لو أمره بالاستنابة لم یجز أن یحج عنه بنفسه إلا أن یقوم بتنقیح مناط قطعی أولویة و کله فی الاستئجار للحج عنه جاز أن یستأجر نفسه و الأحوط استئجار غیره و لو استأجر الأجیر مع عدم الأذن من المستأجر له فحج النائب آخر عن المنوب و لکن لا یستحق مالًا من أحدهما مع علمه بالحال من عدم جواز الاستئجار و لو أجاز الأول استحق الأجرة علیه لأنه بمنزلة الفضولی و لو لم یعلم بالحال أو استأجره لیحج عن المستأجر من ماله لزمه دفع الأجرة من ماله و لزومه رد الأجرة إلی الأول لانفساخ الإجارة حینئذٍ و لو استأجر شخصاً فی سنة معینة فلم یفعل انفسخت الإجارة سواء کان الترک بتفریط أو لا و لا یبعد أن من استؤجر فی سنة معینة مؤخرة أن یتقدم لأنه قد زاد خیراً إلا مع العلم بحصول غرض فی التأخیر و لا یجب علی الأجیر المبادرة فی السنة المستأجر علیها مع

ص: 52

أول دفعة سواء أحتمل الانقطاع بعدهم أم لا نعم لو ظن الانعقاد بعدهم ظن معتاداً لم یجز التأخیر و تصح الاستنابة بصیغة الجعالة و الإجارة إلا أنه فی الإجارة یشترط تعیین الأجرة و العمل کیفیة و عدداً و یصح فی الجعالة العموم کان یقول من حج عنی فله کذا أو الخصوص کان یقول حج عنی و لک کذا أو لا یبعد صحة التردید فی المجعول علیه کان یقول من حج عنی أو أعتمر فله کذا و لو ردد فی الجعل أشکل القول بالصحة و لو أمر شخص شخصاً بالحج و لم یبین له أو بین شیئاً مجهولًا ثبت علی الأمر بعد فعل المأمور به أجرة المثل.

تاسعها: لو أوصی شخص بحج واجب

خرج من الأصل أن کان حج إسلام و أن کان غیره فعلی الخلاف ثمّ أن لم یعین القدر للأجرة أخرج أقل ما استأجره من أقرب الأماکن إلی مکة من المیقات فما قبله مما یمکن الاستئجار منه علی ما تقدم أو من بلد الموت علی القول الأخر و لو أوصی بحج مندوب فکذلک یخرج أقل ما استأجره من أقرب الأماکن إلی مکة من المیقات فما قبله إلا أن یقوم شاهداً بإرادة الحج من البلد فیتبع و علی کل حال فیخرج المنذور من الثلث و لو أوصی بحج مطلقاً حمل علی الندب و أخرج من الثلث أن لم یعلم أن علیه حجّاً واجباً لأصالة البراءة من وجوب حج علیه سابق علیه لأنه کالدین و الأصل البراءة منه و لو أوصی بحج واجب مندوب أخرج الواجب من الأصل کغیره من الواجبات المالیة و أخرج المندوب ممن الثلث و لو عین الواجب من الثلث تعین و أفاد تعینه أن لا یخرج غیره إلا من بقیة الثلث لا من جمیعه فیخرج الواجب حینئذٍ من الثلث فإن بقی منه شی ء و کان لغیره و أن لم یبق بطلت الوصیة و یحتمل قسمة الثلث علیهما مع القصور بالحصص إلا أن الواجب یکمل من الأصل و یقوی هذا الاحتمال لو کانت الوصیة بها دفعة أما لو رتبها فإن قدم الواجب فالأول أقوی و أن قدم المندوب فالاحتمال الثانی أقوی و لو أوصی بأکثر من حج واحد واجب و أخرج الکل من الأصل و قسمت الترکة علیهما بالحصص مع القصور و أن قید بالإخراج من الثلث أخرج الجمیع من الثلث و قسم علی الجمیع بالحصص مع القصور و لو قصر المال عن الحج الواجب أخرج منه أحد النسکین مخیراً

ص: 53

فیهما أو مقدماً للحج و لو قصر عن أحد النسکین صرف فی بعضها أنما یصح الاستقلال فیه بالنیابة فإن قصرا عاد میراثاً و یحتمل صرفه فی وجوه البر لخروج هذا المال من الترکة فیصرف فی وجوه البر و لکنه ضعیف جداً فما تتعلق به الوصیة من الواجب و لو کان المال القاصر موصی به بحج مندوب صرف فی أحد النسکین أیضاً مخیراً بینهما أو معیناً بالقرعة أو مقدماً للحج لأهمیته فإن قصر عنه صرف فی بعضها مما یصح الاستقلال فیه بالنیابة فإن قصر صرف فی وجوه البر و أقربها الصدقة للخبر الدال علی التصدق به و یحتمل عوده میراثاً و یقوی القول بصرفه فی وجوه البر فیما لو طرأ القصور بعد نفوذ الوصیة لأن المال خرج عن حکم مال المیت و تعذر صرفه فی الجهة الخاصة فیصرف فی أقرب الطرق إلی الخیر و لو عین القدر للحج الواجب فی الوصیة فإن زاد علی أقل ما یستأجر به من البلد علی قول أو من المیقات علی الأظهر أخرج الزائد من الثلث أن لم یجز الوارث و أن أجاز فمن الأصل و أن نقص أکمل من أصل المال و أن لم یعین وجب إخراج أجرة المثل لأوسط الناس و لو قبل شخص الأقل من أجرة المثل دون أخر وجب إعطاء الأول احتیاطاً لحق الوارث مع احتمال جواز إعطاء أجرة المثل لأنها هی المفروضة فی المال و علی کل حال فلا یجب تتبع طالب الأقل من أجرة المثل و التفحص عنه و لو کان الحج مندوباً خرج المعین کله من الثلث و لو عین الموصی النائب فقط فإن طلب أجرة المثل لزم العمل بالوصیة و أخرج من الأصل أن کان واجباً و من الثلث أن کان مندوباً و لم یجز الوارث و أن طلب الزیادة أعطی الزیادة علی أجرة أمثال أوسط الناس أو الزیادة علی أجرة أمثاله فی الواجب من الثلث و الکل فی المندوب منه مع احتمال بطلان الوصیة إذا طلب الزیادة علی أجرة أمثاله فیستأجر غیره بأجرة المثل من أوسط الناس حینئذٍ و لو أمتنع النائب من القبول وجب استئجار غیره بأجرة المثل أن کان الحج واجباً و أن کان مندوباً أحتمل بطلان الوصیة و أحتمل صحتها و استئجار غیره بتنفیذ الوصیة بقدر الإمکان و أحتمل التفصیل بین أن یکون الغرض خصوص النائب فالبطلان و بین أن یکون الغرض تحصیل الحج أو لا بالذات و خصوص النائب ثانیاً و بالعرض فیستأجر الغیر و لو عین الموصی النائب و القدر فإن کان القدر لا یزید

ص: 54

علی أجرة أمثال أوسط الناس و رضی النائب أخرج من الأصل أن کان واجباً و من الثلث أن کان مندوباً و لا کلام و أن کان زائداً و رضی به النائب أخرجت الزیادة من الثلث مطلقاً سواء کانت الزیادة علی أجرة أمثال الأواسط أو علی أمثاله بنفسه و أن لم یرض النائب بالقدر استؤجر به غیره عملًا بالوصیة مهما أمکن مع احتمال لزوم استئجار الغیر بأقل ما یمکن فی الواجب لأن المسمی مال أوصی به لمن رده فیعود میراثاً و بطلان الوصیة فی المندوب و یقوی التفصیل بین ما یکون الغرض نفس النائب فیبطل المسمی بامتناعه و ما یکون الغرض نفس الحج فیستأجر غیره بالمسمی و لو عین الموصی قدر الحج تعین و لو أطلق اکتفی بالمرة و لو علم قصد التکرار بالوصیة و کان فیها واجب أخرج الواجب من الأصل و کرر الباقی حتی یستوفی الثلث و کذا لو لم یکن فیها واجب و لو أوصی بمال کثیر فی الحج حج عنه به حتی یستوفی به و ما رد فی الخیر فیمن أوصی أن یحج عنه مبهماً و لم یسم شیئاً قال یحج عنه ما بقی من ثلثه شی ء و فی آخر یحج عنه ما دام له مال محمول علی إرادة فهم التکرار أو الوصیة بالثلث فی الحج فقط و یراد بالمال الثلث أو مع إجازة الوارث مع احتمال إرادة ما بقی من ثلثه من الوصایا المتقدمة علی الحج و لو فضلت فضیلة المال الموصی به فی الحج سنین متعددة صرفت فی وجوه البر أو عادت میراثاً فی وجه هذا أن لم یمکن صرفها فی الحج من المیقات أو من أحد النسکین أو فی بعض الأفعال و ألا صرفت فی ذلک و لو أوصی بمال کثیر فی الحج فهل یحمل علی صرفه فی التکریر به أو علی بذله کثیراً لحج واحد أو التمییز وجوه أحوطها الأول إلا مع القرائن الصارفة و لو أوصی بسنین متعددة أو أوصی بتکریر الحج و لکن عین لکل سنة قدراً خاصاً فإن و فی القدر أو زاد فی کل سنة فلا کلام و أن نقص أکملت کل سنة مما یلیها لخروج المال عن الوارث و عن المیت و وجوب العمل بالوصیة مهما أمکن و لأن الوصیة بأمرین الحج و صرف القدر الخاص فمع تعذر الثانی لا یرتفع الأول و لفتوی الأصحاب و للخبر فیمن أوصی بأن یحج عنه بخمسة عشر دیناراً فی کل سنة فلم یکف فکتب تجعل حجتین فی حجة و له الأخر أن علی بن شهریار أوصی أن یحج عنه من ضیعته صیر ربعها لک فی کل سنة حجة

ص: 55

بعشرین دیناراً و أنه قد انقطع طریق البصرة فتضاعفت المؤن علی الناس فکتب تجعل ثلاث حجج حجتین أن شاء الله تعالی و علی ذلک فاحتمال عود المال کله میراثاً أو یصرف فی وجوه البر ضعیف نعم لو أمکن صرف الدراهم فی حجج متعددة من المیقات دون البلد فالظاهر عدم لزوم التکمیل حینئذٍ.

عاشرها: لو أوصی باستئجار شخص للحج فاستؤجر علیه ملک الأجرة بالعقد و لکن لا یجوز تسلیمه قبل العمل

و لو سلم الوصی ضمن إلا مع شاهد الحال بتسلیم الکل أو النصف کما هو المتعارف الیوم حیث لا یمکن المستأجر المسیر إلا مع تسلیم المال کلًا أو بعضاً و لو توقف الحج علی بذل المال من المستأجر فلم یفعل فلا یبعد أن یکون للأجیر خیار الفسخ و لو خالف الأجیر ما شرط علیه لم یستحق أجره علی ما خالف به من المسمی أو أجرة المثل للأصل و احتمال أن له أجرة المثل ضعیف و لو فات الأجیر الحج بتفریطه بعد الإحرام تحلل بعمرة مفردة عن نفسه و لا أجرة له و تستعاد منه أن تغیر الزمان لو کان الضرر بغیر تفریط فله من المسمی بنسبة ما فعل إلی ما استؤجر علیه و احتمال أن له أجرة المثل ضعیف للزوم الضرر علی المستأجر إلا زادت علی توزیع المسمی و علی الأجیر أن نقصت و کفارة الجنابة و الهدی علی النائب و لو أحصر أو صد تحلل بالهدی و لا قضاء علیه للأصل و نفی الحرج و أن کانت الإجارة مطلقة مع احتمال وجوب القضاء لحجة الإسلام و یجب علی الأجیر رد الباقی من الأجرة فی المبر و علی المستأجر الاستئجار ثانیاً فی المعنیة و لو استؤجر شخص للحج خاصة فأحرم للعمرة لنفسه و أکملها ثمّ أحرم عن المستأجر للحج من المیقات أجزأ و لکن أن وزعنا الأجرة علی الحج و المسافة فإن قصد بقطعها الحج النائب فیه فقط أو کان اعتباره ضمیمة استحق الجمیع و أن قصد اعتماره لم یستحق علی قطعها شیئاً و أن قصدهما معاً قامت وجوه ثلاثة أعدلها التضیق و أن لم یحرم عن المستأجر من المیقات لم یجز حجة عنه لأنه غیر ما استؤجر علی الحج من بلده حجة مفردة و میقاته غیر ما أحرم منه و قیل یجزی عنه لأنه استؤجر علی حج مطلقاً و قد أتی به و الانصراف إلی میقات بلده ممنوع و لو سلم الانصراف کان کفعلین أتی بأحدهما و غایة ما یلزم علیه رد التفاوت

ص: 56

و الأول أظهر و أحوط و یقوی القول بالتفصیل بین إمکان العود إلی المیقات فلا یجزی عنه و بین عدم إمکانه فیجزی و نفی عنه الخلاف فی الخلاف و یؤیده أنه لم یخرج عن المستأجر له لأنه الحج من میقاته و ذلک میقاته و علی ذلک ففی احتساب المسافة علی المنوب لتأدیته ما استؤجر علیه فی الجملة لنفسه أو علیه بأن یحفظ من الأجرة ما بین الحج من المیقات و الحج من مکة من غیر اعتبار المسافة قبل المیقات لخروج المسافة عن الإجازة و لأنه صرف إلی نفسه ما بین المیقات و مکة فیحط منها ما بإزائه أو علیه بأن یحتسب المسافة السابقة علی المنوب عنه و توزیع الأجرة علی موضعی الاحرامین فتوزع علی حجة من بلده إحرامها من المیقات و علی حجة من بلده احرامها من مکة فیسقط من المسمی بنسبة التفاوت وجوه أظهرها الأخیر أن قصد الحج بقطع المسافة.

حادی عشرها: لو أفسد النائب حجه

وجب علیه القضاء قولًا واحداً فی الأجزاء عن المنوب عنه و عدمه احتمالات أظهرها بحسب القاعدة انفساخ الإجارة فی المعینة و لزوم الاستئجار ثانیاً علی المستأجر و عدم انفساخه فی المطلق بل یجب علیه بعد القضاء حجة النیابة و ذلک لأن الفاسد لا یصح وقوعه عن المستأجر لمخالفته لصفة المستأجر علیها أن کان فرضاً و أن کان عفویة فلأَنه لیس حجّاً شرعیاً بل هو حج صوری ترتب علی مباشرة الإفساد و وجب إتمامه و المباشر هو النائب و لأن القضاء الفاسد بعد انقلاب الفاسد إلی نفسه إنما یکون عن نفسه فلا یجزی عن غیره أن کان فرضاً و أن کان عقوبة مسبب وجوبه هو الإفساد و هو صادر عن النائب فیجب فعله عن نفسه کذلک لا عن المنوب عنه و أقواها للاکتفاء بإتمام الفاسد و القضاء فی المعینة و المطلق لأن حکم النائب حکم المنوب عنه و قد کان ذلک مجزی فی المنوب فکذا فی النائب و لمضرة إِسحاق قال فإن ابتلی بشی ء یفسد علیه حجه حتی یصیر علیه الحج من قابل أ یجزی عن الأول قال: نعم، قلت: لأن الأجیر ضامن للحج، قال: نعم و لأن القضاء عقوبة فالفاسد حج أوقعه عن المنوب عنه و أنما وقعت فیه جنایة أوجبت کفارة کسائر الجنایات و منها الحج ثانیاً کما یظهر من أخبار إِسحاق بن عمار عن رجل حج فاجترح فی حجه شیئاً یلزم فیه الحج من قابل و الکفارة هی للأول تامة و علی هذا ما

ص: 57

أجترح بل لو کان القضاء هو الفرض لکان هذا الفرض عن المنوب عنه أما فی المطلقة فظاهر و أما فی المعینة فلأنه کقضاء الموقتات بعد حصول أسبابها و السبب هو الاستئجار و یحتمل ثالثاً انفساخ الإجارة مطلقاً و أن کان الثانی فرضه و هو ظاهر الشارع و رابعاً انفساخها مع التعین دون الإطلاق و عدم وجوب حجة ثالثة معه و خامساً أن کان الثانی عقوبة لم تنفسخ مطلقاً و لا دون الإطلاق و حجة ثالثة علیه و أن کان هو الفرض انفسخ فی المعینة دون المطلقة و علیه حجة ثالثاً و سادساً أنه کذلک و لا حجة ثالثة علیه و سابعاً أنه أن أطلقت الاستنابة لم تنفسخ و لا حجة ثالثة علیه و أن وقت فإن کان الثانی فرضه انفسخت و ألا فلا و ثامناً انفساخها مطلقة أو معینة عقوبة لکن الثانی أو فرضاً لانصراف الإطلاق إلی العام الأول و فساد الحج الأول.

ثانی عشرها: یجب علی المستأجر تعین النوع المراد منه حجّاً أو عمرة أو تمتعاً أو أفراداً أو قارناً

لرفع الجهالة و لو أستأجره علی حج ما ففی الصحة النظر و کذا یجب تعیین الطریق أن کان ملحوظاً فی الإجارة لتقارن المسمی بتفاوته و یجب علی الأجیر أداء المستأجر علیه و لا یجوز له المخالفة و العدول عما استؤجر علیه من نوع أو وصف أو شرط و یلزم الأجیر أتباع المستأجر فی فرضه فیحج تمتعاً عن البعید حجة الإسلام و أن کان قریباً و لا ینقلب فرض المستأجر إلی فرض المؤجر نعم لو استأجره علی نوع خاص من أنواع الحج و لم یمکن فرض المستأجر ذلک بل کان مخیراً فی أنواع الحج کالمنذور مطلقاً أو المندوب أو ذی المنزلین و علم من حاله أن ذکر ذلک النوع لیس له خصوصیة بل ذکر تسهیلًا علی الأجیر مثلًا أو أنه أنما ذکر للرخصة فی الأدنی فیراد الأفضل و ألا علی بالأولویة جازت المخالفة و جاز العدول إلی المساوی لإلغاء الخصوصیة و إلی الأفضل للأولویة و لأنه محسن و ما علی المحسنین من سبیل و لقوله (علیه السلام) فی رجل أعطی رجلًا حجة مفردة فیجوز له أن یتمتع بالعمرة إلی الحج قال نعم أنما خالف إلی الفضل و الخیر فإن المفهوم من تعلیلها أن المراد بالاستئجار هو الفضل و الخیر و لا یجوز الأخذ بظاهرها مطلقاً لشمولها لأجزاء التمتع مطلقاً حتی لمن کان فرضه غیره و حق لمن مضی علیه بعدم العدول و الرکون إلی ظاهرها بذلک و مخالفة

ص: 58

القواعد و جل الأصحاب لا وجه له نعم قد یقال بعدم جواز الأخذ بظاهرها کظاهر جملة من فتاوی الأصحاب فیما لو عین المستأجر النوع و أن لم یعلم أن قصده التخییر و الفضل فإنه یجوز العدول حینئذٍ إلی حج التمتع من غیره لأنه ما علی المحسنین من سبیل و لظاهر هذه الروایة فلا حاجة حینئذٍ إلی التقید بالعلم بجواز التخییر أو الأخذ بالأفضل من المستأجر و هو أقوی فی النظر و لکن الأولی و الأحوط عدم العدول مع عدم العلم من المستأجر بالتخییر قضاء لحق قواعد الإجارة و للاحتیاط و لقوله (علیه السلام) المؤمنون عند شروطهم و لا یحل مال امرئ مسلم إلا بطیب نفسه و للخبر عن رجل أعطی رجلًا دراهم لیحج بها حجة مفردة قال لیس له أن یتمتع بالعمرة إلی الحج لا یخالف صاحب الدراهم و علی الأجزاء فی صورة العلم بالتخییر و صورة الإطلاق فیستحق الأجیر تمام الأجرة کما هو الظاهر من النص و الفتوی مع احتمال أن العلم بالرضا بالعدول لا یوجب استحقاق الأجرة ما لم یدل علیها الخطاب منطوقاً أو مفهوماً و مع احتمال عدم ذلک لا یستحق شیئاً لعدم إیقاع ما استؤجر علیه نعم تقع حجة عن المنوب عنه و تجزی عنه لو کانت واحدة و تنفسخ الإجارة لفوات موردها و تبقی المطلقة فی الذمة لو کانت مطلقة و لا تجوز مخالفة المستأجر علیه المذکور فی العقد شرطاً أو وضعاً أو جزء المنصرف إلیه الإطلاق إلا مع العلم بانتفاء الغرض فی ذلک الطریق نفسه و إرادة التخییر و أن ذکره کان رخصة فی الأدنی أو للتنبیه علی التسویة فیجوز المخالفة حینئذٍ و یستحق الأجیر الأجرة و لو علم أن له غرضاً فی الطریق معیناً لوصایة أو نذر أو فرض و ینوی لزم أتباعه قطعاً و کذا لو لم یعلم بحصول الغرض و عدمه و قیل أن الأجیر له مخالفة شرط الطریق و الظاهر إرادة الصورة الأخیرة من هذا القول للصحیح عن رجل أعطی رجلًا حجة عنه من الکوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضی جمیع المناسک فقد تم حجه و عمل علیه جمع من أصحابنا و لکن مخالفة قواعد الإجارة و الأخذ بخلاف المشهور بین الأصحاب نقلًا و تحصیلًا لمجرد ورود هذه الروایة مشکل فأولی حملها علی ان قوله (علیه السلام) من الکوفة صفة لا رجل لا صلة للحج أو علی أن وقوع الشرط کان خارج العقد بناء علی عدم اعتبار ما اشتمل علیه

ص: 59

العقد من الشرائط أو علی العلم بعدمه تعلق غرض فی طریق خاص أو بعدم الطریق معه کما یرشد إلیه قوله إذا قضی المناسک فقد تم حجه أو علی أن الدفع کان علی وجه الرزق لا الإجارة أو علی أن المراد حصول الأجزاء عن المنوب عنه لا جواز ذلک للأجیر و یظهر من بعضهم جواز المخالفة فی الطریق المشروط إذا تساوی الطریقان فی المیقات و عند اختلافهما تختلف الأغراض باختلافهما قرباً أو بعداً و فضلًا و مشقة و یلزم أتباع الشرط و تکون الروایة منزلة علی ذلک لأن میقات البصرة و الکوفة واحد و هو بعید أیضاً و علی تقدیر المخالفة مع تعلق الغرض بطریق خاص أو لا معه علی الأقوی فهل یستحق المسمی مع رد تفاوت ما بین الطریقین کان یقال أجرة الحج من هکذا الطریق کذا و من هذا کذا فیحط من المسمی بنسبة التفاوت مما بینهما أو المسمی مع رد التفاوت مما بین الحج من المیقات و الحج من الطریق المشروط حتی لا یکون للطریق شی ء أن خالفه فیه کله و أن خالف فی بعضه رد ما بازاء البعض أو أجرة المثل لفساد المسمی بالمخالفة و صدور الحج بأذن المستأجر فیستحق علیه أجرة المثل أو لا یستحق شیئاً لأنه عمل مقید و المقید عدم عند عدم قیده فیکون کالعمل المتبرع به و لیس لو عوض و ربما تأتی هذه الوجوه و أن لم یتعلق فی الطریق غرض ما عدا الأخیر منها و ذلک لعدم ذکر نفس الطریق لفظاً و أرادته حکماً و أقوی هذه الوجوه الأول لأن

الظاهر أن الطریق و الفعل مترتب علیه بمنزلة عملین لا یفسد أحدهما عدم الإتیان بالآخر لأنه بمنزلة العمل الموصوف و المقید و بالجملة فالطریق المستأجر علیه أما من المیقات فمخالفته هو الإحرام من میقات أخر أو من البلد الخاص فمخالفته هو المسیر من بلد أخر و علی أی تقدیر فالطریق أما عین المستأجر له أو جزئه أو شرطه فی العقد أو خارجه فإن کان من المیقات فالأخیر حکم له و أما الأول فلا یستحق شیئاً مع المخالفة و أما الثانی فیستحق من المسمی بالنسبة و أما الثالث فإن علم إرادة أنه لا شی ء له مع المخالفة فلا شی ء له و أن لم یعلم ففی الوجوه أما استحقاق جمیع الأجرة مطلقاً أو استحقاقها أن لم یتعلق بالمیقات المشروط غرض أو استحقاق المسمی مع رد التفاوت أو بطلان المسمی و ثبوت أجرة المثل أو سقوط الأجرة رابعاً و کله أما مع تعلق

ص: 60

الغرض أو الإطلاق و أن کان من الطریق فالأخیر لا حکم له أیضاً و علی الأول لا یستحق الأجیر علی نفس الطریق شیئاً و کذا علی الثانی و أما استحقاقه علی نفس الفعل الواقع بعدهما فالظاهر أنه المسمی مع رد تفاوت ما بین الحج علی الطریق الخاص و ما بین الحج علی نفس المیقات و أن أحرم من میقات أخر رد التفاوت ما بین الطریقین إلا أن یعلم بعدم تعلق غرض بمیقات خاص و علی الثالث ففیه الوجوه أما المسمی مع رد التفاوت و أما المسمی لا معه إذا علم بعدم تعلق غرض خاص به و أما فساد المسمی و لثبوت أجرة المثل و أما عدم استحقاق شی ء و قد یقال أن الغرض أن کان شیئاً متعلقاً بما استؤجر له کالمیقات و شبهه لم یستحق شیئاً أو استحق أجرة المثل أو المسمی مع رد التفاوت و ألا کالمرور علی اختصاص أو ضیعة استحق المسمی کاملًا أو مع الرد للتفاوت و المقام یحتاج إلی نظر و تأمل.

القول فی أنواع الحج:

أولها: و هی ثلاثة تمتع و قران و أفراد

و الکلام فی حج التمتع و هو أفضلها نصاً و إجماعاً حتی أن فی بعض الأخبار تعینه و هی محمولة علی المبالغة فی الفضیلة أو علی من استطاع ففرض علیه الحج من النائب و هو ما ترتبط عمرته بحجة ناویاً بها التمتع مقدمة علیه و تجزی عن العمرة المفروضة و تسمی بالعمرة المتمتع بها إلی الحج و ما سواها العمرة المفردة لأفرادها و أصل التمتع التلذذ و یسمی هذا النوع به لما یتحلل بین عمرته و حجه من التحلیل الموجب لجواز الانتفاع و التلذذ عما کان یوجبه الإحرام من المنع و الصید و لارتباط عمرته بحجه حتی کأنهما کالشی ء الواحد کان إذا حصل بینهما تلک فکأنه حصل فی الحج و الکلام فیه یقع فی أمور أحدها حج التمتع فرض من لم یکن حاضراً فی مکة إجماعاً و نصاً کتاباً و سنة أنما الکلام فی حد البعید الذی فرضه ذلک هل هو من بعد عن مکة باثنی عشر میلًا فصاعداً من کل جانب کما ذهب إلیه جمع من أصحابنا و قضی به الاحتیاط و دلت علیه الآیة لأن المقابل للحاضر المذکور فیها هو المسافر و حد السفر إِثنا عشر میلًا و لما فی بعض الأخبار من التحدید بثمانیة

ص: 61

و أربعین میلًا بحملها علی الجواز بین الأربع أو من بعد عنها بثمانیة عشر میلًا کما دل علیه الصحیح أو من بعد عنها بثمانیة و أربعین میلًا من أی جانب کان کما ذهب إلیه جمع من القدماء و ربما کان هو المشهور بین المتأخرین المعتبرة المستفیضة ففی الصحیح من کان من أهله دون ثمان و أربعین میلًا ذات عرق و عسفان کما یدور حول مکة فهو ممن دخل فی هذه الآیة و کل من کان أهله وراء ذلک فعلیهم المتعة و فی خبر أخر ثمانیة و أربعین میلًا من جمیع نواحی مکة دون عسفان و دون ذات عرق و فی الصحیح لیس لأهل مکة و لا لأهل مرو و لا لأهل شرف متعة و نحوه غیره و ذکروا أن هذه المواضع أکثر من أثنی عشر میلًا و فی الصحیح فی حاضری المسجد الحرام قال دون الأوقات إلی مکة و نحوه غیره و ذکروا أن أقرب المواقیت ذات عرق و هی مرحلتان عن مکة و أن أقرب المنازل و یلملم و العقیق علی مسافة واحدة بینهما و بین مکة لیلتان قاصدتان و ما یظهر من الخبر الأول أن عسفان و ذات عرق دون الثمانیة و الأربعین و کذا فی خبر آخر محمول علی التقیة و علی أنهما مثال لحد الثمانیة و الأربعین لا لدونها فی الخبر الأول و هذا الأخیر من الأقوال هو الأقوی و الأشهر روایة و فتوی و الوسط شاذ لم نَرَ من عمل بروایته علی أنه قد تضمن نفی المشقة عمن کان علی ثمانیة عشر میلًا و هو لا یدل علی ثبوتها علی من کان فوقه و الأول لیس علیه دلیل سوی إطلاق الآیة المخصوص بما ذکرناه و تنزیل أخبار الثمانیة و الأربعین علی الاثنی عشر من کل جانب بعید کل البعد لاشتمالها علی ذکر المنازل الزائدة علی مسافة الاثنی عشر قطعاً.

ثانیها: کما أن فرض الثانی بالقدر المذکور هو حج التمتع کذلک فرض القریب القِران و الأفراد

کما سیأتی الکلام علیهما إن شاءَ الله تعالی و هما واحد فی الصورة إلا أنهما یفترقان بسیاق الهدی فی القِران و عدمه فی الأفراد فلا یجوز العدول عن التمتع إلی غیره فی حج الإسلام اختیاراً لأنه للفرض فیجب فعله ابتداء و یجب الاستمرار علیه أیضاً استدامة إلا فی مقام الاضطرار فیجوز العدول ابتداء قبل الإحرام و استدامة و من الاضطرار و خوف ضیق الوقت عن إدراک الوقوفین بأنه یجوز العدول ابتداء و استدامة إلی الأفراد و یأتی بعمرة مفردة بعد ذلک و الحکم متفق علیه نقلًا

ص: 62

و تحصیلًا و أن اختلفوا فی حد الضیق فحده بعضهم بزوال الشمس یوم الترویة قبل الإحلال من العمرة وحده آخرون بغروبها یوم الترویة وحده ثالث بزوالها یوم عرفة معللًا له بعدم إدراک الموقفین بعده وحده رابع بخوف فوات الموقفین مطلقاً من غیر ذکر زمن خاص حتی لو لم یخف بعد الزوال بعد وقت العموم و سبب اختلاف الأقوال هو اختلاف الأخبار و أوجبها الأخیر قضاءً لحق الأصل و هدف الامتثال و خصوص النصوص منها لا بأس للتمتع أن لم یحرم لیلة الترویة متی ما تیسر له ما لم یخف فوت الموقفین و النصوص المحدودة مع تعارض بعضها یمکن ردها إلی أخبار خوف الفوت بتنزیلها علی مراتبه من إمکان وصول الحاج إلی عرفات یومئذ عدمه أو علی التقیة من التخلف عن الناس فی المضی إلی عرفات لأن فی التخلف عنهم یحصل لهم الاطلاع علی وقوع حج التمتع من أصحابنا و هو متروک عند العمرة بخوف فوات اضطراری الموقفین أو اختیاریهما معاً الظاهر الثانی لظهور الأخبار فی الاهتمام بادراک اختیاری الموقفین مهما أمکن و للصحیح عن الرجل یکون فی یوم عرفة بینه و بین مکة ثلاثة أمیال و هو متمتع بالعمرة إلی الحج فقال یقطع التلبیة و یهل بالحج بالتلبیة إذا صلی الفجر و یمضی إلی عرفات فیقف مع الناس و یقضی جمیع المناسک و یقیم بمکة حتی یعتمر عمرة المحرم و لا شی ء علیه و قریب منه جملة من المعتبرة کالصحیح المتمتع یطوف بالبیت و یسعی بین الصفا و المروة ما أدرک الناس سر یمنی و نحوه المرسل کالموثق و غیره بناء علی أن إدراک منی قبل المضی إلی عرفات للإجماع علی عدم اعتبار الوصول إلی منی بعد الفراغ من الموقفین و احتمال أن یکون إدراکه بمنی یوم العید بأن یدرک اضطراری المشعر مع بعده مخالف للإجماع المنقول بل المحصل و حمله علی إدراک الاضطرارین بعید أیضاً عن الفتوی و الروایة و الأخبار الواردة فی المسألة و منها ما دل علی فوات المتعة بزوال الشمس من یوم الترویة کصحیح بن بزیع و منها ما دل علی فواتها بالوصول یوم الترویة مطلقاً کصحیح جمیل فی الحائض إذا قدمت یوم الترویة تمضی إلی عرفات لتجعلها حجة و منها ما دل علی فواتها بغروب شمس یوم الترویة کصحیح العیص فیمن تفوته المتعة و یقوم یوم الترویة قال له ما بینه و بین غروب

ص: 63

الشمس و کآخر إذا قدمت مکة یوم الترویة و أنت متمتع فلک ما بینک و بین اللیل أن تطوف بالبیت و تسعی و تجعلها متعة و الثالث فیمن یقدم مکة لعله عرفه فقال لا متعة له و منها ما دل علی أن فواتها بالسحر من لیلة عرفة کخبر محمد بن مسلم و منها ما دل علی أن فواتها بعدم إدراک الناسی بمنی کخبر مرازم فیمن یدخله لیلة عرفة بمکة و هو متمتع فقال ما أدرکوا الناس بمنی و فی أخر فی المتمتع یطوف و یسعی و یحل و یحرم و یأتی منی قال لا بأس و منها ما دل علی فواتها بدخول یوم عرفة کخبر زکریا بن عمران عن المتمتع إذا دخل یوم عرفة فقال لا متعة لم یجعلها عمرة مفردة و فی أوله أن حد المتعة إلی یوم الترویة و منها ما دل علی امتدادها إلی زوال عرفة لصحیح جمیل المتمتع له المتعة إلی زوال الشمس من یوم عرفة و له الحج إلی زوال الشمس من یوم النحر و کذا الأخر المحدد لها إلی أن یقطع التلبیة و منها ما دل علی أن فواتها بوصول الناس إلی عرفات کصحیح الحلبی فیمن أهل بالحج و العمرة جمیعاً ثمّ قدم مکة و الناس بعرفات و خشی أن یفوته الموقف أن طاف و سعی قال یدع العمرة فإذا تم حجه صنع کما صنعت عائشة و غیر ذلک من الأخبار المتکثرة المختلفة و أقرب وجه للجمع بینها ما قدمناه من الحمل علی اختلاف الموقف الاختیاری لعرفة لقوة الأخبار بیوم الترویة الذی یخرج الناس فیه إلی عرفات لحملها علی غیر المتمکن من تتمة أفعال العمرة و الخروج مع الناس کما یحصل ذلک للحائض غالبا فإن طهرها حینئذٍ و أغسالها و تأدیة أفعال العمرة قلما یتفق لمن تلبست بالحیض إلی ذلک الیوم علی أن عادات النساء فی الحیض مختلفة و هذا الجمع أولی من الجمع بالحمل علی التقیة أو بالحمل علی الحج المندوب المخیر فیه بین الأنواع فإنه یجوز العدول حینئذٍ و أن اختلفت مراتب الندب فیه فمن أدرک یوم الترویة عند زوال الشمس تکون متعة اشمل و أکثر ثواباً ممن ألحق باللیل و من لحق باللیل یکون ثوابه أکثر ممن لحق یوم عرفه إلی الزوال لبعد الأول فی جمیع المضامین عن التقیة و بعد الثانی عن ظاهر الروایات من حیث تخصیصها فی المندوب فقط و من حیث منافاته للأخبار الدالة علی أفضلیة حج التمتع مطلقاً.

ص: 64

ثالثها: ممن له العدول عن التمتع إلی الأفراد الحائض و النفساء

إذا منعهما عذرهما عن أیام أفعال العمرة من طواف و صلاة و دخول للمسجد لاشتراط الطهارة فیها ثمّ أن شاءا الحج من مکة و إدراک الموقف الاختیاری فإن لهما العدول ابتداء لو علما بذلک ابتداء و استدامة لو حصل ذلک لهما فی الأثناء لفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا و للإجماعات المنقولة علی لسان جماعة و لصحیح جمیل عن الحائض إذا قدمت مکة یوم الترویة قال تمضی کما هی إلی عرفات فتجعلها حجة ثمّ تقیم حتی تطهر و تخرج إلی التنعیم فتحرم و تجعلها عمرة و صحیح بن بزیع الدال علی ذهاب متعة من تحیض قبل أن تحل منی عند زوال الشمس یوم الترویة و الموثق فیمن تجی ء متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبیت حتی تخرج إلی عرفات قال تصیر حجة مفردة و التحدید بیوم الترویة و زوالها کنایة عن خوف فوات الموقف کما تشعر به الأخبار المتقدمة و فی بعض الأخبار و کلام الأخیار ما یشعر بأن عائشة عدلت من التمتع إلی الأفراد و لکن لیس فی الخبر إلا أنها إذا حجت مع النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قالت یا رسول الله ترجع نساؤک بحجة و عمرة معاً و أرجع بحجة فأقام بالأبطح و بعث معها عبد الرحمن بن أبی بکیر إلی التنعیم فأهلت بعمرة و لیس فیه أنها کانت متمتعة بل الظاهر أنها کانت مفردة کغیرها و حین أمر الناس بالعدول إلی التمتع بقیت هی علی أفرادها لم تعدل و ذهب جمع من أصحابنا إلی عدم جواز العدول و أوجبوا علیها إتمام العمرة بلا طواف ثمّ الأحرام بالحج و قضاء الطواف حینئذٍ مع طواف الحج للأخبار المستفیضة الدالة علی ذلک ففی الصحیح أو قریب إلیه فی المتمتعة إذا حاضت بعد قدومها لمکة تقیم بینها و بین الترویة و تغتسل و تحتشی و تسعی و تخرج إلی منی فإذا قضت المناسک وزارت البیت طافت الطوافین و فی أخر فیمن اعتلت قبل أن تطوف قدمت السعی و شهدت المناسک فإذا طهرت و انصرفت فیه الحج قضت طواف العمرة و الحج و النساء ثمّ أحلت من کل شی ء و فی ثالث مثله أو قریب إلیه و نقل بعضهم علی ذلک الإجماع و هذه الأدلة ضعیفة عن مقاومة ما ذکرناه سنداً و عدداً و اشتهاراً و احتیاطاً فلتقدم تلک الأدلة علیها أو تحمل هذه علی ما إذا طافت أربعاً ففاجأَها الحیض و هو أولی من

ص: 65

الجمیع بینها بالتخییر لفقد التکافؤ المشروط فیه مع ندرة القائل به إذ لم یحل إِلّا عن الإسکافی و علی تقدیر صحته فلا ریب أن العدول أولی لاتفاق الأخبار علی جوازه علی هذا التقدیر و بعض أصحابنا جمع بین الأخبار بأن الامرأة أن حرمت و هی طاهرة و حاضت قبل أن تقضی متعتها سعت و لم تطف حتی تطهر فتقضی طوافها و أن حرمت و هی حائض لم تسع و لم تطف حتی تطهر فإن لم تطهر نقلت حجها إلی الأفراد و استند فی ذلک إلی روایة دالة علی ذلک و أنه وجه جمع بین الأخبار و فیه نظر فإن الصحیح المتقدم ظاهر فی إحرامها طاهرة و مع ذلک حکم فیه لها بالعدول و الروایة الدالة علی التفصیل شاذة فتوی و عملا و قد حملها الشیخ علی صورة الطمث بعد الطواف أربعة أشواط استظهاراً من أن حدوث الحیض قبل الإحرام لا یمکن معه الطواف بوجه بخلافه بعده فإنه یمکن حصوله بعد الأربعة أشواط و نسب لبعض القول بأن الحائض تستنیب عنها فی الطواف و هو قول شاذ لا دلیل علیه و خلاصة المسألة أن الحائض بعد تلبسها بالحیض أن أمکنها إدراک أفعال العمرة ثمّ الإحرام للحج قبل فوات الموقف صحة متعتها و جاز لها نیة التمتع ابتداءً مع علمها بادراک ذلک و أن لم یمکنها ذلک و علمت بعدم الإمکان کان حجها حج أفراد و لزم علیها ذلک ابتداءً و احتمال صحة نیة التمتع مع نیة أنها تعدل عنه بعید جداً و أن شکت فی إمکان إدراکها و عدمه أحتمل لزوم الأفراد علیها ابتداءً و أحتمل لزوم التمتع ابتداءً فإن أمکن الإدراک فلا کلام و أن لم یمکن عدلت إلی الأفراد و هذا الأخیر أقوی و فی هذا المقام یذهب بعضهم إلی إتمام أفعال العمرة ما عدا الطواف و قضاؤه بعد ذلک و قد تقدم ضعفه و أما من لم تکن متلبسة بالحیض فنوت المتعة ابتداءً لعدم علمها به ففاجَأها الحیض فإن أمکنها التربص إلی الطهر و قضاء أفعال العمرة لزمها ذلک و أن لم یمکنها و ضاق علیها الوقت نقلت حجها إلی الأفراد سواء کان عدم الإمکان لعدم إمکان الطهر قبل إدراک الموقف أو کان لعدم إمکان البقاء لأفعال العمرة لخوف و انقطاع عن رفقه نضیر انقطاعها عنهم و فی هذا المقام أیضاً یذهب بعض إلی إتمام أفعال العمرة ثمّ قضاء الطواف و قد تقدم ضعفه هذا کله لو حصل الحیض و النفاس قبل الطواف أما لو

ص: 66

حصل فی أثنائه فالمشهور أنها أن طافت أربعة أشواط صحت متعتها و أتت بالسعی و بقیة المناسک و قضت بعد طهرها ما بقی من طوافها للأخبار الدالة علی ذلک المعتضدة بفتوی المشهور و عمدته الأخبار الدالة علی البناء علی الطواف عند مجاوزة النصف و قیل بعدم صحة المتعة مطلقاً و لو طافت أقل من أربع فتقضی الباقی للصحیح فیمن طافت ثلاثة أشواط فرأت دماً قال تحفظ مکانها فإذا طهرت طافت بقیته و اعتدت بما مضی و لیس نص فی الفریضة فلیحمل علی النافلة کما فعل الشیخ جمعاً بین الأدلة.

رابعها: یجوز العدول إلی التمتع من الأفراد و القران من القریب فی حجة الإسلام و غیرها

أو عند الاضطرار کالخوف من الحیض المتأخر عن النفر مع عدم إمکان تأخیر العمرة إلی أن تطهر أو خوف عدو بعده أو فوات الصحبة لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و لفحوی ما دل علی جواز العدول عن التمتع إلیهما مع الاضطرار فإلیه عنهما أولی فی العدول للصحیح عن رجل لبّ فی الحج مفرداً ثمّ دخل مکة فطاف بالبیت و سعی بین الصفا و المروة قال فلیحل و لیجعلها متعة إلا أن یکون ساق الهدی فلا یستطیع أن یحل حتی یبلغ الهدی محله و قد ینظر الصحیح بظهوره الفرق بین حج القران و الأفراد فی جواز العدول و عدمه مع أن الأصحاب لم یفرقوا بینهما و فی الفحوی بابتنائها علی لزوم تأخیر العمرة عن الحج فی القران و الأفراد و هو محل نص لعدم الدلیل علیه أولًا و لقوله (علیه السلام) أمرتم بالحج و العمرة فلا ینالوا بأیهما بدأتم و فی أخر عن رجل خرج فی شهر الحج معتمراً ثمّ خرج إلی بلاده قال لا بأس و أن حج من عامه و أفراد الحج و لیس علیه دم ثانیاً فحینئذ یتوجه القول بتقدیمهم العمرة علی الحج للضرورة مع أفرادها و الإحرام بالحج من المزدلفة أو المیقات أن تمکن منه و لکن مخالفة الأصحاب و الأعراض عما هم علیه من لزوم تأخیر العمرة عن الحج و من تسویغ الاضطرار للعدول إلی التمتع لا لتقدیم العمرة علی الحج الأقدام علیها و هل یجوز العدول عنها ابتداءً إلی التمتع فی الأخبار و لا یجوز و المشهور الذی تقضی به القواعد و الاحتیاط و البراءة الیقینیة و الإجماع المنقول و مفهوم قوله تعالی (ذٰلِکَ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ) سورة البقرة آیة (196) و الأخبار المتکثرة الدالة علی أن

ص: 67

المتعة لا تصلح لأهل مکة و علی أن القریب لیس له متعة هو العدم فالقول به متعین و نقل عن الشیخ القول بالجواز لأن من تمتع أتی بما علیه من الحج و لا ینافی زیادة العمرة قبله و فیه انه أنما یتم فی أهل مکة دون غیرهم لأن غیرهم علیهم الإحرام للحج من المیقات أو منازلهم و المتمتع یحرم به من مکة و عن جمع من أصحابنا جواز التمتع لهم إذا خرجوا لبعض الأمصار ثمّ رجعوا فمروا ببعض المواقیت للصحیح عن رجل من أهل مکة خرج لبعض الأمصار ثمّ رجع فمر ببعض المواقیت أله أن یتمتع قال ما أزعم أن ذلک لیس له و الإهلال بالحج أحب إلی و نحوه آخر و فیه أنه لیس نصاً فی حج الإسلام فیجوز أن یکون مورده المندوب و العدول فیه جائز و التمسک بأنه لو لم یکن فی حجة الإسلام لم یکن الإهلال بالحج أحب لفضل التمتع مطلقاً فی التطوع مدفوع بجواز کون الإهلال بالحج أحب للتقیة بل یجوز أن یهل بالحج و ینوی العمرة کما فی الخبر ینوی العمرة و یحرم بالحج للتقیة علی أن فی الروایة للمتأمل سیاقها ما یدل علی إرادة الحج المندوب فیها فتعارض هذه القرینة تلک القرینة بل ترجح علیها و یظهر من بعض الأصحاب أن محل المسألة هو جواز العدول ابتداء و أما جواز العدول بعد التلبس بالحج فإن کان قراناً فلا یجوز العدول بعد سوق الهدی و أن کان أفراداً فإنه یجوز العدول لظاهر الإجماعات المنقولة و فتوی الأصحاب و کثیر من روایات الباب فیجوز العدول فی الأثناء و لا یجوز فی الابتداء و لا ملازمة بینهما و لمانع أن یمنع العدول مطلقاً فی حج الإسلام ابتداء و استدامة و یخصه فی المندوب فقط لأنه مورد اتفاقاً.

خامسها: یشترط فی حج التمتع نیة القربة

للأدلة العقلیة و النقلیة و تعین النوع عند الإحرام من أفراد او قِران أو تمتع سواء کان فی مقام التمییز أو غیره لأن المبهم لا وجود له نعم لو یعین واحد بعینه واقعاً فنوی ما هو المعین علیه کان لصحته وجه و لکن الاحتیاط یقضی بعدمه و تعیین أنه حج أو عمرة لما قدمناه أیضاً و لا یجزی نیة الفعل علی الوجه الذی فعله آخر من دون علم به للشک فی صحته و ما ورد به الشک فی صحته و ما ورد فی إهلال علی (علیه السلام) کإهلال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قضیة فی واقعه لا عموم لها أو أنه کان عالماً بنوع إهلال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و لا بد من تجدید النیة عند

ص: 68

إیقاع الأفعال المتفرقة لأن کل فعل مستقل عن الأخر فلا تجزی نیة غیره عنه و لا تکفی نیة الإحرام وحدها و لا یشترط وحدها و لا تکفی نیة المجموع و لا تشترط فی الصحة أیضاً و لا تشترط نیة الخروج أیضاً إلا إذا أوجب الاستئجار و شبهه أو نذر و شبهه و یشترط فی حج التمتع وقوعه فی الشهر الحج و هی شوال وذی القعدة وذی الحجة لظاهر الکتاب لأن أقل الجمع ثلاثة و الأشهر حقیقة فی المجموع و الصحیح فی أشهر الحج و هی شوال وذی القعدة وذی الحجة و قیل هی الشهران الأولان و عشر من ذی الحجة لانتهاء أفعال الحج بانتهاء العاشر و أن رخص فی تأخیر بعضها و خروج ما بعده من الرمی و المبیت عنها و لذا لا یفسد الحج إلا الإخلال بها و للخبر فی اشهر شوال وذی القعدة و عشر من ذی الحجة و للمرسل کذلک و للإجماع المنقول و فی الجمیع ضعف عن مقاومة ما قدمنا و قیل تسع من ذی الحجة لأن اختیاری الوقوف بعرفات فی التاسع و قیل غیر ذلک و لا ثمرة مهمة فی النزاع بعد الاتفاق الممکن بل المحصل علی أن الإحرام بالحج لا یأتی بعد العاشر و کذا عمرة التمتع و علی أجزاء الهدی و بدله طول ذی الحجة و أفعال أیام منی و لیالیها فیکون النزاع ثمرته لفظیة کما إذا تعلق نذر بأشهر الحج أو وصیة و شبهها و المحصل أن شاء الحج یجب أن یکون فی الزمان الذی یعلم إدراک المناسک فیه و ما زاد علی ذلک یصح أن یقع فیه بعض أفعال الحج کالذبح و الطواف و السعی و یشترط وقوع العمرة و الحج فی سنة واحدة للاحتیاط فی العبادة و الشک فی الخروج عن العهدة فی حج التمتع بدونه للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب و للأخبار الدالة علی دخول العمرة بالحج إلی یوم القیامة و الناصة علی ارتباط عمرة التمتع بحجة و أنه یجوز الخروج من مکة حتی یقضی حجه بعد العمرة و المتبادر منها کونها فی سنة واحدة و أحتمل الشهید الأجزاء لو بقی المعتمر علی إحرامه من دون إتمام الأفعال إلی القابل فیعمها فی السنة المقبلة و هو بعید عن ظاهر النص و الفتوی و الاحتیاط و یشترط فی التمتع الإحرام بحجة من مکة و المراد بها کل مکان دار علیه شی ء من بنیانها و لو سورها و المتیقن منها ما کانت کذلک فی زمن الصدور فلو نقصت الآن جری الحکم الأول علی الناقص و لو زادت ففی جریان الحکم علیه وجه و الاحتیاط غیر

ص: 69

خفی و أفضلها المسجد و أفضله المقام أو تحت المیزاب أو الحجر و لا یتعین شی ء للصحیح من أین أهل بالحج فقال أن شئت من رحلک و أن شئت من الکعبة و أن شئت من الطریق و فی الموثق من أی مسجد أحرم یوم الترویة فقال من أی المسجد شئت و ظاهر الإجماع و النصوص الدالة علی أن الإحرام من مکة هو عدم أجزاء الإحرام من غیرها و بطلانه لو وقع عمداً و لو دخل إلیها محرماً بل لا بد من الاستئناف و نقل علیه الإجماع و قضی به الاحتیاط نعم لو نسی الإحرام منها و تعذر العود و لو لضیق الوقت أحرم من موضعه لو کان بعرفات للصحیح عن رجل نسی الإحرام بالحج فذکره و هو بعرفات ما حاله قال یقول اللهم علی کتابک و سنة نبیک فقد تم إحرامه و موردها و أن کان النسیان إلا أن الظاهر إلحاق الجاهل به لاشتراکهما فی وضع القلم و رفع التکلیف و للأخبار المتکثرة الدالة علی أنه عذر و لا فرق بین ترک الإحرام من اصله أو ترکه من مکة مع إتیان به من غیرها خلافاً للشیخ حیث اجتزأ بالإحرام من غیرها مع تعذر العود إلیها استناداً للأصل و مساواة ما فعله لما یستأنفه فی الکون فی غیر مکة و فی العذر لأن النسیان عذر و هو ضعیف للانقطاع الأصل بلزوم تحصیل البراءة الیقینة و لمنع المساواة لأنهما قیاس فإن المصحح للإحرام المستأنف هو الإجماع علی الصحة معه و لیس النسیان مصححاً له حتی یتعدی به إلی غیره و أنما هو مع العذر عذر فی عدم وجوب العود و هو لا یوجب الاجتزاء بالإحرام معه حیث ما وقع بل یجب الرجوع فیه إلی الدلیل و لیس هنا سوی الاتفاق علی الإحرام المستأنف و أما السابق فلا دلیل علیه و یشترط فی الإحرام لعمرة التمتع وقوعها فی الشهر الحج لارتباطها به و لا یجوز الإحرام قبلها و لو احرم قبلها لها بطلت و احتمال الصحة و انقلابها عمرة مفردة بعید کما أن احتمال الإحرام للحج قبل اشهره أنه ینقلب عمرة لخبر مؤمن الطاق فی رجل فرض الحج فی غیر اشهر الحج قال یجعلها عمرة بعید لأن الأصل عدم الأجزاء و عدم جواز العدول و الروایة ضعیفة موهونة الدلالة فالاعتماد علیها مشکل جداً ثمّ أنه لو اتفق تجدید الإحرام بناء علی الأقوی من لزوم التجدید من المیقات أو من المرور علیه فهل یسقط دم المتعة لأنه جبران لما فات من الإحرام من

ص: 70

المیقات لکونه من مکة و لیست أحد المواقیت و المفروض أن الإحرام التجدیدی عاد من المیقات فلا دم أو لا یسقط لفتوی المشهور و الاحتیاط و لأنه نسک مستقل.

سادسها: عمرة التمتع تجزی عن العمرة الواجبة

بأصل الشرع کتاباً و سنة فإذا تمتع أجزأ عنها للأخبار و الإجماع بقسمیه و تجزی عن المنذورة مطلقاً ما لم ینصرف إلی الإطلاق إلی غیرها و هی مرتبطة بالحج فلا یجوز الخروج بعد تمام أفعالها من مکة إلی حیث یفتقر إلی تجدید عمرة قبله کان یخرج من الحرم محلًا غیر محرم بالحج و لا یعود إلا بعد شهر للصحیح و لیس لک أن تخرج من مکة حتی تحج و فی صحیح أخر مثله و فی ثالث و رابع و خامس و سادس مثلهما أو قریب إلیهما و ظاهر کثیر من هذه الأخبار و غیرها أن المتمتع لیس له الخروج من مکة مطلقاً قبل أن یقضی الحج و أفتی به جملة من الأصحاب و فی بعض الأخبار و لیس له ذلک إلا أن یحرم بالحج و فی کثیر منها التقید بالحاجة ففی خبر حفص فیمن قضی متعة و عرضت له حاجة قال فلیغتسل و لیهل بالإحرام بالحج و لیمض فی حاجته فإن لم یقدر علی الرجوع إلی مکة مضی إلی عرفات و فی أخر عن متمتع یرید الخروج إلی الطائف یهل بالحج من مکة و ما أوجب أن یخرج منها إلا محرماً و فی أخر المتمتع محتبس لا یخرج من مکة حتی یخرج إلی الحج إلا أن یُبقیَ علامة أو تضل راحلته فیخرج محرماً و لا یجاوز إلا علی قدر ما لا تفوته عرفه إلا أن ظاهر المشهور نقلًا هو الجواز ما لم یفتقر إلی تجدید عمرة أخری لأن ارتباط الحج بها هو أن تنصها به من دون تخلل عمرة أخری و لا یظهر من خبر اسحاق بن عمار عن المتمتع یجی ء فیقضی متعته ثمّ تبدو له الحاجة فیخرج إلی المدینة أو إلی ذات عرق أو إلی بعض المعادن قال یرجع إلی مکة بعمرة أن کان فی غیر الشهر الذی تمتع فیه لأن لکل شهر عمرة و هو مرتهن بالحج و فی مرسل الصدوق إذا أراد المتمتع الخروج من مکة إلی بعض المواضع فلیس له ذلک إلا أن یعلم أنه لا یفوته الحج و أن علم و خرج و عاد فی الشهر الذی خرج فیه دخل مکة محلًا و أن دخلها فی غیر ذلک الشهر دخل محرماً و من صحیح حماد بن عیسی فیمن دخل مکة لم یکن له أن یخرج

ص: 71

حتی یقضی الحج فإن عرضت له حاجة إلی عسفان أو إلی الطائف أو إلی ذات عرق خرج محرماً و دخل ملبیاً بالحج فلا یزال علی إحرامه فإن رجع إلی مکة رجع محرماً و لم یقرب البیت حتی یخرج مع الناس إلی منی قلت فإن جهل فخرج إلی المدینة أو إلی نحوها بغیر إحرام ثمّ یرجع فی إحرام الحج أو فی اشهر الحج یرید الحج أ یدخلها محرماً أو بغیر إحرام قال أن رجع فی شهره دخل فی غیر إحرام و أن دخل فی غیر الشهر محرماً قلت فأی الاحرامین و المتعتین متعة الأولی أو الأخیرة قال الأخیرة هی عمرة المحتبس بها التی وصلت بحجه فقط و المرسل فیمن اعتمر و أراد أن یفرد عمرته و کانت منزله و المدینة کذلک و له بینهما أموال فقال له الامام (علیه السلام) أنت مرتهن بالحج فقال أن لی ضیاعاً حول مکة و أرید الخروج إلیها فقال له تخرج حلالًا و ترجع حلالًا إلی الحج و جمیع هذه الأخبار لیست صریحة فی الجواز بل فی کثیر منها التقید بعروض الحاجة

فیفهم أنه عند عدم الحاجة لا یجوز الخروج مطلقاً و فی کثیر منها الالزام بالإحرام و لو فی محل الحاجة فیفهم منه أنه مع عدم الإحرام لا یجوز الخروج أیضاً مطلقاً و أما فی حسن الحلبی و ما أحب أن یخرج منها إلا محرماً غیر صریح فی الجواز فالاحتیاط یقضی بعدم الخروج قبل إتمام الحج مطلقاً إلا مع الحاجة فیخرج محرماً بالحج سواء علم أن الحج لا یفوته أو لم یعلم و أن کان الاحتیاط التام بعدم الخروج مع عدم العلم مطلقاً نعم لو تضرر بطول البقاء علی الإحرام اتجه جواز الخروج محلًا من دون احتیاط لانتفاء الحرج و إرادة الیسر و إطلاق بعض الأخبار بل الأحوط للمتمتع و لو ندباً لزوم إتمام الحج المندوب علیه بعد إتمام عمرته لدخولها فیه و لقوله تعالی (وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ) سورة البقرة آیة (196) فیحرم حینئذٍ علی المعتمر الخروج بنیة العود و بنیة عدمه إلا إذا کانت بنیة العود قبل شهر فیجوز إلا أن الاحتیاط یقضی بترکه و لا فرق بین المندوب و غیره فظهر بما ذکرنا ضعف القول بجواز الخروج مطلقاً و لو بنیة العود بعد شهر و لکن علی کراهة لمخالفته علی الظاهر الأخبار ثمّ أن المعتمر لو خرج و رجع بعد شهر فأعتبر ثانیاً کانت الثانیة هی عمرة التمتع و کانت الأولی مفردة للنص و فتوی الأصحاب و هل علیه لها طواف النساء أم لا وجهان ینشئان من انقلاب الأولی مفردة

ص: 72

و من إخلاله منها بالتقصیر و ربما أتی النساء قبل الخروج و من البعید حرمتهن علیه بعد ذلک و فی بعض الأخبار أن الامام (علیه السلام) احرم الحج من ذات عرق بعد خروجه بعد عمرة التمتع و هو شاذ لأن إحرام الحج من مکة فی حج التمتع فلا بد حینئذٍ أما أن یحمل علی التقیة أو علی الندب ثمّ تجدید الإحرام من مکة و یجوز کون حج الامام (علیه السلام) غیر تمتع بل أقران و أفراد و الظاهر أن سقوط الإحرام عمن علا فی شهره مخصوص بمن خرج بعد إحرام أما من لم یخرج بعد إحرام کقاضی مکة فإن الظاهر لزوم الإحرام علیهم متی خرجوا من الحرم و أرادوا الدخول أخذ بعموم الدلیل و المراد بالشهر الشهر الهلالی لو وقع الإهلال أو الإحلال فی أوله و العدوی لو وقع فی أثنائه و هل مبدأ الإحلال من العمرة أو الإحلال بالحج و الإحرام به أو الخروج بعد إحرام متقدم وجوه أقواها الأخیر أخذ بإطلاق النصوص الدالة علی أن الاعتبار بشهر الخروج مطلقاً فإن رجع فی الشهر الذی خرج فیه دخل من غیر إحرام و أن دخل فی غیره دخل بإحرام من دون تفصیل.

القول فی حج الإفراد و القران

اشارة

و فیه أمور:

أحدها: حج الإفراد عزم من المیقات أو مما یضاهیه

یمضی إلی عرفات ثمّ إلی المشعر کذلک ثمّ إلی منی فیقضی مناسکه ثمّ یطوف بالبیت و یصلی رکعتیه ثمّ یسعی بین الصفا و المروة ثمّ یطوف طواف النساء و یصلی رکعته و له أن یقدم الطواف الأول علی الوقوفین و علیه بعد ذلک عمرة مفردة أن کان حجه حج إسلام و کان مستطیعاً لها و ألا کما إذا کان حجه مندوباً أو منذوراً مطلقاً أو حج إسلام و لکنه غیر مستطیع لعمرته سقط وجوب العمرة المفردة بعده و لزم علیه الحج فقط کما أنه لو استطاع للعمرة فقط لزمته دون الحج علی ما صرح به بعض الأصحاب و من شرط نیة القربة و التعیین عند الإحرام له أو عند جمیع أفعاله و أن یقع فی اشهر الحج لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و خصوص الصحیح فی قوله تعالی (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِیهِنَّ الْحَجَّ) سورة البقرة آیة (197) الفرض التلبیة و الأشعار و التقلید فأی

ص: 73

ذلک فعل فقد فرض الحج و لا یفرض الحج إلا فی هذه الشهور التی قال الله تعالی (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومٰاتٌ) سورة البقرة آیة (197) و هی شوال وذی القعدة وذی الحجة و یشترط أن یعقد إحرامه من المیقات الأتی تحدیده إن شاء الله تعالی أو من دویرة أهله أن کانت أقرب من المیقات إلی مکة أو إلی عرفات و الإجماع منقول علی أن أهل مکة یحرمون من منزلهم و یجوز العدول من الأفراد إلی التمتع اضطراراً و لا یجوز اختیاراً لمن فرضه ذلک علی الأظهر نعم یجوز فی المندوب و بعد التلبس فی الإحرام العدول مطلقاً علی الأظهر کما سیجی ء تفصیله إن شاء الله تعالی و القارن کالمفرد فی الکیفیة إلا أن القارن یمتاز بسیاق الهدی للخبر الدال علی أن القارن السائق للهدی و الدال علی أنه لا یکون قراناً إلا بسیاق الهدی و غیرهما المشعر بذلک و الإجماع المحکی و فتوی المشهور خلافاً للعمانی فزعم وفاقاً للعامة علی ما نقل عنهم أن القارن یعتمر أو لا و لا یحل منها حتی یحل من الحج فالقارن بمنزلة المتمتع إلا فی سیاق الهدی و تأخر التحلل و تعدد السعی و أن القارن یکفیه سعیه الأولی عن السعی فی طواف الزیارة و ظاهره و ظاهر الصدوق الجمع بین النسکین بنیة واحدة و ذهب ابن الجنید إلی أنه یجمع بینهما فإن ساق وجب علیه الطواف و السعی قبل الخروج إلی عرفات و لا یتحلل و أن لم یسق جدد الإحرام بعد الطواف و لا تحل له النساء و أن قصر و فی الخلاف أنما یتحلل من أتم أفعال العمرة إذ لم یکن ساق هدیاً و أن یکن ساق لم یصلح التمتع و یکون حجه قِراناً و هذا کله ضعیف مخالف للأخبار و فتاوی الأخیار و أضعف منه ما جعلوه مستنداً لذلک و هو غیر صالح للاستناد و ما یقال أنه قد ینزل علی الأول أخبار حج النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حیث قدم مکة و طاف و صلی رکعتین و لم یحل و أمرهم بالإحلال و قال لو استقبلت من أمری ما استدبرت لفعلت کما أمرتکم و لکن سقت الهدی و لیس لمن ساقه أن یحل حتی یبلغ الهدی محله و شبک بین أصابعه و قال دخلت العمرة فی الحج إلی یوم القیامة مردود بما فهمه المشهور من أن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حج حجّاً قرانا فطاف للحج وسعی له مقدماً علی الوقوفین و أمر الأصحاب بالعدول لأنهم حجوا حجّاً أفراداً و لم یسوقوا هدیاً و قد دخلت العمرة فی الحج أی حج التمتع و دل

ص: 74

علیه الصحیح أنه أهل بالحج و ساق مائة بدنه و أحرم الناس کلهم بالحج لا یریدون العمرة و لا یدرون ما المتعة حتی إذا قدم مکة و طاف و طاف الناس معه و صلی رکعتین فی مقام إبراهیم و استلم الحجر ثمّ أتی زمزم و شرب منها ثمّ أتی الصفا و بدأ به و طاف بین الصفا و المروة سبعاً ثمّ خطب الناس أن یحلوا و یجعلها عمرة فأحل الناس و قال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لو استقبلت من أمری ما استدبرت لفعلت کما أمرتکم و فی العلل عن اختلاف الناس فبعضهم یقول خرج رسول الله مهلًا بالحج و بعضهم یقول أنه مهلًا بالعمرة و بعضهم أنه خرج قارنا و بعضهم أنه خرج ینتظر أمر الله فقال (علیه السلام) علم الله تعالی أنها حجة و لا یخرج رسول الله بعدها أبداً فجمع الله عز و جل کله له فی سفرة واحدة فلما طاف بالبیت و بالصفا و المروة أمره جبرئیل أن یجعلها عمرة إلا من کان معه هدی فهو محبوس علی هدیه حتی یبلغ الهدی محله و کذا ما ینزل علی الثانی و هو مذهب ابن الجنید فی الصحیح أیما رجل قرن بین الحج و العمرة فلا یصلح إلا أن یسوق الهدی قد شعره و قلده و أن لم یسق الهدی فلیجعلها متعة فإنه ضعیف لاحتمال إرادة القران بینهما أن یقول أن لم یکن حجة فعمرة و یکون الفرق بینه و بین المتمتع أن المتمتع یقول کذلک و ینوی العمرة قبل الحج ثمّ یحل بعد ذلک و یحرم بالحج و السائق یقول و ینوی الحج فإن لم یتم له الحج یجعلها عمرة مقبولة هکذا نزله الشیخ و هو بعید و أظهر منه أن یراد أن القران لا یکون إلا بالسیاق و أنه نهی عن الجمع عن الحج الجمع بین العمرة و الحج و قال أنه لا یصلح و أن قوله إلا أن یسوق استثناء من مقدر کأنه قال لیس القران إلا أن یسوق و أن لم یسق فلیجعلها متعة لأنها افضل و یدل علیه قوله فی أول الخبر أنما نسک الذی یقرن بین الصفا و المروة مثل نسک المفرد و لیس بأفضل منه إلا بسیاق الهدی و قوله بین الصفا و المروة متعلق بالنسک و أنما نسک القارن أو سعیه بین الصفا و المروة أو سعیه و طوافه لأن الکعبة محاذیة لما بینهما و أنما علیه طوفان بالبیت وسعی واحد کل ذلک بعد الموقفین أو الطواف الثانی و هو طواف النساء بعده ثمّ صرح (علیه السلام) بأنه لا قران بلا سیاق أو بأن القران بین النسکین غیر.

ص: 75

ثانیها: یجوز للمفرد بعد دخول مکة العدول للتمتع إذا لم یکن الأفراد فرضه

للإجماع نقلًا بل تحصیلًا و للصحیح فی رجل لبی بالحج مفرداً ثمّ دخل مکة و طاف بالبیت و سعی بین الصفا و المروة قال فلیحل و لیجعلها متعة إلا أن یکون ساق الهدی فلا یستطیع أن یحل حتی یبلغ الهدی محله و إطلاقه کغیره من النصوص یقتضی عدم الفرق بین ما لو کان فی نیته العدول حین الإحرام و عدمه مضافاً إلی خصوص ما روی عن عبد الله بن زرارة و فیه و علیک بالحج أن تهل بالأفراد و تنوی الفسخ إذا قدمت مکة و طفت و سعیت فسخت و أهللت به و قلبت الحج عمرة و أحللت إلی یوم الترویة ثمّ استأنفت الإهلال بالحج مفرداً إلی منی بل قد یستدل علیه بما دل من الأخبار علی أمر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أصحابه بالعدول إلی التمتع و أورد علیه بأنه لیس من محل البحث فی شی ء لظهورها فی کون العدول المأمور به علی سبیل الوجوب لوجوب التمتع علی أهل الآفاق و مبدأ نزول الآیة کان عند فراقه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من السعی فأمرهم بجعل ما طافوا وسعوا عمرة و أجیب بأن الأمر مستعمل فی معنییه الوجوبی و الندبی علی وجه عموم المجاز للعلم القطعی بأن من الحاج مفرداً ما کان حجه مندوباً و أما من کان الأفراد فرضه فیمکن القول بجواز العدول بعد دخول مکة و أن منعنا العدول ابتداء علیه و یستدل علیه بالأخبار الواردة عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الأمرة بالعدول إلی التمتع مع أن فی المأمورین من فرضه الأفراد و أنما حج لتأدیة الفرض و یمکن القول بعدمه و هو الأحوط لأن الأخبار الدالة علی إن فرض أهل مکة الأفراد یعم محل النزاع فیشکل الخروج عنهما بمجرد أخبار هذه المسألة لأن ما دل منها علی جواز العدول مطلقاً یعارض ما دل من تلک الأخبار علی أن فرض النائی هو الأفراد و التعارض بینهما العموم و الخصوص من وجه و یمکن تخصیص کل منهما بالآخر حیث لا ترجیح ما لأخذ بالمتیقن لازم و الرکون إلی الاحتیاط أسلم و ما دل منها علی حج النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و أمره لا عموم فیه یشمل البحث صریحاً لأنه قضیة فی واقعه و یجب الأخذ بالمتیقن فیها و هو من وجب علیه الحج من النائی لا من القریب بل هو الفرد المنساق من المأمورین فالاحوط حینئذٍ عدم العدول لمن تعین علیه الأفراد و لکنه

ص: 76

غیر لازم لقرب القول بتخصیص ما دل علی أن الأفراد فرض النائی بأخبار العدول لأنها موردها الأثناء و تلک موردها الإطلاق فیکون کالعموم المطلق و أما القارن فلا یجوز له العدول بالنص و الإجماع و لا فرق فیه علی الظاهر بین من تعین القران علیه قبل الإحرام أم لا لتعینه علیه بالسیاق و إذا عطب هدیه قبل مکة لم یجب علیه الإبدال کما سیأتی إن شاء الله تعالی فهل یصیر کالمفرد فی جواز العدول للتعلیل بأنه لا یحل حتی یبلغ الهدی محله أو لا لأنه قارن فیدخل فی أدلة المنع و هو أحوط و مقتضی إطلاق النص و الفتوی فی جواز العدول إلی التمتع عدم الفرق بین ما إذا لبی بعد طوافه و سعیه أم لا إلا أن الأظهر عدم لزوم التلبیة بعدهما لما روی فی الموثق أنه أن کان لبی بعد ما سعی قبل أن یقصر فلا متعة له و یؤیده الأمر بالتلبیة إذا طاف قبل عرفات لعقد الإحرام و أفتی بمضمون الخبر جمع من الأصحاب و یفصده الاحتیاط و من أصحابنا من منع بطلان العمرة بالتلبیة بعد الطواف و السعی إلا أن الاعتماد لا یکون إلا بقصد و النیة و الأعمال بالنیات و الخبر ضعیف و واحد لا جابر له و فیه أن الخبر معتبر و حکم بعض أصحابنا و وحدته لا ضرر فیها بعد فتوی جملة من الأصحاب بمضمونه و الظاهر أن التلبیة بعد الطواف و السعی أنما تمنع من العدول إذا کان بعدهما أما إذا کان قبلهما فالظاهر أنه متمتع لبی فی غیر وقت التلبیة فلا یضر ذلک بعد و له و لا تنقلب عمرته المعدول عنها حجة مفردة اقتصاراً فیما خالف العمومات الدالة علی جواز العدول من غیر تقید بعدم التلبیة علی مورد الروایة التی هی الأصل فی تقیدها به.

ثالثها: إحرام القارن فیعقد بالتلبیة و للإشعار و التقلید

کما سیجی ء إن شاء الله تعالی فلو لبی و عقد إحرامه بها أستحب له أشعار ما یسوقه من البدن لإطلاق الأمر به و هو مختص بالبدن بأن یشق الجانب الأیمن من سنام الدایة و یلطخ صفحته تلک بالدم السائل یشعر بکونها هدیاً و أن تکثرت دخل فیها و أشعرها یمیناً و شمالًا للأخبار و فتوی الأصحاب و یستحب له التقلید أیضاً و هو فی البدن و غیرها فقد یجتمع مع الأشعار فیها و ینفرد عنه فی غیرها لضعف غیرها عن الإشعار و التقلید هو أن یعلق فی رقبته نعلًا قد صلی السائق فیه للأخبار و کلام الأصحاب و یجوز للقارن و المفرد الطواف إذا دخلا

ص: 77

مکة قبل المضی إلی عرفات سواء کان واجباً قد تقدم علی الوقفین أو مندوباً و لکن یلزمها تجدید التلبیة عقیب صلاة الطواف لئلا یحلا به لفتوی مشهور من الأصحاب و للصحیح أنی أرید الجوار بمکة فکیف اصنع قال إذا رأیت الهلال هلال ذی الحجة فاخرج إلی الجعرانة فاخرج منها بالحج فقلت له کیف اصنع إذا دخلت مکة أقیم إلی الترویة و لا أطوف بالبیت قال نعم عشراً إلا أن تأتی الکعبة أن عشراً لکثیر أن البیت لیس بمهجور و لکن إذا دخلت مکة فطف بالبیت و اسْعَ بین الصفا و المروة فقال لیس کل من طاف و سعی فقد أحل فقال أنک تعقد بالتلبیة ثمّ قال کلما طفت طوافاً و صلیت رکعتیه فاعقد بالتلبیة و نحوه أخر عن المفرد للحج هل یطوف بالبیت بعد طواف الفریضة قال نعم ما شاء و یجدد التلبیة بعد الرکعتین و القارن بتلک المنزلة یعقد أن ما خلا من الطواف بالتلبیة و للموثق فیمن طاف بالبیت و بالصفا و المروة احل احب أو أکره و لخبر العلل من أنهم أمروا بالتمتع إلی الحج لأنه تخفیف إلی قوله و ألا یکون الطواف مخطوراً إلا أن المحرم إذا طاف بالبیت احل ألا لعله فلو لا التمتع لم یکن للحاج أن یطوف لأنه أن طاف احل و أفسد إحرامه و خرج منه قبل أداء الحج و قیل لا یلزمهما للأصل و للاتفاق علی أن القادر لا یمکنه العدول إلی التمتع و الإحلال ما لم یبلغ الهدی محله کما تظافرت الأخبار و لأن الإحرام عبادة لا تنفسخ إلا بعد الإتیان بأفعال ما أحرم فیه و ما عدل إلیه و أن نوی الانفساخ کالمعتمر لا یحل ما لم یأت بطواف العمرة و سعیه و کذا الحاج ما لم یأت بالوقفین و الطوافین للحج و لأن الأعمال بالنیات فلا ینصرف الطواف المندوب إلی طواف الحج و لا ینقلب الحج عمرة بلا نیة بل حج القارن لا ینقلب عمرة بلا نیة بل حج القارن لا ینقلب عمرة حتی مع النیة و ینزل الباقر (علیه السلام) من طاف بالصفا و المروة احل احب أو إکراه یراد به المفروض من الطوافین فینزل العمرة أو فی الحج بعد الوقفین و فیه نظر لانقطاع الأصل بما مر و لأن الثانی نقول بموجبه و الثالث معارض بالنصوص الدالة علی التحلیل بالطواف مطلق و تخصیصه بالمفروض من الطواف فی العمرة أو فی الحج بعد الوقوفین تخصیص للنص من دون مخصص و قولهم لکل امرئ ما نوی أن أرادوا به التحلیل بلا نیة لا یمکن وقوعه فلا

ص: 78

وجه له بعد قوله (علیه السلام) احب أو أکره و لأن ما جعله الشارع سبباً للتحلیل مستقلًا أقوی من منوی العبد کما یتحلل المصلی بالحدث و أن نوی بقاء الإحرام و الصائم بالإفطار و أن نوی بقاء الصوم و أن أراد النیة هی المؤثرة فلا وجه له أیضاً لأن النسک إذا انعقد بنوع متعین بالأصالة لا یجوز العدول منه إلی غیره علی الأقوی کما أفتی به بعض هؤلاء فإذا أحرم العدول لم تؤثر نیة التحلل أصلًا و الأحادیث الدالة علی التحلل خالیة عن ذکر النیة نعم فیما جاز فیه العدول إلی التمتع کالحج المندوب مثلًا یکون للنیة تأثیر حینئذٍ و المدعی أعم و قیل یلزم تحدید التلبیة علی المفرد خوف الإحلال دون القارن لأن السائق لا یحل حتی یبلغ الهدی محله و للصحیح فی رجل قرن بین الحج و العمرة فقال هل طفت بالبیت فقال نعم فقال هل سقت هدیاً فقال لا فأخذ أبو جعفر شعره ثمّ قال أحللت و الله و لخبر زرارة من طاف بالبیت و بالصفا و المروة احل احب أو اکره إلا من أعتمر فی عام ذلک أو ساق الهدی أو أشعره و قلده و لخبر أبی بصیر فیمن یفرد بالحج فیطوف بالبیت و یسعی بین الصفا و المروة ثمّ یبدو له أن یجعلها عمرة فقال أن کان لبی بعد ما سعی قبل أن یقضی فلا متعة له و مرسل یونس ما طاف بین هذین الحجین الصفا و المروة أحد إلا أحل أ لا سائق الهدی و بهذه النصوص یقید ما أطلق فیه من الأخبار المتقدمة و ما صرح فیه بتحلل القارن کالمفرد فیمکن حمله علی القارن بغیر معنی السابق کالقارن بین الحج و العمرة و شبهه کما یظهر من الصحیح و مع ذلک فهو قاصر عن المکافأة لها لکثرتها و اعتضادها بغیرها دونه و لموافقتها الأصل الدال علی بقاء الإحرام المستصحب بعد العلم بتحققه و قیل یلزم القارن التحدید دون المفرد و کان مستنده إلی انقلاب حج المفرد إلی العمرة جائز دون حج القارن و أن الطواف المندوب قبل الموقف یوجب الإحلال أن لم یجدد التلبیة بعده فالمفرد لا بأس علیه أن لم یجدد فان غایة أمره انقلاب حجته عمرة و هو جائز بخلاف القارن فانه أن لم یجددها لزم انقلاب حجته عمرة و لا یجوز ذلک و فیه أنه مبنی علی القول الأول من تحلل القارن و المفرد بترک التلبیة و أما علی المختار من عدم تحلل القارن بذلک فینبغی أن لا یجب علیه التلبیة و مثل بلزوم التجدید بعد الطواف المندوب دون الفرض و کأنه

ص: 79

لقرب المندوب إلی الإحلال دون الفرض و هو ممنوع فی القول بالفرق ضعیف و قیل أن نویا بالطواف الإحلال کان نویاه طواف الحل أو نویا العدول إلی العمرة و أنه طوافها أحلا و ألا لم یحل و لا یلزم تجدید التلبیة حینئذٍ لأن الأعمال بالنیات و فیه أن نیة الأحوال لا دخل لها وجودا فی مقام لا یصح العدول بحکم الشارع و الأعوام ما فی مقام جعله الشارع سبباً للتحلل و الطواف منهی عنه مع نیة التحلل بدون نیة العدول و لا یکون المنهی عنه محللًا إذا لا أثر له و أما نیة العدول إلی العمرة فتلزمه مع جوازه و تسویقه من الشارع و إتمام أفعال العمرة بعده و الأخبار الدالة علی السببیة خالیة عن ذکر النیة فالمختار القول الأول أخذ بظاهر الأخبار و ینقلب الحج عمرة قهراً و أن لم ینو الاعتمار کما هو الظاهر من کلام الکثیر من الأصحاب نقلًا بل تحصیلًا و یشعر به الموثق أیضاً أن کان لبی بعد ما سعی قبل أن یقضی فلا متعة له فمقدمه و أن لم یلب فله متعة و خبر عمار فی رجل لبی بالحج مفرداً و طاف و صلی و سعی فقال فلیحل و لیجعلها متعة ظاهراً فی لزوم جعلها متعة و هو فی مقر الأمر بنیة ذلک و هل یشترط مع الانقلاب و الإتیان بباقی أفعال العمرة الإتیان بطواف العمرة لأصالة الشغل و أصالة عدم أجزاء طواف الحج عن طوافها المأمور به من دون نیة أنه لها أو لا یشترط لأنه لو أجتمع إلیه لم یکن لهذا الطواف فی الإحلال و هو باطل و لظهور الأخبار فی عدم الإعادة لطواف أخر و هذا الأخیر أقوی ثمّ أن معنی التحلل بترک التلبیة أنه یقع الإحلال بالطواف و یزول بالتلبیة و یعود الإحرام بها أو أن التحلل بالطواف یکشف عن عدم التلبیة فالإتیان بها کاشف عن عدم التحلل به و ترکها کاشف عن التحلل او أن البقاء علی الإحرام موقوف علی حصول التلبیة فإن حصلت حصل البقاء و ألا فلا و الظاهر من الأخبار الأول و الظاهر لزوم التلبیة فوراً أو لا یجوز فیها التراخی و الظاهر لزوم مقاومتها لنیة الإحرام کتکبیرة الإحرام للصلاة و فی بعض الأخبار أن من طاف بالبیت احل فإذا لبی أحرم فلا یزال محل و یعقد حتی یخرج إلی منی فلا حج و لا عمرة و لکنها غیر معمول علیها بین الأصحاب فلا نعارض من أخبار الباب.

ص: 80

رابعها: لا هدی علی القارن و المفرد وجوباً

للأصل و الإجماع المنقول و الأخبار نعم علی القارن ما ساقه فقط و یحرم بنیة حجتین و عمرتین فصاعداً فی إحرام واحد لأنه بدعة کنیة صلاتین و یفسد العمل و قیل یصح أحدهما دون الأخر و فیه أنه مع التعیین ترجیح من غیر مرجح و صحة أحدهما لا یعینه لغوا و جعل الاختیار بید الناوی بمحل لا یقول به ذو مسکة و یحرم أیضاً إدخال أحدهما علی الأخر بأن ینوی أحدهما قبل الإحلال و إتمام الأفعال من الأخر لأنه بدعة و أن جاز العدول و یحرم القارن بین النسکین الحج و العمرة بمعنی أن یکتفی بنیة واحدة لهما و بإحرام واحد أو بإحلال واحد و یفسد بالإجماع و لو قرن بین النیتین فقط صح المتقدم و فسد المتأخر أن صرفت النیة عنه حال وقوعه و یحرم القران بینهما بمعنی أنه الآن محرم بهما و أن کانت الأفعال متمایزة إلا أنه لا یحل إلا بعد إتمام مناسکهما جمیعاً أو أنه محرماً بالعمرة أولًا ثمّ بالحج بعد إتمام أفعالها من غیر إحلال فی البین مع احتمال الصحة هاهنا بناء علی أن عدم تخلل التحلل غیر مبطل بل تقلب العمرة حجّاً و فی الخلاف إذا قرن بین الحج و العمرة فی إحرامه لم ینعقد إحرامه إلا بالحج فإن أتی بأفعال الحج لم یلزمه دم و أن أراد أن یأتی بأفعال العمرة و یجعلها متعة جاز ذلک و یلزم الدم و فی الجامع أنه أن کان فرضه المتعة قضی العمرة ثمّ حج و علیه دم و أن کان فرضه الحج فعله و لا دم علیه و کأنهما أرادا به أن ینوی من أول الأمر الإتیان بأحد النسکین ثمّ الإحلال منه ثمّ الإتیان بالآخر و له وجه صحة کما قدمنا و أن أراد أن نیة الإحرام بهما إحرام بأحدهما و زیادة فغایته إلغاء الزائد لا بطلان جمیع المنوی فهو باطل لأن نیة الإحرام للنسکین بدعة لیس لها وجه صحة و أن أراد نیة الإحرام بأحد النسکین أولًا ثمّ بعد تمام أفعاله یحرم للنسک للآخر من غیر إحلال فی البین فینقلب الحج عمرة فلا وجه صحة و لکنه بعید فی نفسه و عن ظاهر العبادة.

خامسها: لو بعد المکی ثمّ حج علی میقات من المواقیت الخمسة التی للآفاق أحرم منه وجوباً

لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و الأخبار الآتیة إن شاء الله تعالی و الظاهر أن نوع الحج الذی یحرم له هو ما کان فرضه و فی جواز التمتع له

ص: 81

کلام تقدم بیانه و النافی المجاور بمکة لا یخرج بمجرد المجاورة عن فرضه المستقر علیه قبلها مطلقاً و بعدها ما لم یقم مدة یوجب انتقال فرضه إلی غیره کما سیجی ء إن شاء الله تعالی فیجب علیه إذا أراد حج الإسلام الخروج إلی المیقات لیحرم منه لحج التمتع للإجماعات المنقولة و النصوص الدالة علی ذلک و أن اختلفوا فی تعیین المیقات الذی یخرج إلیه أنه هل هو میقات أهله للخبر عن المجاور أله أن یتمتع بالعمرة إلی الحج قال نعم یخرج إلی مهل أرضه فیلبی إن شاء و لفحوی النصوص الواردة فی ناسی الإحرام و جاهله أنه یرجع إلی میقات أهل أرضه بناء علی عدم تحقق الفرق بین الناس و غیره و الجاهل و غیره بل المدار علی کون المیقات الخاص میقات للنائی مطلقاً کما یفصح عنه الأخبار الواردة فی المواقیت و یؤیده الاحتیاط أیضاً أو أنه أی میقات کان للمرسل لیس له أن یحرم فی مکة لکن یخرج إلی الوقت مؤیداً بعدم الخلاف فی أن من مر علی میقات أحرم منه و أن لم یکن من أهله أو أنه أدنی الحل للصحیح و غیره قلت من أین قال یخرجون من الحرم و فی الجمیع نظر لضعف الأول بضعف خبره سنداً بمعنی و دلالة بإنشاء مع احتمال کون المراد الاحتراز عن مکة و بنحوه یجاب عن الصحاح مع أن التعدی عنها قیاس و عدم تحقق الفرق غیر تحقق عدم الفرق و شمول أخبار المواقیت لما نحن فیه محل کلام لعدم تبادره منها و ضعف الثانی بضعف المرسل سنداً و دلالة لإجمال الموقت فیه المحتمل لإرادة أهل الأرض أنفسهم و اللام للعهد و لأن عدم الخلاف فی أجزاء الإحرام من غیر میقات أهله بعد المرور علیه غیر مفروض من لزوم الخروج إلیه و المرور به و ضعف الثالث لضعف الصحیح لندرته و کون خارج الحرم فیه مطلق محتمل لا رادة التقید بمحل أهل الأرض أو مطلق الوقت أو صورة تعذر المصیر إلیهما للاتفاق علی جوازه کما سیأتی إن شاء الله تعالی فیتعین حمل المطلق علی المقید و لو قصر السند للانجبار هنا بالعمل لاتفاق من عدا الحلبی علی اعتبار الوقف و أن اختلفوا فی إطلاقه و تقیده و أما الصحیح من أراد أن یخرج من مکة لیعتمر أحرم من الجعرانة أو الحدیبیة أو ما أشبههما محمول علی العمرة المفردة کما وردت به المستفیضة مع أنه معارض بالموثق فی المجاور ففیه أن هو احب أن یتمتع فی أشهر الحج فلیخرج

ص: 82

منها حتی یجاوز ذات عرق و یجاوز عسفان فیدخل متمتعاً بعمرة إلی الحج فإن هو احب أن یفرد الحج فلیخرج إلی جعرانة فیلبِ منها و حیث ظهر ضعف الأقوال وجب الرجوع للأحوال الشرعیة و بین أصل البراءة أن کان الشک فی التکلیف مع إحراز شرط الصحة و لزم الإتیان بما یتحقق به البراءة قطعاً بعد یقین الشغل أن کان الشک فی شرط الصحة و الذی یظهر أن الشک متعلق بالوجوب و الصحة معاً فیجب الأخذ بما تیقن أنه مخرج عن العهدة و هو میقات أهله و الإجماع المنقول علی أن من مر بمیقات أحرم منه و لو لم یکن من أهله لا یدل علی الصحة من المیقات مطلقاً و لو بالخروج إلیه و إنما یدل علی الصحة بالمرور علیه بعد کونه بمکان آخر أو کونه فیه نعم لو تحقق الوفاق علی الصحة من أی المواقیت کان و بقی النزاع فی الوجوب لکان الأصل براءة الذمة من تعیین میقات أهل أرضه لعدم قوة الدلیل الدال علیه نعم منع الإحرام من أدی الحل اختیاراً هو الأقوی فتوی و روایة و نسب لفتوی المشهور و الروایات المعتبرة فإن تعذر الخروج إلی المواقیت خرج أدنی الحل من خارج الحرم فأحرم منه و لو تعذر أحرم من حله.

سادسها: قد عرفت أن للنائی حکماً و لمن کان فی مکة أو قریب الیها حکماً آخر حینئذٍ

فلو توطن النائی مکة کان له حکم أهلها و لو توطن المکی غیرها من الأمکنة البعیدة کان له حکم أهلها و لو کان له منزلان قد نوی التوطن فیهما فإن تساویا بالبینة و الفعل زمناً تخیر بین التمتع و غیره للإجماع المنقول و فتوی الفحول و لزوم الترجیح من غیر مرجح لو تعین علیه واحد بعینه و لزوم العسر و الحرج لو وجب علیه التکرر بل الإجماع علی نفیه و أن تفاوتا بالنیة و الفعل أو بالفعل فقط اعتبرا علیهما إقامة لفتوی الفحول و الإجماع المنقول و الصحیح فیمن له أهل بالعراق و أهل مکة قال فلینظر أیهما الغالب علیه فهو من أهله و فی الحاق الغلبة بالنیة وجه لا یبعد البناء علیه هذا أن لم یکن مقیماً فی مکة سنتین فلو أقام سنتین جری علیه حکم أهل مکة لما سیأتی إن شاء الله تعالی من أن من أقام سنتین بمکة من النائین جری علیه حکم أهل مکة و أن لم

ص: 83

یکن له بمکة منزل یکون جریان الحکم علیه بالأولویة و قد تمتع الأولویة إلا أن ظاهر النص و الفتوی یقربها.

سابعها: الذی تقتضیه القاعدة المأخوذة من الأخبار أن حکم النائی و القریب لا یختلف بالمجاورة و عدمها

فلو جاور النائی مکة لم یجر علیه حکم أهلها من القران و الأفراد و لو جاور المکی غیرها لم یجر علیه حکم غیرها من التمتع و أن وجب علیه أنه مر بمیقات أن یحرم منه إلا أنه قد خرج عن هذه القاعدة المجاور بمکة أو ما قاربها

سنتین هلالیتین أن کانت المجاورة فی مبدأ الهلال أو هلالیتین و شهراً عددیاً أن کانت المجاورة فی أثناء الشهر مجاورة عرفیة و أن خرج فی أثنائها إلی ما دون المسافة یخل بها علی الأظهر اقتصاراً علی مورد الیقین فإن المجاور یکون حکمه حکم أهل مکة لفتوی المشهور نقلًا بل المجمع علیه نقلًا و المشهور تحصیلًا و للصحیح من أقام بمکة سنتین فهو من أهل مکة لا متعة له و الآخر الدال علی ذلک و ظاهر التنزیل جریان جمیع أحکام أهل مکة علیه حتی فی النذور و الایمان و تعتبر الاستطاعة علیه من مکة و لأن استطاعة الناس شرط للتمتع و لا تمتع هاهنا مع احتمال استطاعة من أهله لعموم أدلة الاستطاعة الناس و الاستصحاب و أصل البراءة و لکن الأول أقوی و اشترط بعض أصحابنا إقامة ثلاث سنین و لا دلیل علیه سوی الأصل و هو مقطوع بالصحیح المتقدم و بالآخر المجاور یتمتع بالعمرة إلی الحج إلی سنتین فإذا جاوز سنتین کان قاطنا و لعل مرادهم بالثلث أنه بالدخول فیها یکون حکمه حکم أهل مکة و ما دل علی الأقل من سنتین کالسنة و الستة أشهر من الصحاح و غیرها شاذ مطروح أو مؤول لا یعارض ما تقدم و حمله علی التخییر فرع المقاومة و لیس فلیس و صرف التوجیه إلی ما قابلها بحملها علی إرادة الدخول فی الثانیة بعید عن ظاهر النص و الفتوی و لا فرق فی المجاور سنتین بین کون المجاورة بنیتهما فقط أو بنیة ما زاد علیهما أو بلا نیة أو بنیة الدوام لإطلاق النص و الفتوی مع أنه بنیة الدوام أ یکون من أهلها من دون إقامة سنتین بل و لو یوماً واحدا علی الأظهر و ما قیل أن إطلاق النص یدفعه منظور فیه لانصراف النصوص الإمرة بانتقال الفرض بعد السنتین و بعدمه قبلهما إلی المجاور لا المستوطن فیها علی جهة

ص: 84

الدوام و هل یشترط فی انتقال الفرض تحدد الاستطاعة بعد الإقامة المقتضیة لانتقال فرضه فلو کانت سابقة لم ینتقل الفرض و أن طالت المدة للاستصحاب أو لا یشترط لإطلاق النص و الفتوی و هو الأجود و کذا من توطن مکة بعد استقرار حجة الإسلام علیه من النافق عنها فإنه لا یبعد انتقال فرضهم و السائح الذی لا منزل له یحتمل إلحاقه بالنائی فیکون فرضه التمتع و یحتمل التخییر و الأول احوط سیما لو قلنا بجواز التمتع للقریب کما أن ذو المنزلین المتساویین الأحوط له التمتع سواء کان أیام الحج فیهما أو فی غیرهما و سواء استطاع عنهما أو من أحدهما فقط لصدق کونه من غیر أهل مکة و من غیر حاضری المسجد الحرام الذین فرضهم التمتع مع احتمال أنه لو استطاع من أحدهما فقط لزمه فرضه لعموم الآیة و الأخبار.

القول فی مواقیت الإحرام

اشارة

التی لا یجوز لأهلها الإحرام من غیرها اختیاراً إلا إذا لم یؤد الطریق إلیها و هی ذو الحلیفة لأهل المدینة و هو مسجد الشجرة و الجحفة لأهل الشام و المغرب و العقیق لأهل العراق و أهل نجد و قرن المنازل لأهل الطائف و یلملم لأهل الیمن و مکة لحج التمتع و فخ میقات لتجرد الصبیان منه و الأقرب إلی مکة أو عرفه بمن کان منزله کذلک و محاذاة المیقات لمن یمر بالمیقات و یحاذیه و أدنی الحل مع تعذر الرجوع إلی المیقات و مساواة أقرب المواقیت إلی مکة لمن لم یحاذی المیقات فهنا أمور.

أحدها: میقات أهل العراق العقیق

و هو فی اللغة کل واد عقه السیل أی شقه و وسعه وسمی به أربعة أودیة فی العرب أحدها المیقات و معرفته موکولة للشارع أن جاء فی بیانه حد شرعی و ألا فإلی المشهور بین الطوائف و الأعراب و المستفیض عندهم فی إطلاق الاسم أو أجراء الحکم و ألا فإلی أهل الخبرة منهم الثقة فی ذلک و ألا فلأهلها و أن لم یکن من أهل العدالة لأن المقام من الموضوعات التی لا یمکن الرجوع فیها إلا لأهلها و فی الصحیح یجزیک أن لم تعرف العقیق أن تسأل الناس و الأعراب و أفضله المسلخ بالخاء المعجمة سمی بذلک لنزع الثیاب به أو المسلح بالحاء المهملة و حد المسالح

ص: 85

و هی المواضع العالیة و هو أوله کما دلت علی ذلک الأخبار و کلام الأصحاب و فی بعض الأخبار أن أوله یرید البعث کالصحیح الوارد أن أول العقیق یرید البعث و هو دون المسلخ لستة أمیال مما یلی العراق و لعل له أولین من طرفیه و أولین متداخلین ثمّ یلیه فی الفضل أوسطه و هی غمرة بالغین المعجمة و الراء المهملة و المیم الساکنة و هی منهل من مناهل طریق مکة بها یفصل بین طریق نجد و تهامة ثمّ بعدهما فی الفضل أخره و هو ذات عرق بالعین المهملة المکسورة و الراء المهملة الساکنة و هو الجبل الصغیر و قیل سمیت بذلک لأنه کان بها عرفاً من ماء و یدل علی ذلک الخبر العقیق أوله المسلخ و أخره ذات عرق و الثانی أوله المسلخ و أوسطه غمره و أخره ذات عرق مؤیدین بفتوی المشهور بل کاد أن یکون إجماعاً محصلًا و هو منقول علی لسان جمع و من أصحابنا من ذهب إلی عدم جواز تأخیر الإحرام إلیها إلا لضرورة أو تقیة و ذلک أما لخروجها عن العقیق أو لدخولها و لکن لا یجوز تأخیر الإحرام إلی أخر الوقت فی الاختیار و استدل لهم بالصحیح العقیق نحو من بریدین ما بین برید البعث إلی غمرة و الصحیح الأخر أیضاً أول العقیق برید البعث و هو دون المسلخ لستة أمیال مما یلی العراق أو بینه و بین غمرة أربعة و عشرون میلًا بریدان و الخبر حد العقیق ما بین المسلخ إلی عقبة غمرة و المروی فی الاحتیاج الرجل یکون مع بعض میولًا نسخه متصلًا بهم یحج و یأخذ عن الجادة و لا یحرم نسخه همولًا لا من المسلخ فکتب أ یؤخر إحرامه إلی ذات عرق فیحرم معهم لما یخاف من الشهرة أم لا بد أن یحرم من المسلخ فکتب فی الجواب یحرم من المیقات ثمّ یلبس الثیاب و یلبی فی نفسه فإذا بلغ إلی میقاته أظهره و فی الجمیع نظر لقصور هذه الروایات عن مقابلة المشهور من تلک الروایات لشذوذها و اشتمالها علی خروج غمرة کذات عرق من حد العقیق و لا قابل به و لقصور دلالة الصحیح الثانی علی الخروج مطلقاً و لتضمنه أن أول العقیق دون المسلخ و هو خلاف الفتوی و الروایة و لضعف الأخیرین سنداً عن المقاومة فحمل الأخبار حینئذٍ علی إرادة أن الفضل هو الإحرام من المسلخ أو الإحرام من ذات عرق لا فضل فیه و هو من أشعار العامة فالتأخیر إلیه لا یکون إلا عن تقیة أو ضرورة.

ص: 86

ثانیها: لأهل المدینة مسجد الشجرة

و عبر جمع بذی الحلیفة و الأخبار منها ما فیها ذی الحلیفة و منها ما فیها الشجرة و أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أحرم من مسجد الشجرة و یظهر من بعض الأصحاب اتحادهما و أن مسجد الشجرة هو ذی الحلیفة لاجتماع ناس فیه قد تحالفوا قبل الإسلام و کذا یظهر من بعض الأخبار و یظهر من بعض أخر أن ذی الحلیفة مشتمل علی مسجد الشجرة و زیادة و هو الظاهر و أنه علی ستة أمیال من المدینة و قیل سبعة و قیل أربعة و قیل نحو مرحلة منها و قیل علی ثلاثة أمیال و قیل علی خمسة و نصف و قیل میل إلی منتهی العمارات فی وادی العقیق الملحقة بالمدینة و علی کل حال فالأحوط بل الأطهر من الجمع بین الأخبار و کلام الأبرار و من مقتضی وجوب البراءة بعد یقین الشغل هو تعین الإحرام من مسجد الشجرة بل استظهر بعضهم نقل الإجماع علیه حیث قال فیه من أقام بالمدینة شهراً و هو یرید الحج ثمّ بدا له أن یخرج فی غیر طریق أهل المدینة الذی یأخذونه فلیکن إحرامه من مسیرة ستة أمیال فیکون حذاء الشجرة من البیداء و أما الصحیح وقت لأهل المدینة ذو الحلیفة و هو مسجد کان یصلی فیه و یفرض الحج فإذا خرج من مسجد و سار و استوت به البیداء حین یحاذی المیل الأول احرم فلیس فیه دلالة علی أن الإحرام من خارج المسجد کما قد یفهم من ظاهر الخبر إلا علی تقدیر إرادة المعنی الحقیقی و لیس بمراد لمنافاته لصدر الخبر بل المراد به أما التلبیة نفسها أو الإجهار بها علی تقدیر لزوم الإحرام من المسجد فالجنب و الحائض یحرما مجتازین لحرمة اللبث فإن تعذر الاجتیاز فهل یحرمان من خارجه کما نقل علیه عدم رویة خلاف فیه من بعض الأساطین للزوم قطع المسافة من المسجد إلی مکة محرماً فلا یترک المیسور بالمعسور و للاحتیاط أو یؤخران الإحرام للجحفة لمکان الضرورة المبیحة للتأخیر إلیها و فیه أن شمول الضرورة لمثل هذا محل تأمل و نظر لانصرافها لنحو البرد و الحر و الخوف و شبهها و من لم یمکنه الإحرام من مسجد الشجرة لضرورة أو برد أو حر أو ضعف أحرم من الجحفة بضم الجیم و الحاء المهملة بعدهما فاء و هاء لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و أخبار الباب إلا أن أکثرها مطلق کإطلاق بعض الأصحاب و لکن الإجماع المنقول و فتوی

ص: 87

الفحول و ما یشعر به الحسن فی قوله و قد رخص رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لمن کان مریضاً أو ضعیفاً أن یحرم من الجحفة و قریب إلیه الموثق مما یصلح للتقیید علی أن دلالة الأخبار الصحاح المستفیضة و الإجماعات المنقولة علی تأقیت ذی الحلیفة الظاهر فی عدم جواز العدول عنها مطلقاً محکمه قویة فیضعف الخروج عنها بإطلاق الأخبار الدالة علی التأقیت بالجحفة لعدم صراحتها فی العموم فیقتصر فیها علی مورد الفتوی و الاتفاق و هو حال الضرورة دون غیره و هل یجوز التعدی عن ذی الحلیفة إلی الجحفة إذا لم یمر به للأصل و لأن الواجب الإحرام من المیقات عند المرور به و لو لغیر أهله مع ظهور الإطلاق فی خیال المرور به دون غیره أو لا یجوز بل لا بد من قصده و الإحرام منه لأنه میقات مع النهی عن الرغبة عن مواقیته (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وجهان أوجههما الأول و علی النائی فهل یأثم و یصح الإحرام من الجحفة لأنها میقات و الأصل البراءة من لزوم العود أو لا یصح للتعدی عن المأمور به وجهان أقواهما الأول و أحوطهما الثانی.

ثالثها: الجحفة میقات أهل الشام اختیاراً

لفتوی الأصحاب و أخبار الباب و فی جملة من الأخبار أنها میقات أهل المغرب و مصر و أفتی به جماعة و لا بأس به و الجحفة مکان علی سبع مراحل من المدینة و ثلاثة من مکة کما قیل و بینها و بین البحر ستة أمیال و قیل میلان قیل و لا تناقض لاختلاف البحر فی الأزمنة و فی القاموس کانت قربه جامعة علی اثنین و ثلاثین میلًا من مکة و فی المصباح المنیر منزل بین مکة و المدینة قریب من رابع بین بدر و خلیص و سمیت الجحفة لأن السیل أجحف بها و تسمی الهیعة من الهیع و هی السیلان.

رابعها: میقات أهل الیمن جبل یقال له یلملم و الملم و یقال یرمرم

و هو علی مرحلتین من مکة بینهما ثلاثون میلًا للفتوی و النصوص و لأهل الطائف قَرن المنازل بفتح القاف و سکون الراء خلافاً للجوهری ففتحها و زعم أنه اویس القری بفتحها منسوب إلیه و غلطه من تأخر عنه و أن اویس من بنی قرن بطن من مراد و یقال له قرن الثعالب و قرن بلا إضافة و هو جبل مشرف علی عرفات علی مرحلتین من مکة و قیل أن قرن الثعالب غیره و أنه جبل مشرف علی اسفل منی بینه و بین مسجدها ألف

ص: 88

و خمسمائة ذراع و میقات حج التمتع مکة للفتاوی و النصوص و میقات من کان منزله أقرب إلی مکة هو منزله کما نطقت به الأخبار و فتوی الأصحاب و نقل علیه الإجماع و اعتبر بعضهم القرب إلی عرفات و بعض استوجه الفرق بین العمرة فالقرب إلی مکة و بین الحج فالقرب إلی عرفة لتعلق الغرض بمکة فی الأول بعد الإحرام و تعلق بعرفات فی الثانی بعده أیضاً و الأول أقوی ترجیحاً لمورد النصوص و الفتاوی و أهل مکة یحرمون منها علی القول بالأقربیة من عرفات لأنها أقرب من المیقات قطعاً و علی القول بالأقربیة من مکة یشکل الحال لعدم دلالة الأخبار علیه لأن الأقربیة تقتضی المغایرة بین الشیئین و لکن المشهور بین الأصحاب و المنفی عنه الخلاف کما عن بعضهم تحتم الإحرام منها و یدل علیه قوله (علیه السلام) من کان دونهن فمهلة من أهله و قریب المرسل عن رجل نزل الجهة من أین یحرم قال من منزله نعم ورد فی المجاور فی الصحیحین أنه یحرم بالحج من الجعرانة من دون تفصیل بین انتقال فرضه إلی فرض أهله أم لا و الظاهر أنه مقید بالأخیر أو یجعل من خصائص المجاور کما قبل.

خامسها: کل من مر علی طریق فی حج أو عمرة فمیقاته میقات أهله

لفتوی الأصحاب و الإجماعات المنقولة فی الباب و قوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) هن لهن و لمن أتی علیهن من غیر أهلهن و قوله (علیه السلام) أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وقت المواقیت لأهلها و لمن أتی علیها من غیر أهلها و لانتفاء العسر و الحرج و من مر علی طریق لا یفضی إلی المرور بأحد المواقیت کالبحر مثلًا أحرم عند محاذاة أقربها إلی طریقه لأصالة البراءة من المسیر إلی المیقات و اختصاص نصوص المواقیت فی غیر أهلها بمن أتاها و للصحیح فی المدنی یخرج فی غیر طریق المدینة فإذا کان حذاء الشجرة مسیرة ستة أمیال فلیحرم منها و مال بعض لأصحابنا إلی لزوم الإحرام من نفس المیقات للمرسل الدال علی لزوم الإحرام من الشجرة ثمّ یخرج إلی أی طریق شاء و الاحتیاط لا یدل علیه و لکنه لا یعارض المرسل المعتضد بفتوی المشهور و لو تعددت المحاذاة فی طریقه من المقدم للاحتیاط و لحدیث لا یسقط و یحتمل المؤخر و هو ما کان أقرب إلی مکة للأصل و یحتمل التخییر و لو کان المقدم أبعد محاذاة من المؤخر کان الإحرام من المؤخر و یکفی الظن بالمحاذاة

ص: 89

للأصل و نفی العسر و الحرج و عدم طریق سواه و لو ظهر التقدم علیه أعاد و احتمال الأجزاء قوی و أن ظهر التأخر فالأوجه الأجزاء لأن المرء متعبد بظنه و التحفظ عن المیقات لیس کالمتقدم علیه و أن لم یکن له طریق إلی العلم أو الظن قبل أحرم من بعد بحیث یعلم أنه لم یجاوز المیقات ألا محرماً للاحتیاط من باب المقدمة و فیه أن ذی المقدمة لم یعلم الخطاب به بعد و الأصل البراءة إلا مع الیقین و المقدمة الاحتمالیة غیر واجبة نعم یجب الإحرام من موضع یعلم تجاوز المیقات عند وصوله إلیه و لو لم یحاذی شیئاً منها قیل یحرم من مساواة أقربها إلی مکة و هو مرحلتان تقریباً لاشتراک المواقیت فی حرمة قطع الماء بها قدر تلک المسافة و لا یجوز لأحد قطعها إلا محرماً و قیل من أدنی الحل لأصالة البراءة من وجوب الزائد و لضعف الأول و قیل أن المواقیت محیطة بالحرم علی الجهات الأربع فلا طریق لا یؤدی إلی المیقات و لا إلی محاذاته.

سادسها: یجرد الصبان من فخ بفتح الفاء و تشدید الخاء بئر معروف

علی نحو فرسخ من مکة علی ما ذکره جمع و فی القاموس موضع بمکة و النهایة موضع عندها و لا خلاف فی الحکم للأخبار و فتوی الأصحاب إلا أنه هل المراد بالتجرید الإحرام کما صرح به جمع إلا أن الإحرام من المیقات أولی و نسب للأکثر بل صرح بعضهم بعدم الخلاف فیه أو نزع الثیاب خاصة و أن کان الإحرام من المیقات جمعاً بین قواعد الإحرام من المواقیت و بین أخبار التجرید فإنها لیست صریحة فی الإحرام و أن کانت ظاهرة فیه للاتفاق ظاهراً علی جواز الإحرام من المیقات فالرجوع للمتفق علیه أحوط و قد یستند فی إرادة الإحرام من التجرید إلی عموم لزوم الکفارة علی الولی إذا لم یجتنبوا ما یوجبها و منه لیس المخیط و إلی أن الإحرام بهم مندوب فلا یلزم من المیقات لطول المسافة و صعوبة تجنبهم عن المحرمات و إلی صحیح عمار قدموا من معکم من الصبیان إلی الجحفة و إلی بطن مر ثمّ یصنع بهم ما یصنع بالمحرم و وجه دلالة فی آخره و لکن فی الجمیع نظر فمنع من الاستناد إلیه هذا کله أن حجوا أو اعتمروا علی طریق المدینة و ألا فتحدیدهم من المیقات و احتمال إلحاق أدنی الحل بفخ فی سائر الطرق بعید.

ص: 90

سابعها: القارن و المفرد إذا اعتمروا بعد الحج وجب أن یخرجا إلی خارج الحرم

فیحرمان منه فمیقات هذه العمرة یکون أدنی الحل و ذلک لمن کان دون المواقیت أو کان من مکة قاطناً أو مجاوراً و أما من کان خارجاً عن المواقیت فمیقاته ما تقدم منها کل ذلک للأخبار نعم یندب لمن کان دون المواقیت أو فی مکة أن یجرد من الجعرانة بکسر الجیم و العین المهملة و تشدید الراء المهملة المفتوحة و عن بعضهم بکسر الجیم و إسکان العین و تخفیف الراء و عن بعضهم فتح الجیم و کسر العین و تشدید الراء و هو موضع بین مکة و الطائف من الحل بینهما و بین مکة ثمانیة عشر میلًا و قیل سبعة و هو سهواً و من الحدیبیة بفتح الحاء المهملة و الدال المهملة ثمّ الباء الساکنة ثمّ الباء الموحدة ثمّ الیاء المثناة ثمّ تاء التأنیث و تخفیف یائها الثانیة و تنقل و التخفیف أضبط و هی بئر خارج الحرم علی طریق جدة عند مسجد الشجرة التی کان عندها بیعة الرضوان قیل علی مرحلة و قیل علی مرحلتین و قیل تسع أمیال من المسجد الحرام و نقل عن بعضهم أن الحدیبیة اسم شجرة حدباء سمیت بها قریة هناک لا صغیرة و لا کبیرة قیل أنها من الحل و قیل منه الحرم و قیل بعضها فی الحل و بعضها فی الحرم و الأول أظهر أو من التنعیم موضع علی ثلاثة أمیال من مکة و قیل علی فرسخین علی طریق المدینة به مسجد أمیر المؤمنین (علیه السلام) و مسجد زین العابدین و مسجد عائشة و یسمی به لأن یمینه جبل أسمه نعیم و عن شماله جبل اسمه ناعم و اسم الوادی نعمان و یقال هو أقرب أطراف الحل إلی مکة و أن أحرم المعتمر من الحرم إلی مکة لم یجزه أنه لا بد من الجمع بین الحل و الحرم و بالحج یجمع بینهما بالخروج إلی عرفات.

ثامنها: لا یصح الإحرام قبل المیقات

بإجماعنا المنقول بل المحصل و بأخبارنا المستفیضة إلا الناذر له قبله فیصح بشرط أن یقع فی أشهر الحج أو عمرة متمتع بها و ألا فیصح مطلقاً علی الأقوی وفاقاً للمشهور بل نقلًا بل تحصیلًا علی ما یظهر للمعتبرة الدالة علی ذلک کالخبر الدال علی نذر الإحرام من الکوفة و للآخر الدال علی نذره من خراسان و خلافاً للحلی فلم یعتبر هذا النذر لأنه نذر غیر مشروع کنذر الصلاة فی غیر وقتها مع ضعف الأخبار سند المنع صحة الأول و ظهور احتماله للمسیر للإحرام

ص: 91

و هو قوی أیضاً و الاحتیاط یقضی بالإحرام من المنذور و المیقات و ألا لمعتمر فی رجب مع خوف نقصه قبل الإحرام فیجوز الإحرام بها من أین ما کان للإجماع المنقول و فتوی الفحول و لخبر إسحاق عن الرجل یجی ء معتمراً أ ینوی عمرة رجب فیدخل علیه الهلال قبل أن یبلغ العقیق فیحرم قبل الوقت و یجعلها لرجب أم یؤخر الإحرام إلی العقیق و یجعلها لشعبان قال یحرم قبل الوقت لرجب فإن لرجب فضلًا و خبر معاویة بن عمار و لیس ینبغی أن یحرم دون الوقت الذی وقته رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إلا أن یخاف فوت الشهر فی العمرة و أحتاط بعض المتأخرین هنا بتجدید الإحرام و ذکر أنه لم یتعرض له کثیر من الأصحاب.

تاسعها: لا یجوز لمن أراد النسک أن یجاوز المیقات مختاراً إلا محرماً

للإجماع المنقول و فتوی الفحول و النصوص الصحیحة الصریحة منها من تمام الحج و العمرة أن تحرم من المواقیت التی وقتها رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لا تجاوزها ألا و أنت محرم و لا تجاوز الجحفة إلا محرماً و منها لا ینبغی لحاج و لا معتمر أن یحرم قبلها و لا بعدها و لو أخره الإحرام برد أو حر شدیدین أو تقیة أو شبهها جاز له تأخیره لأن الضرورات تبیح المحذورات و لنفی العسر و الحرج و للخبرین أحدهما الصحیح فلا یجاوز المیقات إلا عن علة و الآخر المرسل إذا خاف الرجل علی نفسه أجزاء إحرامه إلی الحرم و ذهب ابن إدریس إلی أن الإحرام لا یؤخر و أن تأخر صورته الظاهریة من التعری و لیس الثوبین فیلزم علی المار بالمیقات النیة و التلبیة و لو بالإشارة کالأخرس سوی المغمی علیه و مثله فإنه لو تأخر إحرامه لم یکن هو المؤخر و ظاهره نقل الإجماع علی بطلان حج من ترک التلبیة و النیة لأنه ترک الإحرام متعمداً و یؤیده حدیث لا یسقط و حدیث من مر بالمسلخ مع العلة و خاف إظهار الإحرام المتضمن للإحرام من میقاته و لیس الثیاب و التلبیة فی نفسه فإذا بلغ میقاتهم أظهرها و هو جید موافق للاحتیاط فلو جاوز المیقات عمداً أو سهواً أو جهلًا بالحکم و الموضوع من غیر إحرام عاد إلیه وجوباً لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب أما العمد فلتوقف الواجب علیه و أما فی صورة الجهل و السهو و النسیان للصحاح و غیرها منها الصحیح فی الناسی یخرج إلی میقات

ص: 92

أهل أرضه فإن خشی أن یفوته الحج أحرم من مکانه فإن استطاع أن یخرج من الحرم فلیخرج من الحرم و منها فی الجاهل أن کان علیها مهلة فترجع إلی الوقت فتحرم منه فإن لم یکن علیها فلترجع إلی ما قدرت علیه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا یفوتها الحج فتحرم و منها عن رجل ترک الإحرام حتی دخل الحرم فقال یرجع إلی میقات بلاده الذی یحرمون منه فیحرم فإن خشی أن یفوته الحج فلیحرم من مکانه فإن استطاع أن یخرج من الحرم فلیخرج و غیر ذلک و أما فی جملة من المعتبرة فی الجاهل من الأمر بالخروج إلی خارج الحرم بقول مطلق کما فی الصحیح أو بالإحرام من مکانه من مکة أو من المسجد کذلک کما فی الموثق محمول علی صورة عدم التمکن من الخروج إلی المیقات کما هو الغالب فلیحمل الإطلاق علیه حملًا للمطلق علی المقید و اقتصار فی الإطلاق علی المستیقن نعم ورد فی الجاهل عن قریب الإسناد أن کان جاهلًا فلیبن من مکانه فإن ذلک یجزیه إن شاء الله تعالی و أن رجع إلی المیقات الذی یحرم منه أهل بلده فإنه أفضل و لکنه لضعفه عن مقاومة ما قدمناه لزم طرحه و عدم العمل به فی مقابل ما ذکرناه و یلحق بمن أراد النسک من لا یرید النسک أو لا ثمّ یریده بعد ذلک لتمکنه من الإتیان بالنسک علی وجهه فیجب علیه فعله.

عاشرها: لو زال العقد الأول لترک الإحرام من المیقات

فالأظهر لزوم الرجوع إلیه مع المکنة لعموم أدلة وجوب الإحرام من المیقات و ظاهر بعض أصحابنا نقلًا عدم وجوب الرجوع للأصل و لدلالة التأخیر علی الإحرام بعد المیقات و فیهما أن الأصل مقطوع بعموم الدلیل و الدلالة ممنوعة إلا بعد ضیق الوقت و نحن نقول بها و مع عدم المکنة سقط وجوب الرجوع قطعاً و أحرم من أدنی الحل و أن أمکنه الرجوع بعض الطریق للأصل و دلالة التأخیر علی الإطلاق و تساوی ما بین المیقات و الحرم و إطلاق بعض الأخبار و أطلق الشهید الرجوع بقدر الإمکان لعموم لا یسقط و للروایة الإمرة بالرجوع إلی ما تقدر علیه بعد الخروج من الحرم بقدر ما لا یفوتها و لا بأس به و لو زال العذر الثانی من الجهل و السهو و شبههما فقد بینا وجوب الرجوع علیه إلی المیقات مع الإمکان و مع عدم الإمکان فالظاهر بطلان حج من ترک الإحرام عمداً لمخالفته المأمور

ص: 93

به شرعاً و لفتوی الأکثر نقلًا بل تحصیلًا بالبطلان و لانصراف أدلة الأذن بالإحرام من غیر المیقات مع عدم إمکانه إلی المفروض و لما ورد من أن أحرم دون المیقات فلا إحرام له فإلحاق العامد بالناسی إذا وجب علیه الحج مضیقاً ضعیف و المراد ببطلان الإحرام بطلانه فی إحرام الحج دون العمرة المفردة فإنه یصح الإحرام من أی موضع شاءها إذا کان من أدنی الحل اختیاراً فالاضطرار بالطریق الأولی غایته ما فی الباب أنه ثمّ بترک الإحرام من المیقات و ألا فیجوز الدخول بمکة للإحرام للعمرة المفردة و أما من ترک الإحرام سهواً و نسیاناً أو کان یرید النسک کمن لم یکن قاصداً مکة عند مروره علی المیقات ثمّ بدأ له ذلک أو من لم یجب علیه الإحرام کالحطاب و نحوه أو من دخلها لقتال لا لإرادة النسک ثمّ أراده و کان لا یمکنه الرجوع إلی المیقات احرم من مکانه إذا لم یدخل الحرم فإن دخله رجع إلی أدنی الحل و مع التعذر یحرم من موضعه إلی مکة أو الحرم لفتوی الأصحاب و أشعار أخبار الباب و الظاهر أنه لا یتفاوت بین إمکان الرجوع إلی ما أمکن من الطریق و بین عدمه و لکن الأحوط الرجوع لعموم لا یسقط و الاعتبار و أشعار الخبر المتقدم و دلیل الاجتزاء بالإحرام من الحرم أو خارجه علی حسب حاله مع الأصل و عدم التفریط و انتفاء العسر و الحرج الأخبار الصحیحة منها عن رجل ترک الإحرام حتی دخل الحرم فقال یرجع إلی میقات أهله الذی یحرمون منه فیحرم فإن خشی أن یفوته الحج فلیحرم من مکانه فإن استطاع أن یخرج من الحرم فلیخرج من الحرم و الآخر عن رجل جهل أن یحرم حتی دخل الحرم کیف یصنع قال یخرج من الحرم ثمّ یهل بالحج و الثالث عن امرأة جهلت الإحرام حتی دخلت مکة قال مروها فلتحرم من مکانها أو من المسجد و الرابع فی الناسی یخرج إلی میقات أهل أرضه فإن خشی أن یفوته الحج أحرم من مکانه فإن استطاع أن یخرج من الحرم فلیخرج ثمّ لیحرم و الخامس فیمن مر علی الوقت فنسی أو جهل و لم یحرم حتی أتی مکة فخاف أن رجع إلی الوقت أن یفوته الحج قال یخرج من الحرم و یحرم و مقتضی الإطلاق عدم الفرق بین أنواع العذر ما عدا العمد فقط.

ص: 94

حادی عشرها: ناسی الإحرام لو أکمل المناسک یجزیه

لصحیح علی بن جعفر سأل أخاه عن رجل کان متمتعاً خرج إلی عرفات و جهل أن یحرم یوم الترویة بالحج حتی رجع إلی بلده ما حاله قال إذا قضی المناسک کلها فقد تم حجه و الجهل یعم النسیان بمنطوقه أو بمفهومه لأنه أولی بالجهل من العذر و لا فرق بین إحرام الحج و غیره لظاهر فتوی الأصحاب و تنقیح المناط و للمرسل فی رجل نسی أن یحرم أو جهل و قد شهد المناسک کلها و طاف و سعی قال یجزیه بنیة إذا کان قد نوی ذلک فقد تم حجه و أن لم یهل و یؤید بفتوی الأکثر و المعظم و الأصحاب کما نقله کذلک بعض الأصحاب فیکون معتبراً فظاهر أن الإحرام المنسی هو التلبیة و لبس الثوبین دون النیة بل ترک النیة یکون مفسداً للحج اقتصاراً فیما خالف الأصل علی موضع النص و لاستعمال الإحرام فی التلبیة فی النصوص استعمالًا معروفاً فیحمل علیه ما فی الصحیح أو لجهالة حقیقة الإحرام بحسب الفتوی و الروایة أما الروایة فلعدم البیان فیها و أما الفتوی فلاختلافها فی أنه النیة فقط أو التلبیة فقط أو هما معاً أو الأخر بشرط الأول و لبس الثوبین معهما أو اللبس کذلک أو أنه توطین النفس علی ترک المنهیات عنها المعهودة إلی أن یأتی بالمناسک و التلبیة هی الرابطة لذلک التوطین نسبتها إلیه نسبة تکبیرة الإحرام للصلاة و علیه فیکون مجملًا یجب الأخذ فیه بالاحتیاط و هو العمل بکل ما یحتمل الفساد بترکه خرج غیر النیة بالدلیل فتبقی محکوماً بالفساد عند ترکها و دعوی کون الإحرام هو المجموع المرکب فیفوت بفوات أحد أجزائه لم تثبت أو لا مقتضاها و لئن ثبت فهو موکول إلی ما قلنا إلا أن غیر النیة قد خرج لتقیة من الفتوی و الروایة و دعوی أن إطلاق فتوی الأکثر خال عن التقیید بما عدا النیة کالصحیح و المرسل ضعیف عن تقییده ضعیفة بعد ما قدمناه.

ثانی عشرها: من لم یتمکن من نیة الإحرام لإغماء أو جنون أو سکر أو نوم متطاول

أحرم به ولیه الشرعی أو العرفی أو من یتولی ذلک منه من أصحابه فیحرم به و یجنبه مما یجتنبه المحرم محرماً کان المحرم به أم محللًا لمرسل جمیل فی مریض أغمی علیه حتی أتی الموقف یحرم عنه رجل و الظاهر أنه إحرام به لا إحرام عنه لأن أجزاء النیابة

ص: 95

مشکوک فیه و هل یجزیه هذا الإحرام فإذا أدرک الموقفین نتم حجه و ألا انکشف عدم تعلق الخطاب به اولًا یجزیه لأن النیابة خلاف الأصل أن کان نائباً أو أجزاء نیة شخص عن نیة آخر خلاف الأصل أن کان هو الناوی عنه و الخبر ضعیف سنداً و دلالة و الأولی أن یقال أنه یحرم به صورة فإن أفاق قبل الوقوف فأمکنه الرجوع إلی المیقات رجع فأحرم منه و ألا فمن أدنی الحل و ألا فمن موضعه و أن کان میقات حجه مکة رجع إلیها و ألا فمن موضعه کل ذلک وجب علیه الإحرام لنفسه و أن وجب علیه لمروره بالمیقات فی حال الصحة فوجوبه فی الإغماء بهذا النحو مقتصراً إلی دلیل یدل علیه و أن کان معتمراً فأحرم به للعمرة فإن کانت مفردة أنتظر به حتی یفیق فإن أفاق و قد دخل الحرم رجع إلی أدنی الحل أو المیقات أن أمکنه فأحرم منه و ألا فمن موضعه هذا أن وجبت علیه و أن کانت عمرة التمتع فأفاق حیث یمکنه إدراکها مع الحج فعلهما بإحرام نفسه و ألا حج مفرداً بإحرام نفسه أن کان وجبت علیه حجة حج الإسلام أو غیره ثمّ أعتمر أن وجبت علیه و أن لم یکن وجب علیه شی ء منهما تخیر بینه و بین أفراد العمرة و ظاهر کلامهم أن عمرة التمتع لمن أغمی علیه یجزی بفعل الغیر و لا یفتقر بعد ذلک إلی أفراد عمرة.

القول فی واجبات الإحرام

اشارة

و هی أمور:

أحدها: النیة

و هی القصد إلی الإحرام و تعیین ما یحرم له من عمرة أو حج إسلامین أو غیرهما أو تعیین الحج من قران أو أفراد أو تمتع و تعین العمرة من تمتع أو أفراد و أن یکون العمل لوجه الله قربة إلیه أو طلباً لرضاه أو لکونه أهلًا أو شکراً لنعمته أو لغیر ذلک و لو ترکها عمداً أو سهواً لم یکن له إحرام و لا یترتب علیه أحکامه و آثاره و لا یصح منه سائر الأفعال بنیة النسک من الطواف و غیره إلا مع السهو علی بعض الوجوه فلو ترکه صح للأصل و فتوی الأصحاب و صحیح حماد بن عثمان حیث قال و أن شئت أضمرت الذی ترید و کذا لو نوی نوعاً و نطق بغیره صح المنوی للأصل و فتوی الأصحاب و روایة الحمیری فیمن أراد الإحرام بالحج فأخطأ فذکر العمرة قال لیس علیه شی ء فلیعتد بالإحرام للحج و لو نطق من غیر نیة لم یصح

ص: 96

إحرامه للأصل و فتوی الأصحاب و لخبر الحلبی عمن لبی بحج و عمرة و لیس یرید الحج قال لیس بشی ء و لا یجوز تأخیرها من مبدأ الإحرام إلی وقت التحلل لفوات الشرط من المشروط به فلا یجدیه تدارکه بعد ذلک خلافاً للشیخ و دعوی أن التروک لا تفتقر إلی نیة غیر مسموعة کتاباً و سنة و حمله علی نیة الخصوصیة بعد نیة الإحرام المطلق فی مقام یصح العدول فیه أیضاً لا نقول به لاشتراط التعیین و لو نوی الإحرام و لم یعین حجّاً و لا عمرة بطل إحرامه للزوم نیة الفعل عما یمیزه من الأعیان و لأنه لو جاز الاتهام بالإحرام لجاز فی کل فعل مشترک و اللازم باطل و لتضمن الأخبار التعیین و لأخبار الدعاء المتضمنة لفعل المنوی و للزوم یقین الفراغ و یقین مع عدم التعیین و لأنه لو جاز لکان هو الاحوط لئلا یفتقر إلی العدول المنافی للأصل لو أضطر إلیه و لما احتاج إلی اشتراط أن لم یکن حجه فعمرة و کذا لو أحرم کإحرام فلان و لم یعلم کیفیة إحرامه أو لم یعلم أنه أحرم أولًا و کذا لو نوی بإحرام واحد الحج و العمرة معاً لفساد المنوی بفساد نیته و ذهب بعض أصحابنا إلی صحة نیة الإحرام المطلق و إلی صحة نیة إحرام کإحرام فلان و استدل الأول بالأصل و بأن النسکین غایتان للإحرام لا داخلین فی ماهیته و لا ممنوعان له و أخبار التعیین و العدول و الاشتراط مبنیة علی الغالب و بأن الإحرام بالحج یخالف غیره من أحرم سائر العبادات لأنه لا یخرج منه بالفساد و إذا عقد عن غیره أو تطوعاً وقع عن فرضه فجاز أن ینعقد مطلقاً و لما ورد أن علیاً (علیه السلام) أهل کإهلال النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و لم یعرف إهلاله و لأن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) خرج محرم لا یسمی حجّاً و لا عمرة ینتظر أمر الله سبحانه و تعالی و حینئذ فإن نوی الإحرام المطلق فإن کان فی غیر أشهر الحج أنصرف للعمرة المفردة و أن کان فیها تخیر بینهما و فی الجمیع ضعف لانقطاع الأصل و منع عدم تنویع أنواع الحج و العمرة للإحرام و بعد تنزیل الأخبار علی الغالب و منع مخالفة الإحرام لسائر العبادات و ما ذکر لا یصلح فارقاً و منع عدم علم علی (علیه السلام) بنوع إحرام النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و کونها قضیة فی واقعة فتحمل علی الاختصاص و ما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من طرف العامة و استدل للثانی بما ورد من إحرام علی (علیه السلام) و ضعفه ظاهر مما قدمنا

ص: 97

و علی قولهم فإن علم إحرام من أحرم بإحرامه ألتزم به إلا فالتخییر أو یحج متمتعاً و ذهب بعض أصحابنا إلی صحة نیة الإحرام للعمرة و الحج معاً مطلقاً علی وقوعه فی غیر أشهر الحج و الکل ضعیف و لو عین الإحرام لنوع فنسی ما عینه لم یجتز إذ لم یلزمه أحدهما و أنصرف إلی ما لزمه أن لزمه أحدهما لأنه من قبیل الشک بعد الفراغ و قیل یتعین العمرة لجواز العدول من الحج إلیها دون العکس و عن التذکرة و التحریر أنه لو تجدد الشک بعد الفراغ من الطواف جعلها عمرة متمتعاً بها إلی الحج و عن الشهید أنه حسن إن لم یتعین علیه غیره و الا صرف إلیه و کذا لو شک فی أنه هل أحرم بهما أو بأحدهما معیناً أو مطلقاً أنصرف إلی ما علیه أن کان علیه شی ء معین و ألا تخیر و لو شک فی فساد النیة و صحتها بعد انعقاد الإحرام کان من الشک بعد الفراغ و احتمال القرعة عند الاشتباه ضعیف و لو نوی معیناً من نذر أو نیابة و نسی ما نواه أتم ما نواه أو لا إلا إذا اختلفت أفعال کل واحد منهما عن الأخر فیعید الإحرام من رأس.

ثانیها: یجب فی الإحرام التلبیات الأربع

للأخبار و الإجماع بقسمیه و یقوم مقامها الأشعار و التقلید للقارن فله أن یعقد الاحرام بهما دونها لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و الأخبار المستفیضة منها ما تقدم فی امتیاز القران عن الأفراد و منها الصحیح و غیره الدالان علی أنهما بمنزلة التلبیة و منها الصحیح الأخر یوجب الإحرام ثلاثة أشیاء الأشعار أو التقلید فإذا فعل شیئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم خلافاً للمرتضی فأقتصر علی الإحرام بها و لبعض أخر فجوز الإحرام بها و لبعض أخر فجوز الإحرام بهما عند العجز عنها و هما ضعیفان و الاستناد لعموم ما جاء فی التلبیة ضعیف أیضاً للزوم تخصیصه بالأخبار المتقدمة المعمول علیها بین الطائفة المشتهرة بین الأصحاب و صورة التلبیة أن یقول بالعربیة معرباً علی الأظهر مرتباً فیها لبیک اللهم لبیک لبیک لا شریک لک لبیک للأصل و الصحیح أن تقول لبیک اللهم لبیک لا شریک لک لبیک أن الحمد و النعمة و الملک لا شریک لک لبیک ذی المعارج لبیک ثمّ قال و أعلم أنه لا بد من التلبیات الأربع کن أول الکلام و هی الفریضة و هی التوحید و بها لبی المرسلون و هو

ص: 98

ظاهر فی اختتام الواجب بالتلبیة الرابعة و قیل یضیف إلی ذلک أن الحمد و النعمة لک و الملک لا شریک لک بتقدیم لک علی ذی الملک فی الأخبار أو تأخیرها أو تقدیمها و تأخیرها معاً و نسب لکثیر من الأعیان و وردت به الأخبار المتکثرة و فی الرضوی و الخصال تصریح به و یحمل الصحیح المتقدم علی أن المفروض هو ما قبل الخامسة دونها نفسها و هو أحوط لفتوی الکثیر بالزیادة و أن اختلفوا فی محلها فبین حامل لها بعد الرابعة کما فی فتوی جمع من الفحول و طائفة من الأخبار المعتبرة و بین جاعل لها بعد الثالثة کما فی فتوی جمع أخر و ربما کان الأکثر و أن لم یکن له مستند من الأخبار فالإتیان بها مطلقاً أحوط و أحوط منه الإتیان بها بصورتها معاً و ما ورد فی الصحیح من ترکها و الإتیان بدلها لبیک ذا المعارج لبیک محمول علی سقوطها من قلم الراوی سهواً للاتفاق علی عدم وجوب غیرها و الاتفاق علی رجحانها و من المستبعد العدول عنها إلی غیرها مما هو متفق علی عدم وجوبه من الزیادات المذکورة فی الأخبار و الأخرس یجزیه تحریک لسانه و الإشارة بإصبعه کما فی الفتوی و النص و لکن مع عقد قلبه بها و الإشارة لمعناها بدونها لا یکون إشارة إلیها و الظاهر من إشارته بإصبعه أن یکون إلیها و أن یفعل ما یفعله من تأدیة المعانی بالأفعال إذ الألفاظ لا یعقلها و لا یسمعها فلیست الإشارة إلی اللفظ بل إلی المعین فیوریه بالأفعال و یدل علی تحریک اللسان عموم لا یسقط و ما لا یدرک و قیل أن الأخرس یلبی عنه غیره أیضاً کما یلَبّی عن الصبی و المغمی علیه بل و عن کل من لا یحسن التلبیة و استند للخبر عن زرارة فیمن لا یحسن أن یلبی فاستفتی أبا عبد الله (علیه السلام) فأمر أن یلبی عنه و إلی إن أفعال الحج تقبل النیابة و لوجوب إیقاع اللفظ بنفسه أو نائبه مهما أمکن لعموم أدلة الاحتیاط و للزوم البراءة و لأن فی الجمع بین تلبیته بنفسه و تلبیته بنائبه جمع بین الخبرین و کلام الأصحاب و لعموم لا یسقط و نحوه و فیه ضعف لعدم مقاومة الخبر لما تقدم من الخبر المشهور فتوی و عملًا الظاهر فی الأجزاء عنه کما فی غیر التلبیة من العبادات علی أنه ظاهر فیمن لا یحسن کالأعمی و نحوه الذی لا یقدر علی العربیة فإنه لا یبعد أن له العدول من الترجمة بالعجمیة إلی النیابة أو یراد من لا یحسن أصلًا کالأصم الذی لا یمکن تعریفه بها

ص: 99

و تعلیمه الإشارة إلیها و دعوی أن الحج مما یقبل النیابة مسلمة فیما دل علیه الدلیل إلا فیما جاء الدلیل بخلافه و عموم لا یسقط ظاهراً فی الفعل الواقع من الشخص نفسه فلا یشمل إیقاع غیره عنه عند العجز عنه و دلیل الاحتیاط مسلم علی جهة الندب لا الوجوب و الفراغ الیقین یحصل بالخبر المعتضد بفتوی المشهور و الأحوط للعجمی أن یترجم و یستنیب و کذا من لا یحسن لألحان بإعراب أو بنیة أو غیرهما للخبر المتقدم و من نوی الإحرام و لم یلبی و أن لبس الثوبین لم تلزمه الکفارة لما یفعله من منافیات الإحرام إلا إذا أشعر أو قلد القارن فإنهما بحکم التلبیة و یدل علی الحکم المذکور الأخبار المتکثرة و منها الصحیح لا بأس أن یصلی الرجل فی مسجد الشجرة و یقول الذی یرید أن یقوله و لا یلبی ثمّ یخرج فیصیب من الصید و غیره و لیس علیه شی ء و الصحیح الأخر فی الرجل یقع علی أهله بعد ما یعقد الإحرام و لم یلَبّ قال لیس علیه شی ء و الإجماع المنقول و فتوی الفحول دال علیه و ما یخالف ذلک من الأخبار و أن صح سنده فهو شاذ محمول علی فعلها سراً أو علی الندب و هل فعل المنافی قاطع للإحرام فیجب تجدیده بالرجوع إلی المیقات أن تعداه و ألا جدد النیة فی مکانه للاحتیاط و لأنه نقض للإحرام کما أشعر به المرسل حیث سأله عمن نقض إحرامه بمواقعه النساء فأجابه (علیه السلام) بالتقریر علی ذلک أو لا یجب للأصل و إطلاق الأخبار و عدم البیان و لأنه أحرم و الظاهر الأجزاء و عوده إلیه مفتقراً إلی دلیل و لیس فلیس ثمّ أنه علی ما ذکرنا من لزوم عقد الإحرام بالتلبیات الأربع فهل یجب مقارنتها لنیة الإحرام للاحتیاط و لکونها عاقدة له فهی کتکبیرة الإحرام للصلاة و لما جاء من عدم جواز المرور علی المیقات إلا محرماً و لأن المفهوم من لزوم عقد الإحرام بها توقف حصول الإحرام علیها أو لا یجب للأصل و للأخبار الدالة علی رجحان تأخیر التلبیة لمن حج علی طریق المدینة من المسجد إلی أن تعلو راحلته البیداء و لتصریحهم بجواز ارتکاب المحرمات علی المحرم ما لم یلَبّ و أن حصلت منه النیة و لبس الثوبین و حینئذٍ فیکون معنی عدم الانعقاد إلا بها أن له ارتکاب المحرمات و لا کفارة علیه من کفارات المحرم من غیر أن یأتی بها و أن کان إحرامه الأول قد انعقد إحراماً و یکون عبادة و لا

ص: 100

یحتاج عند التلبیة إلی نیة الإحرام جدیداً و لا الرجوع إلی المیقات فیما لو تجاوزه قبل التلبیة و الأخیر أقوی و الأول أحوط و یمکن الجمع بین الأخبار ببقاء الأخبار الأولیة علی حالها و حمل الثانویة علی استحباب الجهر بها بعد ذکرها سراً عند الإحرام کما یشعر به الصحیح أن کنت ماشیاً فأجهر بإحرامک و تلبیتک من المسجد إذا کنت راکباً فإذا علت راحلتک البیداء و الأوجه حمل الأخبار الأولویة علی عدم انعقاد الإحرام التام المترتبة علیه الأحکام إلا بها و ألا فلا بأس بنیة الإحرام و لبس ثوبیه من دون تلبیة و حمل أخبار عدم جواز المرور علی المیقات ألا محرماً علی إرادة الإحرام من حیث هو سواء قارن التلبیة أم لم یقارن و إبقاء الأخبار الأخیرة علی حالها من جواز تأخیر التلبیة و یشهد لذلک الصحیح أنه (علیه السلام) صلی رکعتین و عقد فی مسجد الشجرة ثمّ خرج فأتی بخبیص فیه زعفران فأکل قبل أن یلبی و کلام الشیخ فیه التهذیب یدل علیه أیضاً حیث قال و المعتمد فی هذه الأحادیث أن من أغتسل للإحرام للحج و صلی و قال ما أراد من القول بعد الصلاة لم یکن فی الحقیقة محرماً و أنما یکون عاقداً للحج و العمرة و أنما یدخل فی أن یکون محرماً إذا لبی و الذی یدل علی هذا المعنی ما رواه ثمّ ذکر الروایة عن أبی جعفر و أبی عبد الله (علیهما السلام) إذا صلی الرجل الرکعتین و قال الذی یرید أن یقول من حج أو عمرة فی مقامه ذلک فإنه أنما فرض علی نفسه الحج و عقد عقدة الحج و قال أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حیث صلی فی مسجد الشجرة صلی و عقد الحج و لم یقولا صلی و عقد الإحرام فلذلک صار عندنا أن لا یکون علیه فیما أکل مما یحرم علی المحرم و لأنه قد جاء فی الرجل یأکل الصید قبل أن یلبی و قد صلی و قد قال الذی یرید أن یقول و لکن لم یلَبّ و قالوا قال ابن أبی تغلب عن أبی تغلب عن أبی عبد الله (علیه السلام) یأکل الصید و غیره فإنما فرض علی نفسه الذی قال فلیس له عندنا أن یرجع حتی یتم إحرامه فإنما فرضه عندنا عزیمة حین فعل ما فعل لا یکون أن یرجع إلی أهله حتی یمضی و هو مباح له قبل ذلک و له أن یرجع متی شاء و إذا فرض علی نفسه الحج ثمّ أتم بالتلبیة فقد حرم علیه الصید و غیره و وجب علیه فی فعله ما یجب علی المحرم لأنه قد یوجب الإحرام ثلاثة أشیاء الأشعار و التلبیة و التقلید فإذا

ص: 101

فعل شیئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم و إذا فعل الوجه قبل أن یلبی فقد فرض و هذا الکلام وجیه به تجتمع الأخبار و أن لم یکن معروفاً فی الحکم به بین الأصحاب فعلی ذلک یجوز لمن دخل المیقات الإحرام بأن ینوی التروک أو التلبیة بعد ذلک و یلبس الثوبین فیکون محرماً حینئذٍ و لا یجوز له قطعه و ترکه و العدول عنه و أن جاز له ارتکاب المنافیات إلی أن یلبی بعد ذلک فیحرم علیه جمیع المنافیات و تلزمه حینئذٍ سائر الکفارات.

ثالثها: یجب فی الإحرام للرجل لبس ثوبین

اشارة

للإجماع المنقول و فتوی الفحول و للتأسی فی المبنی علی الاستمرار الظاهر فی الوجوب و للصحاح الإمرة بهما الظاهرة فی الوجوب و ورود الأمر فی سیاق المندوبات غیر ضائر بعد انجباره بما مر و المراد بهما إزار و رداء فالإزار هو ما یستر العورة و ما بین السرة إلی الرکبتین لأنه المفهوم منه و المعهود و المنصرف إلیه اللفظ و الرداء ما یوضع علی المنکبین علی النحو المعهود و لا یجوز الإحرام بثوب واحد للإجماع المنقول و للاحتیاط و لو کان طویلًا فارتدی ببعضه و تأزر بالآخر فلا یبعد عدم الأجزاء و فی الضرورة یجوز ذلک کله و هل یجب الثوبان للنساء لإطلاق الفتوی أو لا یجب لأن السیرة علی خلافه و لجواز المخیط لهن و أنهن یلبسن ما شئن من الثیاب وجهان أقربهما الثانی و لو أحرم الرجل محاذیاً أو لابساً مخیطاً فهل ینعقد إحرامه و علیه الإثم لأن الإحرام عبارة عن النیة و التلبیة کما یظهر من الأخبار فالأصل عدم الاشتراط لشی ء آخر أو لا ینعقد للاحتیاط و الشک فی العبادة بعد یقین الشغل و قد یؤید الأول قولهم لو أحرم و علیه قمیص نزعه و لا یشقه و لو لبس بعد الإحرام لزمه شقه و إخراجه من تحت و دلت علی ذلک الأخبار أیضاً و ظاهرهم عدم الفرق بین العامل و الساهی و أنه لیس علی من لبس القمیص إلا النزع و ألا فإحرامه إحرام کامل إلا أنه غیر منعقد و لذا لا یجب علیه الشق لبعده و یؤیده الخبر فیمن أحرم بقمیصه و قد لامه الناس و قالوا له حجک فاسد فقال الامام (علیه السلام) متی لبست قمیصک بعد ما لبیت أم قبل قال قبل أن لبی قال فأخرجه من رأسک فإنه لبس علیک بدنه و لیس علیک حج من قابل أی امرئ ارتکب أمراً بجهالة فلا شی ء علیه و فرقه بین

ص: 102

الجاهل و العمد فیه أنما کان من جهة نفی الکفارة لا من جهة الصحة و عدمها لأن الظاهر من الشرائط کونها واقعیة لا یختلف فیها حال الجهل و العلم و فی آخر مثله أیضاً و مع ذلک فالفرق بین صورة الجهل فیصح الإحرام و یلحق به الناسی و شبهه و بین صورة العمد فلا یصح رکوناً للاحتیاط و قضاء الأدلة هو الأحوط و أن کان ظاهر الأصحاب نقلًا بل تحصیلًا الصحة مطلقاً و یشترط کون الازار ساتر من السرة للرکبتین و للأخبار و لخبر التوقیع و لأنه المعهود و الأحوط إدخال السرة و الرکبتین و الأحوط فی الرداء وضعه علی المنکبین کما هو الظاهر من لفظه و المعهود من فعله و جوز بعضهم التوشح و هو إدخال الثوب تحت الید الیمنی و إلقاء طرفیه علی المنکب الأیسر أو بالعکس و نفی عنه الأشکال الشهید (رحمه الله) و ربما یشکله إطلاق الارتداء و لکن الأحوط تجنبه و فی الأخبار النهی عن شد الإزار بعضه ببعض و عن عقده علی عنقه نعم یثنیه علی عنقه هذا أن وصل إلی عنقه و ألا فالظاهر کراهة عقده مطلقاً و لو علی الصدر و دونه بل بجعل بعضه تحت بعض و ظاهر الأصحاب أنه لا یجوز الإحرام إلا فیما تجوز الصلاة فیه و یدل علیه الاحتیاط و مفهوم صحیحه حریز کل ثوب تصلی فیه فلا بأس أن تحرم فیه و صحیحه معاویة بن عمار فی الثوب الذی تصیبه الجنابة لا یلبسه حتی یغسله و إحرامه تام و فی آخر عن المحرم یقارن بین ثیابه و غیرها التی أحرم فیها قال لا بأس بذلک إذا کانت طاهرة و هذه الأخبار مؤیدة بفتوی الأصحاب بل و ظاهر الإجماع المنقول فی الباب و هل هذا شرط فی الابتداء أو الاستدامة وجهان أقواهما أنه شرط فی الابتداء فقط سیما شرط الطهارة لتلوث بدن المحرم غالباً بالنجاسة و من البعیدة زیادة الثوب علیها علی أن الظاهر أن وجوب ثوبی الإحرام أنما یختص بابتداء الإحرام دون الاستدامة و من البعید عدم وجوب الأصل فی الاستمرار مع وجوب الوصف و علی ما ذکرناه من الشرط فیشترط فی الثیاب أن لا تکون حریراً محضاً للرجال و لا غیر مأکول اللحم جلداً أو شعراً أو وبراً و لا مذهباً و لا مغصوباً عن نجاسته و لا حاکیا للعورة فی الإزار و الأحوط إلحاق الرداء به و الأحوط الاقتصار علی المتعارف فی الثیاب مادة و صورة فلا یحرم بالجلد و لا بالصوف و القطن الغیر منسوجة

ص: 103

و هکذا و هل هذا الشرط واقعی أم علمی یفتقر فی حالة الجهل و السهو و النسیان وجهان و فی الأخیر قوة و مقتضی القواعد الأول

و هنا أمور:

أحدها: لا یجوز الإحرام بالثوب للرجال إذا کان مخیطاً

و الأخبار و کذا لبس المخیط و أن لم یکن من ثوبی الإحرام لإطلاق النص و الفتوی و یستثنی من ذلک السراویل إذا لم یکن له إزار بحیث لا یتمکن تحصیله إلا بثمن مضر بالحال للإجماع و لا یجب فتقه و جعله علی هیئة الإزار علی الأقوی لإطلاق النص و الفتوی و کذا الطیلسان و أن کانت فیه خیاطة و له إزار علی الأظهر و لکن لا یزره للخبر و کذا القباء یجوز لبسه إذا فقد الثوب منکوساً للإجماع و الأخبار و هل المراد بالنکس جعل أعلاه أسفله کما فی خبر السرائر و الخبر الأخر المعتبرین و المعمول علیهما بل نقل علی مضمونها الإجماع أو جعل ظهره إلی الباطن و بطنه إلی الظاهر کما صرح به الخبر و اشعر به الصحیح حیث أن فیه لا یدخل یدیه فی ید القبا أو التخییر بینهما جمعاً بینما دل علی الأول و الثانی بحمله علی التخییر وجوه أقواها الأول و الاحتیاط فی الجمع بین الأمرین معاً و هل یشترط فقد الثوبین معاً فی جواز ذلک کما هو المشهور فی الفتوی و تدل علیه جملة من النصوص أو یکفی فقد الرد کما فی الخبرین المعلقین الحکم علی فقده و أحدهما صحیح أو یکفی فقد أحدهما للمناط المفهوم من الرخصة فیه وجوه و أقوال أقواها أوسطها و الظاهر أن الحکم مختص بحال عدم التمکن و الاضطرار لا مجرد عدم الوجود اقتصاراً علی الظاهر من النص و الفتوی و هل یشترط الاضطرار إلیه عند فقد الرداء لحر أو برد أو لا یشترط وجهان أقواهما عدم الاشتراط و الظاهر عدم لزوم الفداء للأصل و إطلاق الأخبار إلا إذا أَدخل یده فی الکمین فکما لو لبس مخیطاً.

ثانیها: یجوز للامرأة لبس السراویل المخیطة و الغلالة للحائض

للإجماع و الأخبار و یجوز لها لبس المخیط إذا لم یکن نفس الإحرام به بل کان بغیره کما إذا أحرمت بثوبین تحت قمیصها و یدل علی ذلک الأخبار و الإجماعات المحلیة و عمل المسلمین و کون المرأة عورة فیناسبها الستر نعم یستثنی من ذلک القفازین و هو ما یسمی الیوم عرفاً به فإنه یحرم للأخبار و فتوی الأصحاب و الإجماع المحکی و قد فسر بنوع من

ص: 104

الملابس المشابهة للثیاب کما عن جماعة و هو شی ء یوضع فی الیدین یحشی بالقطن و یکون له أزرار تزر علی الساعدین من البرد و فسر بنوع من الحلی کما عن آخرین لإطلاقه علیه و لا بد من اجتنابه علی کلا التفسیرین لکونه من الشبهة المحصورة فیجتنب من باب المقدمة و ورد لفظ لا یصلح أو الکراهة فی بعض الأخبار لا یصلح أن یکون صارفاً للنواهی عن التحریم بعد اعتضادها بما قدمنا و هل یجری جواز لبس المخیط لنفس ثوبی الإحرام إذا خیطا لإطلاق النصوص و الفتاوی بأن الامرأة تلبس ما شاءت من الثیاب و لانصراف النهی عن المخیط للرجال خاصة أو لا یجری لانصراف الأخبار فی جواز للثیاب الأخر التی تلبسهن الامرأة للستر و للاحتیاط وجهان أقواهما الأول و أحوطهما الثانی هذا أن قلنا بوجوب ثوبی الإحرام للنساء علی الهیئة المعهودة و أن کانا تحت ثیابها کما هو الأحوط و أن فهمنا من أخبار جواز المخیط جواز الإحرام لهن بثیابهن المخیطة المعتادة لهن و انصراف أدلة وجوب الثوبین للرجال خاصة فلا أشکال حینئذٍ فی جواز الإحرام بالمخیطة مطلقاً.

ثالثها: یجوز الإحرام بالحریر المحض للنساء

سواء کان الحریر من ثوبی الإحرام أو من غیرهما لجواز صلاتهن و قد دل النص و الفتوی علی أن ما یصلی فیه یحرم فیه و الصحیح فی الحرمة تلبس الحریر و الدیباج فقال نعم لا بأس به و نحوه غیره نعم لا یبعد عدم لزوم تجنب الحریر فی ثوبی الإحرام لهن خصوصاً لو قلنا بوجوب لبس ثوبی الإحرام لهن و لانصراف أدلة الجواز لغیرهما و انصراف الإحرام للمعهود منهما و هو غیر الحریر و ذهب جمع من أصحابنا إلی تحریم الحریر علیهن للنهی عنه فی الأخبار المستفیضة المعتبرة و هو قاض بالتحریم و الجواب أن حمل الأخبار الناهیة علی الکراهة خیر من طرح الأخبار المجوزة مضافاً إلی الأخبار المتکثرة الدالة علی أنه لیس یکره إلا الحریر المحض کما فی روایة لا یصلح لها أن تلبس حریراً محضاً لا خلیط فیه کما فی أخری و إنما یکره الحریر المبهم کما فی رابعة و لا ینبغی للمرأة أن تلبس الحریر المحض و هی محرمة کما فی خامسة و أنما یکره ذلک إذا کان سداه و لحمته جمیعاً حریراً کما فی سادسة و هذه الألفاظ ظاهرة فی الکراهة فتکون قرینة علی إرادة الکراهة من الأخبار

ص: 105

الدالة علی النهی و المنع و یمکن القول فی الجمع بین الأخبار بحمل الأخبار الناهیة علی الحریر المحض و المجوزة علی المغشوش کما هو الظاهر من الأخبار الأخیرة و إبقاء لفظ الکراهة و لا یصلح و لا ینبغی علی معناها المستعمل فی الأخبار کثیراً و هو التحریم فیکون ذلک وجه جمع بین الأخبار و موافق للاحتیاط.

القول فی تروک الإحرام الواجبة

اشارة

و هی أمور:

أحدها: یجب فی الإحرام ترک صید البر اصطیاداً و أکلًا و إشارة و ذبحاً و دلالة و إغلاقاً علیه

کتاباً و سنة و إجماعاً منقولًا بل محصلًا و المراد بالصید هنا اسم العین لا المعنی و هو الحیوان الممتنع نفسه أصالة کالضبی و کثیر من الطیور لا ما أمتنع بالعارض کما إذا توحش الأهلی من الحیوانات لعدم انصراف أدلة تحریم الصید إلیه و لو أنس الوحشی فکان غیر ممتنع بالعارض کان ملحقاً بالممتنع أصالة لإطلاق اسم الصید علیه و ظاهر إطلاق النص و الفتوی تحریم الصید للحیوان المحلل و المحرم و لا ینافی ذلک عدم ترتب الکفارة علی بعض أنواع الحیوان الغیر المأکول اللحم إذ لیس من لوازم التحریم ترتب الکفارة و قد ورد فی خبر معاویة بن عمار إذا أحرمت فاتق الدواب کلها إلا الأفعی و العقرب و الفأرة و روایة عمر بن یزید أجتنب فی إحرامک صید البر کله و خصه بعضهم بالمحلل و الحق به الثعلب و الأرنب و الضب و الیربوع و القنفذ و القمل و ذکر بعضهم الأسد و آخرون الزنبور و العضایة و علی کل حال فلا بأس بقتل الحیوان المؤذی و ما یخاف من ضرره و هل تجوز الإشارة إلیه أو الدلالة علیه لمن یعلم به فلا تفیده فائدة للأصل و انصراف ما دل من الصحیح علی النهی عن الدلالة علیه و الإشارة إلیه إلی ما أفادت المشار إلیه و المدلول فائدة من تعینه أو العلم به أو لا یجوز أخذ بالإطلاق وجهان أقواهما الأول و أحوطهما الثانی و یلحق بالصید فرخه و بیضه للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب إلا أنه یحرم البیض الذی یأخذه أو یکسره المحرم علی المحل فی الحل للأصل و لعدم اشتراط التذکیة فیه و للمفهوم من الأخبار المرتبة للکفارة فیهما و لا یتفاوت الحال فی تحریم أکله بین أن یصیده فی حالة الإحلال أو

ص: 106

الإحرام هو أو غیره محلًا کان الصائد أو محرماً و کذا الإشارة إلیه بین أن یکون المشار إلیه محلًا أو محرماً و لو ذبح المحرم الصید کان میته للأخبار و الإجماع فلا یأکله محلًا و لا محرماً و الظاهر جریان أحکام المیتة علی جلده و تحریم جمیع الانتفاعات به للحکم بأنه میتة فی الأخبار المعتبرة المعتضدة بفتوی الأصحاب و للأمر بدفنه فی أخبار آخر و ذهب جمع من أصحابنا إلی أنه أن ذبحه المحرم فی الحل جاز للمحل أن یأکله للصحیح إذا قتل الصید فعلیه جزاؤه و یتصدق بالصید علی مسکین و للخبر الأخر فإذا أصابه فی الحل فإن الحلال یأکله و علیه الفداء و الظاهر أن المراد بالإصابة هی القتل بقرینة سیاق ما تقدم من الأمر بدفنه إذا أصابه فی الحرم و لأخبار آخر تشعر بذلک و فی الجمیع ضعف لعدم مقاومة الخبرین لما قدمنا سنداً و اعتضاداً و لضعف دلالة الباقی مع احتمال أن یکون الباقی قوله بالصید للسببیة و یراد بالصید المصدر و أن یکون فی الصید رمق فی الأول و مع ضعف القرینة فی الثانی بعد اختلاف النسخة فی بدفنه فقد قیل أن بدلها یفدیه و أما ما احتمله الشیخ من تحریم مقتوله بالذبح دون مقتوله بالرمی فبعید و الحر أو صید بری بالإجماع و الأخبار و کذا کلما یبیض و یفرخ فی البر و أن آوی للماء لطلب الرزق کالبط بالإجماع و الأخبار و لا یحرم صید البحر و هو ما یبیض و یفرخ فی الماء کالسمک و فی حکمها التوالد فیه و المراد بالبحر الماء و لو کان یبیض و یفرخ فیهما لزم اجتنابه للاحتیاط مع احتمال النظر للأغلب و احتمال جواز صیده للأصل و عدم صدق صید البر علیه لانصرافه و لما أختص به و ما لا یعیش فی الماء فهو من صید البر لفتوی الأصحاب و کذا العکس و تشعر بذلک الأخبار و ما لا یستقل بالطیران لا حرمة فیه لأنه لیس من الصید عرفاً و لا فرق فی الصید بین المملوک و غیره و کما یحرم الصید علی المحرم کذلک یحرم علی المحل فی الحرم للإجماع و الأخبار و کما یحرم کله یحرم بعضه ککسر قرنه و نحوه و یحرم أیضاً لبنه و ما تولد منه و الاعتبار فی المتولد بین الصید و غیره و بین البر و البحر هو الاسم لدوران الحکم مداره و لو انتعی عنه الاسمان فإن دخل فیما امتنع جنسه أصالة حرم صیده و أن لم یدخل فی ذلک سواء دخل فیما لا

ص: 107

یمتنع جنسه أو لم یدخل فی اسم خاص جاز صیده للأصل و لو اشتبه وجب اختیاره علی الأظهر.

ثانیها: یجب فی الإحرام ترک النساء

وطأً مطلقاً و لمساً و تقبیلًا و نظر بشهوة لا بدونها و عقد علیهن مطلقاً و تحلیلًا للإماء لنفسه أو لغیره و شهادة علی العقد علیهن أداء و تحملًا للاجماعات المنقولة المستفیضة حتی فی النظر بشهوة فإنه قد حکی علیه الإجماع و لکن صرح الصدوق بأنه لا شی ء علیه و یعضده الأصل مع عدم دلیل علیه و النصوص الدالة علی لزوم الکفارة به مع الأمناء و الدالة علی لزوم الکفارة علی من نظر إلی ما یحرم النظر إلیه لیس فیها دلالة علی التحریم لاختصاصها بالنظر المتعقب بالأمناء فی الأول و فی النظر إلی ما یحرم فی الثانی ففی القول بالجواز قوة إلا أنه مخالف للاحتیاط و لفتوی المشهور من الأصحاب و هل یجوز اللمس و التقبیل إذا لم یکونا بشهوة للأصل و للخبر عن الرجل یضع یده من غیر شهوة علی امرأته قال نعم قال ألمسها و هی محرمة قال نعم و الآخر من مس امرأته و هو محرم علی شهوة فعلیه دم شاة و من نظر إلی امرأته نظر شهوة فأمنی فعلیه جزور و أن مس امرأته و لازمها من غیر شهوة فلا شی ء علیه و إطلاقها شامل للتقبیل و لا یجوز للاحتیاط لإطلاق جملة من الفتاوی و بعض النصوص من المنع عن خصوص التقبیل وجهان أقواهما الأول و أحوطهما الثانی سیما فی التقبیل و یراد بالملامسة المباشرة للبشرة لا ما کان فوق الثیاب و هل یحرم علی المرأة ما یحرم علی الرجل بالنسبة إلی الرجل الظاهر ذلک لاشتراک الأحکام بینهما إلا ما خرج بالدلیل و لا فرق فی حرمة الشهادة علی النکاح بین کونها لمحل أو محرم لقوله (علیه السلام) المحرم لا ینکح و لا ینکح و لا یشهد و فی آخر المحرم یشهد علی نکاح محلین قال لا یشهد و هما معتضدان الأصحاب و یستدل بفحواهما علی المنع من الشهادة علی المحرم و فرق بعضهم بین تحمل الشهادة و بین إقامتها فخص التحریم بالأول لانصراف أدلة التحریم إلیه لأن الشهادة هی الحضور و للأصل و لعموم أدلة النهی عن کتمان الشهادة و لتوقف ثبوت النکاح شرعاً علیها فیلزم من عدم ثبوته مفاسد کثیرة من الزنا و شبهه بخلافه إیقاعه فإنه لا یتوقف علیها عندنا و لأنها أخبار

ص: 108

بصدق و من المستبعد تحریمه و لأنها أولی بالإباحة من الرجعة لأنها إیجاد النکاح فی الخارج و الشهادة إیجاد لها فی الذهن و الکل ضعیف فی مقابلة فتوی المشهور و الخبرین المتقدمین المنجبرین فإنهما شاملان عرفاً للإقامة أیضاً فالعدول عنهما لا معنی له نعم لو ترتب ضرر علی کتمانها وجب أداؤها کما قطع به بعض الأصحاب و لو کان حاضراً للعقد لا للشهادة علیه فوقع العقد بحضوره فلا بأس علی أشکال و لو تحملها محلًا حرم أقامتها محرماً و لا یتفاوت فی تحریم أقامتها بین کون تحملها علی العقد بین محرمین أو محلین أو مرکب من المحل و المحرم و أن تأکد التحریم عند تحملها علی العقد لمحرم بل ربما کانت شهادته غیر مقبولة إذا لم یتب و کان الحضور عن عمد أو علم لا عن جهل و سهو و غفلة و تجوز الإقامة بعد الإحلال إذا تحملها محرماً ما لم یمنع من قبولها القسوة و یجوز للرجل المحرم الرجعة للأصل و فتوی الأصحاب و إطلاق الأدلة و یجوز له شراء الإماء و لو للتسری و أن کان الأحوط ترکه و لا بأس باللحظة و أن کانت مکروهة و یلحق بتحریم النساء الاستمناء و اللواط و فی إلحاق تقبیل الأولاد و لمسهم بشهوة بالنساء فیحرمان من حیثیة الإحرام زیادة علی تحریم أصله وجه و الأحوط تجنب التفکر و التصور للنساء بشهوة و کذا الأولاد و المحرم من العقد ما کان بنفسه عن نفسه أو بوکیله عنه أو بنفسه عن غیره و لا یحرم ما کان بوکیله عن غیره کتوکیل الوکیل أو الولی المحرمین من المحل علی العقد علی المولی علیه أو الموکل المحلین للأصل و الشک فی شمول دلیل التحریم لکونه کالعقد علی نفسه و نقل علیه الإجماع و هو أحوط و العقد فی الإحرام باطل بالنص و الإجماع و بقدم قول من أنکره من الزوجین لأصالة الصحة مع یمینه فإن کان المنکر له المرأة فحلفت استحقت المهر کاملًا دخل بها أم لا علی الأصح و تلزم بلوازم الزوجیة و أن کان المنکر الزوج فحلف دفع لها المهر و لزمته لوازم الزوجیة و لا یجوز له المطالبة بشی ء منهما إلا إذا کان الوطء شبهه فلها مهر المثل لأنه المفروض بعد الدخول و فقد المسمی.

ثالثها: یجب علی المحرم ترک الطیب

و لا یبعد رجوعه إلی العرف و عرفه الشهید بأنه الجسم ذو الریحة الطیبة المتخذ للشم غالباً غیر الریاحین و العلامة فی التذکرة ما

ص: 109

یطیب رائحته و یتخذ للشم قال و المعتبر أن یکون معظم الفرض منه الطیب أو یظهر فیه الفرض و مثلوا الطیب بالمسک و العنبر و الکافور و الزعفران و ماء الورد و دهنه و الأدهان المتخذة للشم و العود و أخرجوا ما لا یتخذ لذلک کالشیح و القیصوم و الخزامی و الأذخر و أن طابت رائحتها و ما أتخذ للأکل دون الشم کالقرنفل و السنبل و الدارسین و المصطکی و نحوها و لکن فی عد القرنفل أشکال و ما کان من الریاحین فإنه و أن أتخذ للشم إلا أن فی دخوله فی الطیب و فی مساواة حکمه له أشکال و علی أی تقدیر فالنبات البری من الاذخر و الشیح و القیصوم و الخزامی و أشباهها لا بأس به کما دلت علیه صحیحه معاویة بن عمار و کذا ما یسمی بالفواکه کالأترج و النبق و التفاح لا بأس به أیضاً أکلًا کما دلت علیه کثرة من الأخبار و فی بعضها أن الأترج طعام لیس من الطیب و نقل الإجماع أیضاً أن الفواکه لیس من الطیب نعم فی کثیر من الأخبار الأمر بالإمساک عن شبهة عند أکله و الظاهر منها الکراهة لما سیجی ء من الأخبار المتکثرة المشعرة بحصر المحرم فی الطیب أو فی بعض الأفراد منه إلا أن الأحوط الإمساک عن شمه کما أن الأحوط تجنب الریحان لصحیحة عبد الله بن سنان و صحیحه حریز الناهیتین عنه و لو لا قوة المعارض من حصر المحرم فی غیره عموماً أو خصوصاً لقلنا بالتحریم و لا بأس بخلوق الکعبة و قبر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و أن ترکب من الزعفران و غیره للإجماع و الأخبار و فی بعضها أنه طهور و سیاقها و فهم الأصحاب منها یفیدان عدم البأس بشمها و تلطیخ ثیاب المحرم لأنه طیب و لو لا ذلک لأمکن الحکم بتنزیل الروایات علی الحکم بطهارته و عدم غسله لاحتمال تلوثه بنجاسة الأعراب و النواصب و اشباههما و الظاهر تسریة الحکم لغیر الخلوق من أنواع الطیب التی تطیب به الکعبة أو القبر حتی ما کان واضعه من تلوث به تنقیحاً للمناط و تسریة للعلة و الظاهر أنه لا بأس برائحة العطارین بین الصفا و المروة کما دل علیه صحیح هشام و أدلة نفی العسر و الحرج و لا یجب سد الأنف عنها و أن وجب سد الأنف عن شم الریح الطیبة ابتداء و استدامة کما یظهر من الأخبار و کلام الأصحاب و لو استهلک الطیب فی غیره فلا بأس به و فی روایة عمران أن کان الدواء غالباً علی الزعفران فلا

ص: 110

بأس و هو محمول علی ما ذکرناه و لو زالت رائحته فلا یبعد ارتفاع تحریم الاستعمال له و لو أکلا و لکن الأحوط تجنبه لاستصحاب التحریم سیما فیما نص علی تحریمه بالخصوص لا لکونه متصفاً بوصف الطیبة لعدم ظهور دوران الحکم فیه مدار الوصف و لو زالت عنه جمیع الأوصاف من اللون و الطعم و الرائحة کان الاحتیاط أقل ثمّ أن الطیب شمه و أکله و استعماله فی ثوب أو فراش أو لمس بالید کل ذلک للإجماع المنقول و للأخبار الناهیة عنه و الناهیة عن شمه و عن مسه حتی أنه لو داسه بنعله أثم و کفر کما قیل و هو حسن ثمّ أن المحرم هل هو الطیب مطلقاً کما هو المشهور نصاً و فتوی و الموافق للاحتیاط و الجامع للأخبار الحاصرة فی بعض دون بعض و الذاکرة لبعض دون بعض و یختص بأربع المسک و الزعفران و العنبر و الورس للأخبار الحاضرة للمحرم فی ذلک فیقید بها العمومات أو یحمل العام علی الندب أو یختص بست الأربع المتقدمة و الکافور و العود للإجماع المنقول علیها و للأخبار الناصة علی العود و الأخبار المانعة عن المیت من الکافور فالحج بطریق أولی و لا ینافی ذلک الأخبار المتقدمة الحاصرة للطیب المحرم فی الأربعة لانصراف أدلة الحصر لغیرها لقلة استعمال الکافور للأحیاء و عدم مباشرة العود للتطیب به بنفسه و الظاهر إرادة ما یستعمله المتطیب بنفسه أو یختص الخمس بإسقاط الورس أقوال أضعفها الأخیر لوجود الورس فی الأخبار المعتبرة و فیما قبله قوة لقوة أخباره فستعمل العمومات علیها حملًا للعام علی الخاص و للإجماع المنقول علی نفی الکفارة فیما عدا الستة و فیما قبله ضعف لندرته و ضعف الصحیح باشتماله علی لزوم الکفارة فیما لا نقول به و یصرف الصحیح لحصر عن ظاهره فیه إلی الحصر الإضافی و أقواها الأول لتکثر الأخبار فیه و اعتضادها بفتوی المشهور و عمل الجمهور و یضعف الأخبار الخاصة اختلافها أیضاً فلتحمل الأخبار الخاصة علی ما هو أغلظ تحریماً و أکثر استعمالًا أو غیر ذلک و یحرم سد الأنف من الرائحة الکریهة للأخبار الناهیة عنه الظاهرة فی التحریم و لفتوی الأصحاب و لا یحرم التنفس بالفم علی الأظهر و أن کان المقصود تجنب الرائحة الکریهة للأصل من غیر معارض.

ص: 111

رابعها: یجب علی المحرم ترک لبس المخیط

و هو خاص بالرجال للإجماع علی الأمرین معاً منقولًا بل و محصلًا علی الظاهر إلا فی مقام الضرورة إنما جاء استثناؤه من قبل الشارع و الأخبار و أن کان المذکور فیها النهی عن القمیص و القباء و السراویل و الثوب المزود و المدرع لا المخیط مطلقاً إلا أن الظاهر أن المذکور مثال و لیس له خصوصیة بقرینة فتوی الأصحاب و الإجماعات المنقولة فی الباب و الحق بالمخیط ما شابهه من المنسوج کالدرع و المردف و الملصق بعضه ببعض و لو شی ء غیر الخیاطة و العقد عقداً متواصلة و ذلک لمشابهته للمخیط فی (التنعم و الترف) و هو و أن إجماعاً فلا بأس و ألا فلا یخلو من أشکال و دعوی شمول بعض الأخبار له منظور فیها لمن تأمل بها و لا فرق فی المنع بین الثوب الضام للبدن و غیره خلافاً لابن الجنید و قد تقدم جملة من الکلام فی ثیاب الإحرام.

خامسها: یجب علی المحرم لبس ما یستر ظاهر القدم

کالخفین و النعل السندی لفتوی الأصحاب و ظاهر الإجماعات المنقولة فی الباب و الأخبار الناهیة عن الخفین إلا إذا أضطر إلیهما و لم یکن له نعلان و الجریین إلا أضطر إلیهما و الظاهر أنهما واردان مورد المثال و تخصیصهما بالذکر بکونهما الغالب فی الحصول و الظاهر أن المحرم ما یستر ظهر القدم تماماً لا بعضه إلا الخف فإنه محرم و أن ستر بعض القدم للنص و لا یحرم الستر بغیر اللبس بالثیاب و غیرها من البدن أو النبات أو الغطاء و نحوها للأصل و رفع العسر و الحرج و لا یبعد اختصاص التحریم بالرجال لانصراف النهی إلیهم و لأن إحرامها فی وجهها و لفحوی ما جاء أن الامرأة تلبس ما شاءت من الثیاب و لأنها عورة فالستر مطلوب لها علی کل حال و إذا اضطر إلی لبس الخف و نحوه جاز للضرورة کما دل علی ذلک النص و الفتوی و هل یجب أن یشق الملبوس عن ظهر القدم حینئذٍ کما أفتی به جمع و دلت علیه بعض الروایات أو لا یجب للأصل و ترک البیان من الأخبار الصحیحة و الإجماع المنقول و لأنه إتلاف للمال المحرم إتلافه و لأن القول به مذهب العامة و الرشد فی خلافهم وجهان أقواهما الأخیر.

ص: 112

سادسها: یجب علی المحرم ترک قص الأظافر من الید و الرجل

إجماعاً محصلًا و منقولًا و للأخبار الناهیة عن ذلک و الموجبة علی من فعله دم و لا بأس به عند الضرورة لأن الضرورات تبیح المحضورات و لقوله فی الصحیح و أن کانت تؤذیه فلیقصها و لیطعم مکان کل ظفر قبضة من طعام و الظاهر أن الإطعام واجب لظاهر هذا الصحیح من غیر معارض و لا شی ء علی الناسی و الغافل للأصل و الخبر و حکم البعض بالقص کحکم الکل و حکم الازالة بغیر القص حکم القص للتعبیر بالقص تارة و القلم أخری و طهورهما فی غیر التقطیع بالسن و شبهه بعد إطلاق الفتوی و الشک فی انصراف هذا المطلوب الظاهر لا یجدی نفعاً و مقتضی الإطلاق عدم الفرق بین الأظافیر الزائدة فی الأصابع الزائدة و بین غیرها.

سابعها: یجب علی المحرم اجتناب قطع الحشیش و الشجر النابت فی الحرم

للإجماع و الأخبار و کذا یحرم علی المحل أیضاً قطع ذلک لعموم الأدلة کما یجوز للمحرم و المحل القطع للنابت فی الحل دون الحرم لذلک و للأصل و لا فرق بین القطع للأصل و الثمرة و الورق و الغصن و بین القلع لعموم الخبر المعتبر کل شی ء ینبت فی الحرم فهو حرام علی الناس أجمعین و الآخر المحرم ینزع الحشیش من غیر الحرم قال نعم فمن الحرم قال لا و نحوه غیره و عمومها یشمل الرطب و الیابس خلافاً لمن خصه بالرطب و أجاز قطع الیابس و وجهه غیر واضح سوی اختصاص قوله لا یختلی خلاها و لا یعضد شجرها به و هو من ضعفه عن التقیید قد حکی عن الجوهری أن الخلا مقصوداً هو الشجر الیابس و ظاهر الصحیح المتقدم عموم التحریم لجمیع الانتفاعات حتی لو سقط غصن أو ورق لم یجز الانتفاع به مطلقاً سواء کان بفعل أدمی أو بفعل الله تعالی و لکن قد نقل الإجماع علی جوازه لو کان بفعل الله لانصراف أدلة المنع المقطوع للآدمی و هو حسن و قد استثنی من ذلک الحکم أموراً منها قطع شجر الاذخر فإنه جائز للإجماع و الأخبار و منها شجر النخل و الفواکه سواء أنبته الله تعالی أو الآدمیون لفتوی الأصحاب و الأخبار و منها ما أنبته الإنسان من البقول و الشجر و الزرع و الریاحین لخبر حریز المعتبر و لأدلة نفس العسر و الحرج و منها قطع عودی الناضح

ص: 113

و هما عود المجالة و هی البکرة العظیمة التی یستقی بها توضع علیهما للاستقاء و دل علی استثنائها النص و فتوی الکثیر من الأصحاب و استثناء عود البکرة مطلقاً لمکان الحاجة قوی و منها ما ینبت فی ملک الإنسان سواء أنبته هو أو أنبته الله تعالی سواء کان مما ینبته الآدمیون مما فیه نفع لهم أو لا و سواء کان المسلک منزلًا أو داراً أو عقاراً و الأحوط اختصاص ذلک بالمکان المنزول دون مجرد الملک و لا یبعد أن المنزل لو کان غیر مملوک له بل له به اختصاص جری علیه الحکم لقوله (علیه السلام) فی الرجل یقلع الشجر من مضربه أو داره فی الحرم قال أن کانت الشجرة لم تزل قبل أن یبنی الدار أو یتخذ الضرب فلیس له أن یقلعها و أن کان طرأت علیه قلعها الرجل من منزله فی الحرم فقال أن بنی المنزل و الشجرة فیه فلیس له أن یقلعها و أن کانت تنبت فی منزله و هو له قلعها و الظاهر أن اللام للاختصاص لا للملک و جوز الشهید قطع الیابس من الشجر لقوله (علیه السلام) لا یختلی خلاها و لأنه بمنزلة قطع العضو المیت من الصید و فیه منع لضعف الروایة عن المقاومة و لمنع المشابهة و الشجر النابت فی الحرم أصل المتدلی فی الحل فرعه حرام کما أن العکس حلال.

ثامنها: یجب علی المحرم ترک إزالة الشعر من جسده دون جسد غیره

قلیلًا کان أو کثیراً بیده أو بدواء أو بآلة نتفاً أو قصاً أو قرضاً بأسنانه أو تقطیعاً بأسنانه أو بغیره حتی شعر البواطن مما یسمی شعر عرفاً للإجماع المنقول علی تحریم مطلق الإزالة و لفتوی الفحول و للأخبار الناصة علی لزوم الفدیة بإسقاط شی ء من الشعر و الناهیة عن قطعه و القائه و الآیة الناهیة عن حلق الرأس حتی یبلغ الهدی محله و یجوز للضرورة أو الأذی و یلزمه الفدیة للکتاب و السنة و الإجماع هذا إذا کان الضرر علی الأذی من غیر الشعر و لکن یرتفع بإزالته و أن کان الأذی من نفس الشعر کالشعر النابت فی العین أو الشعر الطویل فی الحاجب فقد قیل بعدم لزوم الفدیة للأصل و لانصراف لزومها لغیره و لأنه کالدابة الصائلة فلا حرمة لها و قیل بالتفصیل بینما إذا کان مریضاً أو کان الأذی من رأسه و لو بسبهما طول الشعر لزمت الفدیة و ألا فلا للأصل و فی الأخیر قوة و ما یقال علیه أن مورد الأخبار المجوزة للإزالة هو التضرر بالقمل أو الصداع و علیها

ص: 114

بحمل إطلاق الآیة فیبقی ما عداه خارجاً عن مورد البحث منظور فیه لمنع جواز تقیید مطلق الکتاب و السنة مع قوتهما بالأخبار الواردة فی المورد الخاص کما أن القول یمنع شمول الإطلاق لغیر المورد لندرته فیختص بالغالب أیضاً لا یخلو من نظر و تأمل و لا شی ء علی الناسی و الجاهل و شبههما للأصل و لعموم أدلة رفعها عن المکلفین و للصحیح النافی للمشیئة علیهما و للإجماع المنقول فالقول بلزوم الفدیة علیهما ضعیف.

تاسعها: یجب علی المحرم ترک الفسوق

کتاباً و سنة و إجماعاً زیادة علی کونه محرماً فی نفسه سنة و إجماعاً و هو حقیقة شرعیة أو مجاز مشهور شرعی صار حقیقة متشرعیة أو لا فی الکذب مطلقاً کما أفتی به جملة من الأصحاب و فسرته جملة من الروایات و فی جملة من کتب فقهائنا أنه روایة أصحابنا و فی بعضها أنه روایة بعض أصحابنا و فی الکذب مطلقاً و السباب کما فی کتب بعض أصحابنا و دلت علیه صحیحه معاویة بن عمار أو فی الکذب علی الله فقط کما کتب آخرون أو فی الکذب علی الله تعالی و رسوله و أحد الأئمة (علیهما السلام) و علیه ظاهر إجماع الغنیة و علل بتحریمه فی الصوم و إفساده ورد بمنع الملازمة أو فی جمیع المعاصی التی نهی المحرم عنها کما فی کتب رابع و هو بعید و لا دلیل علیه أو فی الکذب و البذ أو اللفظ القبیح کما فی کتب خامس أو فی الکذب و المفاخرة کما دل علیه صحیح علی بن جعفر و أرجعه بعضهم إلی السیاب لعدم انفکاکها عنه غالباً و الأظهر و الأحوط لزوم اجتناب الکل من باب المقدمة و تقل الثمرة بعد القول بتحریم الجمیع لنفسه و عدم إفساد الإحرام به کما هو الأظهر الأشهر خلافاً للمفید و أشعار الخبر فی قوله (علیه السلام) فی إتمام الحج و العمرة إتمامهما أن لا رفث و لا فسوق و لا جدال و لا یصح للاستدلال لکفایة صدق الإتمام علی محرماته.

عاشرها: یجب اجتناب الجدال فی الحج

و هو عرفاً الخصومة و شرعاً حقیقة شرعیة أو مجاز مشهور صار حقیقة متشرعیة فی قول الرجل لا و الله و بلی و الله محقاً أو مبطلًا فالأولی فی مقام النفی و الأحری فی مقام الإثبات کما فی عبائر جمع من أصحابنا

ص: 115

و دلت علیه الروایات المتظافرة الدالة علی الحصر مفهوماً کقولهم علیهم السلام فی عدة أخبار الجدال قول الرجل لا و الله بلی و الله أو منطوقاً کقولهم إنما الجدال لا و الله و بلی و الله و مقتضی إطلاق النص و الفتوی خصوصیة النفی بلا إثبات ببلی و خصوصیة لفظ الجلالة دون غیره من الأسماء الحسنی و اجتماعها فی کلام واحد و عدم اشتراط کونهما جواباً بالکلام متکلم أو تتمة لکلام نفسه و عدم کونه فی مقام خصومة أو غیرها و الکل لا یخلو من أشکال سیما الأخیر فإنه لا یبعد الاکتفاء بأحدهما فی تسمیته جدالًا لأن الظاهر عدم وقوعهما غالباً فی کلام واحد لتباین معدودهما فی الإثبات و النفی و کذا من المستبعد أیضاً ترتب الجدال علی مجردها تبنی الصیغتین حتی لو أتی بهما مجردتین لظهور انصراف الأدلة إلی الواقعتین فی الکلام جواباً و سؤالًا و عدم اشتراط وقوعهما فی مقام خصومة أو جدال لانصراف النصوص و الفتاوی إلی مقام الخصومة أو حقیقة شرعیة أو مجاز شرعی فی الیمین مطلقاً کما ذهب جمع أخر من أصحابنا و دلت علیه بعض الأخبار کخبر معاویة و أبی بصیر أن من حلف أیماناً ثلاثة ولاء فقد جادل و من حلف واحدة کاذبة فقد جادل و الصحیح عن المحرم یرید العمد فیقول له صاحبه و الله لا تعمله فیقول و الله لأعملنه فیحلفه مراراً یلزم ما یلزم الجدال قال لا إنما أراد بهذا إکرام أخیه فإن التعلیل نفی الجدال بهذا دون فقد الصیغتین یشعر بأنه لو لا الإکرام لثبت الجدال و الظاهر أنه لا یتفاوت بین کونه علی أمر ماض أو مستقبل أو هو کذلک فی الیمین و لکن مع تکریره کما نشعر به هذه الأخبار و لا ینافی هذین الخبرین الأخبار المتقدمة الحاضرة للجدال فی قوله لا و الله و بلی و الله لجواز حملها علی المفرد المتکرر الغالب من الیمین أو علی إرادة التکرر منها لوقوعه غالباً من الحالف أو علی أن لا و بلی کنایة عن النفی المطلق و الإثبات المطلق و هما ملازمان للیمین إذ هو کذلک فی الصیغتین فی مقام الخصومة و الجدال لا مطلقاً أخذ بالمتیقن و بالمفهوم من لفظ الجدال و بحمل إطلاق الأخبار علی المعهود من تکریر الیمین فی مقام الخصومة و هو کذلک فی الیمین مطلقاً فی مقام الإثبات و النفی فی مقام الخصومة و الأظهر و الأحوط لزوم اجتناب الجمیع من باب المقدمة و تغضیاً عن شبهة الخلاف و ظواهر جملة من الأخبار

ص: 116

و یجوز الجدال للضرورة أو لدفع دعوی باطلة تضره فی دینه أو دنیاه للعمومات المبیحة المخدورات عند الضرورات و لا یبعد سقوط الکفارة حینئذٍ و أن کان الأحوط لزومها أخذ بإطلاق بعض الروایات.

حادی عشرها: یجب علی المحرم ترک قتل هوام الجسد الکائنة فی الثوب أو البدن علی الثوب أو البدن أو الفراش

أو قتلها خارجاً کالقمل و الصواب إذا نزعها من ثوبه و فی إلحاق البق و البرغوث و شبهها بهما وجه قوی کما أن فی إلحاق قتلهما إذا وجدا خارج الثوب و البدن و الفراش وجه قوی کما أیضاً و الدلیل علی ما ذکرناه الصحیح فی المحرم یحک رأسه ما لم یتعمد قتل دابة و غیره المتضمن للنهی عن قتل الدواب کلها و لما کان الأخذ بعمومها ضعیف لمخالفته المشهور نقلًا و أدلة نفی العسر و الحرج اقتصرنا علی ما أفتی به المشهور من التخصیص بهوام الجسد و یعضده الأخبار المتضمنة للنهی عن قتل القمل و أن قاتلها بئسما صنع و المتضمنة للنهی عن إلقائها و أن من قتل شیئاً منها خطأ أطعم طعاماً بناء علی أولویة المنع من القتل من المنع من الإلقاء و بناء علی أولویة ترتب الکفارة فی العمد من ترتبها فی الخطأ و المتضمنة لأنه لا ینبغی أن یتعمد قتلها و نسب القول به لأکثر الأصحاب حتی أن القول باختصاص تحریم القتل قوی اقتصاراً علی المتیقن من دلیل المنع و لما ورد من جواز قتل البق و البراغیث إذا أذاه بل ربما یقال بعدم تحریم قتلها أیضاً للصحیح فی الحرم لا شی ء علیه فی القملة و لا ینبغی أن یتعمد قتلها فإن الظاهر أن نفی الشی ء قرینة علی إرادة الکراهة من لفظ لا ینبغی مضافاً إلی ظهورها فیه و الخبرین مطلقاً فی أحدهما لا بأس یقتل القملة فی الحرم و فی الأخر لا بأس بقتل البرغوث و القملة و البقة فی الحرم من دون تفصیل بین المحرم و غیره و هذه الأخبار مؤیدة بما قیل أنها مخالفة لفتوی العامة و لکن التخطی عن القول المشتهر لیس بمعتبر.

ثانی عشرها: یحرم علی المحرم ترک إلقاء القمل من جسده و ثوبه

للإجماع المنقول و فتوی الفحول و الأخبار المانعة عن الإلقاء و النزع و الموجبة للکفارة بهما و من قیل من جوازه للأخبار المجوزة للقتل المستفاد منها جواز الإلقاء بالطریق الأولی و لقوله (علیه السلام)

ص: 117

القوها غیر محمودة و لا مفقودة و لغیر ذلک من الأخبار المشعرة بالجواز ضعیف لا یعارض ما تقدم و لا یبعد إلحاق الفراش بالثوب و البدن و کذا الثوب المنزوع الغیر الملبوس و أما غیر القمل من الدواب و الظاهر عدم حرمة إلقائها مطلقاً للأخبار الدالة علی الجواز و للأصل من غیر معارض و یجوز نقل القمل و غیره من الدواب من مکان إلی مکان آخر سواء کان مساویاً له فی الحفظ أم لا إلا إذا جعلها فی معرض الإلقاء و فی الصحیح المحرم یلقی عنه الدواب کلها إلا القملة فإنها من جسده فإذا أراد أن یحوله من مکان إلی مکان فلا یضره و یجوز له إلقاء القراد عن بدنه للأخبار الدالة علی جواز الإلقاء للقراد و للحلم و هو القراد الکبیر أو الصغیر عن بدنه لأنهما رقیا فی غیر مرقاهما و کذا یجوز له إلقاء الهوام غیر حیوان آخر من بعیره أو غیره إلا الحلم من بعیره فالقول بمنعه قوی للصحیحین الناهیین عن إلقائه عن البعیر و فی أحدهما أنه بمنزلة القملة من جسدک و لکن الأصل و فتوی الأکثر و فحوی خبر عبد الرحمن فی المحرم یعالج دبر الجمل قال یلقی عنه الدواب و لا یدمیه یدل علی الجواز فهو الأقوی.

ثالث عشرها: یجب علی المحرم ترک إخراج الدم عمداً مختاراً من غیر ضرورة

بحجامة أو حک جلد أو سواک کما دلت علیه الأخبار و فتوی الکثیر من الأخبار و الظاهر أن ورودها فی تلک المقامات الخاصة من قبیل المثال فلا یجوز للمحرم إخراج الدم مطلقاً من بواطن أو ظواهر بآلة أو بدونها و قیل بالجواز و حمل الأخبار الناهیة علی الکراهیة للأصل و للأخبار الدالة علی جواز الحجامة للمحرم ما لم یقطع الشعر أو لحلقه و علی جواز الاستیاک و أن أدمی و أنه هو السنة و علی أن المحرم یحتجم قال لا أحبه و فی الکل ضعف عن مقاومة ما قدمنا کی یحمل الأول علی الکراهة بل الظاهر حمل الحجامة فی الأخبار الأخیرة علی حالة الضرورة کما هو الغالب و حمل جواز الاستیاک علی حالة عدم العلم بخروج الدم کما هو الظاهر و یؤیده الحکم بکونه سنة مطلقاً إذ لا قائل بکونه کذلک فی حالة العمل و حمل لا أحب علی إرادة الحرمة بقرینة النواهی السابقة.

ص: 118

رابع عشرها: یجب علی المحرم ترک الاکتحال بالسواد للزینة

للأخبار الناهیة عن الاکتحال بالسواد و عن الاکتحال للزینة المعتبرة بنفسها و بفتوی الأصحاب و قیل بالجواز لإطلاق جملة من النصوص و فیها الصحیح بجواز الاکتحال بما لم یکن فیه طیب یوجد ریحه کما فیه و بجواز الکحل الفارسی إلا ما کان فیه زعفران و هی ضعیفة عن معارضة ما قدمنا لجواز حمل الأول علی ما لم یکن للزینة أو سواد و حمل الثانی علی ذلک أیضاً ترجیحاً للأخبار المتقدمة و حملًا للمطلق علی المقید.

خامس عشرها: یجب علی المحرم ترک النظر فی المرآة دون غیرها مما یری فیه الوجه

للأخبار و فتوی الأصحاب من غیر معارض سوی فتوی بعض الأصحاب بالکراهة الممکن حملها علی إرادة التحریم.

سادس عشرها: یجب علی المحرم ترک لبس الخاتم للزینة

لفتوی الأکثر و للخبر لا یلبسه للزینة و لفحوی النهی عن الاکتحال للزینة و النظر للمرآة و لا یحرم لبسه للسنة و مفهوم الخبر و الصحیح الدال علی أن العبد الصالح علیه خاتم و هو محرم.

سابع عشرها: یحرم علی المرأة لبس الحلی للزینة

لفحوی ما تقدم و للخبر المحرمة تلبس الحلی کلها إلا حلیاً مشهوراً للزینة و قریب إلیه أخر و لا یبعد حرمة لبس الحلی غیر المعتاد لها لبسه فی بیتها للصحیح إذا کان للمرأة حلی لم تحدثه للإحرام لم تنزع حلیها و دلالته بالمفهوم کدلالة النهی عن لبس الحلی للحرمة فی حسن الحلبی بالمنطوق و یجمع بینهما بما ذکرناه و یجوز لها لبس المعتاد لا للزینة بشرط عدم إظهاره للرجال و منهم الزوج بل الأحوط للمحارم أیضاً للصحیح فی الحلی تحرم فیه و تلبسه من غیر أن تظهره للرجال فی مرکبها و سیرها.

ثامن عشرها: یقوی القول بتحریم الحناء للزینة بل کل صبغ یتخذ للزینة

لفحوی ما تقدم و للاحتیاط و ما ورد من جواز الحناء محمول علی استعماله للتداوی و نحوه.

تاسع عشرها: یجب علی الرجل ترک تغطیة الرأس

و هو ما فوق الوجه بالنص و الإجماع من غیر فرق بین الکل و البعض للأخبار الدالة علی أن إحرام الرجل فی

ص: 119

رأسه و الامرأة فی وجهها و الدالة علی النهی عن تغطیة الأذنین و الدالة علی جواز الاستناد بالثوب لم یصب الرأس و لا فرق بین الابتداء و الاستدامة فیجب علیه الإلقاء استدامة لو نسی فغطاه للأخبار و فتوی الأصحاب و هل یجب علیه تجدید التلبیة بعد الإلقاء للأمر به فی الصحیحین أو یندب لفتوی الأصحاب إلا من شذ بالاستحباب و هو قرینة صرف الأمر و الظاهر أن الأذنین یجب سترهما للخبر و الاحتیاط سواء کان من الرأس أو لم یکونا و الظاهر أن الستر ببعض الأعضاء لا بأس به لعدم انصراف أدلة المنع إلیها فتبقی علی حکم الأصل و لما دل علی جواز حک الرأس و لما ورد فی الصحیح لا بأس أن یستر بعض جسده ببعض و رخص فی القربة و الصداع لمکان الضرورة کما دلت علی ذلک الأخبار و فتوی الأخیار قیل و عملهم علی ما روی و یلحق بالصداع کل ما کان مثله من الأمراض المحتاجة للتعصب و الظاهر أن الستر شامل للثوب و غیره من لطوخ أو دواء أو حناء أو طین ساتر أم لا حتی کأنه لا خلاف فیه علی ما یظهر من بعضهم و أن أمکن المناقشة فیه بانصراف أدلة المنع لنحو الثوب و شبهه بل الظاهر المنع من حمل شی ء علی الرأس أیضاً لذلک و الارتماس من أنواع التغطیة منهی عنه فتوی و نصاً و إفاضة الماء علی الرأس ما لم یصدق علیه الارتماس به فتوی و نصاً أیضاً و کذا الادهان لو جاز فی التوب سد لیس من التغطیة عرفاً فلا بأس به للأصل و الدخول فی مکان ضیق کذلک علی الأظهر و لا بأس بتغطیة الوجه نصاً و فتوی و من أوجب الکفارة فیه علی بعض الوجوه لورود الصحیح به محمول علی الندب جمعاً بینه و بین الفتاوی و النصوص التارکة لبیانها فیه فی مقام البیان و یجوز للامرأة ستر رأسها نصاً و فتوی و یجب علیها کشف وجهها لأن إحرامها فیه و الأخبار ناطقة به نعم ورد جواز سدل خمارها و قناعها من رأسها للنص و الإجماع و أن کان فی بعض الأخبار و الفتاوی إلی طرف أنفها و فی بعضها إلی النحر مطلقاً فی بعضها و فی بعضها إذا کانت راکبة و فی بعضها إلی الذقن و أوجهها الأول و ظاهرها عدم اعتبار مجافاة الثوب عن الوجه و أوجب جمع من أصحابنا المجافاة و لم یکن له وجه سوی الجمع بین ما جاء بلزوم الکشف و ما جاء بجواز السدل و هو جید إلا أنه یمکن الجمع

ص: 120

بتقیید المانعة بالنقاب خاصة بل قیل لا یستفاد من الأخبار أکثر منه و المجوزة بالسدل الحاصل من فوق رأسها و یمکن القول بتخصیص المانعة عن التغطیة بالمجوزة للسدل خصوصاً و یمکن غیر ذلک فالتقیید بالأول لعله لا یخلو عن مناقشة و لو تعارض کشف الوجه للإحرام و لزوم ستر شی ء منه من باب المقدمة للصلاة قدم الثانی للاهتمام به زیادة.

العشرون: یجب علی المحرم ترک التظلیل عن نفسه حال کونه سائراً راکباً

بأن یکون تحت ظل کائن ما استظل به فوق رأسه کالقبة علیه من محمل أو کنیسة أو عماریة أو شی ء بنصبه علیه من حر الشمس أو البرد أو غیرهما لفتوی الأصحاب و أخبار الباب و الإجماع المنقول و المنسوب لأبی علی من القول بالاستحباب شاذ لا یعارض ما علیه الأصحاب مع احتمال إرادة الإیجاب من لفظ الاستحباب و ما ورد من الجواز فی بعض الأخبار فهو محمول علی التقیة و الاضطرار فلو أخطر لذلک لضعف أو کبر أو شدة حر أو برد لا یتحملان عادة أو کثرة مطر یضر بحاله أو غیر ذلک جاز التظلیل لعموم أدلة نفی الضرار و العسر و الحرج و خصوص الأخبار المرخصة لمن به علة و لمن لا یطیق الشمس أو من لا یستطیع أن تصیبه الشمس کما فی روایة أخری أو من یؤذیه حر الشمس فاحتمال جواز التظلیل لإیذاء الشمس و البرد مطلقاً و لو مع عدم التضرر بذلک لإطلاق بعض الأخبار فی جواز التظلیل لمن یؤذیه حر الشمس فإنه علة ضعیف للزوم التقیید بما ذکرناه من الأخبار حملًا للمطلق علی المقید و یلزم علی من ظل مضطراً الفدیة للأخبار الأمرة بها المعتبرة بنفسها و بفتوی الأصحاب و هل یجوز التظلیل اختیاراً مع الفدیة لما روی عن علی بن جعفر من جوازه مع الکفارة أو لا یجوز کما هو الأقوی فتوی و روایة کما قدمنا و عدم قابلیة الروایة لتقیید أدلة المنع قطعاً فلتحمل علی التقیة و شبهها و کما یجوز للمضطر مع الفدیة یجوز للنساء من دونها للأخبار و عمل الأمصار فی سائر الإعصار و لفتوی الأصحاب و لکونهن مأمورات فی الحجاب و لو زامل المضطر أو الامرأة غیرهما ممن لم یکن منهما لزمه حکمه للقاعدة و الأخبار و فتوی الأخیار و یجوز الاستظلال ببدنه بعضاً ببعض

ص: 121

لعدم انصراف أدلة المنع لمثله و للخبرین المسوغین له و للأصل و لا یعارض ذلک ما ورد من قوله المحرم یستر من الشمس بعود و بیده قال لا لضعفه سنداً و دلالة لاحتمال کون النهی عن المجموع و هل یحرم ما یستظل به فوق رأسه مطلقاً و أن لم یحدث ظلًّا کما إذا کان مسطحاً لإطلاق بعض الأخبار أو یحرم ما أحدث ظلًّا لانصراف الأخبار إلی ذلک و لأن المفهوم من أدلة المنع کونه مفیداً للرفاهیة و الستر فلو خلا عنهما لم یحرم وجهان أحوطهما الأخیر و هل یشترط کونه ساتراً کما هو المعهود و المنصرف إلیه أدلة المنع فلو جعل علی رأسه شیئاً رقیقاً أو محرماً لم یضر أو لا یشترط لإطلاق بعض الأخبار فی المنع وجهان أظهرهما و أحوطهما الأخیر و هل یجوز الاستظلال بما لا ینصبه علی رأسه کالموضوع علی یمینه أو شماله سواء کان الواضع هو أو غیره للأصل و اختصاص أدلة المنع بوضع الکنیسة و شبهها و للصحیح النافی للباس عن الاستتار بطرف الثوب و لنفی الخلاف المنقول عن المنتهی أو لا یجوز للاحتیاط و لإطلاق جملة من الأخبار بالنهی عن التظلیل الشامل لما ذکرناه و عن التستر عن الشمس الشامل له أیضاً وجهان أحوطهما بل أظهرهما الأخیر نعم لو سار تحت ظل حائط عن یمینه أو شماله فالأقوی و الأظهر أنه لا بأس به و لو سار تحت سقف موضوع فالأظهر أنه کذلک و أن کان الأحوط ترکه و فی الخبر ما یؤذن بجواز المسیر تحت الظلال مختار الشامل للمسیر راکباً عرفاً و هل یجوز المشی من غیر رکوب تحت الظلال المنصوب علی رأسه لإطلاق الصحیح بجواز المشی تحت ضلال المحمل و إطلاق الخبر الآخر بجواز المشی تحت الظلال مختاراً أو لا یجوز لإطلاق جملة من الأخبار بالنهی عن التظلیل للمحرم من دون تفصیل بین الراکب و الماشی و للاحتیاط وجهان أظهرهما و أحوطهما الأخیر و دعوی انصراف جمیع الأخبار الناهیة إلی السائر راکباً بعیدة و یجوز للمحرم عند نزوله الاستظلال بخیمة أو غیرها سواء کان حال جلوسه أو مشیه بحوائجه ذهاباً و إیاباً بالأصل و للسیرة القطعیة فی الأول و عمل المسلمین و یجوز له نقل ما یستظل به معه علی الأقوی و الأظهر و أما مشیه تحت سقف مغصوب فلا أشکال فیه لجوازه فی الراکب ففیه بطریق أولی.

ص: 122

الحادی و العشرون: یجب علی المحرم ترک لبس السلاح بما یسمی سلاحاً و لبساً عرفاً

و لو لغیر المقاتلة لفتوی الأکثر نقلا و للاحتیاط و لمفهوم عدة من الروایات المعتبرة الدالة علی الأذن مع القید بخوف العدو و منها یظهر جواز لبسه عند الاضطرار و الأحوط ترک حمله بیده و لو لم یکن مما یحمل بالید و کذا إشهاره للخبر لا تخرجوا بالسیوف إلی الحرم لا ینبغی أن یدخل الحرم سلاحاً و الآخر فی السلاح و لکن إذا دخل مکة لم یظهره و قد یقال باختصاص التجنب عن حمله و إشهاره فی الحرم و قیل بعدم تحریم اللبس للأصل و استضعافاً لأدلة التحریم و هو ضعیف.

الثانی و العشرون: یقوی القول بتحریم ذلک لو کان للزینة أو کان مظنة الأداء أو سقوط الشعر

لورود النهی عنه فی الأخبار الصحیحة و لو لا نقل عدم العثور علی القول بتحریمه مطلقاً ممن یعتد به و لزوم العسر و الحرج و الرخصة فی حک الرأس و اللحیة اللازم له غالباً لکان القول بالتحریم مطلقاً متوجهاً و کذا القول بتحریم الأدهان سواء کان فیه طیب أم لم یکن مطلقاً فی غیر الاضطرار لفتوی الأکثر نقلًا و للنهی عنه فی الأخبار المعتبرة بلفظ التحریم بعد الإحرام فی بعضها و بلفظ النهی عن مسه المراد منه ذلک أن مسه للأکل و نحوه لا خلاف فیه و جوزه جماعة للأصل و الجمع بین الأخبار المانعة و المجوزة لا خلاف فیه و جوزه جماعة للأصل و الجمع بین الأخبار المانعة و المجوزة له قیل الإحرام اللازم منه بقاؤه إلی ما بعده غالباً و الابتداء کالاستدامة و کذا المجوزة له حال الاضطرار و هو ضعیف لمنع تسویة الابتداء للاستدامة أولًا و لمنع جواز الإبقاء ثانیاً و لتجویز الادهان حال الضرورة کالمرض و الشین و الورم اللاحقات للأید و لیس الکلام حالة الاضطرار.

الثالث و العشرون: یحرم النقاب علی الامرأة

لما تقدم من الأمر بالأسفار عن وجهها و أن إحرامها به و کرهه المحقق و هو بعید و حمل کلامه بعضهم علی إرادة السدل و لکن فی إثبات کراهته إشکال لعدم العثور علی دلیله إلا أن یقال أن فیه تجنب شبهة تحریم تغطیة الوجه.

ص: 123

الرابع و العشرون: یقوی القول بتحریم شم الریاحین بل استعمالها مطلقاً

للنهی عن مسه و التلذذ به فی الصحیح و النهی عنه فی صحیح أخر و لإشعار المنع من استعمال الطیب بالمنع عن استعماله و حکم جمع بکراهته للأصل و لما ورد من حصر الطیب الممنوع فی أربعة و لما ورد فی الصحیح من نفی البأس عن شم القیصوم و الشیح و الأذخر و الخزامی و أشباه ذلک ورد بتخصیص الأصل لکونه کالعام بما جاء من النهی عنه و بأن حصر الطیب فی أربع ظاهراً فی غیر الریاحین لعدم تسمیتها طیباً عرفاً و أن کانت لها رائحة طیبة أو أن الحصر إضافی بالنسبة إلی ما یتطیب به و بأن نفی البأس عن شم الأشیاء المعدودة لا تقضی بجواز شم الریاحین لمنع کونها منها أولًا و تخصیص نفی البأس بها لو کانت فیها ثانیاً و دخولها تحت الأشباه ممنوع لظهور إرادة النبت البری اللازم للمحرم غالباً لنباته فی الحرم من لفظ الأشباه فلا یدل علی جواز شم الریاحین مطلقاً و الریحان أطواق کل بقلة طیبة الربح أو کل نبت طیب الربح أو اطرافه أو أصله أو ورقه ما عدا الفواکه و الأباذیر و بنات الصحراء علی الأظهر.

القول فی جملة من أحکام الإحرام

اشارة

و هی أمور:

أحدها: لا یجوز الدخول إلی مکة شرفها الله تعالی إلا بالإحرام بنسک من حج أو عمرة

اشارة

إجماعاً و نصاً و فی الصحیح النهی عن الدخول إلی الحرم إلا محرماً و به أفتی جمع إلا أن المشهور علی خلافه و علی الظاهر و الظاهر أن النهی من الدخول إلا بالإحرام متعلق بمن خرج إلی خارج الحرم و إرادة العود إلیه أو کان خارجاً عنه سابقاً فلو لم یخرج عن الحرم بل تردد أما بینه و بین مکة لم یجب علیه الإحرام علی الأظهر لانصراف أدلة المنع إلی غیر هذه الصورة و لا بد من مقارنة الإحرام لنسک بعد انفراده بالتعبد به

و یستثنی من ذلک أمور.

أحدها: المریض و من به البطن

فإنه رخص لهما الدخول غیر محرمین فی الأخبار و کلام الأصحاب و فی بعض الأخبار الصحیحة أن من به بطن یحرم عنه و لا بأس بالأخذ به لعدم منافاة الإحرام عنه لعدم إحرامه و لکن حمله علی الاستحباب و علی من ذهب عقله أو قرب لما علیه الأصحاب.

ص: 124

ثانیها: من یتکرر دخوله فی کل شهر

بحیث یدخل فی الشهر الذی خرج فیه و لا یمضی له شهر خارج مکة لأدلة نفی العسر و الحرج و لما ورد فی الصحیح من الرخصة للمجتلیة بالإحلال کنا قلی الحشیش و الحنطة و الخضروات و فی الأخبار الأخر أیضاً الدالة علی أن الخارج إذا عاد من غیر إحرام و أن من خرج إلی جدة دخل من دون إحرام و یمکن إلحاق من یتکرر له الدخول کل شهر فقط بمن یتکرر دخوله و خروجه و لکن الأحوط خلافه کما أن المتکرر أیضاً لو زاد بقاؤه خارجاً علی شهر فإن الأحوط له الإحرام و الأحوط الاقتصار علی من کان عمله التردد فی أقل من شهر لقوة دلیله دون غیره و الظاهر أن من لم یکن عمله التردد یلزم فی استثنائه تقدم إحرام له قبل شهر الخروج و الدخول کما هو المتیقن من النص و الفتوی.

ثالثها: من کان قد أحرم قبل دخوله مضی شهر من إحلاله

للموثق عن المتمتع یجی ء فیقضی متعته ثمّ تبدو له الحاجة فیخرج إلی المدینة أو إلی ذات عرق أو إلی بعض المعادن قال یرجع إلی مکة بعمرة أن کان فی غیر الشهر الذی یتمتع فیه لأن لکل شهر عمره و هو مرتهن بالحج و عموم الأخبار الدالة علی لزوم شهر بین عمرتین و استشکل العلامة (رحمه الله) فی احتساب الشهر هل هو من الإحلال للاحتیاط أو من الإحرام للأصل و للخبر فی التمتع فإن جهل و خرج إلی المدینة أو نحوها ثمّ رجع فی أبان الحج فی أشهر الحج یرید الحج یدخلها محرماً أو بغیر إحرام قال أن رجع فی شهره دخل بغیر إحرام و أن دخل فی غیر الشهر دخل محرماً علی احتمال إرادة الشهر الذی أحرم فیه و لعموم ما جاء أن لکل شهر عمره و أن شهر العمرة للإهلال لا للإحلال و فی الجمیع نظر لإجمال الخبر و لأن ظاهر العمومات هو الفصل بین إتمام العمرة الأولی و الثانیة فیبطل الأخیر و ینقطع الأصل ثمّ المتیقن فی سقوط الإحرام للداخل هو سبق الإحرام بالعمرة قبل مضی شهر و لا یحکم علی من سبق إحرامه بالحج قبل مضی شهر بذلک لأن العمرة تقع بعد الحج من غیر فاصل فی سقوط الإحرام بینهما کما فی الأخبار.

رابعها: العبد فإن الظاهر سقوط الإحرام عنه

لأن السید لم یأذن له بالتثاقل بالنسک عن خدمته و إذا لم یجب علیهم حج الإسلام لذلک فعدم وجوب الإحرام

ص: 125

علیه لذلک أولی و فیه نظر لأن ذلک مبنی علی تقدیم حق السید علی الواجب الشرعی و هو محل نظر و سقوط حج الإسلام عنه لعدم تحقق الاستطاعة فی حقه فإن لم یکن علی سقوط الإحرام عنه إجماع فهو فی محل المنع سیما مع أذن السید له فی الإحرام.

خامسها: الصبی

و یدل علیه سقوط القلم عنه و تکلیف الولی بذلک منفی بالأصل.

سادسها: البرید المستأجر فی وجه

لتقدم حق الاستئجار علی التکلیف بالإحرام و التشاغل به و لکن العمومات تقضی بلزوم الإحرام علیه کالصلاة.

سابعها: الداخل لقتال

کما یظهر من فتوی الأصحاب لما نقل أن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) دخلها عام الفتح و المغفرة علی رأسه و هو محتمل لکونه من خصائصه کما یظهر من بعض الأخبار فإن لم یقم علی الاستثناء إجماع کان فی محل المنع للعمومات الناهیة عن دخول مکة محلًا.

ثامنها: الامرأة تحرم کما بحرم الرجل

إلا فیما استثنی من تغطیة أو لبس مخیط أو تظلیل سائراً أو لبس حریر علی رأی أو عدم لبس ثوبین للإحرام علی نحو ما یلبسه الرجل علی وجه قوی أو غیر ذلک من المندوبات الخاصة فی الرجل کل ذلک لفتوی الأصحاب و الأخبار المتضمنة للأمر بأن تصنع الامرأة کما یصنع المحرم إلا أنها لا تصلی أن کانت حائض و أن لزمها عمل الظاهر ما عدا اللبث فی المسجد فإن لها الاجتیاز فیه عند إحرامها منه أو الإحرام من خارجه أن لم یکن لها الإحرام مجتازة و لو ترکت الإحرام جهلًا حتی جازت المیقات رجعت إلیه وجوباً و لو دخلت مکة فإن تعذر الرجوع إلیه أحرمت من أدنی الحل فإن تعذر أحرمت من موضعها کل ذلک لفتوی الأصحاب و نفی العسر و الحرج و فی بعض الأخبار و منها الصحیح عن امرأة طمثت فلم تدری أنها تحرم أم لا حتی دخلت الحرم فقال (علیه السلام) أن کانت علیها مهلة فلترجع إلی الوقت فلتحرم منه و أن لم یکن علیها وقت فلتخرج إلی ما قدرت علیه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا یفوتها و ظاهر هذه الروایة لزوم الرجوع إلی الطریق مهما أمکن عند تعذر العود إلی المیقات و هو الموافق لحدیث لا یسقط و للاحتیاط و قیل لا یجب ذلک للأصل و لعدم وجوبه علی الناسی و الجاهل فکذا هنا للاشتراک فی العلة و للموثق الدال علی الأمر بإحرامها من مکانها إذا لم تدرک المیقات من دون استفصال عن

ص: 126

إمکان إدراک ما فوقه أم لا و هو ضعیف لانقطاع الأصل بالصحیح المتقدم و یقید الموثق به بحمله علی صورة عدم الإمکان هذا کله أرادت النسک و إن لم ترد النسک جاز لها أن تحرم بعمرة مفردة لدخول مکة و میقاتها أدنی الحل اختیاراً بل لو تعمدت ترک الإحرام اختیاراً و لم ترد النسک و لم یمکنها الرجوع إلی المیقات أحرمت من أدنی الحل و کل ما لا یرید الدخول لمکة أو یرید و لکن لا یجب علیه الإحرام لها لأحد المستثنیات ثمّ بدا للأول الدخول و للثانی النسک و لم یمکنه أن یرجع إلی المیقات کما جاز للأول الإحرام من أدنی الحل الثانی ما یمکن منه بل لا یبعد جواز الإحرام لمن لا یرید النسک اختیاراً من أدنی الحل لأنه وقت للعمرة المفردة فیجوز الدخول به إلی مکة.

ثالثها: یندب توفیر شعر الرأس و اللحیة لدخولها فی شعر الرأس

و فی إطلاق لفظ شعره من أول ذی القعدة لمن أراد حج التمتع أو غیره للأخبار و فتوی الأصحاب و ظاهر الأخبار الرجوع کما أفتی به الشیخان و لکن بقرینة فهم المشهور و فتواهم و الأخبار المجوزة للأخذ من شعر الرأس و اللحیة و الشارب ما لم یحرم تحمل تلک الأخبار الأمرة علی الندب و یتأکد الندب عند هلال ذی الحجة الأخبار و فتوی الأصحاب و یندب تنظیف الجسد وقص الأظافر و الأخذ من الشارب و إزالة شعر الجسد و الإبطین و العانة و یستحب أن تکون الإزالة بالنورة و لو تقدم الطلی علی الإحرام بخمسة عشر یوماً لعموم ما جاء من تحدید ما بین الطلیتین به و لخصوص الرخصة به قبل الإحرام و تستحب الإعادة لما ورد من استحباب إعادة الطلی ما بین ثلاثة أیام و یستحب الغسل قبل الإحرام للإحرام للإجماع و فتوی الأصحاب و أن تعذر فالتیمّم لعموم البدلیة و لو أکل و لبس ما یمنع منه حالة الإحرام بین الغسل و الإحرام أعاد للأخبار و فتوی الأصحاب و یجوز تقدیم الغسل قبل المیقات لو خاف فقد الماء فیه للأمر به فی المدینة خوف فقد الماء بذی الحلیفة و فی بعض الأخبار جواز التقدیم مطلقاً و أفتی به بعض الأصحاب و علی کل حال فالظاهر اختصاص التقدیم بیوم و لیلة لا أزید لأنه المفهوم عرفاً و یستحب التجرد و لبس ثوبی الإحرام بعد الغسل لو قدمه علی المیقات و لو أخرها فلا بأس به و یستحب إعادة الغسل إذا وجد الماء لقوله (علیه السلام)

ص: 127

فی الصحیح و لا علیکم أن تغسلوا أن وجدتم إذا بلغتم الحلیفة و نقل عن بعضهم الإجماع علی عدم مشروعیة الغسل عند عدم خوف العوز للماء و معه فالأحوط تجنب ذلک مع عدم الخوف و یجزی غسل أول النهار و لنهاره و غسل أول اللیل لیلته للصحیح و فتوی الأصحاب و لا یبعد أن الأفضل الإعادة لورودها فی بعض الأخبار و فهمها من لفظ یجزی الوارد فی الصحیح و أن نام بعد الغسل استحبت له الإعادة للأخبار و فتوی الأصحاب و لا تلزم للصحیح فیمن نام بعد الغسل و قبل الإحرام قال لیس علیه غسل و لفتوی جل الأصحاب و لا یبعد إلحاق کل حدث بالنوم تنقیحاً للمناط و لما ورد أن من أحدث بعد غسل الزیارة مما یوجب الوضوء إعادة غسله و یستحب الإحرام عقیب صلاة للنصوص و لا یجب للأصل و فتوی الأصحاب و یستحب أن یکون بعد فریضة الظهر و ألا فبعد أی فریضة و لو مقضیة و ألا فست رکعات نافلة و ألا فأربع فی کل وقت و لو کان وقت فریضة أو علیه فریضة و تقدم علی الفریضة فی وقتها لیکون الإحرام بعد الفریضة وفاقاً لفتوی المشهور و الرضوی و لا یبعد أن الأحوط تقدیم الفریضة علیها لعموم النهی عن التطوع قبل الفریضة و إمکان الجمع بین النافلة بتقدیمها علی الفریضة مع صدق أن الإحرام بعد کل منهما و لو أحرم من غیر غسل أو صلاة أعاد الإحرام جاهلًا أو عالماً للخبر الأمر بالإعادة فی صورة الجهل و العلم و یلحق بالجهل النسیان و السهو بل و جمیع الأعذار علی الأظهر و هل الإعادة أبطال للإحرام الأول کما هو الظاهر و حکمها حکم إعادة الصلاة لنسیان الأذان و الإقامة فحینئذٍ فلا کفارة فی المتحلل بین الإحرامین و لا یحتسب الأول من الشهر بین العمرتین و یعدل من الثانی إلی عمرة التمتع لو وقع فی أشهر الحج أو أن الإعادة صوریة للبس الثوبین و تجدید التلبیة مع بقاء النیة الأولی استصحاباً وجهان أحوطهما الثانی بل قیل أن لزوم الکفارة لا خلاف فیه علی کل حال و هو لا یخلو من أشکال و یندب الجهر بالتلبیة للرجل إجماعاً منقولًا بل و محصلًا و لو علی دابة أو هبوط و لو نزولًا عنها أو حدوث حادث من نوم أو استیقاظ أو ملاقاة غیره أو صلاة أو قیام بغیره به أو فراغ من عبادات مطلقاً أو درس أو غیر ذلک و یمتد الاستحباب إلی زوال یوم عرفة للحاج للأمر بقطع التلبیة عنده فی

ص: 128

الأخبار و إلی مشاهدة بیوت مکة للمتمتع بالعمرة للأمر بقطعها عند ذلک فی الأخبار و فتوی الأصحاب و ظاهرها الوجوب فی المقامین و هو الأقوی و الأحوط سیما فی الأخیر و إلی مشاهدة الکعبة للمعتمر أفراد أن خرج من مکة لیعتمر و ألا فبعد دخول الحرم للمشهور نقلًا للأخبار الدالة علی لزوم ذلک لمن خرج من مکة و دخل معتمراً و الأخبار الدالة علی لزوم قطعها عند الوصول إلی الحرم و الجمع بینها بقرینة المفهوم فی الأخبار الأولیة یقضی بذلک و فی الصحیح من أعتمر من التنعیم فلا یقطع التلبیة حتی ینظر إلی المسجد و فی آخر فیمن أعتمر عمرة مفردة أنه یقطع التلبیة إذا رأی بیوت طوی و فی ثالث عمن أحرم من حول مکة کالجعرانة و الشجرانة یقطعها عند عروش مکة و عروش مکة ذی طوی و فی رابع عمن دخل بعمرة أنه یقطعها حیال العقبة عقبة المدنیین حیال القصارین و یحتمل حملها علی عمرة التمتع و نقل عن الصدوق أنه حملها علی العمرة المفردة و حکم بالتخییر بین ما تقدم و بین ما دل علیه الخبران و عن الشیخ أنه أن خرج من مکة لیعتمر قطعها إذا رأی الکعبة و أن جاء من العراق فعند طوی و أن جاء من المدینة فعند عقبة المدنیین و ألا فعند دخول الحرم جمعاً بین الأخبار و الأوجه ما قدمنا ثمّ القول بالتخییر و یستحب الاجهار بالتلبیة عند الإحرام للناسک علی طریق المدینة للراحل و تأخیره إلی أن تعلو راحلته البیداء و بناء علی عدم لزوم انعقاد الإحرام بها و لظاهر بعض الأخبار الأمرة بتأخیرها و لکن الأحوط خلافه بل الإتیان بها تسر العقد الإحرام ثمّ تأخیر الجهر بها بعد ذلک و ربما تحمل الأخبار علی ذلک و یستحب الإجهار بالتلبیة للحاج من مکة إذا أشرف علی الأبطح لفتوی الأصحاب و أخبار الباب و یندب التلفظ بالمنوی من حج أو عمرة مفردة أو تمتع بعد التلبیة کأن یقول لبیک لحج أو عمرة للأخبار و فتوی الأصحاب و کذا یندب التلفظ بالنیة و المنوی کأن یقول اللهم أنی أرید التمتع بالعمرة إلی الحج و یقول أحرم لک بشری و لحمی و دمی و عظامی و مخی و عصبی من النساء و الطیب و الثیاب أبتغی بذلک وجهک و لا یبعد استحباب التلفظ بکل نیة و منوی و یندب للمحرم الاشتراط علی الله تعالی بأن یحله حیث حبسه بأی نسک أحرم و أن کان حجّاً فیشترط أن لم یکن حجه

ص: 129

فعمرة للأخبار و ظاهر الاتفاق و الأولی الإتیان بالشرط علی ما هو المعهود و المذکور فی الروایات و ألا أجزی کل لفظ دل علی الاشتراط و هل تجزی النیة فقط لتعبیر الشرط لنیة الإحرام أو لا تجزی اقتصاراً علی مورد الیقین من النص و الفتوی وجهان أوجههما الأخیر و یندب الإحرام فی ثیاب القطن للناسی و فتوی الأصحاب و فی البیض منها لکونها خیر الثیاب و أحسنها کما فی الأخبار و فتوی الأصحاب و یکره لبس الثیاب السود للنهی عنها و کذا المصبوغة بالعصفر و شبهه بل کل مصبوغ للنهی عنه لمکان الشهرة و یکره النوم علی الفراش المصبوغة بالأصفر للنص علی کراهته و لا یبعد إلحاق المصبوغ بالسواد و العصفریة للفتوی و بذلک یکره الإحرام فی الثیاب الوسخة و المعلمة للنص علی کراهتها و یکره استعمال الحناء قبل الإحرام بما یبقی أثره بعده للنص علیه بلفظ ما یعجبنی و یکره دخول الحمام للنهی عنه و یکره للمحرم تلبیة الناوی للنهی عنه بل یقول التأدیة یا سعد للنص علی ذلک.

خاتمه: لو اشترط فی إحرامه أن یحله حیث حبسه ثمّ حصل المانع

تحلل

إنشاء و لا یسقط عنه هدی التحلل بالشرط بل فائدته جواز التحلل للممنوع بالمرض من غیر تربص إلی بلوغ الهدی محله و یسمی بالمحصور بل و یلحق به المصدود أیضاً أما جواز التحلل فلا أشکال فیه و لا خلاف و أما ثبوت الهدی فلعموم الآیة و نحوها و أما عدم التربص فالظاهر الأخبار الدالة علی إحلاله و الرجوع إلی أهله عند الشرط لأن الله تعالی أخر من وفی بما اشترط علیه بل ربما یدعی عدم وجوب التحلل بالهدی بل فائدة الشرط التحلل بمجرد الإحصار لعدم النقل فی مقام البیان فی الأخبار الدالة علی أن المحصور یتحلل إذا اشترط من دون الهدی و هذا کله مخصوص بغیر السائق للهدی للإجماع علی سقوط الهدی عن القارن علی الظاهر و للإجماع المنقول علی ذلک و بهذا ظهر ضعف القول بعدم الفائدة لهذا الشرط بل هو تعبد محض للخبرین أحدهما الصحیح هو حل إذا حبسه یشترط أو لم یشترط لضعف دلالتهما علی سقوط الهدی و غایة ما دل علیه هو التحلل بعد الحصر مطلقاً و نحن نقول بموجبه و کذا ضعف القول بأن فائدته التحلل رخصة بدونه و أصالة معه لشبهة بالتحکم و کذا ضعف القول بأن

ص: 130

فائدته سقوط قضاء حج التمتع عند فوات الموقفین لو اشترط و عدم سقوطه عند فواتهما عند عدمه للصحیح فیمن دخل إلی مکة یوم النحر أنه یطوف و یسعی و یحلق رأسه و ینصرف إلی أهله فإن لم یکن اشترط فإن علیه الحج من قابل و ذلک لعدم سقوط الحج الواجب علیه قطعاً إجماعاً منقولًا بل و محصلًا مع الشرط و عدم لزوم إعادته فی المندوب أیضاً مع عدم الشرط إجماعاً فلتحمل الأخبار علی الندب فی الإعادة موکول أو یدل علی ذلک ما ورد من الأمر بها مع الشرط أیضاً فی عدة أخبار معتبرة و بعض المتأخرین جعل فائدة سقوط التربص من المحصور و لسقوط الهدی عن المصدود للأدلة المتقدمة مع ضعف ما دل علی وجوب الهدی من دون الشرط علی المصدود و لا یخلو من وجه.

القول فی الطواف

اشارة

و فیه أمور:

أحدها: یشترط فی الطواف الواجب الطهارة من الحدث الأکبر و الأصغر

للإجماع و الأخبار و یجزی التیمم عنها عند الاضطرار لعموم البدلیة و یکفی طهارة المستحاضة فی الطواف لظاهر الأخبار و ظاهر الاتفاق و أما طهارة المبطون فلا تجزیه للنص علی أنه یطاف عنه و لا یشترط فی الطواف المندوب ذلک لفتوی الأکثر و ظاهر الأخبار و کذا الطهارة من الخبث للاحتیاط و فتوی الأکثر و للأخبار الدالة علی أن الطواف بالبیت صلاة و غیرها و یؤیده احترام المسجد فی دخول النجاسة مع العلم و هل یعفی عما یعفی عنه فی الصلاة لأن الطواف صلاة أو لا للاحتیاط و لعموم بعض الأخبار الناهیة عن الطواف بالنجس ما عدا من دون استفصال و یغتفر الجهل بالنجاسة فی الطواف لظاهر بعض الأخبار و لأنه صلاة و القول بعدم اشتراط الطهارة الخبیثة فیه ضعیف و مستنده غیر قوی و یشترط ستر العورة فیه للاحتیاط و لأنه صلاة و للأخبار القریبة من التواتر الدالة علی أنه لا یقرب البیت شرک و لا یطوف بالبیت عریان و لو طاف من غیر طهارة حدیثة أعاد الطواف و صلاته و لو کان مندوباً أعاد الصلاة ندباً و لو شک فی الطهارة بعد الطواف لم یلتفت و لو کان فی أثنائه مضی لأنه

ص: 131

شک بعد الفراغ و الأحوط الإعادة للطهارة و الطواف و الجاهل بالنجاسة أو الناسی لها إذا علم بها بعد الطواف صح طوافه و لا شی ء علیه لعموم رفع ما لا یعلمون و لمرسل البیزنطی فیمن طاف بثوبه قد أصابه دم مما لا تجوز الصلاة بمثله قال اجزاه الطواف فیه و کذا الذاکر بها فی الأثناء بعد النسیان أو العالم بها بعد الجهل أو المصادف لها دفعه فإنه یبنی علی ما تقدم و یتم طوافه سواء ضاق الوقت أم لا لعموم خبر البزنطی و للأصل و لرفع ما لا یعلمون هذا کله إذا لم تفتقر الإزالة إلی قطع الطواف قبل الأربع فلو افتقرت أعاد من رأس مع احتمال البناء مطلقاً لخبر حبیب أنه طاف شوطاً فأدمی فتخرج لغسله و ابتدأ قال بئس ما صنع کان ینبغی لک أن تبنی علی ما أطفت و لا یبعد أجراء حکم الصلاة فی أکثر هذه الصور علی الطواف لأنه صلاة و للاحتیاط بل الأحوط أجراء أحکام الصلاة علیه من الشرائط المخصوصة للباس و غیره إلا ما أخرجه الدلیل.

ثانیها: یشترط فی الطواف واجبه و مندوبة الختان

للإجماع المنقول و لظاهر الاتفاق و للاحتیاط و للنهی عنه القاضی القاضی بالفتاد فی العمد و لا فرق بین العمد و غیره من السهو و النسیان للأصل فی الشرائط و لظاهر الفتوی نعم لو أضطر إلیه بحیث لا یتمکن من الختان مطلقاً فلا بأس لعموم رفع الحرج و إرادة الیسیر و لو کان عدم التمکن لضیق الوقت قام احتمال سقوط وجوب الأختان للأصل و انصراف الأخبار الناهیة لغیره و عدم السقوط فیقدم علی الحج و لو فاته لانکشاف عدم حصول الاستطاعة قبل تحققها و عدم القدرة علی الشرط بعد تحققها و للخبر الأمر بالاختتان لمن أراد الحج قبل أن یحج و أن حضره الحج و الأول هو الأقوی لعموم أدلة الاستطاعة و عدم ثبوت شرطیة حال الضیق و عدم صراحة الخبر بتقدیم الختان علی الحج و لو فات و لا یجب الخفض للأصل و الفتوی و الخبر الدال علی عدم الباس بطواف الامرأة غیر محفوظة و کذا الصبی للأصل و عدم انصراف أدلة المنع إلیه من النواهی لعدم تعلق النهی به و من غیرها لانصراف المطلق إلی غیره بل لا یبعد إلحاق الخنثی بالصبی فی عدم

ص: 132

لزوم الاختتان لعدم انصراف الأدلة إلیها و أن قوی لزوم الاحتیاط فی حقها للخروج عن العهدة.

ثالثها: یشترط فی الطواف النیة

لعموم الکتاب و السنة و للإجماع و هی قصد الفعل و تعینه و التقرب به ابتداء مقارناً لابتدائه أو استدامته إلی الله تعالی فلو لم یعینه أنه طواف حج أو عمرة أو نذر أو مندوب أو غیر ذلک أو لم یتقرب به أو نوی الریاء أو قطعه بما ینافیه من نیة ریاء أو أعراض عنه مع عدم العود إلیه بطل طوافه و یعرف أحکام نیته من أحکام النیة فی سائر العبادات و یشترط فی الطواف البدأة بالحجر الأسود و الختم به للإجماع بقسمیه علی الظاهر و الأخبار کالصحیح من اختص فی الحجر الطواف فلیعید طوافه من الحجر الأسود إلی الحجر الاسود و الظاهر الاکتفاء بالبدأة عرفاً لتعلیق الابتداء بمن و الانتهاء بإلی و هما صادقان بذلک عرفاً بعد دخول المبتدی و المنتهی فی الحکم فیکفی حینئذٍ محاذاة جزء من البدن لجزء من الحجر أولًا و وسطاً و أخر الأول و وسطاً و آخر و یدل علیه سهولة الشریعة و صعوبة غیره علی العوام و الضعفاء و لا یشترط محاذاة مقدم البدن و أول جزء منه لأول جزء من الحجر بحیث یمر کله علی کله فجعل أول مقادیمه علی أخر جزء من الیسار ثمّ یمر علیه کذلک هذا فی الابتداء و مثله فی الاختتام بأن یمر علیه حتی یتصل أخر جزء من مقادیمه بآخر جزء من الحجر نعم هو أحوط و لا یضر تجاوز المقادیم فی الانتهاء من الحجر إلی غیره إذا لم یدخله فی نیته بل لا تضر الزیادة مطلقاً إذا لم یدخلها فی ابتداء نیته الطواف أو فی أثنائه و لو کانت بنیة العبادة فلو تم طوافه و نوی طوافاً زائداً بعد ذلک لم یبطل طوافه بعد صحته کزیادة رکعة بعد التسلیم لا کزیادة رکعة قبلها فتفسدها کما قیل و لا یتفاوت بین العالم و الناسی و لو قدم بنیة الطواف علی محاذاة الحجر أعادها عند محاذاته و لو فعل الأول أو الأخیر نسیان فلا یبعد الأجزاء و مع الجهل فالأقوی الفساد و یشترط جعل البیت علی الیسار للاحتیاط و الإجماع المنقول و التأسی و قوله (علیه السلام): ( (خذوا عنی مناسککم)) فلو استقبله بوجهه أو استدبره أو جعله علی یمینه ماشیاً علی القضاء أو علی یمینه ماشیاً علی وجهه لم یصح مع العمد و الظاهر بطلان الطواف من

ص: 133

رأس و لزوم الإعادة و یشترط خروجه عند الطواف عن البیت فلو طاف فیه أو فی الشاذروان لأنه منه قد اقتصره قریش لما أعوزتهم الآن لم یصبح للاحتیاط و التأسی و الظاهر أوامر الطواف علیه و هل یفتقر إدخال الجزء الیسیر کإدخال الید بالشاذروان للأصل و صدق الطواف معه أولًا للاحتیاط و الشک فی الخروج عن العهدة وجهان و الأحوط الأخیر و یشترط إدخال الحجر فی الطواف للإجماع و الناسی و الأخبار سواء قلنا أنه من البیت کما هو المشهور أو لیس منه کما دل علیه الصحیح فلو طاف بینه و بین البیت لم یصح و کذا لو طاف علی حائطه للاحتیاط و الناسی و لو وضع یده علیه جاء الکلام السابق و هل یبطل عند الاختصاص کل الطواف أو الشرط الخاص أو لا یبطل شی ء منهما فیجب إعادة ما فعل من وضع التجاوز وجوه أقواها لزوم إعادة الشوط فقط للخبر الدال علی ذلک فیحمل ما دل علی إعادة الطواف علیه و یشترط أن یکون الطواف سبعاً للإجماع و الأخبار و یشترط أن یکون طوافه بین البیت و المقام و أن یکون مراعیاً قدر ما بینهما فی جمیع طوافه من جمیع الجهات للاحتیاط و الإجماع المنقول و فتوی الفحول و الخبر المنجبر و فیه و الحد قبل الیوم و الیوم واحد قدر ما بین نواحی البیت فمن طاف فتباعد من نواحیه أبعد من ذلک مقدار کان طائفاً بغیر البیت و فی الموثق فی الطواف خلف المقام قال ما أحب ذلک و لا أری به بأساً فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بداً و هو متروک الظاهر إلا أن یحمل علی الضرورة کما نسب للإسکافی و لا بأس معها بالعمل علیه و یراد بالمقام نفس الحجر الذی علیه القدم الشریفة لا البناء.

رابعها: تجب صلاة رکعتین بعد الطواف الواجب

کما تندب فی المندوب للإجماع و الأخبار و القول بالندب مطلقاً شاذ و یجب إیقاعهما خلف مقام إبراهیم (علیه السلام) و هو الصخرة التی علیها أثر قدم إبراهیم (علیه السلام) فلا یجوز التقدم علیها و لا محاذاتها یمیناً أو شمالًا لنص جملة من الأخبار علی الأمر بالصلاة خلف المقام و بها یقید ما أطلق من الأخبار بالأمر بالصلاة عنده و کذا یحمل علی ذلک ما فی عبائر جملة من فقهائنا من الصلاة فیه علی أن یراد من فی الظرفیة المجازیة لعلاقة المقاربة و الاتصال أو یراد بالمقام من حوله من المکان لعلاقة المجاورة أو یراد منه نفس البناء مجازاً مشهوراً فی إطلاق اسم

ص: 134

المقام علی نفس بنائه لأن الصلاة خلفه علی نحو الاتصال به ملازم للصلاة تحت بنائه کما هو الیوم و صرح الأصحاب و نطقت الأخبار بأن المراد بالمقام هو ما کان الآن لا ما کان علی عهد النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و عهد إبراهیم (علیه السلام) و علی کل حال فالظاهر لزوم الصلاة فی البناء الآن أو فیما زاد علیه البناء فإن المصلی أن حصل له مانع من زحام أو غیره من الصلاة خلف المقام فی البناء نفسه صلی خلفه خارج البناء فإن لم یمکنه صلی خارجه عن یمینه أو شماله و یلزم القرب مهما أمکن و الخلف مقدم علی غیره من الجهات و لو دار الأمر بین ترک الخلف و بین ترک الآبیة فلا یبعد ترجیح الأول لأن المطلوب الصلاة عنده للأخبار الدالة علی ذلک و لقوله تعالی (وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِیمَ مُصَلًّی) سورة البقرة آیة (125) علی إرادة التبعیض فتجب الصلاة فیه و ألا فأقرب الأماکن إلیه أو علی إرادة الابتداء فظاهره الاتصال أو علی إرادة التبین و هو قاض بالاتصال و أما الخلف فإنما یراد بعد مرتبة القرب فإن تعذر القرب صلی خلفه إلی حیث لا یمکنه القرب و قد ورد أن الامام (علیه السلام) صلی بخیال المقام قریباً من طلال المسجد لکثرة الناس و هل الجواز مشروط بضیق الوقت بحیث لا یمکنه الفعل بعد ارتفاع المانع أو لا یشترط کما هو إطلاق الخبر و جملة الفتاوی وجهان أحوطهما الأول و ذهب جمع من أصحابنا إلی عدم وجوب الصلاة خلف المقام و نقل عن بعضهم الإجماع علی أجزاء الصلاة فی غیره و استند لهم للأصل و لأن الآیة لا یمکن أن یراد ظاهرها لامتناع الصلاة علی نفس الصخرة و مع عدم إرادة المجاز من مقاربة أو مجاورة فالمسجد کله قریب مجاور و ضعفهما لا یخفی هذا کله فی طواف الفریضة و أما طواف النافلة فالمسجد کله مکان له فی الأخبار للفتوی و الروایة و فی بعضها أنه یصلی حیث شاء فی مکة و لکنه قد قیل و لم أر مفتیاً به فالأحوط یقضی بترکه.

خامسها: من نسی الرکعتین حتی خرج رجع فأتی بهما فی المقام

للاحتیاط و للعمومات و لخصوص الأدلة الإمرة بالرجوع و لفتوی المشهور إلا مع المشقة فلا یجب الرجوع لعموم إرادة الیسر و للصحیح المشعر بذلک و للأخبار المرخصة لفعلها حیث ذکر بحملها علی حال المشقة و هو خبر من حمل الأخبار الأول علی الندب و الأخذ

ص: 135

بظاهرها و ذلک لمکان ضعفها و قلة العامل علی ظاهرها و ترجیح التخصیص علی المجاز و لو تعذر الرجوع أو شق صلاهما حیث ذکر مطلقاً لظاهر الفتوی و النص و لا یجب الرجوع إلی الأقرب من المسجد و الحرم و الأقرب منهما بهما للإطلاق المتقدم و أن کان أحوط أو لا تجوز الاستنابة عنه فی الصلاة فی المقام لضعفها سنداً و دلالة عن مقاومة الأخبار الإمرة بفعلها للناسی و حملها علی التخییر فرع و المقاومة و الأخذ علی التعیین بتقدیمها علی تلک الأخبار لیس له وجه و الظاهر أن الجاهل بالحکم أو الموضوع کالناسی و أما العامد ففی أجزاء صلاته حیث ما ذکر إذا شق علیه الرجوع إشکال و لظاهر الأجزاء أو صحته ما بعد الصلاة من الأفعال و لکن وجوب تحری الأقرب فالأقرب علیه أقرب و لو مات ناسیهما قضاء عنه الولی لعموم قضاء الولی ما فاته من صلاة و لبعض الأخبار الإمرة بالنیابة بتنزیلها علیه و کذا لو مات ناسی الطواف للأمر به فی طواف النساء و لا فرق بینهما و الأحوط قضاء الولی ما فات من المولی علیه عمداً أو جهلًا أیضاً کذلک.

سادسها: یحرم الفراق بین طوافین أو اکثر فی الفریضة

بأن یفعل أحدهما عقیب الأخر من دون ما صلاه صلاة رکعتین فیجمع بین طوافین فرضین أو نفل و فرض متقدم أو متأخر فی وجه متعاقبین من دون صلاة ثمّ یصلی لهما معاً و علی التحریم فلوی الأکثر و الأخبار المشتملة علی النهی و الاحتیاط خلافه لمن کرهه للأصل و جملة من الأخبار الدالة علی أنهم (علیهم السلام) قرنوا و الصحیح إنما یکره أن یجمع الرجل بین أسبق عین فی الفریضة و أما النافلة فلا و هو ضعیف لانقطاع الأصل و ضعف الأخبار و حملها علی التقیة کما هو مصرح به فیها و أنهم إنما فعلوه لمکان هؤلاء و ضعف دلالة الصحیح و غیره المتضمن للکراهة علی الحرمة لأعمیته منها مضافاً إلی ظهور إرادة منها من نفی إلباس عن القِران فی النافلة فإن الکراهة فیها ثابتة لظاهر الإجماع المنقول و فتوی الفحول و قوله (علیه السلام) لا قران بین أسبوعین فریضة أو نافلة أو غیر ذلک من الأخبار المشتملة علی النهی الشاملة لکل منهما و لو لا فتوی الأصحاب بالکراهة لکان القول بالحرمة متوجهاً الظاهر أن مورد الحرمة هو أن ینوی القران بین فرضین أو فرض و نقل

ص: 136

متأخر فیفسدان معاً لتوجه النهی و الأحوط ترک نیة القران بین نفل متقدم و فرض متأخر و أما لو طاف الفرض أولًا من دون نیة قران فطاف الثانی لم یتعلق بالأول نهی و تعلق بالثانی و کان الأول صحیحاً و الثانی فاسداً إلا أن یقال بأن صحة الأول موقوفة علی شرط متأخر و هو عدم تعقبه بالأخیر أو کون صلاته بعده فوراً للأخبار الدالة علی لزوم الفوریة فی صلاة الطواف کما قیل و لکنه محل نظر و تأمل و من قارن فی النافلة استحب له الانصراف علی وتر بل یکره له الانصراف علی الشفع لفتوی بعض الأصحاب و أشعار بعض أخبار الباب و یحرم القران بین طواف و بعضه و لو بعض شرط عمداً فیبطل الطواف و لو نوی ذلک ابتداء أو فی أثنائه قاصداً أن تلک الزیادة منه لحصول الخلل فی النیة ابتداء أو لاستدامة و لو قصد أن تلک الزیادة لیست منه ابتداء أو استدامة احتملت الصحة و البطلان و الثانی أحوط و أما لو تجددت نیة الزیادة بعد تمام الطواف فإن نوی أنه طواف أخر قوی القول بالصحة و أن فعل حراماً بفعل الزائد و تأخیر صلاة رکعتین فی وجه و أن نوی منه قوی القول بالفساد لأنه صلاة و للاحتیاط و الشک فی الخروج عن العهدة و لإطلاق الکثیر من الفتاوی بل المشهور فی البطلان للأخبار الإمرة بإعادة الطواف المزید علیه مطلقاً أو شوطاً أو احتملت الصحة تنزیلًا له منزلة زیادة رکعة فی الفریضة بعد تمامها و استضعافاً للروایات و فیه أنها مؤیدة بفتوی المشهور و الاحتیاط و الجاهل فی الزیادة کالعامد و أما الناسی فإن لم یکمل شوطاً أبطله و لا شی ء علیه للأصل و لعموم رفع القلم عنه و لخبر أبی کهمش فلا یعارضه الصحیح المشعر بالأمر بإتمام الأربعة عشر لمن دخل فی الثامن لإجماله بالنسبة إلی الأول و قوة الأول و انجباره بفتوی المعظم فلیحکم علی المجمل و أن اکمل شوطاً سهواً أتم ستاً و أکمل أسبوعین لفتوی المشهور و الأخبار و جملة من الأخبار و أن کانت مطلقة فی لزوم الإعادة و جملة مطلقة فی لزوم إتمام الست إلا أن الجمع بینهما بمقتضی الأصول و إطلاق الأکثر من الفحول و قوله فی الصحیح فیمن طاف بالبیت فوهم حتی یدخل فی الثانی فلیتم أربعة عشر طوافاً ثمّ یصلی رکعتین یقضی بذلک و ذهب الصدوق إلی بطلان الطواف الأول لإطلاق بعض الأخبار بالأمر بالإعادة و للأمر بصلاة رکعتین لمن

ص: 137

أتم أربعة عشر و للخبر الأمر بالإتمام للمتطوع و قد طاف ثانیاً و بصلاة رکعتین و بالإعادة لطواف الفریضة و فی الجمیع نظر لتقید الإطلاق بما ذکرناه و لضعف دلالة مفهوم الأمر برکعتین علی نفی ما سواهما مع احتمال إرادة الصلاتین من الرکعتین أو إرادة فعلهما قبل السعی لأنه المبدأ به و لاشتمال الخبرین من الأمرین بصلاة رکعتین علی الطواف أربعة عشر و هو مناف للقول بالبطلان للزوم إتمام خمسة عشر علیه لأربعة عشر و لما ورد فی الصحیح أن علیاً (علیه السلام) طاف فی الفریضة ثمانیة فأکملها ستاً و صلی اثنین قبل السعی و بعده و هو و أن کان مناف لمنصبه (علیه السلام) إلا أنه محمول علی صورة تقیة و لمخالفته الجمیع لفتوی المشهور و للفقه الرضوی الذی یأخذ عنه غالباً و یجب التفریق للصلاتین للاحتیاط و فتوی الأکثر علی الأظهر و یجب کون أحدهما قبل السعی و الآخر بعده للاحتیاط الآمر بذلک فیحمل بالمطلق منها و ما دل علی التفریق مطلقاً علی المقید و هل الأول من الطوافین هو الفرض عملًا بمقتضی النیة و استصحاباً بالصحة المنوی و حمل أوامر الإکمال علی الندب لأن أحدهما مندوب لعدم قائل ممن یعتد بوجوبهما معاً للأخبار الدالة علی کون أحدهما فریضة و الآخر نافلة أو أنه الثانی للرضوی المصرح بذلک و للأمر بالإکمال الظاهر فی الوجوب و للخبر المروی عن علی (علیه السلام) و فیه أن صلاة الأول مؤخرة و هو دلیل استحباب فیلزمه کون الأول یعود نقلًا کما هو الظاهر من بعض الروایات أو باطلًا کما تقضی به الزیادة فیجب الإکمال حینئذٍ علی کل حال وجهان و فی الأخیر قوة و الأول أظهر و أحوط.

سابعها: من نقص من طوافه أتمه ما لم یفعل المنافی أو بطل الفصل

للإخلال بالموالاة کما نسب لظاهر الأصحاب سواء کان فرضاً أو نفلًا و أن انصرف أو فعل المنافی عمداً أو سهواً أو جهلًا فإن کان نفلًا فلا شی ء علیه و له أن یبنی علی ما مضی فی اکثر الموارد الآتیة و أن کان فرضاً فأما أن یکون قد تجاوز النصف و المراد به أربعة أشواط کما هو ظاهر النص و الفتوی و بهما انصراف لفظ تجاوز النصف عن ظاهره أو لا یکون قد تجاوز النصف و علی أی تقدیر فأما أن یکون الفعل المنافی انصراف عنه أو حدثاً أو صلاة فریضة أو غیرها وتراً أو غیرها و دخول فی سعی أو غیره فهنا أمور:

ص: 138

منها أنه طاف بعد تجاوز النصف فنسی فدخل فی السعی فذکر أنه لم یتمه فإنه یعود الطواف فیتمه ثمّ یعود للسعی فیتمه للموثق و فتوی الأصحاب و ظاهر عدم الفصل بین تجاوز النص و بین عدمه و القول به متجه إلا أن الإعادة مع عدم التجاوز أحوط و الاقتصار علی مورد النص و الفتوی یقضی باختصاص ذلک بالناسی دون العامد و الجاهل و یقضی بالاقتصار علی الذکر فی أثناء السعی لا بعد تمامه لأن الأصل هاهنا لزوم تقدیم الطواف علی السعی فی جمیع الأحوال إلا ما قضی الدلیل بخلافه و منها أنه طاف فدخل وقت فریضة فإن الظاهر أن له فعلها ضاق الوقت أم لا تجاوز النصف أم لا ثمّ یتم طوافه للأخبار و فتوی المشهور نقلا و الإجماع المنقول و الأحوط أن یراعی ضیق الفریضة و عدمه و مجاوزة النصف و عدمها لمفهوم الأخبار الحاکمة بإتمام الطواف عند مجاوزة النصف و عدمه عند عدمها فیمکن أن یقید بها جواز القطع و الإتمام و فی إلحاق صلاة الجنازة مطلقاً وجه و الأحوط ملاحظة الضیق و منها أنه طاف فدخل وقت الوتر فإنه له أن یقطع طوافه فیوتر ثمّ یتمه للصحیح الدال علی ذلک من دون تفصیل بین النافلة و الفریضة و بین ضیق الوقت و عدمه و بین تجاوز النصف و عدمه و هذا و الأظهر اختصاص الحکم بضیق الوقت لأنه المنصرف إلیه فی الروایة و الأظهر إرادة الضیق عن وظائفها أیضاً لا مجرد الضیق و لو عنها مخففة مع احتمال ذلک و الأحوط مراعاة تجاوز النصف و عدمه و أحوط الکل عدم قطع الطواف المفروض و الظاهر أن المراد بالوتر ما یعم رکعتی الشفع لإطلاقها علی الثلاثة إطلاقاً متعارفاً.

و منها أنه أن طاف فقطعه لحاجة لنفسه أو لغیره ضروریة کانت أو لا لإطلاق النص فإنه یجوز له القطع للأخبار المجوزة للقطع فی فریضة أو نافلة أن کان نافلة جاز له البناء علی الشوط أو الشوطین و أن کان فرضه لم یجز له البناء علیهما و لا فارق بین الشوط و الشوطین أو غیرهما مما هو أقل من النصف و به یقید ما أطلق فیه البناء و أن کان قد تجاوز النصف بنی فی فریضة أو نافلة للأمر بالبناء مطلقاً فی فریضة أو نافلة بعد طواف خمسة أشواط و خبر أبی الفرج و لما یفهم من جملة من الأخبار أن من تجاوز النصف فقد أتم طوافه و منها أنه قطعه لمرض فإنه أن تجاوز النصف بنی علی ما تقدم

ص: 139

و أتم و أن لم یتجاوز أستأنف الطواف ابتدأ مهما أمکن للخبر الأمر بالإعادة عند طواف ثلاثة و عدمها عند طواف أربعة و الظاهر أن الثلاث مثال لفهم الأصحاب و لدلالة الأخبار الأخر المنجبرة بفتوی الأصحاب و بهما یقید ما أطلق من الإعادة بعروض المرض فی الأثناء و منها أنه قطعه لحدث عمداً أو سهواً أو اضطراراً فإنه یستأنف للخبر المعتبر فیمن أحدث أنه أن جاز النصف بنی علی طوافه و أتم و أن لم یجز النصف أعاد و لفتوی الأصحاب و لمفهوم التعلیل من أن من تجاوز النصف فقد أتم و لفحوی ما جاء فی الحائض و النفساء و الأحوط الاستئناف مطلقاً فی صورة العمد و الجهل و ربما أشعرت به الأخبار الإمرة بالإعادة لداخل البیت مطلقاً علی وجه قوی و منها أنه طاف فخرج عن المطاف و انصرف عن طوافه عمداً أو سهواً أو جهلًا فإنه یبنی علی ما فعل أن أتم أربعاً و یستأنف أن لم یتم کما تدل علی ذلک الأخبار الدالة علی أن من أتم أربعاً فقد تم طوافه و ألا استأنف مع عدم الإتمام یقضی به الاحتیاط و فحوی الأخبار فی المقامات المتعددة و منها أنه طاف فدخل البیت فإنه یعمل علی ما قدمناه لما قدمنا من غیر تفصیل بین العمد و السهو و غیره و الأخبار الواردة فیه و أن کان بعضها مطلق فی الإعادة لکنه مقید بالأخبار الآمرة بالإعادة لمن طاف ثلاثة أشواط تنزیلًا للمطلق علی المقید و لقوة التعلیل المتقدم و هل لمن حکم علیه بالبناء علی ما فعله الاستئناف یحتمل ذلک و أن البناء رخصه و یشعر به خبر من طاف و وجد النجاسة فی الأثناء و لکن الأحوط بل الأظهر لزوم البناء علی ما فعل و علیه فهل البناء من موضع القطع للاحتیاط عن الزیادة و للخبر الدال علی لزوم الطواف فی موضع القطع أو من الرکون کما احتاط به بعضهم و دل علیه الخبر الأمر بالطواف من الحجر إلی الحجر فیمن أختصر شوطاً و الأوجه الأول و الجمع بالتخییر لا یخلو عن وجه و مع الشک فی موضع القطع بنی علی الزائد احتیاطاً.

و منها أنه طاف فجلس حتی فاتت الموالاة فإن الظاهر لزوم الاستیفاء مع عدم التجاوز و البناء علی الإتمام مع التجاوز للاحتیاط و لما تشعر به الأخبار فی الموارد المتعددة و الظاهر أن الموالاة واجبة لنفسها شرعاً و شرطاً للتأسی و لما تشعر به کثیر من

ص: 140

الأخبار المتقدمة من ان الإعادة فیها إنما هی للإخلال بالموالاة و أن الطواف صلاة و قد منع ثبوتها بعضهم و هو ضعیف.

ثامنها: من شک فی أصل الطواف و قد دخل فی غیره من الأعمال المترتبة علیه لا یلتفت

لعموم إذا شککت فی شی ء و دخلت فی غیره فشکک لیس بشی ء و خصوص المورد لا یخصص الوارد و کذا من شک و کان کثیر الشک لا یلتفت و مثل الشک فی أصل الطواف الشک فی أبعاضه زیادة و نقصاً و یزید الشک فی أبعاضه أنه لو انصرف عن الطواف کأن اعتقد الفراغ منه أو أنه اعرض عنه فخرج عن المطاف بعد تلبسه به مضی و لا شی ء علیه للأخبار عموماً و خصوص موردها لا یمنع العمل بها و لنفی الحرج و لخصوص الإعادة فی بعضها کالنافیة للشی ء علیه بعد أن قال له ففاته یحملها علی الشک بعد الفوت لأن حملها علی الشک فی الأثناء و فوات التدارک ینافی ما هو إجماع أو کالإجماع علی عدم سقوط أثر الشک و لو وقع الشک فی الطواف فی أثنائه فإن کان بعد إحراز السبعة فشک فی الزیادة علیها و کان الشک عند منتهی السبعة فلا شی ء علیه للروایة المنجبرة بالفتوی فی زیادة و لأصلی عدم الزیادة و البراءة من الإعادة و أن وقع الشک فی أثناء الشوط فلم یدری أ هو السابع أو الثامن بطل الطواف للاحتیاط و للزوم الخروج من العهدة بیقین و لا یمکن هاهنا لاحتمال الزیادة بالإتمام و النقصان بالقطع و مثله ما لو شک فی النقصان فلم یدری أنه طاف واحداً أم اثنین أو ثلاثة هکذا إلی السبعة أو لم یدری کم طاف فإنه یستأنف الطواف للاحتیاط و فتوی الأصحاب و ما ورد فی بعض الأخبار من البناء علی الأقل محمول علی النافلة أو الشک بعد الفراغ و کذا من البناء علی الیقین أن الیقین مع احتمال ان الیقین الإعادة و یبنی فی طواف النافلة علی الأقل للأصل و فتوی الفحول و الإجماع المنقول و الأخبار و فی روایة التخییر بین الأقل و الأکثر و الأخذ بها لو لا الإجماع المنقول لا بأس به و الظاهر أن الظن یجب اتباعه کالقطع لنفی الحرج و لبعض الأخبار المجوزة للإخلاد لخبر الغیر فی الطواف و لأن اکثر الأخبار المتضمنة للإعادة فیها لفظ الشک فیحمل علیه ما ورد بلفظ

ص: 141

لا یدری و شبهها و الاحتیاط یقضی بلحوق الظن للشک و یجوز الخلود للبینة و للشهادة حتی من الواحد العدل للأخبار خصوصاً و عموماً.

تاسعها: الطواف رکن فی العمد

فمن ترکه عمداً عالماً أو جاهلًا حتی تعدی وقته بطل حجه و عمرته و یتحقق فوات الوقت فی عمرة التمتع بعدم إمکان الآتیان به و بما بعده و الآتیان بالحج بعد ذلک و فی الحج إذا انقضی ذی الحجة و فی العمرة المفردة أخر أزمنة الإمکان أو الخروج من مکة بنیة الأعراض بناء علی لزوم أحدهما معیناً أو مردداً و احتمال تحقق الفوات بنیة الأعراض عنه وجه لا یبعد الرکون إلیه و یدل علی البطلان فی الجاهل و هل علی العامد بدنه لورود لزومها علی الجاهل فالعامد بطریق أولی أو لیس علیه للأصل و منع الأولویة لاحتمال ترتبها علی ترک التعلم لا ترک العمل و احتمال أن العمد ذنب لا کفارة له هذا فی غیر طواف النساء و أما هو فلا یبطل النسک بدونه للإجماع المنقول و فتوی الفحول و ظاهر جملة من الأخبار و فیها ما یدل علی تمام الحج بدونه و من ترک الطواف نسیاناً لم یبطل نسکه و أن کان رکناً و فات وقته و وجب علیه قضاؤه بنفسه لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و الخبر النافی للضرر عمن نسی طواف الزیارة حتی یرجع إلی أهله و الصحیح الأخر الدال علی الاستنابة لمن نسی طواف الفریضة و دفع الخطأ و النسیان خلافاً للشیاع حیث أبطل الحج بنسیان طوافه و هو ضعیف و الاستناد إلی الاحتیاط و إلی ما ورد فی لزوم إعادة الجاهل اضعف فی مقابلة تلک الأخبار و خلافاً لمن جوز الاستنابة مع القدرة علی المباشرة لإطلاق بعض الأخبار فی جواز الاستنابة و هو ضعیف أیضاً لانصراف الإطلاق إلی حالة المشقة کما هو أغلب أفرادها و کما هو المفتی به فقهاؤنا و المنقول علیه إجماعنا و المشعر به ما دل علی لزوم المباشرة فی طواف النساء و فی رکعتی الطواف اللتین هما فرعه نعم لو تعذر أو تعسر أو احتاج إلی مشقة لا تتحمل عادة کإنشاء السفر من البعید إلی مکة جازت الاستنابة للحرج و لظاهر بعض الإجماعات المنقولة علی حالة التعذر و لظاهر الصحیح فیمن نسی طواف الفریضة حتی یقدم بلاده أنه یبعث بهدی و یوکل من یطوف عنه فی حج أو عمرة و مقتضاه عدم الفرق بین طواف الحج و العمرة فما نسب

ص: 142

لأکثر الأصحاب من الاقتصار علی طواف الحج لا دلیل فیه علی نفی غیره و لا وجه لنفیه و إطلاق الخبر فی جواز التوکیل محمول علی الغالب من تعذر العود أو تعسره أو ارتکاب مشقة فیه و هل یجب علی القاضی للطواف بنفسه أو بغیره إعادة السعی للاحتیاط و للخبر فیمن سعی قبل أن یطوف قال یطوف بالبیت ثمّ یعود إلی الصفا و المروة أو لا یجب للأصل و إطلاق خبر الاستنابة فی مقام البیان و حمل الخبر المتقدم علی اختصاصه بما قبل فوات وقت الطواف کما تشعر به أخبار آخر قیل و الأکثر لم یذکروا الإعادة و هو قوی خصوصاً فی الغالب و لکن الأحوط إعادتهما و لو أعاد لاستدراکهما بعد الخروج علی وجه یستدعی وجوب الإحرام لدخول مکة فهل یکتفی بذلک أو یتعین علیه الإحرام ثمّ یقضی الفائت قبل الإتیان بأفعال العمرة و بعده وجهان و لعل الأول أرجح تمسکاً بمقتضی الأصل و التفاتاً إلی أن من نسی یصدق علیه أنه محرم فی الجملة و الإحرام لا یقع إلا محل و من ترک الطواف جهلًا حتی فات وقته أعاد لفتوی الفحول و الأخبار و علیه بدنه عقوبة لا جبران للاحتیاط و لبعض الأخبار المعتبرة خلافاً لمن استضعفها و استند للأصل و ضعفه ظاهر و من نسی طوافاً فلم یدر أنه لعمرة أو لحج أعادهما و یجزیه أن یعید واحد و هو ما فی ذمته و ناسی بعض الطواف کناسی کله فإن تجاوز النصف أعاد ما بقی أو استناب فیه و الا أعاد الکل أو استناب فیه و الظاهر اختصاص الاستنابة بحال عدم المشقة فی العود.

عاشرها: من ترک الطواف لمرض و استمر به حتی ضاق الوقت

أو خاف عدم التمکن طیف به أن استمسک الطهارة و لم یکن مغمی علیه و أمکنه الحرکة و ألا طیف عنه کلًا أو بعضاً لفتوی الأصحاب و الأخبار و قد تقدم و الأحوط مراعاة الضیق للمریض دون مجرد الخوف من عدم التمکن.

حادی عشرها: من نسی طواف الحج حتی رجع إلی أهله و واقع

فإن واقع بعد الذکر و العلم لزمته الکفارة للأخبار الدالة علی لزومها علی المواقع بقول مطلق و حملها علی حالة الذکر و النسیان للأصل و الأخبار الدالة علی نفی الکفارة عن المحرم الواطئ نسیاناً أو جهلًا و هی مستفیضة معتبرة أولی من الأخذ بإطلاقها و تقیید جمیع

ص: 143

تلک الأدلة خلافاً لمن أوجب الکفارة استناداً لأخبار منها غیر صریحة و منها صریحة و لکنها قابلة للحمل علی الندب أو علی الوقوع بعد الذکر و الحکم بما قدمنا هو الوجه و الجمع بین الأخبار و الظاهر أن الحکم فی طواف العمرة هو الحکم فی نسیان طواف الحج و علی أی تقدیر مما ذکرناه من حکم الموافقة قبل الذکر أو بعده یجب العود علی ناسی الطواف فإن تعذر استناب هذا کله فی طواف الحج و العمرة و أما طواف النساء فالظاهر عدم وجوب العود بنفسه لناسیه و أن تمکن منه بل له الاستنابة فیه مطلقاً لفتوی المشهور و ظاهر الإجماع المنقول و ظاهر بعض الصحاح الآمرة بالإرسال من یطوف عنه و بالأمر بالقضاء عنه من دون استفصال بین التعذر علیه و عدمه و ما ورد فی جملة من الأخبار من أنه لا یحل له النساء حتی یزور البیت و من أنه لا یصلح أن یقضی عنه و من أنه أن لم یقدر قال یأمر من یطوف عنه لا یصلح للاستدلال علی وجوب العود بنفسه لأن الأول محمول علی إرادة إیجادها بنفسه أو بغیره و الثانی علی الکراهة لظهوره فیها أو بقرینة الشهرة و الثالث القید فی کلام الراوی لا یقید نفس الروایة و أصل عدم انتقال الحق إلی الغیر و عدم حل النساء مقطوعان بما مر نعم قد یقال أن الأوامر بالإرسال و القضاء من دون استفصال محمولة علی الغالب من حالة التعذر فتبقی تلک الأصول و الاحتیاط لا معارض لها و لکن یدفعه فهم المشهور و فتواهم و ظهور الصحیح فی رجل نسی طواف النساء حتی یرجع إلی أهلها قال یأمر من یقضی عنه أن لم یحج فإنه لا یحل له النساء حتی یطوف بالبیت فیما ذکرناه لارتباط التعلیل فی ذبل الروایة بالأمر بالقضاء فی عجزها و هو متشعر بجواز الاستنابة مطلقاً هذا کله و للاحتیاط غیر خفی و من مات و لم یؤد طواف النساء بنفسه أو بغیره قضی عنه الولی للأخبار و فتوی الأصحاب.

ثانی عشرها: لا یجب طواف النساء فی عمرة التمتع

للأصل و الأخبار و فتوی الأصحاب و ما فی بعض عن بعض الأصحاب من الحکم بالوجوب لا یعارض ما ذکرناه و یجب فی الحج و العمرة الغیر متمتع بها للأخبار و فتوی الأصحاب و ما فی بعض الأخبار و عن بعض الأصحاب من عدم وجوبه فی العمرة المفردة لا یعارض ما قدمناه

ص: 144

فهو مطرح أو ما دل فیجب علی المتمتع ثلاث طوافان و علی القارن و المفرد أربع طوافان للزیادة و طوافان للنساء و وجوب طواف النساء عام للرجل و الامرأة و الصبی و الخنثی و الخصی لعموم الأدلة و خصوصها.

ثالث عشرها: من طاف فالأفضل له تعجیل السعی مهما أمکن

لا بتر المسارعة و الاستباق و للفتوی و لا یجوز تأخیره إلی العذر أن طاف نهاراً للروایة و الفتوی خلافاً لشاذ لا یلتفت إلیه و هل یجوز تأخیره إلی النهار إذا کان الطواف لیلًا أو بالعکس یقوی ذلک و الاحتیاط بخلافه و مع الضرورة لا بأس بالتأخیر مطلقاً لأن الضرورات تبیح المحضورات و علی ذلک نزل ما ورد من الأذن بالتأخیر و لو أثم فأخر فهل یجزیه عند الإتیان به الظاهر ذلک و غیر طواف النساء مقدم علی السعی فلو أخره أعاد السعی فقط علی الأظهر سواء کان عامداً أو جاهلًا أو متأهباً للاحتیاط اللازم و ظاهر الأخبار.

رابع عشرها: یجوز للقارن و المفرد تقدیم طواف الحج و سعیه علی الوقوفین

للأخبار و کلام الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و فی الأخبار عن المفرد یقدم طوافه أو یؤخره قال هما و الله سواء و الا رد علیهما باحتمال إرادة التعجیل بعد مناسک من قبل انقضاء أیام التشریق أو بعده لأوجه له لتصریح جملة من الأخبار بإرادة خلافه کأخبار حج الوداع و کالخبر فیمن أحرم بالمتعة فقدم یوم الترویة تطوف بالبیت و تسعی بین الصفا و المروة ثمّ تخرج إلی منی و لا هدی علیک و حیث یقدم الطواف یلزم تجدید التلبیة بعد کل صلاة طواف خوفاً من الإخلال کما تقدم و أفتی بعض أصحابنا بکراهة تقدیم الطواف و لعله للخروج عن شبهة خلاف الحلی حیث منع ذلک و لإشعار بعض الأخبار به و لا بأس به بل یجوز تقدیم طواف النساء علی الوقوفین فی حج تمتع أو غیره للإجماع المنقول و الأخبار إلا مع الضرورة أو الخوف من الحیض کما سیأتی بیانه إن شاء الله تعالی و لو قدمه جهلًا أو سهواً أعاد و لا یجوز تقدیمه علی السعی أیضاً لتأخیره عنه بالنص و الإجماع فلو قدمه عمداً أو جهلًا أعاد نعم لو قدمه سهواً صح و لا یفتقر للإعادة للموثق النافی للضرر فی ذلک و أنه قد فرغ من

ص: 145

حجه فی مقام البیان و لفتوی الأصحاب و لا یلحق الجاهل بالساهی لأنه کالعامد للاحتیاط و الشک فی الخروج عن العهدة و شمول الموثق للعالم و الجاهل فی نفی الضرر فی التقدیم لا یقدح فیه لانصراف الإطلاق فیه إلی غیرها کما فهم الأصحاب و لعدم إمکان حصول التقرب من العالم و لمساواة الجاهل له فی المشهور نعم یدخل فیه المضطر لنفی العسر و الحرج و فحوی ما دل علی جواز تقدیمه علی الموقفین فلا مانع من شمول إطلاق الموثق له بل هو الأقوی مع احتمال عدم الأجزاء للأصل و استصحاب شغل الذمة و بقاء النساء علی الحرمة و نفی الحرج بدفعه جواز الاستنابة و هو قوی لو لا ما نقل من القطع بجواز التقدیم فی کلام الأصحاب و ظاهره دعوی الاتفاق و الاحتیاط یقضی بالتقدیم و الاستنابة و لا یجوز للمتمتع تقدیم طواف الحج و سعیه علی الوقوفین و قضاء المناسک لو فعل عامداً أو جاهلًا أو ناسیاً بطل عمله للاحتیاط اللازم للشغل و الترتیب المأمور به فی الأخبار و لفتوی الأصحاب و للخبر أن هو طاف قبل أن یأتی من منی من غیر علة فلا یعتد بذلک الطواف إلا المضطر لخوف حیض متأخر أو عجز عن العود أو الزحام لمرض أو ضعف أو شیخوخة أو غیر ذلک لنفی الحرج و فتوی الأصحاب و للأخبار الدالة علی الجواز لخائفة الحیض و المعلول و الشیخ الکبیر و المریض و منع ابن ادریس من التقدیم مطلقاً للأصل و اندفاع الحرج بحکم الإحصاء ضعیف کضعف القول بجواز التقدیم مطلقاً لإطلاق بعض الأخبار بجواز التقدیم لأن الأصل مقطوع و أخبار الآحاد حجة و إطلاق الأخبار بالجواز مقید بالأخبار المقیدة بحال الضرورة حملًا للمطلق علی المقید و هل یجوز تقدیم طواف النساء علی الوقوفین مع الضرورة للخبر المنجبر بفتوی المشهور و عملهم و لفحوی ما تقدم و هو الأقوی أو لا یجوز للأصل و اتساع وقت الفریضة للاستنابة و الخبر الأخر المانع من تقدیم طواف النساء مطلق و الکل ضعیف لانقطاع الأصل و ضعف خبر علی بن حمزة و تضمنه لما لا یقول به و إطلاق الخبر الأخر بحمل علی المقید المعتبر فتوی و عملًا علی أنهما ظاهران فی قدرتهما علی طواف النساء بعد ذلک و لو بالاستعداء علی الجمال و مع القدرة لا نمنعه و کونه و لو مع الاستعداء علی الجمال لا نقول به لمعارضته الصحیح الدال علی

ص: 146

الأمر بالمضی معهم و أنه قد تم حجها علی أن الاستعداء علی الجمال مخالف للأصول و القواعد فلا نقول به.

خامس عشرها: یکره لبس البرطلة مطلقاً

للخبر و یشتد فی الطواف مطلقاً لمکان النهی المحمول علی الکراهة لضعف سند التحریم و فتوی المشهور بخلافه و قیل یحرم و هو أحوط و علیه فهل یفسد الطواف لمکان النهی عنه فیها أو یصح لتعلقه عند التحلیل بالخارج وجهان أظهرهما الأول و لا شک فی حرمتها فی طواف یحرم الستر فیه لمکان الإحرام لأنها ستر الرأس بل تزید حرمتها لکونها برطلة و هل یفسد بها الطواف الوجهان المتقدمان و فی معناها اختلاف فیجب تجنب جمیع محتملاتها و الظاهر أنها لباس معروف فتختص الکراهة أو التحریم به.

سادس عشرها: من نذر أن یطوف علی أربع کهیئة الدابة

احتمل بطلان أصل نذره لأنه نذر لغیر مشروع فیه و احتمل انعقاده علی رجلیه و بطلان الهیئة و احتمل أنه أن نذر الطواف علی أربع مطلقاً انعقد علی رجلیه و أن نذر أن لا یطوف إلا علی هذه الهیئة لم ینعقد رأساً و أن نذر هذه الهیئة فی الطواف بطل نذره و لم یجب علیه شی ء و احتمل صحة النذر و لزوم طوافین للخبر الوارد فی امرأة نذرت کذلک أنها تطوف أسبوعاً لیدیها و أسبوعاً لرجلیها و احتمل لزوم ذلک فی حق الامرأة خاصة لورود الخبر فیها دون الرجل و حکم علیه الشهرة وجوه أقواها الأول و أحوطها الأخیر بل الأحوط تسویة الرجل و الامرأة لاشتراکهما فی الأحکام غالباً.

سابع عشرها: یندب مضغ شی ء من الاذخر

لدخول الحرم للخبر و لدخول مکة و المسجد و الطواف للاعتبار و أشعار بعض الأخبار و فتوی جملة من الأخبار و لتقبیل الحجر للخبر و یندب دخول مکة من أعلاها للمدنی و الشامی للتأسی و الخبر و أعلاها تنینة کداء بالفتح و المد و لا یبعد استحباب ذلک لغیر المدنی و الشامی أیضاً للتأسی و فتوی جملة من الأصحاب و یندب دخولها حافیاً لفتوی جملة من الأصحاب و المسجد کذلک للخبر و أن یدخلها علی سکینة و وقار و أن یغتسل عند دخوله فی الحرم للأخبار و فتوی الأصحاب و لو تعذر التقدیم أغتسل بعد الدخول لجوازه فی النص مع

ص: 147

احتمال جواز الاغتسال له مطلقاً فیها لظهور الخبر و یندب الدخول إلی المسجد من باب بنی شیبة قیل للتأسی و النص و یندب الدعاء بالمأثور عند الدخول و یندب الوقوف عند الحجر الأسود و الدعاء بعد الحمد و الصلاة رافعاً یدیه للنص و الفتوی و یندب استلام الحجر قبل الطواف و بعده بل استلامه عند الابتداء بکل شوط أو الاستلام من السلام و هو الحجر کالاکتحال و الأدهان و هو تقبیله و لمسه بیده أو إعساقه و ربما یکون من المتمتع بالوجه و الصدر و البطن و شبهها و أظهر أفراده تناوله بالید و تقبیله و التقبیل بالنصوص منصوص أیضاً فهو مندوب لنفسه و لکونه استلام و یندب الاستلام بجمیع البدن و ألا فیما أمکن و ألا فالید و المقطوع بموضع الید و فاقد الید یشیر إلیه بوجهه أو برأسه و کذا من ام یتمکن من الزحام یومی إلیه إیماء بیده أو بوجهه کل ذلک علی الظاهر من النص و الفتوی و قیل أن الاستلام مأخوذ من السلام و هو التحیة و ینزل لمسه بالید منزلة تحیته ترکاً و تحریماً لقبول السلام منه أو أنه یحمی نفسه عن الحجر لعدم قابلیته و قیل أنه من السلام و هی الدرع بمعنی اتخاذه جنة و قیل من الملامسة و هی الاجتماع إلی غیر ذلک و الظاهر جواز السلام علیه من بعید لمن لم یتمکن من الاستلام و یندب ذکر الله تعالی حال الطواف للنص و الفتوی و یندب الاقتصار فی المشی مشی بین شیئین کما دل علیه و ندب بعض أصحابنا الرمل فی المشی ثلاثة أشواط فی القدوم للتأسی بالنبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الرمل ضرب من العدو و تعارضه أخبار أخر و الأولی ترکه و الرمل فی الطواف من شعائر العامة علی الأظهر و یلزم المستجار و یبسط یدیه و خدیه علی حائطه و یلصق بطنه به و یذکر ذنوبه و یعدها مفصلة و یدعو بالمغفرة و الإعاذة من النادر المأثور کل ذلک للأخبار و فتوی الأصحاب و الظاهر اختصاص استحبابه بالشوط السابع و القول باستحبابه مطلقاً لإطلاق بعض الأخبار وجه قوی و المستجار

بحذاء الباب من وراء الکعبة دون الرکن الیمانی بقلیل و قد یطلق علی الباب و علیه دل الخبر و العمل بهما لا یخلو من وجه إلا أن الأوجه الأول و لو نسی الالتزام رجع و التزم لعموم الأدلة و فتوی جملة من الأصحاب و زیادة الطواف لا بأس بها لعدم نیة الزائد أنه طواف و الأعمال بالنیات و قیل یحرم لتحریم الزیادة مطلقاً و لو من دون نیة أنه

ص: 148

الطواف المأمور به و الأدلة لا انصراف لها لهذا الفرد الخاص و المنع عن الزیادة مطلقاً فی الفتوی و النص و للخبر المانع عن الرجوع لناسی الالتزام إذا جاز الرکن الیمانی و هذا القول أحوط و ندب أن یلتزم الأرکان الأربعة و یتأکد فی العراق و الیمانی لخصوص النص علیهما و المنع لاستلزام غیرهما لأن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لم یستلم سواهما ضعیف بعد النص و الفتوی کالقول بوجوب استلام الرکن الیمانی و الاستلام أن یلصق بطنه به و یمسح بیده علیه و یندب أن یتطوع بثلاثمائة و ستین طوافاً کل طواف سبعة أشواط للنص و الفتوی فإن لم یمکن طاف ثلاثمائة و ستین شوطاً و یجعل الطواف الأخیر عشرة أشواط و یجعله ثلاثة لظاهر النص فی وجه و یحتمل تکملته أربعة أشواط أخر قیل و علیه روایة و یکره الکلام فی الطواف و یشتد فی الشعر و الظاهر کراهة ما یکره فی الصلاة من التثاؤب و الفرقعة و مدافعة الخبیثین و الأکل و الشرب و أن لم یجز ما فی وجه.

القول فی السعی

اشارة

و فیه أمور:

أحدها: یندب الطهارة للسعی

للأخبار و فتوی الأصحاب کبراها و صغراها و لا تجب الطهارة خلافاً لشاذ للأخبار الدالة علی الندب و فتوی الأصحاب و یندب استلام الحجر و تقبیله فإن لم یمکن فالإشارة إلیه عند الخروج للسعی و یندب الشرب فی ماء زمزم بعد الإتیان إلیه وصب مائها علیه علی رأسه و جسده و لیکن الشرب أو الصب من الدلو المقابل للحجر و فی بعض الأخبار أن الاستلام بعد ذلک و الظاهر أنه لا بأس به قبلًا و بعداً أو هما معاً و یندب الخروج من الباب المقابل للحجر للنص و الفتوی و هو الآن معلم بأسطوانتین فلیخرج مما بینهما و یندب الصعود علی الصفا للرجال للتأسی و الأخبار و محکی الإجماع بحیث ینظر إلی الکعبة و یراها و یکفی الصعود علی الدرجة الرابعة للتمکن من النظر منها و قد کانت قبل ذلک مضمومة بالتراب لیستر الصعود علیها و مرة اجل ذلک أن النظر إلی الکعبة لا یتوقف علی الصعود و أنه یندب کل من النظر و الصعود و کذا قیل و یندب الوقوف علیها بقدر قراءة سورة البقرة و یندب أن

ص: 149

یقارن النیة للسعی من أسفل الدرج للاحتیاط و أن قوی جواز النیة من أی جزء کان من الصفا و أن الأولی استمراره إلی الوصول إلی الدرجة الرابعة بل هو الأحوط و یندب استقبال الرکن العراقی الذی فیه الحجر و یندب التحمید و التکبیر و التهلیل سبعاً و الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الدعاء بالمأثور للنص و یندب المشی للنص و الفتوی و یجوز الرکوب و یندب الاقتصاد فی المشی من دون تأن أو إسراع فی طواف السعی للنص و یندب الرمل و هو الإسراع و الهرولة فی وسطه و هو ما بین المنارة و زقاق العطارین للنص و الفتاوی و لا یجب خلاف النادر من أصحابنا و یختص استحباب الهرولة للرجال للنص و الراکب یسرع بدابته مکانها للخبر و لو نسی الهرولة رجع القهقری للخبر و له الرجوع من غیر قهقری و الأحوط تجنبه کما أن الأحوط أن لا یعود إلی جمیع الشرط لو نسی الرمل فیه و لا یرجع مع العمد للأصل و الصحیح و یجوز الجلوس فی خلاله للراحة للنص و فتوی المشهور سواء کان مع العجز أو بدونه و الأحوط منعه مع عدم العجز للنهی عن الجلوس مع عدم العجز فی بعض الأخبار بل الأحوط منعه مع إمکان الوقوف للراحة فیقدم علیه الوقوف.

ثانیها: السعی رکن یبطل الحج و العمرة بترکه فیهما عمداً

للأصل و الاحتیاط و الفتوی و النص و الکلام فی وقت فوته کالکلام فی وقت فوات الطواف و لا یبطل بترکه سهواً بل یعود و یتدارکه مهما أمکن و الاستنابة فیه کل ذلک للفتوی و النص و فی إلحاق الجاهل بالعامد و الناسی أشکال و الأحوط إلحاقه بالعامد.

ثالثها: یجب فی السعی النیة مقارنة لابتدائه مستدیمة حکمها إلی انتهائه

أو لا بد من تعیین نوعه و التقرب به و لا بد من الابتداء بالصفا بحیث یجعل عقبه و کعبه و هو ما بین الساق و القدم ملاصقاً له و الختم بالمروة بحیث یلاصق أصابع قدمیه و هل یکفی القدم الواحدة فی الابتداء أو الانتهاء الأحوط عدم الاکتفاء و لو عکس عمداً أو جهلًا أو نسیاناً بطل للاحتیاط و مخالفة المأمور به الظاهر فی کونه شرطاً واقعیاً و ربما یقال بالاکتفاء بما یسمی سعیاً بین الصفا و المروة لإطلاق الأخبار و سهولة الشریعة و جواز السعی علی الدواب و عدم بیان هذه المداقة فی الأخبار و لکنه خلاف الاحتیاط و فتوی

ص: 150

الأصحاب و لا یجب الصعود و لا یجب صعودها للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب و فی بعض الأخبار ما یشعر و خیال وجوب صعودهما من باب المقدمة لتحصیل السعی فیما بینهما ضعیف لعدم الاحتیاج لذلک بعد معرفة الحدود و الأحوط صعود الدرج و الأحوط أن یکون إلی الرابعة و یشعر به الخبر المروی عن الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و یلزم المشی علی الجادة الوسطی التی بینهما و هو الطریق المعهود لاستقبال المطلوب بوجهه و لو أقتحم المسجد الحرام ثمّ خرج من باب أخر لم یجز و کذا لو مشی القهقری أو مشی صفحاً علی أشکال.

رابعها: یجب السعی سبعة أشواط ملفقین الذهاب و الإیاب

یبتدئ فیها من الصفا و یختتم بالمروة للإجماع و النص و یبطل لو زاد علیه عمداً فی ابتداء النیة علی وجه التقرب بالمجموع و کذا علی وجه التقرب بالسبع و بالزیادة مستقلة علی أشکال و لو زاد بعد التمام بنیة مستقلة ففی البطلان وجه یقضی به الاحتیاط و إطلاق الأخبار و لو زاد سهواً صحت سبعة و طرح الزائد کما فی جملة من الأخبار و من فتوی الأصحاب و الظاهر أن الجاهل کالناسی لإطلاق الأخبار بالاعتداد بالسبع و اطراح الواحد أن کان خطأً و قد ورد فی صحیح الأخبار أنه من استیقن أنه طاف بین الصفا و المروة ثانیاً فلیطف إلیها ستاً و حمله المشهور نقلًا علی التخییر بین الأمرین و علی الإکمال فالثانی مندوب یجوز قطعه و لا یندب التکرار إلا هنا مع احتمال أن الغرض هو الثانی کما فی الطواف و قد یضعف التخییر بأن الصحیح مع وحدته ظاهر فی أن الأسبوع الثانی یکون ابتداؤه من المروة و لا یجوز له إلا فی السعی المبتدأ أو لا فی المنظم کما قد یحتمل الفرق بینهما فحملة علی بطلان السعی بحمله علی کون ابتدائه کان من المروة فیبطل الأسبوع الأول و یصح الثانی لیس بالبعید و الظاهر أنه لو قلنا بالتخییر فلا بد من التزام سبعة مبدؤها الصفا و اطراح الثانی و تحمل الروایة المتقدمة علی السعی ثمانیة بین الصفا و المروة و لکن مبدؤها الصفا و الظاهر أن جزء الشوط ککله فی جواز الغایة و فی جواز إتمامه أن کان مبدأ الصفا و فی بعض الصحاح أنه أن زاد شوطاً علی السبعة فالبطلان و أن زاد اثنین فالصحة فی الواحد و الإتمام ستاً و بطلان الثمانیة المتقدمة

ص: 151

و حمله بعضهم علی العامد لبطلان السعی الأول بزیادة الثامن و بطلان الثامن بکونه من المروة هذا أن کان ثمانیة و صحة التاسع لابتدائه من الصفا أن کان تسعة و فیه نظر لأن البطلان متوجه علی أی تقدیر و صحة التاسع متوقفة علی نیة جدیدة و لم تحصل لأن فلم تحصل الصحة و حملها بعضهم علی صورة النسیان و التذکر عند المروة دون الصفا فیبطل سعیه علی الأول لابتدائه من المروة دون الثانی لابتدائه التاسع من الصفا و هو أقرب.

خامسها: من تیقن عدد الأشواط و شک فیما بدا به

فإن کان من المفرد علی الصفا أو متوجهاً إلیه أعاد السعی من أوله لدلالته علی ابتدائه من المروة و أن کان فیه علی المروة أو متوجهاً إلیها لا یعد لاقتضائه العکس و هو صحیح فی الزوج کان الحکم بالعکس و هذا کله قرینة للعلم بالمشکوک فیه و لو لم یعرف الصفا من المروة عند الشک لعمی أو فقد رشد أو غیرهما کان من الشک بعد الفراغ و لو شک فی العدد فی الأثناء قبل یقین الإکمال أعاد السعی للاحتیاط بین النقصان و الزیادة المبطلین و لو شک بعد یقین الإکمال و هو علی المروة لا یعید لأصالة عدم الزیادة و لو کان علی الصفا أعاد لما ذکرنا و لو تیقن النقصان أتی بالناقص سواء تجاوز النصف أم لا علی الأظهر الأشهر لإطلاق الأخبار هنا و فیما یأتی من البناء إذا قطع لحاجة أو صلاة من دون تفصیل بین مجاوزة النصف و عدمها و قیل یعتبر فی البناء مجاوزة النصف لما ورد فی الحائض من البقاء إذا جاوزت النصف و الاستئناف إذا لم تتجاوز و نقل علی ذلک الإجماع و هو ضعیف لضعف الأخبار و احتمال اختصاصها بالطواف و ضعف الإجماع المنقول علی المشهور.

سادسها: لا تجب الموالاة شرعاً فی السعی

للأصل و منقول الإجماع ظاهراً و لا شرطاً أیضاً لظاهر الأخبار و فتوی الأصحاب فیجوز قطعه للواجب و المندوب و الحاجة لنفسه أو لغیره بل لا لغرض و أن کان الأحوط تجنب ذلک للتأسی و عدم نقل جوازه و لا یتفاوت بین مجاوزة النصف و عدمها لإطلاق الأخبار و فتوی المشهور و الإجماع المنقول خلافاً لجمع فجعلوا السعی کالطواف فی مجاوزة النصف فیصح البناء و عدمها

ص: 152

فالاستئناف و حجتهم ضعیفة لا تقاوم ما قدمناه نعم هو أحوط فی غیر القطع للصلاة لورود صریح الأخبار فی فعلها و إتمام السعی و لو شوطاً واحداً و لو سعی ستة أشواط أو ظن تمام سعیه فأحل و واقع أو قلم أظافره ثمّ ذکر أنه نسی شوطاً أتم سعیه و فی بعض الروایات أنه یلزم دم بقرة و فیها الصحیح و الأخذ بها متعین و أن خالفت القواعد من عدم وجوب الکفارة علی الناسی فی غیر الصید و وجوب البقرة فی تقلیم الأظافر للزوم الأخذ بالخاص مضافاً إلی قوة احتمال خروجه عن الناسی لخروجه عن السعی غیر قاطع بإتمامه أو أنه قد قصر حیث لم یلحظ النقص لأن من قطع السعی علی ستة یکون قد ختم بالصفا فأشباهه عن تقصیر ظاهر و الظاهر أن الحکم لا یخص الستة بل تسری لکل عدد مع احتمال الاختصاص اقتصاراً علی الیقین فی مخالفة القواعد.

القول فی التقصیر:

و هو واجب فتوی و نصاً و به یحصل الإحلال من العمرة و هو قص قلیل من الأظافر أو کثیر من ید أو رجل أصلیة أو زائدة علی إشکال بحدید أو خشب او سن أو ظفر آخر و فرضها کقصها و الاحوط عدم الاعتداد بالیسیر جداً واخذ شی ء من شعر البدن من الرأس أو غیره من الوجه من الاعالی أو الاسافل کثیراً او قلیلًا و الاظهر و الاحوط عدم الاعتداد و الأظهر و الأحوط عدم الاعتداد بالشعرة الواحدة بل الاثنین سواء کان الأخذ بنتف أو جز أو حلق أو طلی أو قرض و سواء کان بحدید أو غیره بسن أو غیره کل ذلک لإطلاق الأخبار و فتوی جملة من الأصحاب و ما فی بعض الأخبار من الأمر بتقصیر الشعر من جوانبه و اللحیة و الشارب فهو محمول علی الندب کمن جمع بین عدة منها من الأصحاب و فی بعض عبارات تخصیص الشعر بشعر الرأس أو اللحیة أو هما و الحاجب أو هن و الشارب أو غیر ذلک فالمراد منه المثال فی بیان أحد الأفراد و لا یجوز للمتمتع أن یحلق جمیع رأسه لأن المتعة لیس فیها إلا التقصیر و لو حلق أو لا قلیلًا بنیة التقصیر ثمّ أتم الحلق صح تقصیره و أثم بالحلق بناء علی حصول الاثم له بالحلق مطلقاً و لو بعد التقصیر و لو حلق بنیة التقصیر بالحلق لم

ص: 153

یحل و لا یجزیه عن التقصیر لأن الأمر بالشی ء نهی عن الضد و خیال الأجزاء و لو مع الحرمة لانحلال الحلق إلی تقصیر فیجزی فی الابتداء و أن أثم بنفس الحلق و هو یقضی بعدم أجزائه عن المأمور به و الظاهر أن الحلق منهی عنه قبل التقصیر و بعده لقوله (علیه السلام) لیس فی المتعة إلا التقصیر و قوله (علیه السلام) و أبق منها لحجک بعد الأمر بتقصیر الشعر و الأخذ من الشارب و تقلیم الأظافر و للصحیح فی المتعمد للحلق بعد الثلاثین التی یوفر فیها الشعر للحج بأن علیه دماً یهریقه خلافاً لمن أجازه مطلقاً و أن جعل التقصیر أفضل منه و کان دلیله أنه إذا أحل من العمرة فقد حل له کل شی ء و من جملة الإحلال إزالة الشعر و أول الحلق تقصیر فیجوز له الحلق حینئذٍ و هو ضعیف لا یعارض ما قدمنا

و خلافاً لمن فرق بین الحلق قبل التقصیر فحرمه و أثبت به الکفارة و بین الحلق بعده فلا شی ء علیه و کأنه استناد إلی أنه بعد التقصیر قد أحل فلا یحرم علیه شی ء و للخبر المثبت للکفارة علی من أراد أن یقصر فحلق و کلاهما ضعیف لضعف الخبر و دلالته لظهوره فی الناسی و هو مما لا نزاع فی عدم ثبوت الکفارة علیه و علی الجاهل بنص الأخبار و کلام الأصحاب و ضعفه سنداً أو ضعف الأول عن معارضة ما قدمناه لتخصیص دلیل الإحلال بالحلق و للأدلة المتقدمة و هل تجب الکفارة فی الحلق مطلقاً للصحیح المتقدم أو تجب إذا کان فعله قبل حصول التقصیر للخبر المتقدم أو لا تجب مطلقاً لضعف الخبر و أجمال دلالة الصحیح باحتماله لکون الکفارة للإحلال بتوفیر الشعر قبل الإحرام المندوب فی المشهور و الواجب عند الشیخین و أفتی المفید بوجوب الکفارة فیه و یؤیده اشتماله علی التفصیل الذی لا یقوله الأصحاب فعدم الوجوب أقوی أن لم ینعقد الإجماع علی الوجوب و یجب امرار الموس علی الرأس یوم النحر لخبر أبی بصیر و لکنه ضعیف فالأظهر التخییر بین الحلق و التقصیر فی یوم النحر و من لا شعر له استحب له امرار الموس علی رأسه و یجب علیه التقصیر و لو ترک حتی أهل بالحج سهواً للفتوی و النص و لا شی ء علیه للفتوی و النص و روی أن علیه دماً و أفتی به بعض و حمله آخرون علی الندب أو العمل بالمروی احوط و علیه فالظاهر أنه شاة و لو ترک التقصیر عمداً حتی أهل بالحج صارت حجته مفردة لفتوی المشهور نقلًا و لبعض

ص: 154

الأخبار المنجبرة بذلک و قیل یبطل النسک الثانی لمکان النهی عن إدخال الحج علی العمرة قبل إتمام مناسکها إجماعاً و التقصیر من مناسکها و یحمل الخبر أن علی من نوی العدول لا من نوی المتعة و هو قوی موافق للاحتیاط و من جامع عمداً قبل التقصیر وجب علیه بدنه للموسر و شاة للمعسر و بقرة للمتوسط للجمع بین الأخبار الأمرة بالجزور فی بعض و فی الجزور أو البقرة فی بعض آخر و بالشاة فی ثالث و یرشد للجمع أخبار أخر فی مقامات أخر عن فتوی کثیر من الأصحاب.

القول فی حج التمتع بعد الفراغ من العمرة

اشارة

و فیه أمور:

أحدها: فی الاحرام

یجب علة المتمتع بعد الفراغ من العمرة أن یحرم بالحج متی شاء إلی أن یعلم ضیق وقت وقوف عرفة فیجب عیناً و لا یجوز له التأخیر عنه للفتوی و النصوص و أفضل أوقاته یوم الترویة عند الزوال کما دل علیه الفتوی و النص و الأفضل لغیر الامام (علیه السلام) إیقاعه بعد صلاة الظهر و الظهرین معاً و للإمام قبلها بعد صلاة نافلة الإحرام و محله مکة فلا یجوز فی غیرها فتوی و نصاً و أفضل الأماکن المسجد تحت المیزاب أو فی المقام لو نسی الإحرام حتی خرج إلی منی أو عرفات وجب علیه الرجوع إلی مکة و لو تعذر و لو لضیق الوقت أحرم من موضعه و لو بعرفات هذا کله للفتوی و النص و یجب فی الإحرام النیة المشتملة علی قصد التعیین و التقرب و الأحوط إضافة الوجه من الوجوب أو الندب علی وجه القیدیة و الوضعیة أو الغائیة و لو أحرم بالعمرة دون الحج فإن کان عمداً لم یحسب من الحج و إن کان خطأ فی اللفظ أو خطأ فی النیة بمعنی أن القصد إلی الحج عند الالتفات الیسیر حاصل و لکنه أخطأ فنوی العمرة صح و أن کان ناسیاً للحج بالمرة فنوی العمرة لم یحسب من الحج أیضاً و علی ما ذکرناه من الخطأ فی اللفظ أو النیة یحمل ما ورد فی الصحیح فیمن أراد الإحرام بالحج فأخطأ فذکر العمرة فقال لیس علیه و لیعمد الإحرام فی الحج و لا یصلح شاهداً لما یظهر من بعض الأصحاب من أن إحرام العمرة یجزی عن إحرام الحج مع النسیان لضعفه عن مقاومة الأصول و الاحتیاط و لاختلاف النسخ ففی بعضها فلیعمل

ص: 155

و فی بعضها فلیعد و الأول و الأخیران محتملان للإعادة و العود و الاستعداد و هو محتمل للاستعداد للإحرام به و الاستعداد لتجدیده و النسخة الأولی محتملة للقصد إلی تجدید الإحرام بالحج و إلی القصد إلی جعل ما أوقعه إحراماً به و النسخة الوسطی أیضاً محتملة لذلک و مع هذا الاختلاف و الإجمال یضیف التمسک و یجب فیه لبس الثوبین بعد التجرد و التلبیات الأربع و یلبی الماشی من الموضع الذی صلی فأحرم و الراکب إذا نهض به بعیره و الأظهر وجوبها سراً عند الإحرام و استحباب الجهر بها إذا نهض به البعیر للراکب و إذا أتی إلی الرقطا ماشیاً أو راکباً و یستحب الاستمرار علیها إلی زوال شمس عرفه و تارک الإحرام عمداً یبطل حجه و أما تارکه نسیاناً فإن ترک التلبیة فالأظهر الصحة و لزوم کفارات الإحرام علیه و أن کان للنیة فلا یبعد الصحة أیضاً و یلزمه ما یلزم المحرم من الکفارة تشبیهاً له بالمحرم و أن لم یکن محرماً و لا یجوز لهذا المحرم الطواف حتی یرجع إلی منی إلا أن یضطر إلیه فإن طاف عمداً أو سهواً لم ینتقض إحرامه و الأحوط تجدید التلبیة لیعقد إحرامه بها خوفاً من الإحلال و یندب للحاج بعد الإحرام یوم الترویة بمکة الخروج إلی منی بعد صلاة الظهر أو الظهرین و الإقامة بها إلی فجر عرفه لغیر الامام و یندب تأخیر قطع وادی محسر إلی ما بعد طلوع الشمس للخبر و قیل بالوجوب و هو أحوط و للعلیل و الکبیر و خائف الزحام و أمثالهم الخروج قبل الظهر أو بیوم أو یومین و یندب للإمام أن یصلی الظهر بمنی و أن یبیت إلی طلوع الشمس و یکره الخروج من منی قبل الفجر لغیر عذر و یندب الدعاء عند دخولها و عند الخروج منها بالمأثور و کذا عند الخروج إلیها و یندب المبیت بمنی لیلة للترفه فلا یلزم بترکه شی ء وجد منی من العقبة إلی وادی محسر.

ثانیها: یجب بعد ذلک الوقوف بعرفة من زوال الشمس إلی غروبها یوم التاسع

بالإجماع و الأخبار و فی کثیر من الأخبار الوقوف بعد صلاة الظهرین و المراد به الکتابة عما بعد الزوال و یکفی أی وقت وقف فیه من ذلک فی صحة الحج اتفاقاً و لکن هل یجب استمرار الوقوف مرة ما بین الزوال إلی الغروب و أن لم یفسد حجه فیکون الوجوب وجوباً شرعیاً أو لا یجب مطلقاً بل یجب المسمی مع الیسیر فی أی جزء من

ص: 156

الوقت و أن وجب الانتهاء إلی الغروب کما سیأتی إن شاء تعالی و یجب الوقوف بعد صلاة الظهرین خاصة کما یلوح من الأخبار و بها و بالأصل یستدل علی عدم وجوب الاستیعاب وجوه أقواها الوسط و أحوطها الأول هذا کله فی حالة الاختیار و یکفی للمضطر الوقوف من غروب الشمس لیلة النحر إلی فجرها بحیث أنه أی جزء أدرکه کفاه للفتاوی و النصوص و محل و الوقوف عرفه سمیت بها لمعرفة أدم (علیه السلام) حواء و إبراهیم إسماعیل فیها أو لمعرفة إبراهیم أن ما رآه من ذبح ولده أمن من الله تعالی أو لقول جبرائیل (علیه السلام) لأحدهما أ عرفت أوامر بالاعتراف بالذنوب فیها و أخذها من بطن عرنة کهمزة أو بضمتین واد بحذا عرفات و ثویة بفتح الثاء و تشدید الیاء و نمرة کفرصة و هو الجبل الذی علیه أنصاب الحرم علی یمینک إذا خرجت منه المأزمین ترید الوقف کذا فی کتب اللغة و فی الأخبار أنها بطن عرفه و لعلها تقال علیها إلی ذی المجاز و هو سوق کانت علی فرسخ من عرفه بناحیة کبکب یدل علی ذلک الفتوی و النص فلا یجوز الوقوف بغیرها و لا بالحدود لخروجها عن المحدود کالإدراک و فی الأخبار النهی عن الوقوف به و بنمرة و ثویة و عرفه وذی المجاز و یندب الوقوف علی فسح الجبل للنص و الفتوی و هو أسفله و جانبه التحفظ و الوقوف علی میسرته للقادم من مکة و یجب عند الضرورة الوقوف علی الجبل لأنه من الموقف نصاً و فتوی و یندب سد الخلل و الفرج بنفسه و عیاله و حله و أن یضرب جنباه بنمرة و هی بطن عرفه و یجب فیها النیة المقارنة لوقوفه و المشتملة علی تعیین أنه لحج الإسلام أو غیره علی الأظهر و علی القربة و علی الوجه احتیاطاً و یجب أن یتصل وقوفه بالغروب و أن جاز الإتیان قبل الغروب بلحظة و لو وقف فذهب فعاد قبل الغروب فاتصل وقوفه بالغروب أجزأه و الغروب هو غروب الشمس المدلول علیه بغیبوبة الحمرة المشرقیة علی الأقوی و الأظهر و لو أفاض قبل الغروب و لم یرجع عامداً عالماً أتم و علیه بدنه فإن لم یقدر صام ثمانیة عشر یوماً لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و صحیح ضریس و قیل دم شاة و أنه مروی و هو ضعیف و لو افاض جاهلًا أو ناسیاً و أعاد قبل الغروب فلا شی ء علیه للفتوی و النص و لو تنبها و الوقت باق فهل یجب علیهما العود علی القول بعدم وجوب استیعاب

ص: 157

الوقت وجهان العدم للأصل و لظهور تحریم الافاضة قبل الغروب لمن کان فیها و الوجوب للاحتیاط و لأصالة عدم تقیید التحریم بشی ء خاص و یندب الجمع بین صلاة الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتین للفتوی و النص أما ما أو مأموماً أو منفرداً متماً أو مقصراً و المبادرة إلی الشروع فی الدعاء بعد الفراغ من الصلاة و الدعاء بالمأثور لنفسه و لوالدیه و للمؤمنین قیل و أقلهم أربعون و قیل بوجوب الدعاء و هو أحوط و الأحوط استیعاب الوقت و أوجب بعضهم الذکر و الصلاة و دلیل ضعیف و لکنه أحوط و یندب الوقوف فی السهل و الدعاء قائماً لمن لم یضعفه ذلک و إِلّا جاز قاعداً أو ساجداً أو راکباً و یکره الوقوف علی الجبل و یکره راکباً و قاعداً للفتوی و الوقوف بعرفة رکن فی العمد یبطل بترکه للنص و الفتوی و الاحتیاط و لا یمکن تدارکه مع العمد إذا فات وقته و مع النسیان و العذر یتدارک لیلًا إلی طلوع الفجر إذا علم أنه یمکنه إدراک المشعر قبل طلوع الشمس للفتوی و النصوص و مع الجهل وجهان و الأحوط إلحاقه بالعامد و أن نسی الوقوف لیلًا أو أمتنع علیه لعذر اجتزاء باختیاری المشعر و تم حجه للفتوی و النص و الإجماع و فی الجاهل الکلام المتقدم و لا یبعد الحکم علیه بالصحة و الاجتزاء لعذر الجاهل فی کثیر من أحکام الحج و لنفی الحرج و من ظن الفوات الاختیاری المشعرین أتی عرفات لیلًا و اقتصر علی الوقوف بالمشعر و تم حجه لفتوی المشهور و الخبر المعتبر و فحوی ما دل علی الاجتزاء بالوقوف بالمشعر لمن لم یتمکن من الوقوف بعرفة مطلقاً و الواجب ما یطلق علیه اسم الحضور و أن یقف ماشیاً کان أو راکباً مع النیة و ما دل علی الوقوف محمول علی الندب أو مصروف عن الظاهر لفتوی الأصحاب و لعموم أخبار الکون و الإتیان و لا عبرة بوقوف المغمی علیه أو النائم إذا استوعب الوقت و لو تجدد أحدهما بعد الوقوف المنوی و لو لحظة صح و یستحب لإمام الحاج أن یخطب بهم فی أربعة أیام لیعلم الناس مناسکهم و هی السابع و عرفه و النحر بمنی و النفر الأول.

ثالثها: یجب الوقوف بعد ذلک بالمشعر

للنص و الإجماع و هو رکن فی العمد من ترکه عمداً بطل حجه للنص و الفتوی و الاحتیاط و فی الجاهل أشکال من إطلاق النص

ص: 158

فی البطلان و أصالة عدم الإتیان بالمأمور به علی وجهه و من أن الجهل عذر و الله أولی به و الخبر المعتبر فیمن لم یقف بالمزدلفة حتی أتی منی و کان جهل بذلک قال یرجع قلت أن ذلک قد فاته قال لا باس و نحوه المرسل و هذا الأخیر أقوی و تأول الشیخ لهما بحملهما علی تارک الوقوف جهلًا و قد أتی بالیسیر بعیداً جداً و من ترکه نسیاناً صح حجه أن کان وقف بعرفة اختباراً لحدیث رفع القلم و للخبرین المتقدمین و لما اشتهر من النبوی أن الحج عرفه و لفتوی المشهور بل المتفق علیه نقلًا خلافاً لمن منع للأخبار الدالة علی أن من فاتته المزدلفة فقد فاته الحج و للأخبار الدالة علی أن من أدرک جمعاً فقد أدرک الحج و هو ضعیف لعموم هذه الأخبار بالنسبة إلی تلک و لزوم تحکیم الخاص فی العام سیما مع قوة الخاص و أن لم یدرک الوقوف الاختیاری بعرفة لم یجزئه و فسد حجه لعدم أجزاء الاضطراری الواحد سیما اضطراری عرفه لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و لعموم الأخبار النافیة للحج عمن لم یدرک المشعر و للاحتیاط و کذا من نسی الوقوف بعرفة فأدرک اضطراری المشعر فقط فإنه لا یجزی أیضاً للاحتیاط و للإجماع المنقول و لفتوی المشهور و للأخبار المتواترة نقلًا علی ما نقل عن المقنعة و لعموم نفی الحج عن أصحاب الأراک و نسب لجمع من أصحابنا الاجتزاء لعموم من أدرک جمعاً فقد أدرک الحج و أن من أدرک المزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس فقد أدرک الحج و هو ضعیف للزوم تخصیص العموم بما قدمنا و من نسی اختیاری المشعر و إِدراک اضطراریة بعد أن نسی اختیاری عرفه أدرک اضطر أیها و بالجملة إدراک الاضطرارین فالأوجه الأجزاء لخبر الحسن الصفار و عموم من أدرک المزدلفة فوقف فیها قبل الزوال فقد أدرک الحج خرج من لم یدرک شیئاً لما قدمنا من الأدلة و بقی الباقی و من نسی اختیاری أحدهما فأدرک اضطراریة و أدرک اختیاری الآخر صح حجه فی المقامین للإجماع المنقول و فتوی الأصحاب و للصحیح و ما یقرب منه فیمن افاض من عرفات إلی منی قال فلیرجع و لیأت جمیعاً فیقف بها و أن کان الناس أفاضوا و لعموم أخبار من أدرک المشعر فقد أدرک الحج و للأخبار الدالة علی أجزاء الوقوف بعرفة لیلًا لمن لم یتمکن نهاراً و بالجملة فصور إدراک الوقوفین ثمانیة

ص: 159

الاختیارین و إدراک الاضطرارین و إدراک اختیاری عرفه و اضطراری المشعر و العکس و إدراک اختیاری عرفه فقط أو المشعر فقط و ادراک اضطراری عرفه فقط أو المشعر فقط و کلها لا بأس بها علی الأظهر إلا الصورتین الأخیرتین فإن الأقوی فیهما عدم الأجزاء لظاهر النصوص و الاحتیاط و فتوی المشهور و لا فرق بین الناسی فی العذر و غیره من الممنوع لعارض أخر و لو للجهل کما تشعر به کثیر من الأخبار فی أحکام الحج و تارک الوقوفین نسیاناً لا حج له و یجب الوقوف عند طلوع الفجر إلی طلوع الشمس فی الاختبار و للمضطر الوقوف إلی الزوال و قیل بامتداد الاضطرار إلی الغروب و کأنه لقوله (علیه السلام) من أدرک المشعر فقد أدرک الحج و هو ضعیف لا یعارض ما نطقت به الأخبار و انعقد علیه الإجماع و هل من الاختیاری الوقوفین من أول اللیل إلی طلوع الفجر فیجزی الوقوف به و لا یأثم صاحبه و أن لزم جبره شاة کما یظهر من جمع لإطلاق الأخبار بأن من أدرک المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرک و لقوله فی الأخبار المعتبرة فی التقدم من المزدلفة إلی من یؤمون و یصلون الفجر فی منازلهم بمنی لا بأس و الخبر سمع أن کان أفاض قبل طلوع الفجر فعلیه دم شاة مع عدم أمره بالرجوع أو أنه من الاضطرار فلا یجزی إلا مع الاضطراری عند حصول أخذ الأعذار فیجزی حینئذٍ لمدرک عرفه اختیاراً أو مطلقاً و أنه یجزی فی صحة الحج و أن أثم صاحبه بالإفاضة عند الفجر کما یرشد إلیه ثبوت الکفارة بدم شاة وجوه و الأقوی أنه من الاضطراری وفاقاً للمشهور و الاحتیاط و منقول الإجماع و ظواهر الأخبار و المکان الذی یجب الوقوف فیه هو المشعر بکسر المیم و فتحها و یسمی مزدلفة لقول جبرائیل لإبراهیم (علیه السلام) أزدلف إلی المشعر الحرام أو لازدلاف الناس إلیها من عرفات و رویت أنها سمیت جمعاً لأن أدم جمع فیها بین الصلاتین و حد المشعر هو ما بین المأزمین إلی الحیاض إلی وادی محسر کما هو فی الأخبار و فتاوی الأصحاب و الظاهر أن الحدود خارجه من المحدود و فی بعض الأخبار ما بین المأزمین إلی حیاض محسر و ظاهره أن الجبل أیضاً لیس من الحدود و ظاهر الفقهاء أنه من الحدود الداخلة و المازمان الجبلان بین عرفات و المشعر و معرفة هذه الأمکنة موکول لأهلها من الأعراب و المترددین و مع

ص: 160

الضیق و الزحام یرتفعون إلی مازمین و مع الزحام کذلک یرتفعون جائز أیضاً من دون الضرورة لدخولهما فی المحدود و لکن علی کراهة کما هو ظاهر جمع أو غیر جائز کما نقل علیه الإجماع و نسب لفتوی الأکثر لخروجهما عن المحدود أو لکن علی کراهة للشک فی دخولهما و الشک فی الخروج عن العهدة بالوقوف علیها و یجب المبیت فی المشعر للاحتیاط و فتوی الأکثر نقلًا و الناسی و الصحیح لا تجاوز الحیاض لیلة المزدلفة و لا تجوز الإفاضة منه قبل الفجر مع عدم الرجوع و لو أحرم إمکانه لتفویته الواجب من الوقوف بعد الفجر و یستثنی من ذلک الامرأة و الخائف و کل معذور فیجوز لهم الإفاضة لیلًا قبل الفجر بعد انتصاف اللیل أو قبله لإطلاق الأخبار و فتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و الأولی أن لا یفیض إلا بعد انتصاف اللیل و الناسی للوقوف بعد الفجر لو وقف لیلًا أجزأه و لا شی ء علیه و زمان الوقوف الاختیاری ما بین الفجر إلی طلوع الشمس بمعنی أی وقت وقف أجزأه و لا یجب استمرار الوقوف فیه لعدم وجوب مقارنة الوقوف لطلوع الفجر علی الأقوی لما یظهر من الصحیح أصبح علی طهر بعد ما تصلی الفجر فتقف أن شئت قریباً من الجبل و أن شئت حیث تبیت و لظاهر فتوی کثیر من الأصحاب بذلک و لعدم صراحة الأدلة بوجوب مقارنة الوقوف لطلوع الفجر أو لتعلیق جملة منها الوقوف بیوم النحر أو بما قبل طلوع الشمس أو بغیر ذلک و هو جواز الإفاضة قبل طلوع الشمس فتوی و نصاً و جواز وادی محسر کذلک و یظهر من بعضهم وجوب مقارنة الوقوف للفجر فیجب أن ینوی مقارناً له بالنیة الجامعة للقربة و التعیین الرافع للإبهام و الاشتراک و یجب استدامة حکمها لو أوجبنا الاستدامة إلی طلوع الشمس أو إلی ما قبله و لکنه بعید و الاحتیاط یقضی به و هل یکفی فی نیة الوقوف بین الطلوعین بنیة الوقوف لیلًا مطلقاً و لا یکفی مطلقاً أو یکفی لو ذکر الوقوف بین الطلوعین معه و ألا کما إذا نفاه أو سکت عنه فلا یکفی وجوه أقواها الأخیر و أحوطها الوسط و لو جن أو أغمی علیه بعد نیة الوقوف بعد الفجر أو بعد نیته لیلًا أجزأه ما نواه و لو لحظة أو یندب الوقوف بعد صلاة الفجر للفتوی و الخبر و حملها علی الوقوف القیامی دون الکون الرکنی بعید لابتنائه علی

ص: 161

وجوب مقارنة الوقوف المنوی للفجر و لا نقول به و یندب بعد حمد الله تعالی و الصلاة علی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الدعاء بالمأثور و التکبیر مائة و التحمید مائة و التسبیح مائة و التهلیل مائة و الصلاة علی النبی و الدعاء لنفسه و لعیاله و للمؤمنین و الأحوط عدم ترک الذکر للأمر به فی الآیة و الروایة و فی بعض الأخبار أنه یجزی الذکر فی الصلاة منه و یندب أن یطأ الصرورة المشعر الحرام برجله و یراد به المسجد الذی هو قرب المنارة لا المعنی العام الذی یجب الوقوف به أو یراد به جبل قزح و هو المشهور و قیل هو ظاهر الآیة و الأخبار و الأصحاب قیل و یندب الصعود علی جبل قزح و ذکر الله تعالی علیه زیادة علی ذلک و یندب لمن عدا الإمام الإفاضة قبل طلوع الشمس بقلیل للنص و الفتوی و یکره أن یتجاوز وادی محسر قبل طلوع الشمس للنهی عنه و قیل یحرم و هو أحوط و یندب الهرولة و هی الإسراع فی المشی أو ما تسمی بذلک عرفاً وادی محسر مائة خطوة کما فی بعض الأخبار أو مائة ذراع کما فی بعض أخر و الراکب یحرک دابته سریعاً و لو نسی الهرولة عاد إلیها للنص و الفتوی و یندب الدعاء بالمأثور عندها و یندب للإمام أن یتأخر بجمع إلی أن تطلع الشمس و أوجبه جماعة لإطلاق الأمر و هو أحوط و أوجبه جمع مطلقاً و هو موافق للاحتیاط و یندب التقاط الجمار من المشعر و یجوز من غیره إلا من غیر الحرم فلا یجوز کل ذلک للنصوص و الفتاوی و هل یجوز أخذ جص المساجد وجهان من النهی عن إخراجها القاضی بالفساد و النهی عن أخذ الجص المخرج و هو یضاد الرمی فیکون منهیاً عنه و خوف الاختلاط بغیره فلا یمکن تمییزه لرده مطلقاً من الأصل القاضی بالجواز و المنع من تحریم إخراج الجص من المسجد و غایة النهی الکراهة و المنع من وجوب فوریة الإعادة و لو سلم فالمنع من اقتضائه الفساد و خوف الاختلاط یمکن تدارکه بعلامة و نحوها و یندب لمن افاض بالمشعر الاقتصاد فی المسیر و الدعاء إذا بلغ الکثیب الأحمر من یمین الطریق بالمأثور و یندب تأخیر العشاءین إلی المزدلفة و أن یجمع بینهما بأذان واحد و اقامتین و قیل بوجوب التأخیر للنهی عن الصلاة قبل إتیان جمع فی بعض الأخبار و یعارضه أخبار أخر دله علی الجواز و الاحتیاط یقضی بالتخییر و الجمع بین الصلاتین و تأخیر نافلة المغرب إلی ما بعد

ص: 162

العشاء إذا غاب الشفق المغربی إذ لا تطوع فی وقت فریضة أحوط و أن کان الأقوی جواز التقاء بینهما مطلقاً و أصل و ظاهر بعض الصحاح الحاکیة للفعل هل النواهی عن التطوع مؤقت فریضة صح علی الکراهة و هل أفضلیة التأخیر منتهی إلی ربع اللیل کما فی کلام جمع أو ثلثه کما فی کلام آخرین و دل علیه صحیح ابن مسلم و الخبر الأمر به و أن مضی من اللیل ما مضی و الإجماع المنقول أو نصفه کما نسب إلی روایة و الأقوی الوسط فإن خاف تجاوز الثلث صلی فی الطواف و من فاته الحج و لم یدرک الوقوفین اختیاراً أو اضطراراً و أحدهما اختیاراً أو لم یتمکن منهما تحلل بعمرة مفردة للإجماع و الأخبار و لا یجوز البقاء علی الإحرام إلی العام القابل لیحج به و الأظهر وجوب نیة الاعتماد علیه للاحتیاط و ظاهر الأمر بجعلها عمرة أنها من الأمور المثقلة فتفتقر إلی نیة و لقوله (علیه السلام) لا عمل إلا بنیة و قیل بانقلابه إلیها قهراً حتی لو أتی بأفعالها من دون نیة لکفی للأصل و لظاهر الأخبار الحاکمة بکونها عمرة مفردة و الحاکمة فی الطواف و السعی فیها من دون ذکر لأمر أخر و ظاهرهما الانقلاب القهری و الأمر بالإتیان بالعمرة فیصرف للأمر بالإتیان بأفعالها دون نیتها و الکل ضعیف عن مقاومة دلیل النیة و الاحتیاط سیما و الأخبار المذکورة قاصرة عن إفادة عدم اعتبار النیة بل غایة مفادها الانقلاب معها و هو مما یعبر به کذلک غالباً و یقضی الحج من قابل و أن کان واجباً علیه وجوباً مستمراً و الا قضاء و ندباً للإجماع المنقول فی المقامین و فتوی الفحول و الأخبار و یسقط إذا نقل نسکه إلی العمرة باقی الأفعال من الرمی و الهدی و المبیت بمنی و الحلق و التقصیر فیها فله المضی من حینه إلی مکة و الإتیان بأفعال العمرة و یندب له الإقامة بمنی أیام التشریق محرماً ثمّ ینوی العدول إلی العمرة أو یأتی بباقی أفعالها أن کان نواها و ذهب الشیخ إلی وجوب القضاء علی من لم یشترط علی ربه حین إحرامه مطلقاً و سقوطه عمن یشترط استناداً للصحیح المشعر بذلک و للخبر الدال علی أن من فاته الحج یهرق دم شاة و یحل و علیه الحج من قابل أن انصرفوا إلی بلادهم و أن أقاموا حتی یمضی أیام التشریف بمکة ثمّ خرجوا إلی بعض مواقیت أهل مکة فأحرموا أو اعتمروا فلیس علیهم الحج من قابل و الکل ضعیف لعدم معارضة

ص: 163

الصحیح أکثر الأخبار و فتوی الأصحاب فلیحمل علی تأکد استحباب القضاء عند عدم الاشتراط إذا لم یکن وجوبه مستقراً لعدم القول بسقوطه مع الاشتراط إذا کان وجوبه مستقر و لإجمال الخبر الأخر و عدم صراحته بالبطلان فلا یعارض ما قدمنا و جملة علی من لم یجب علیه أو علی من لم یحرم اختیاراً بالذبح له و علی تأکد الندب للحج من قابل علی من لم یعتمر أولی فتأمل و لإجمال الخبر الأخر و عدم صراحته بالمطلوب فلا یعارض و أوجب بعض الهدی للخبر المتقدم و لأن من فاته الحج کالمحصور و الخبر ضعیف لا یعارض إطلاق الأخبار و عدم ذکره فی مقام البیان و فتوی المشهور و تشبیهه بالمحصور أیضاً ضعیف لأنه یتم الأفعال و لکنه یعدل فالأولی حمل الخبر علی الندب نعم روی الصدوق فی الصحیح نحو ما مر ثمّ قال فیه یقیم بمکة علی إحرامه و یقطع التلبیة حین یدخل الحرم فیطوف بالبیت و یسعی و یحلق رأسه و یذبح شاته ثمّ ینصرف إلی أهله ثمّ قال هذا لمن اشترط علی ربه عند إحرامه أن یحله حیث حبسه فان لم یشترط فإن علیه الحج و العمرة من قابل و هو یمکن لأن یکون دلیلًا للزوم الهدی إلا أن لفظ شاته بالإضافة مشعراً بأنه کان معه شاة عینها للهدی و أحتمل فیه أن یکون فینا رجل بعینه و أن یکون نذر شاة للذبح و الاستحباب.

رابعها: بعد الفراغ من المشعر یجب علیه المضی إلی منی

اشارة

لقضاء المناسک بها و هی الرمی و الذبح و النحر و الحلق و التقصیر

[أحدها فی أعمال المنی]

فهنا أمور
أحدها: یجب الترتیب بین هذه الأمور وجوباً شرعیاً للعالم

لظاهر الأخبار المؤذنة بالترتیب و فی بعضها النهی عن الحلق قبل الذبح و فی بعضها النهی عن الإعادة و للاحتیاط و للتأسی مع قوله خذوا عنی مناسککم و نسب هذا القول للأکثر و قیل بعدم وجوبه و نسب للمشهور للأصل و الصحیح النافی للجرح عمن حلق قبل أن یذبح و قبل أن یرمی و لتقدم نفی إلباس فی الخبر المتقدم الناهی عن الإعادة و الظاهر جواز الترک و حمله علی الأجزاء لیس بأولی من حمل النهی علی الکراهة و لفتوی أکثر العامة علی ما نقل فیؤید به الصحیح المتقدم و حمل نفی الحرج فیه علی الأجزاء أو

ص: 164

الجهل أو النسیان أو الضرورة أو نفی الفداء بعینه و هذا القول الأخیر قوی إلا أن الأول أظهر و أحوط.

ثانیها: یجب رمی جمرة العقبة

و هی القصوی إجماعاً و نصاً و یجب فیه النیة و هی قصد الفعل و تعیین نوع الحج فیه علی الأظهر و القربة و استدامة حکمها و قصد الوجه علی الأحوط و یجب فیه المباشرة و إصابة الجمرة بنفسه فلو فعل غیره أو شارکه فی الرمی غیره و أن وضعها علی یده لم یجز و لو قصرت عن الوصول فأتمها غیره لو کان حیواناً لم یجز نعم لو أصابت غیر الجمرة فانحدرت بنفسها بعد ذلک إلیها اجزا للصحیح الدال علی ذلک و لصدق أنه اصابها و لو حمل الحجارة الریح فأصابت الجمرة لم یجز و کذا لو شارکت أما لو کانت بمعونة ضعیفة بحیث لا یستند إلیها الفعل استقلالًا أجزی و یجب أن یکون الرمی بالأحجار فلا یجزی بتراب أو معدن أو زرنیخ أو ذهب أو فضة و لا یجزی المدر و نحوه و کذا الأجر و الخزف علی الأظهر و الأحوط وجوب کونها حصاة للتأسی و ظاهر الأخبار و الاحتیاط و الصحیح لا ترم الجمار إلا بالحصی سواء دخل اسم الحصی فی الحجارة أو لم یدخل و الإجماع المنقول علی خصوص الحجارة ضعیف و یجب ان، تکون الجمار من الحرم مما عدا المساجد و أن تکون أبکار غیر مرمی بها للنص و الفتوی و المشکوک بها الأصل عدم الرمی بها و الرمی الفاسد لا اعتبار به و أن یرمی بها رمیاً فلا یجزی الطرح و لا الوضع لظاهر الأخبار و الاحتیاط و أن یکون الرمی متلاحقاً فلا یجزی فیه الدفعة و لا یجب تلاحق الإصابة و أن کان الأحوط ذلک و مع رمی السبع دفعة فإن نوی القربة بالمجموع قوی البطلان و أن نوی بواحدة صحة واحدة و یندب فی الرمی الطهارة للإجماع المنقول و فتوی الفحول و بعض الأخبار و بهذه یصرف ما دل علی الوجوب و أفتی به بعض الأصحاب عن ظاهره إلی الاستحباب و أن یصدق علیه اسم الحجر و الجص و الأحوط تجنب الصغیر جداً و یندب کون الأحجار بقدر الأنملة و کونها رخوة غیر صلبة و کونها ملتقطة و یکره الصلبة و المکسرة و الحمراء و البیضاء و السوداء و یندب کونها منقطة بنقط یخالف لونها مطلقاً أو بیض علی ما قیل و یندب کونها کحلیه برشاء و هی اللون المختلط حمرة

ص: 165

و بیاضاً و أما ما کان فیه خلط من الألوان مطلقاً أو ما اختلط بحمرة من الألوان أو ما کان فیها نقط تخالف لونه أو نقط بیض و علی الأخیرین فلا حاجة لذکر المنقطة و علی بعض هذه التفاسیر یعارض استحباب کونها کحلیة فلا بد من القدر الجامع بین الوصفین و التأمل فی البین و یندب الدعاء بالمأثور حین الرمی و یندب أن لا یتباعد عما یزید علی خمسة عشر ذراعاً کما فی الصحیح و یندب الدعاء مع کل حصیة بالمأثور و یندب الحذف لفتوی الأصحاب و ظاهر الإجماع فی الباب و بهما یصرف ما ظاهره الوجوب و أفتی به جملة من أصحابنا و نقل علیه الإجماع و لکن الاحتیاط فیه و الحذف و الرمی بالأصابع مطلقا أو بأطرافها مطلقاً أو من بین إصبعین أو من السبابتین أو أنه هو أن یضعها علی باطن الإبهام و یرمیها بظفر السبابة کما نسب لکثیر أو أن یضمها علی الإبهام من غیر تقیید له بالباطن و یدفعها بظفر السبابة کما فی الخبر أو أنه یضعها علی ظهر إبهامه و یدفعها بالمسبحة أو أنه یضعها علی بطن الإبهام و یدفعها بظفر الوسطی و الأولی العمل بها بما نسب لکثیر و یندب استقبال العقبة و استدبار القبلة فوجهها ما قابل القبلة و یندب أیضاً استقبال وجهها عند الرمی لا أعلاها و الظاهر افتراقها و کل منهما مندوب کما أشعرت به بعض الأخبار و فی غیر جمرة العقبة یستقبل الجمرة و القبلة معاً.

ثالثها: یجب بعد الرمی الهدی علی المتمتع کتاباً و سنة مفترضاً أو متنفلًا

و لا یجب علی غیر المتمتع للنص و الإجماع و هل یجب علی المتمتع أن کان مکیاً لإطلاق الأدلة و فتوی الأکثر نقلًا و الاحتیاط أو لا یجب مطلقاً لقوله تعالی: (ذٰلِکَ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِی الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ) سورة البقرة آیه (196) بناء علی رجوع الإشارة إلی الهدی لا إلی التمتع کقولک من دخل داری فله درهم ذلک لمن لم یکن عامیاً فی أن ذلک یرجع للجزاء دون الشرط أو إلیهما معاً فلا تصح منهما المتعة أصلًا و إلی التمتع فقط بناء علی أن ذا للقریب و ذاک للبعید و ذلک للأبعد أو یجب فی غیر حج الإسلام و لا یجب فیه لاختصاص الآیة به أو لا یجب إذا عدل إلی التمتع استدامة و یجب إذا تمتع

ص: 166

ابتداء لانصراف أدلة الوجوب إلیه أقوال أظهرها و أحوطها الأول و لو أذن المولی للمملوک بحج التمتع ألزمه الصوم أو أهدی عنه و لا یلزم المملوک بالصوم أن أهدی عنه مولاه کما لا یلزم المالک بالإهداء کل ذلک للأخبار و فتوی الأصحاب و لو أمره بالصوم فأمتنع منه فالظاهر عدم وجوب الإهداء علی المولی عیناً و أذنه فی الحج لیس التزام بالهدی و لو اعتمر المملوک قبل الفراغ من الموقفین لزمه الهدی أن أیسر و ألا لزمه الصوم لتحقق حج الإسلام بالنسبة إلیه و اعتبر بعضهم لزوم الهدی علیه متی اعتق قبل الصوم لارتفاع المانع و تحقق الشرط و دعوی اختصاص الآیة بحج الإسلام دعوی بلا نیة و فیه نظر و تأمل و یلزم فی الذبح أو النحر النیة المشتملة علی قصد الفعل و التعیین لنفس الفعل و نوعه الواقع لأجله و القربة و استدامة حکمها و تعیین کونه ذبحاً أو نحراً و لو کان وکیلًا و فی أجزاء الفضولی أشکال و لو ذبح الوکیل فنوی الموکل حال الذبح فالأظهر الأجزاء و لو اجتمعا علی الذبح نویا معاً و فی أجزاء أحدهما أشکال وقوعه بمنی للإجماع و الأخبار و ما ورد بخلافه محمول علی هدی التطوع و لا یلزم فیه المباشرة للأصل و الإجماع و ظاهر بعض الأخبار و ینبغی التنبیه علی أمور:

منها أنه لا یجزی الهدی الواحد إلا عن واحد فی الهدی الواجب و لو للشروع بالحج المندوب حین قلنا بوجوبه بالشروع فیه و کذا الواجب بنذر و نحوه سواء فی ذلک الضرورة لعدم وجود ثمنه أو لعدم وجوده تامّاً و عدمها کأن یکون قادراً فینتقل عند الاضطرار للصوم و أن کان الأحوط الجمع بین بعض الهدی و بین بعض الصوام کل ذلک لظاهر الأوامر بالهدی الظاهرة فی الوحدة و لفتوی المشهور نقلا بل الإجماع کذلک و الأخبار المانعة عن أجزاء الهدی الواحد إلا عن الواحد بقول مطلق إذا کان واجباً و یجزی الهدی المندوب عن أکثر من واحد فتوی و نصاً سواء کانوا أهل حزان واحد کما فی بعض الأخبار أو أهل بیت واحد کما فی غیرها و سواء کان الهدی بدنه أو بقرة أو شاة کما تشعر به جملة من الأخبار و سواء کان المشترکون سبعة فی بقرة کما فی روایة أو خمسة کما فی أخری أو أربعة أو خمسة إذا کانوا أهل بیت واحد کما فی ثالثة أو شاة عن سبعین إذا عزت الأضاحی کما فی رابعة أو جزور عن عشرة متفرقین

ص: 167

کما فی خامسة إلی غیر ذلک و نقل الإجماع علی أجزاء الأنعام الثلاثة عن سبعین مطلقاً و الظاهر أنه کله مثال حتی أن السبعمائة کالسبعین و قیل بأجزاء الواحد عن أکثر عند الضرورة و لا ینتقل مع إمکانه للصوم لورود جملة من الأخبار بأجزاء الواحد عن الأکثر مطلقاً و جملة بأجزائه إذا عزت الأضاحی و فیها أنه تجزی الشاة عن السبعین إذا لم توجد شی ء إلی غیر ذلک من الأخبار التی تقدمت مضامین جملة منها و مقتضی حمل المطلق علی المقید حمل الأخبار المانعة مطلقاً علی المجوزة حال الضرورة و هذا القول ضعیف لأن الحمل شرطه المقاومة و المقید بالاضطرار ضعیف سنداً و دلالة و عملًا و فتوی فلا یعارض إطلاق الأخبار المانعة مطلقاً المؤیدة بإطلاق الأوامر و فتوی المشهور و الاحتیاط فی وجه ذلک لخلو التبعیض عن الاحتیاط مع عدم الصوم و مع الصوم نقول به و لکنه غیر مورد النزاع فالقول بالمنع مطلقاً و حمل جمیع الأخبار علی الندب هو الأقوی.

و منها أنه یجوز أن یذبح المالک بنفسه و یجوز أن یؤکل غیره و یتولی الغیر النیة و فی جواز تولی المالک النیة دون الوکیل وقت ذبحه إشکال و لا یجزی ذبح مال غیره عنه و أن أجاز بعد ذلک لتعلق النهی به و لو ذبحه سهواً و مع القطع بالرضا فأجاز المالک کان فی الإجازة وجه و لو ذبح عنه شخص فضولًا من ماله فأجاز ففی الأجزاء إشکال و لو کان المذبوح من مال الفضولی قوی القول بالأجزاء و لو ضل هدیه فأخذه أخر فإن ذبحه الأخر عن نفسه لم یجز عن واحد منهما و لو أجاز المالک و أن ذبحه عن صاحبه أن کان ذبحه فی محله بمنی بعد أن عرف به ثلاثة أیام للأخبار و فتاوی الأصحاب و ظاهرها شامل للضال بتفریط و بدونه و لمن کان صاحبه معلوماً أو لا هل التعریف شرط أم لا و هل الذبح بعده واجب أو جائز و هل التعریف بعد الذبح بدونه واجب لأعلام المالک به أم لا و هل معرفة نوع ما وجب الهدی له من تمتع أو قران أو أفراد أو غیر ذلک واجب أو یکفی نیة ما أعدله و الظاهر عدم التفاوت فی الأجزاء بین هدی التمتع و غیره و لکن یشترط فی الأجزاء أن یکون ذبح کله فی محله فما کان محله منی فمنی و ما کان غیرها فغیرها و یحتمل الأجزاء إذا کان بمنی مطلقاً و الظاهر کفایة نیة أنه عما أعده له

ص: 168

صاحبه و لا یشترط التعیین لإطلاق النص و الظاهر أن التعریف واجب خارجی لا شرط فی جواز الذبح و الظاهر أنه واجب لأمر لا جائز و الظاهر أن ما فی الخبر من التعریف به یوم النحر و الثانی و الثالث وارد مورد الغالب من التقاطه فی یوم النحر و الثلاثة منزله أیضاً علی إمکان تأخیره فلو لم یمکن سقط حکمها و الظاهر أن هذا الالتزام بعد أخذه و وضع الید علیه فلو لم یأخذه ابتداء لم یکن علیه شی ء.

و منها أنه لا یجب بیع ثیاب التجمل فی الهدی للنص و الفتوی و الظاهر أن مثلها جمیع مستثنیات الدین لأن الله أولی بالعذر سبحانه و تعالی و لا یتفاوت الحال بین الاحتیاج إلیها و عدمه لإطلاق النص و لو أدی شراؤه إلی دفع ثمن یضر بالحال لم یجب الشراء و أنتقل إلی الصوم و لو توقف علی الاستدانة و کان عنده مقابل و لو عند أهله وجب.

و منها أنه لو وجد الثمن تامّاً غیر ناقص و لکن لم یحصل الهدی استناب ثقة فی شرائه و ذبحه عند طول ذی الحجة فإن لم یمکنه أخره إلی العام القابل لفتوی المشهور و ظاهر الإجماع المنقول و صریح بعض الأخبار و لو لم یجد الثقة فالأظهر الانتقال للصوم و قیل یلزم الانتقال مطلقاً لصدق عدم وجدان الهدی و فیه أنه لا یراد بالوجدان وجدان العین و ألا لم یجب الشراء و هو باطل قطعاً و لا وجدانه بنفسه و ألا لم یجب بوجدان الوکیل و لا قائل به و للموثق الدال علی أن المتمتع إذا لم یجد الهدی إلی یوم النفر فوجد ثمن شاة أنه یصوم فإن أیام الذبح قد مضت و فیه أنه لضعفه عن مقاومة لا یقاوم ما تقدم مع أن ظاهره فیمن قدر علی الذبح بمنی و هو غیر ما تحق فیه و قیل بالتخییر بین الصوم و الاستنابة و الصدقة بالثمن الأوسط للهدی للجمع بینما تقدم و بین خبر عبد الله بن عمر الأمر بالصدقة و فیه أنه ضعیف عن مقاومة ما تقدم.

و منها أنه یشترط فی الهدی أن یکون من الأنعام الثلاثة نصاً و فتوی و إجماعاً محصلًا و منقولا و أفضله بدنه و أوسطه بقرة و أحسنه شاة و أن یکون ثنیاً إلا من الضان فیجزی الجذع کل ذلک للنصوص المتظافرة و الفتاوی و الإجماع منقولًا بل و محصلًا و المراد بالثنی من الإبل ما کمل سنتین هلالیة تامة أو ملفقة من شهر عددی و دخل فی

ص: 169

السادسة و من المعز و البقر ما کمل له واحدة و دخل فی الثانیة کما روی عن الرضا و نسب للأصحاب و أتباعهم و أوجب فی معرفة مثل هذا الموضوع و یقدم قولهم علی ما نقل عن أهل اللغة من أنه ما دخل فی الثالثة و الجذع کالبلوغ للإنسان فقد یکون لستة أشهر و لسبعة و لثمانیة و لتسعة و لعشرة و لأکثر علی حسب مراتب قوته و رعیه و تولده بین شاتین و غیر ذلک وجوداً أو عدماً و أن یکون تامّاً فلا یجزی الناقص للصحیح و فتوی الأصحاب فلا یجزی العوراء البین عورها و لا العرجاء کذلک و لا الکبیرة و لا المریضة و لا مکسورة القرن الداخل و لا مقطوعة الأذن أو الألیة و لا المهزولة هزلا بیناً و لا الخصی و لا مقطوع الذکر و لا یتفاوت الحال بین النقصان ابتداء أو عارضاً کل ذلک للنصوص و فتاوی الأصحاب و قیل أن الجماء و هی التی لا قرن لها خلقه أو الصمّاء التی لا أذن لها لا بأس بهما لعدم نقص قیمتها و ألحق بعضهم بهما البتراء و فی الجمیع نظر لمخالفته لإطلاق النصوص نعم کسر القرن الخارج و هو ما لیس ابیض و شق الأذن و ثقبها و رض الخصیتین لا بأس بهما و هل یشترط فی العوراء و العرجاء و المریضة بیّنیّتها فی المنع کما فی بعض الأخبار و الفتاوی للأصل و العمومات خرج البین و بقی الباقی أو لا یشترط استناداً للإطلاق و الشک فی حصول التقیة لعدم المقاومة و الأقوی الأول و الأحوط الأخیر و هل یلحق بالعوراء بیضاء العین لأنه نقص فی القیمة و العین و للاحتیاط أو لا یلحق للأصل الأقوی الأول و الأحوط الثانی و هل المریضة یراد بها الجرباء فقط لأن الجرب یفسد اللحم أو کل مرض یقضی بنقصان لحمها لذة و طعماً وجهان أقربهما الثانی لإطلاق النص و سقوط جمیع الأسنان نقص و الأحوط تجنب سقوط بعضها و صغر الأذن لا بأس به و لا تجزی المهزولة و هی التی لا شحم علی کلیتیها کما فی النص و الفتوی و لأنها نقص و کل ما لا یجزی فی الاختیار لا یجزی مع السهو و النسیان و الجهل لظهور واقعیة الشرائط و للاحتیاط و فی أجزائه فی الاضطرار إلیه لعدم وجود غیره أو لعدم وفاء ثمنه بالصحیح إشکال و لا یبعد الأجزاء و تقدیمه علی الصوم لعموم لا یترک و أتوا منه ما استطعتم و للخبر الدال علی أجزاء الجغی إذا لم یوجد غیره و لإطلاق الصحیح و غیره بعد الأمر بمعین فإن لم یجد فما استیسر من

ص: 170

الهدی أو ما تیسر علیک و لا یتفاوت فی عدم الأجزاء مع الاختیار بین حصول النقص قبل الشراء و بعده قبل مسیاته أو بعده قبل الذبح أو بعده نعم یستثنی من ذلک نصاً و فتوی ما لو اشتری مهزولة و هو یری أنها سمینة لغروره أو لجهله جهلًا یعذر صاحبه لعدم تقصیره فإنها تجزی عنه بعد الذبح قطعاً و قبلة علی الأظهر لإطلاق الفتوی و النصوص بأن من اشتراه و هو یری أنه سمین أجزأه عنه و احتمال اختصاص النصوص بما بعد الذبح لانصراف الإطلاق إلیه احتمال بعید و لو اشتری الهدی علی أنه مهزول فذبحه فظهر سمیناً أجزأ إن صحت منه نیة التقرب لجهله أو لسهوه أو لغیر ذلک علی أشکال فی الجاهل و أن لم تصح منه نیة التقرب لم یجز عنه و لا یلحق بالهزال غیره من أسباب النقص فلو اشتراه علی أنه تام فبان ناقصاً لم یجز سواء فقد الثمن أو لا و سواء کان بعد الذبح أو قبله لإطلاق الصحیح و فتوی المشهور و ظاهر أخبار الاشتراط و نسب للشیخ القول بالأجزاء إذا فقد الثمن للصحیحین الدالین علی أن من اشتری هدیاً و لم یعلم أن به عیباً حتی فقد ثمنه ثمّ علم به فقد تم و هو قوی لو لا مخالفته لفتوی المشهور و قوة احتمال وروده فی الهدی المندوب للصحیح الدال علی أجزاء ذلک فی الأضحیة دون الهدی الواجب و هو و أن لم یکن فیه تفضیل نقد الثمن و عدمه یمکن أن ینزل الإطلاق علی الثانی و لکن مخالفته فتوی المشهور و الاحتیاط و إطلاق الأخبار الاشتراط الاوجه لها فبقاء إطلاق المنع فی الواجب الأخبار المفصلة بین نقد الثمن و تنزیل و عدمه علی المندوب أوجه.

و منها أنه لا یجوز للحاج إخراج لحم الهدی من منی إذا ذبحه فیها بل یجب صرفه فی وجهه الأتی إن شاء الله تعالی وفاقاً لفتوی المشهور و ظاهر النهی فی الصحیح عن ذلک و صرفه إلی الکراهة ضعیف و یجوز إخراج لحم غیر الهدی من الأضاحی المندوبة للأصل و الخبر المجوز و کذا یجوز إخراج غیر اللحم من الجلد و السنام و العظم للأصل و الأخبار المجوزة لذلک و لا یبعد إلحاق الشحم بها هذا کله بالنسبة إلی الذابح نفسه و أما المشتری للحم الهدی و المعطی له فلا بأس علیه بإخراجه للأصل و المتیقن

ص: 171

خروجه و المنصرف إلیه الإطلاق هو لحم الذابح نفسه و فی بعض الأخبار النهی عن إخراج اللحم من الحرم مطلقاً و لا بأس بالقول بها.

و منها أن زمان الذبح أو النحر هو یوم النحر فلا یجوز التقدیم علیه للتأسی و الإجماع بقسمیه علی الظاهر و یقدم علی الحلق وجوباً علی الأظهر و لو أخره أجزأ و لو کان عمداً أو جهلًا و یجوز تأخیره عن یوم النحر إلی أخر أیام التشریق و الأحوط أن لا یؤخره عنها فإن أخره کان قضاء لأشعار بعض الأخبار بأن الأضحی بمنی أربعة أیام و کان مجزیاً أیضاً إلی أخر ذی الحجة لظاهر الأخبار و فتوی الأصحاب و ما ورد من أن من وجد ثمن شاة یوم النفر یصوم محمول علی من صام الثلاثة قبل ذلک أو علی النفر من مکة بعد ذی الحجة.

و منها أنه یندب أن یکون سمیناً للأخبار و فتوی الأصحاب و یندب أن یکون الفحل من الغنم ینظر فی سواد و یأکل فی سواد و یبعر فی سواد و یبول فی سواد کل ذلک للأخبار و فتوی الأصحاب و معنی ذلک ما کنایة عن السمن لتأثیره ظل عظیم یأکل فیه و یمشی فیه و ینظر فیه و یبعر فیه و یبول فیه و هذه تستلزم أیضاً البروک فیه و أما أن تکون هذه المواضع من النظر و القوائم و البطن و المبعر و الفم سوداً فیصدق علیه تلک الأوصاف و أما أن یکون مریعه کثیر النبات شدید الاخضرار واسعاً یستلزم أن یبرک فیه و یندب أن یکون مما عرف به أی أحضر بعرفات عشیة عرفه و ربما قیل بالوجوب لظاهر الأمر به و فیه أن الأمر مصروف للندب لنفی إلباس عمن لم یعرف فی الخبر المؤید بفتوی الأشهر و یندب فی الهدی الإناث من الإبل و البقر و الذکران من الضان و المعز للنص و الفتوی و یجزی العکس أیضاً للأخبار و فتوی الأصحاب و یندب أن تنحر الإبل قائمة مربوطة بین الخف و الرکبة و أن یطعنها فی لبتها من الجانب الأیمن لها للأخبار و فتوی الأصحاب و أن یتولی الذبح بنفسه و ألا جعل یده مع ید الذابح و یتولیان النیة و یندب أن لا تکون الأضحیة ثوراً أو جاموساً و قد ورد النهی عن أضحیة الثور و الفتوی عن أضحیة الجاموس و یندب أن یقسم الهدی أثلاثاً ثلث یأکله و ثلث یهدیه و ثلث یعطیه القانع و المعتمر صدقه للأخبار و المراد بأکل الثلث هو و عیاله

ص: 172

و من یأکل معه لأنه من البعید إرادة اختصاصها لأکل به و فی الأخبار ما یدل علی أن الثلث للأهل فیکون معناه له و لهم و الخادم من أهل البیت و یراد بالمساکین السؤال و القانع و هو الذی یقنع بما أرسلت إلیه من البضیعة و المعتر هو الذی یکون أغنی من القانع یعتریک فلا یسألک و الفرق بین الصدقة و الإهداء هو النیة و ألا فالظاهر اشتراک المتصدق علیه و المهدی له فی الاستحقاق و لزوم اتصافهما بصفة الفقر علی ما یظهر من الکتاب و السنة و الأحوط أن لا یعطی غیر المؤمن من مخالف أو مستضعف و أن نوی التقرب به و یهدیه و یأکله و عن السرائر الاقتصار علی الأکل و الإهداء للقانع و المعتبر بحلو الآیتین عن الإهداء و اتحاد مضمونها فی المتصدق علیه من البائس و الفقیر و المعتبر ثمّ نقل عنه الاقتصار علی المسمی من دون تعیین حصة خاصة أخذ بالإطلاق و استناداً للأصل و هو ضعیف ترده الأخبار و فتوی الأصحاب و حمل الآیتین علی التأسیس أولی من حمل أحدهما علی التأکید و عنها لزوم الأکل و الإطعام وجوباً لظاهر الآیة و علیه فلو أخل بالأکل أثم و لو أخل بالإطعام ضمن و فیه أن الآیة یراد بها الجواز لدفع توهم الحضر عن الأکل منها کما فهمه جملة من الخبرین و نسب إلی أنه المستفاد من تتبع الأخبار و أما الندب کما فهمه المشهور لعدم اختصاص الآیة بهدی التمتع بل یشمله و یشمل هدی القران و الأضحیة کما هو ظاهر و الأکل فی الأخیرین مندوب إجماعاً و لا یجوز استعمال اللفظ فی الوجوب و الندب فلا یبعد القول أما بالتجوز بنفس الصیغة و استعمالها فی الندب أو التجوز بتخصیص الآیة بهدی التمتع و الأول أولی لأنه المشهور و أن کان التخصیص أولی لنفسه و لا أقل من التساوی و الأصل البراءة من الوجوب هکذا أنقحه بعض و فیه أن هنا ثالثاً و هو استعمال الصیغة فی القدر المشترک الشامل للوجوب و الندب و هو لا ینافی شموله للمندوب و لا یلزم منه استعمال اللفظ فی معینه.

و منها أنه یجب الذبح کما قدمنا مهما أمکن علی النحو المتقدم فإن أخل به حتی مات أخرج من صلب ترکته فلو لم یوجد الثمن الکل أو البعض فی وجه تقدم وجب الانتقال إلی بدله و هو الصوم فی ثلاثة أیام متوالیات فی الحج و سبعة إذا رجع للکتاب

ص: 173

و السنة و الإجماع و فی الأخبار ما یدل علی اشتراط التوالی و استحباب کون أولها ما قبل یوم الترویة و یستثنی منه ما إذا صام الترویة و عرفه فإنه یسقط التوالی و یؤخر العبد إلی التشریق و المراد شهره إلی أخر ذی الحجة و لا یشترط التوالی فی السبعة لفتوی الأصحاب و ظاهر الإجماع المنقول فی الباب و الخبر المنجبر بما قدمناه و عموم الصحیح کل صوم یفرق إلا ثلاثة أیام فی کفارة الیمین و ما ورد من النهی عن تفریقهن فی الأخبار محمول علی الکراهة أو علی ندب الجمع.

و منها یجوز تقدیم صوم الثلاثة أول ذی الحجة لفتوی المشهور نقلًا و للآیة المفسرة فی الصحیح بذی الحج للموثق فی الدال علی الأذن فی صومهن أول العشر نعم تأخیرهن إلی السابع أحوط تفصیاً عن شبهة الخلاف و شبهة نقل الوفاق علی لزوم تأخیرهن هذا کله فی الاختیار و أما فی الاضطرار فالظاهر أنه لا أشکال جواز البدال و لا یجوز تقدیمه علی ذی الحجة لمخالفته الفتاوی و النصوص و لا تأخیره عن

و منها أن الأظهر جواز تأخیره إلی أخر ذی الحجة اختیاراً للآیة المفسرة فی الصحیح بذی الحجة و للصحیح الناهی فی إلباس عن الصوم فی العشر الأواخر و للإجماع علی الأجزاء فی وقوعها فی العشر الأواخر و الأصل البراءة من وجوب البدار قیل و ظاهر الأکثر وجوب المبادرة الصوم بعد أیام التشریق فإن فات فلیصم إلی أخر الشهر و هو أحوط لاختصاص أکثر الأخبار بذلک علی وجه البدار فهل یکون الصوم عند تأخیره أداء لأنه غایة ما فات وجوب المبادرة و هی لا توجب القضاء فی ثانی الحال و یکون قضاء لظاهر الأمر فی التأقیت وجهان أوجهها الأول و نمنع ظهور الأمر بالتأقیت و الأصل عدمه.

و منها أنه أن خرج ذو الحجة و لم یصمها اختیاراً لزمه الهدی و استقر فی ذمته للنص و الفتوی و الإجماع المنقول و هل یجب معه کفارة لأنه ترک نسکاً و من ترک نسکاً فعلیه دم کما فی الروایة و هو أحوط و لا یتفاوت الحال بین عدم صومها مطلقاً أو عدم اکمالها و أن لم یصمها لعائق أو لنسیان فهل حکمه حکم الاختیار لإطلاق النصوص و الفتاوی بأن زمانها ذی الحجة و مقتضاها سقوط الصوم بخروجه و لإطلاق النص

ص: 174

و الفتوی بأن من لم یصم کان علیه دم و للصحیح فیمن نسی الصوم حتی أتی أهله قال یبعث بدم أو أنه یستمر علی حکم وجوب الصوم للأخبار المستفیضة بأن من فاته الصوم لعائق أو نسیان صام فی الطریق و إذا رجع إلی أهله من غیر تقیید ببقاء الشهر أو خروجه فتبقی علی إطلاقها و یخصص بها الإطلاق المتقدم بحمله علی غیر المعذور و الأول أظهر لضعف إطلاق الأخبار الأخیرة عن مقاومة إطلاق الأخبار الأولیة الحاکمة بسقوط الصوم لاعتضادها بالکتاب و السنة و الفتوی فلتحمل علی ما إذا کان الشهر باق و لم یخرج سیما و الصحیح المتقدم صریح فی حکم الناسی و تخصیص لزوم الهدی به دون باقی الأعذار مما لا تساعد علیه الفتاوی و الأخبار

و منها أنه یجوز التلبس بالصوم قبل التلبس بالمتعة و لو بعمرتها للاحتیاط و ظاهر الاتفاق و لأنه تقدیم للواجب علی وقته و سببه و لا یجب التلبس بالحج لإطلاق الکتاب و السنة و الاستحباب التلبس بها یوم السابع مع استحباب التلبس بالحج یوم الترویة.

و منها أنه من صام الثلاثة و أکملها فی الأیام الثلاثة التی قبل یوم النحر ثمّ وجد ثمن الهدی فی یوم النحر أو بعده لم یجب علیه الهدی و یسقط عنه لحصول الامتثال و اقتضاؤه الأجزاء و للأخبار الدالة علی الأجزاء و للإجماع المنقول و فتوی الفحول نعم سقوطه رخصة لا عزیمة بل الأفضل العدول إلیه لأنه الأصل و دلالة النصوص علی فضله علی الصوم مطلقاً و لخصوص خبر عقبة فیمن صام الثلاثة و ایسر قال یشتری هدیاً فینحره و یکون صیامه الذی صامه نافلة و لو دخل فی الصوم و لم یتمها و أمکنه الهدی فالظاهر عدم أجزاء الصوم لأن الهدی أصل فیجب علی من وجده فإذا وجده طول ذی الحجة فهو واجد خرج ما إذا أتم الثلاثة فیبقی الباقی مع احتمال الأجزاء لإطلاق الکتاب بوجوب الصوم علی من لم یجد و لاستصحاب یقضی ببقاء الخطاب به و من صام الثلاثة أول ذی الحجة ثمّ أیسر احتمل فی حقه الأجزاء لصدق أنه صام الثلاثة و لعدم وجوب الجمع بین البدل و المبدل و لإطلاق کثیر من الأخبار و الفتاوی بالأجزاء لمن صامها و احتمل عدمه لأن الأصل الهدی خرج من صام ثلاثة فی الثلاثة بالنص و الإجماع فیبقی الباقی وجهان و الأول أقوی و الثانی أحوط و هل لمن صام

ص: 175

الثلاثة و تلبس بالسبعة أو أتمها العدول إلی الهدی لأنه الأصل أو لیس له لعدم ظهور الدلیل علیه سیما بعد إتمام السبعة لاحتمال التشریع فی حقه.

و منها أن السبعة التی یصومها إذا رجع إلی أهله بالنص و الإجماع لا یجوز صومها فی الطریق و موردها لم یقم بمکة و أما من أقام بمکة شرفها الله تعالی أنتظر فی صومها اقل الأمرین من مدة رجوعه إلی أهله علی النحو المتعارف من السیر المتوسط الخالی عن العوارض أو المشتمل علیها عادة أو مدة شهر یجب علیه صومها بعد إحدی تلک المدتین للصحیح الدال علی ذلک و لفتوی الأصحاب لجمع من أصحابنا لزوم الانتظار إلی مدة الوصول و لم یعتبروا الشهر و حکی علیه الإجماع و ورد فی عدة أخبار الأمر بالانتظار إلی مدة الوصول و فی بعضها أنه ینتظر إلی مقدم أهل بلده فإذا ظن أنهم دخلوا فلیصم السبعة و المراد به تقدیر مدة الوصول لا فعلیته لعدم العثور علی قائل بذلک بحیث أن الأمر یدور مدار وصولهم بالفعل حتی لو أسرعوا علی خلاف العادة جاز الصوم بعد وصولهم و لو بقوا فی الطریق وجب انتظارهم و القول الأول أقوی لأنه من قبیل المقید لإطلاق أدلة القول الأخیر و هل مبدأ الشهر بعد انقضاء أیام التشریق کما علیه جماعة أو یوم یدخل مکة کما احتمله آخرون أو یوم عرفه أو یوم یعزم علی الإقامة کما احتمله بعضهم و ربما کان فی الروایة اشعار به و فی کون مبدئها أیام التشریق قوة و یسقط حکم الانتظار مطلقاً للمقیم بمکة أبداً و لیس له أهل فی غیرها إذا أمکن منه وقوع حج التمتع و هل المراد بالمقیم بمکة لا غیر أو ما یشملها و الإقامة بالمدینة أو الطائف مثلًا أو ما یشملها و الإقامة بالطریق و هل یراد بالإقامة نیة الإقامة أبداً أو اکثر من سنة فما فوق أو مطلق و لو من أقام و لو مصدوداً إذا أتم له الشهر فی مقامه وقت رجوعه إلی أهله صامها وجوه أوجهها الوسط فی الأول و الأخیر فی الأخیر مع احتمال سقوط الانتظار فی حق من أراد المقام بمکة أبداً و احتمال سقوط السبعة أصلًا للمقیم أبداً احتمال باطل لا یحتمله أحد إذ لا یراد بالرجوع فی الکتاب و السنة خصوص الرجوع الحقیقی و فی الأخبار ما علق فیها الحکم علی إقامة السنة و فی بعضها علی المقیم مطلقاً و فی بعضها علی المجاور و کله لا باس به إذا المراد ما یسمی مقیماً و لو

ص: 176

من الشهر فما فوق علی الأظهر و لکن الأحوط دوران الحکم علی الإقامة المنویة دون ما کان مقامه قهراً کالمصدود و نحوه و علی الإقامة فی غیر الطریق.

و منها الظاهر عدم وجوب التفریق بین الثلاثة و السبعة لمؤخر السبعة إلی مدة الوصول إلی أهله لو کانت قصیرة بل یجوز جمعها و توالیها و کذا لا یجب التفریق لمؤخر الثلاثة عن مکة ما دام شهر ذی الحجة إلی أن یصل إلی أهله لعارض له عن صومها فی مکة أو فی الطریق و الظاهر أن الواجب علیه صومها فی مکة أو فی الطریق فإن لم یتمکن صامها فی بلده و لا یجوز له تأخیرها إلی بلده اختیاراً بل الأحوط صومها فی مکة مهما أمکن للأخبار المرتبة جواز صومها فی الطریق علی عدم إمکان صومها فی مکة و کذا صومها عند أهله.

و منها أن من مات و لم یصم فإن کان لعدم تمکنه لم یجب أن یقضی عنه ولیه إجماعاً و أن لم یکن کذلک وجب علی الولی أن یقضی عنه الثلاثة دون السبعة وفاقاً لفتوی جماعة للصحیح الدال علی نفی القضاء عمن مات و لم یصم السبعة بعد الرجوع إلی أهله و یؤیده الأصل و قیل بوجوب السبعة أیضاً علی الولی و نسب للمشهور للاحتیاط و عموم لزوم القضاء الولی للصوم الفائت و للإجماع المنقول علی العموم و لخصوص الصحیح من مات و لم یکن له هدی المتعة فلیصم عنه ولیه و لا مکان صرف الصحیح الأول لغیر المتمکن من الصوم و هذا قوی فی النظر إلا أن الأول أقوی للشک فی اندراج هذه الصورة فی تلک العمومات و فی الإجماع المنقول علیها و فی الصحیح المتقدم لأن بینهما ما بین العام و الخاص فیقدم علیه.

و منها أن من وجب علیه بدنه لنذر أو کفارة أو عهد فی هدی تمتع أو یمین و لم یکن لها بدل منصوص کفداء النعامة و لم یتمکن من البدنة اجزا عنه سبع شیاه للخبر المنجبر بالفتوی و العمل فإن لم یمکن صام ثمانیة عشر یوماً و لکن فی غیر المنذور فی هدی التمتع تعیناً للخبر المعتبر و لا یجوز لمن علیه سبع شیاه أن یجتزی ببدنه و لا لمن علیه بقرة کذلک لفقد النص

و یلحق فی هذا الباب الکلام فی الأضحیة و هدی القران
اشارة

و فیهما أمور.

ص: 177

أحدها: لا یجب هدی القران إلا أن یسوقه

و لا تجب الأضحیة مطلقاً و علی ذلک إجماعنا و المخالف شاذ لا یلتفت إلیه و موضع ذبح هدی القران بمنی أن کان قرنه بالحج و بمکة أن کان قرنه بالعمرة لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و الأخبار المعتبرة و أفضل مکة قضاء الکعبة بالخرورة بین الصفا و المروة للخبر الدال علی ذلک و حمله علی الأفضلیة بمعونة فتوی الأصحاب خیر من الجمع بینه و بین ما دل علی أن النحر بمکة بالإطلاق و التقیید لأنه مع فتواهم یضعف تحکیم المقید به و هنا کذلک جزورة أخری فی اسفل مکة عند المنارة التی تلی باب أجیاد. و منها لا یخرج هدی القران عن ملک سائقه قبل السوق و بعده و قبل الأشعار و التقلید و بعدهما للأصل من غیر معارض و کذا جاز رکوبه و التصرف بلبنه و لا یتعین للذبح أو النحر إلا أن یشعره أو یقلده و یسوقه معه فی الطریق عاقداً به إحرامه فحینئذ لا یجوز له إبداله و لا إتلافه و لا بیعه و مع ذلک فهو باق علی ملکه و هل یتعین بمجرد الأشعار و التقلید و أن لم یتعقبهما السوق أیضاً الظاهر ذلک لصیرورتهما من الهدی المنهی عن تحلیلها فی الکتاب و للأمر بنحرها فی الصحیح أن کان شعرها و لکن الظاهر تقیید ذلک بما إذا کان الأشعار أو التقلید لعقد الإحرام بالتلبیة لا یبعد ذلک أیضاً للخبر الأمر بذبح الکبش المشتری للهدی إذا ضل فوجده صاحبه و أن اشتری کبشاً أخر و للأخبار المانعة عن العدول إلی التمتع لمن ساق هدیاً.

ثانیها: لو هلک هدی السیاق لم یجب بدله

للأصل و لعدم وجوبه و للخبر عن الهدی الذی یشعر أو یقلد ثمّ یعطب قال أن کان تطوعاً فلیس علیه غیره و أن کان جزاء أو نذراً فعلیه بدله و لو أهلکه بنفسه لم یلزم إقامة بدله أیضاً علی الأظهر و لو هلک الهدی المضمون کالنذر المطلق أو الکفارة و بالجملة الواجب فی الذمة الذی لم یتعین علیه بفرد معین لزم بدله لاستصحاب الشغل و للنصوص و الفتاوی الحاکمة بذلک و لو کان المنذور مطلقاً هو هدی السیاق فالظاهر عدم لزوم الإبدال أیضاً لتأدیة المنذور بسیاقه أو لا مع احتمال کونه یعود مضموناً کالهدی الواجب المضمون ابتداءً و أما الهدی المعین بنذر أو شبه سواء تعین للسیاق أو لغیره فلا یضمن عند تلفه لکونه

ص: 178

أمانة فی ید صاحبه لا یضمنه إلا بالتعدی و التفریط و الظاهر خروجه عن ملکه بالنذر و یصیر مالًا للمنذور له و للفقراء و المساکین.

ثالثها: لو عجز هدی السیاق عن الوصول إلی محله الذی یجب ذبحه أو نحره من ذبحه أو نحره فی موضع عجزه

فإن وجد مستحقاً أوصله إلیه و ألا علم علیه علامته تذکیته و أنه صدقة کان یغمس نعله فی دمه فیضرب سنامه أو صفحته أو یکتب رقعة فیضعها عنده و لا یجب الإقامة عنده لإیصاله کما هو الظاهر من الفتوی و النصوص و یجوز التعدیل علی العلامة للأمر بها فی النص و ظاهره لزوم أتباعه و ألا لخلت عن الفائدة و لو أصابه کسر یمنع وصوله أم لا جاز ببیعه و التصدق بثمنه أو شراء أخر به مکملًا له أم لا و لا یتفاوت فی ذلک ما بعد السوق أو قبله لخر وجه بذلک عن صفة الهدی مع بقائه علی ملکه و للخبر المعتبر الأذن ببیعه و لا یلزم إقامة بدله مقامه لأن السیاق لا یوجب إلا ذبح المسوق للأصل و ظاهر الأجزاء و لا یجب بیعه و التصدق بثمنه أو شراء أخر مکانه بل یندب ذلک و ألا فله ذبحه أو نحره بمحله بل له ذبحه أو نحره لمکان کسره أیضاً نعم لا یجوز بیعه و أکل ثمنه و فی الخبر إذا أهدیت هدیاً واجباً فعطب فأنحر مکانه أن شئت و أهدِهِ أن شئت و بعه إن شئت و تقوی به فی هدی أخر و لو کان الهدی مضموناً کالمنذور مطلقاً جاز ذبحه بمحله و جاز بیعه و التصدق بثمنه و یلزم شراء هدی أخر لصحیح بن مسلم الأمر بذلک و لو کان المنذور معیناً لم یجز بیعه و لا إبداله لتعین حق الفقراء به.

رابعها: یجوز رکوب هدی السیاق و شرب لبنه ما لم یضربه أو بولده

للأخبار و فتوی الأصحاب و لعدم خروج عن ملک صاحبه و یجوز أیضاً ذلک فی الواجب المضمون فی الذمة لإطلاق الأخبار و فتوی المشهور من الأصحاب و خروجه عن ملک المهدی بعد أذن المالک الحقیقی غیر مضر و دلیل المنع ضعیف و لو أَضر الرکوب و شرب اللبن بها أو بولدها المسوق معها أو الحادث بعد السیاق ضمنها مع العلم بالضرر و بدونه علی أشکال و الولد الحادث بعد السیاق یلزم نحره معها لتبعیته لها و الصوف

ص: 179

و الشعر یتبعها فلا یجوز أزالته و لو عاد من بقائه ضرر جازت أزالته و التصدق بثمنه و الأحوط فی المنذور المعین تجنب رکوبه و شرب الفاضل من لبنه.

خامسها: لو ضاع هدی السیاق فأقام بدله فوجد الأول

فإن کان قد ذبح البدل استحب له ذبح المبدل للأخبار و فتوی الأصحاب و أوجب الشیخ (رحمه الله) ذبح الأول إذا أشعره أو قلده لتعینه بذلک و أصالة عدم الأجزاء غایته أن المتیقن من البدلیة مراعاة عدم الوجدان فالأجزاء مع عدم وجدانه و هو قوی لإطلاق الأخبار بالأمر بذبحه لو لا ما یضعف الإطلاق بفتوی المشهور من الأصحاب و هل یجب إقامة بدل هدی السیاق لا دلالة فیها علی ذلک.

سادسها: لا یتعین هدی السیاق للصدقة إلا مع النذر

فلا یجب سواء ذبحه أو نحره و الأحوط قسمته أثلاثاً کما تقدم و لو ضل فوجده غیر صاحبه فذبحه عن صاحبه بمنی أو مکة کما تقدم أجزأ صاحبه للأخبار و فتوی الأصحاب إلا أن فی الأخبار أن ذبحه بمنی أجزأ و ألا فلا و الظاهر أن ذلک مع الجهل بحاله و العلم بأنه سیاق الحج لا فی العمرة و ألا فمحله مکة.

سابعها: لا یجوز فی غیر هدی السیاق المندوب و إن وجب ذبحه بعد الإشعار

و هدی التمتع التصرف فیما ذبحه أو نحوه من کفارة أو فداء أو نذر بإعطاء الجبران إذا لم یکن مستجمعاً لأوصاف المستحقین للصدقة و لا بأکل منها لمکان النهی عن الأکل و أن أکل منه ضمن لما دل من الأخبار علی ضمان ما أکل من الهدی المضمون أو الواجب دون المندوب و ما دل علی جواز الأکل من الهدی کله مضموناً أو غیر مضمون مطروح أو محمول علی حال الضرورة و الأحوط أیضاً أن لا یأخذ من جلود الهدی لنفسه لمکان النهی و أن ورد فی بعض الأخبار الرخصة و الجمع بینهما و بین الأخبار الناهیة بالحمل علی الکراهة قوی فإن أخذ فالأحوط التصدق بثمنه.

ثامنها: من نذر بدنه

فإن عین موضع النحر تعین و ألا أنحرها بمکة للخبر المنجبر بفتوی الأصحاب نقلًا أو بفتوی مشهورهم و لو لا ذلک لکان التخییر هو الوجه إلا أن

ص: 180

ینصرف الإطلاق إلی مکان خاص کان نذر فی طریق الحج خاصة أو نذر هدیاً فإنه لا یبعد انصرافه إلی ذلک.

تاسعها: الأضحیة مرغوب فیها

إجماعاً و سنة عن کبیر و صغیر و لا تجب للأصل و النص و الفتوی و المخالف شاذ لا یعتد به و وقتها بمنی أربعة أیام النحر ثلاث بعده و بغیرها یوم النحر و اثنان بعده للنصوص و الفتاوی و یکره أن یخرج شیئاً من الأضحیة و الخبر الناهی عن الإخراج و أن کان ظاهره التحریم کما أفتی به بعض الأصحاب أنه معارض بالنص علی جواز الإخراج و علی جواز إدخال لحوم الأضاحی الظاهر فی جواز إخراج المعتضدین بفتوی المشهور فلا محیص عن القول بالکراهة و لا یکره إخراج السنام للنص علی جوازه من غیر معارض و لا إخراج ما یضحیه غیره للأصل و اختصاص النهی بما یضحیه عنه و یجزی الهدی التمتع لانصراف الإطلاق إلیه و من لم یجد الأضحیة تصدق بثمنها و لو اختلفت القیم جمع الأولی و الثانیة و الثالثة و تصدق بثلث المجموع کل ذلک للنص و الفتوی و الظاهر أن الثلاثة فی الخبر مثال لکل قیم متعددة فیؤخذ قیمة منتزعة منها بنسبتها إلیها نسبة الواحد إلی الجمیع و یکره الأضحیة بما یربیه للنص و الفتوی و یکره أخذ شی ء من جلودها و إعطائها الجواز بل مطلقاً و الأحوط ترک بیع جلدها إلا أن یتصدق بثمنه علی المساکین.

عاشرها: یجب بعد الهدی الحلق أو التقصیر
اشارة

للإجماع المنقول و فتوی الفحول و ظاهر جملة من الأخبار و القول بالندب ضعیف لا یلتفت إلیه و الحلق أفضل للرجال للإجماع و الأخبار و لا یجوز للنساء سوی التقصیر للأخبار و الإجماع المنقول و لو حلقت فالظاهر عدم الأجزاء و کون مبدأ الحلق یقصر إلا بجدی مع اختلاف المأمور به النیة نعم لو نوت التقصیر أولًا ثمّ سرت به فحلقت فالظاهر الأجزاء و یجزی فی تقصیر الامرأة المس و الأحوط أن یکون قدر الأنملة للأمر بذلک فی الصحیح و الظاهر بقاء التخییر للرجال بین الحلق و التقصیر و لو کان شعره جداً أو مقصعاً أو کان ضرورة للإطلاق کتاباً و سنة فیحمل ما دل علی لزوم الحلق لأولئک علی الاستحباب و الأحوط الحلق للأمر به لمن کان شعره ملبداً أو مقصعاً أو کان ضرورة فی الأخبار

ص: 181

المعتبرة المفتی بها بین جماعة من الأصحاب و المحل للحلق و التقصیر منی فلو خرج منها من دونهما رجع إلیها مع الإمکان للأخبار و ظاهر الإجماع المنقول و لو تعذر العود حلق أو قصر أینما ذکر و الأحوط البدار و بعث شعره إلی منی ندباً علی الأظهر جمعاً بین ما دل علی الأمر بذلک و بین الصحیح فیمن نسی الحلق حتی أرتحل من منی ما یعجبنی أن یلقی شعره إلا بمنی و قبل بالوجوب مطلقاً و قبل به مع العمد و هو أحوط و یندب دفن الشعر بمنی مطلقاً لمن کان فیها أو فی غیرها و قبل بالوجوب و دلیله ضعیف نعم لا یبعد وجوب إلقاء الشعر بمنی للخبر فی الشعر من أخرجه فعلیه أن یرده و لا ینافیه صدوره أنه کان یکره أن یخرج الشعر فی منی لظهورها فی إرادة التحریم بقرینة الفجر و هو أولی من جعل القرینة العکس و من لیس علی رأسه الشعر حلقه أو لعارض و لو لکونه حلقه فی إحرام العمرة أَجزأه امرار الموس علیه لظاهر الخبر و فتوی جماعة من الأصحاب و ظاهرهما الأجزاء و أن أمکن التقصیر و لکنه بعید لاقتضاء قاعدة الواجب المخیر من لزوم تعیین الممکن إذا تعسرت باقی أفراده نعم لو تعین علیه الحلق لعدم إمکان التقصیر أو لکونه ضرورة أو ملبداً اتجه ذلک لعموم لا یترک و لا یسقط و الأحوط الجمع و الروایة محمولة علی الندب عند إمکان الجمع و نقل الشیخ الإجماع علی استحباب ذلک و یجب تقدیم الحلق و التقصیر علی طواف الحج و سعیه للتأسی و الاحتیاط و ظواهر الأخبار و لو عکس نسیاناً أو جهلًا فلا شی ء علیه للأخبار و فتوی الأصحاب و أن عکس عمداً لزمه شاة لصحیح محمد بن مسلم و هل علی الناسی و الجاهل إعادة یحتمل العدم لظهور جملة من الأخبار بأن الترتیب لیس شرطاً واقعیاً للصحة کصحیح جمیل و حسنه و غیرهما حیث أطلق فیها نفی الحرج من دون بیان للإعادة فی مقام البیان و کذا ترک بیان الإعادة للعالم فی صحیح ابن مسلم بالنسبة إلی العالم الذی هو أقوی فی حکم الإعادة من الناسی و الجاهل و لذا حکم کثیر من أصحابنا بعدم الإعادة علی العالم و أن أثم و هو قوی أیضاً و یقوی لزوم الإعادة للکل للاحتیاط و ظاهر الأوامر القاضیة بالشرطیة و لصحیح ابن یقطین الأمر بالإعادة التقصیر و الطواف لمن عکس فقدم الطواف علی التقصیر من دون استفصال و لظاهر

ص: 182

الوفاق المنقول علی الإعادة سیما فی الناسی و الظاهر أن الشهرة فی لزوم الإعادة فیه محصلة فضلًا أن تکون منقولة و الظاهر أن السعی کالطواف فی لزوم الإعادة و یندب أن یبدأ بالحلق بناصیته من قرنه الأیمن و أن یحلق العظمین و أن یدعو بالمأثور کل ذلک للفتوی و النص

و هنا أمور.
أحدها: إذا فرغ المحرم لحج التمتع من مناسکه هذه حل له کل شی ء

و حرم علیه الإحرام حتی الصید الإحرامی الذی حرم من جهة الإحرام عدا النساء و الطیب للأخبار و الدالة علی أن الرجل إذا حلق حل له کل شی ء إلا النساء و الطیب و من المقطوع به عدم إرادة الحلق خاصة لأنه أحد الفردین المخیر فیهما و هل یشترط تقدم المناسک علی الحلق فی التحلیل للاحتیاط و انصراف الأخبار لذلک و للخبر إذا ذبح الرجل و حلق فقد أحل من کل شی ء و الظاهر ذلک و ما نقل عن الصدوق من التحلیل بالرمی فقط و الخبر الدال علی التحلیل یه عدا النساء ضعیف فلا یعارض ما قدمناه و نسب لأکثر أصحابنا عدم التحلیل من الصید أیضاً و کأنه للاستصحاب و الاحتیاط و قوله تعالی (لٰا تَقْتُلُوا الصَّیْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ) سورة المائدة آیة (95) بناء علی أن بقاء الإحرام لمن حرم علیه النساء و الطیب و هو قوی إلا أن الأخذ بالأخبار و تنزیل الآیة علی المحرم الذی لا یتصف بالإحلال رأساً أقوی نعم یحرم علیه الصید لکونه فی الحرم و علیه یحمل الخبر المانع للصید حتی بعد طواف النساء و أما غیر المتمتع فیقوی القول بالإحلال بهما من الطیب أیضاً للخبرین المجوزین للطیب لغیر المتمتع و بهما یقید ما جاء من المنع منه مطلقاً و المجوز له مطلقاً بحمل الأول علی المتمتع و الثانی علی غیره و قیل بالمنع أخذ بإطلاق النهی و هو الأحوط و ما ورد فی عدة أخبار من تحلیل الطیب للمتمتع بعد الحلق و أفتی بها ابن الجنید مطرح لشذوذها أو محمولة علی التقیة.

ثانیها: إذا طاف المتمتع و سعی حل له الطیب

للأخبار و فتوی الأصحاب و أن طاف فقط قوی القول بحل الطیب له أیضاً و أن لم یصل الرکعتین للخبرین الدالین علی ذلک و أفتی به جمع من الأصحاب و لعدم معارضة ما دل علی الأول لهما إلا بالمفهوم الضعیف إلا أن توقف الحل علی المجموع أحوط و أظهر و نسب للمشهور

ص: 183

و الظاهر اشتراط تعقیب الطواف لبقیة المناسک للاحتیاط و انصراف الخبرین لذلک فلو أخر بعضها عنه لم یحل له الطیب.

ثالثها: إذا طاف المتمتع طواف النساء حلت له النساء

للفتاوی و النصوص سواء صلی الرکعتین أم لا للإطلاق منهما و فتوی المشهور و نقل الاتفاق و ما ورد مما یشعر بخلافه منزل و مؤَول و حکم الامرأة حکم الرجل فی تحلیلها علی الرجال للاحتیاط و استصحاب الإحرام لهن فلا یتحللن إلا بالمقطوع به و لظهور الأخبار فی مشروعیة طواف النساء لهن بعد الإحرام هو تحلیلهن به علی الرجال و للخبر المعتبر و فیه فإذا فعلت ذلک فقد أحلت من کل شی ء یحل منه المحرم ألا فراش زوجها فإذا طافت طوافاً أخر حل لها فراش زوجها و لقوله تعالی: (فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ وَ لٰا جِدٰالَ فِی الْحَجِّ) سورة البقرة آیة (197) و الحج لم ینته قبل طواف النساء و یکره لبس المخیط و التقنع إلی أن یتم الطواف و السعی و یکره الطیب حتی یطوف طواف النساء للنص و الفتوی و الظاهر أن ذلک خاص بالمتمتع کما تشعر به الأخبار و الأحوط الکراهة فی التعمیم.

رابعها: یجب علی الحاج رجلًا أو امرأة قضاء طواف النساء لو ترکه نسیاناً

و لو ترکه عمداً وجب الرجوع لفعله لیحل الرفث فإن لم یتمکن استناب فیحل الرفث بطواف النائب لعموم رفع الحرج و مشروعیة الاستنابة فی الجملة و قیل بجواز الاستنابة مع التمکن من المباشرة و قیل بعدم أجزائها مع عدم التمکن و هما ضعیفان و لو طاف طوافاً آخر للنساء لموجب أخر کفی عن الأول و الثانی فی وجه کما یلوح من جملة من الأخبار و یؤیده أن الممنوع هو المبیت خارج منی لأن الواجب استمرار المبیت بها و لکن الاقتصار علی الأول کما هو ظاهر الفتوی و یؤیده الاحتیاط أظهر و یستفاد من إطلاق النص و الفتوی جواز الدخول لمکة قبل الصبح أو بعده و قیل لا یدخل مکة إلا أن یتفجر الفجر و هو أحوط.

خامسها: من کان معذور الاضطرار جاز له المبیت بمکة

و لا یبعد سقوط الدم عنه و أن کان الأحوط ثبوته و کذا الرعاة و السقایة و نفی الخلاف عن جواز مبیتهم بغیر منی و قیل أن غربت الشمس علی الرعاة بمنی وجب علیهم المبیت بها بخلاف السقایة لمکان

ص: 184

الضرورة لهم و هو أحوط و من کان له مریض أو له مال یخشی علیهما أو منعه مانع من عذر أو سارق سقط عنه وجوب المبیت و الأحوط لزوم الدم و المراد بالمبیت وجوباً و منعاً فی النص و الفتوی هو بقاء جملة من اللیل مستقراً فی مکانه نائماً أو غیر نائم مستقراً أو لا و لا یکفی البعض القلیل منه و لا یبعد الاکتفاء بالنصف و لا یجزی الاستطراق فی المکان و لو بقی طول لیلة سائراً فیه علی أنه طریق و بالجملة فاللازم مقارنة النیة للبیتوتة سواء کان من أول اللیل إلی النصف أو إلی أزید أو من نصف اللیل إلی أخره أو ما بین أوله و أخره زمناً یعتد به من النصف إلی ما فوق أو إلی أدنی من ذلک و الذی یظهر من الأخبار لزوم المبیت بمنی و حرمة المبیت بغیرها فلا یکفی عدم المبیت بغیرها و الظاهر کفایة صدق المبیت فیها و فی غیرها کما إذا بات فی کل نصف بمکان و أن کان الأحوط أن لا یفعل ذلک نعم المبیت فیها نصفاً و ترک المبیت فیها و فی غیرها کما إذا کان سائراً لا بأس به کما قدمناه و من ترک نیة المبیت لزمه الدم علی الأظهر مع احتمال عدم الحصول مع البیتوتة و الأصل البراءة.

سادسها: یجب علی الحاج فی أیام هذه اللیالی و هی أیام التشریق الرمی ما بین طلوع الشمس إلی غروبها

للأخبار و فتوی مشهور الأصحاب خلافاً لمن ادّعی أنه من بعد الزوال حتی نقل علیه الإجماع و هما ضعیفان و الصحیح الأمر بالرمی عند الزوال محمول علی الاستحباب و لو ترک رمی یوم قضاه من الغدو رمی یومین قضاه فی الیوم الثالث الواردة فی الناسی و لفتوی الأصحاب مطلقاً بل ربما یفهم من الأخبار الإطلاق و یجب أن یقدم القضاء علی الأداء للإجماع المنقول و فتوی الفحول و للاحتیاط فی تقدیم ما تقدم و یجب رمی الجمار الثلاث فی الأیام التی یقیم بها کل جمرة سبع حصیات مرتبة و یبدأ بالأول ثمّ الوسطی ثمّ جمرة العقبة کل ذلک للإجماع و الأخبار و المخالف شاذ لا یلتفت إلیه و لو عکس الترتیب أعاد لما عدا الأولی لوقوعها فی محلها مع احتمال الإعادة من جهة العمد و یحصل الترتیب بأربع حصیات فلو ضرب الأولی أربعاً و الأخری کذلک و الثانیة کذلک أکمل کل واحدة ثلاثاً و صح ما فعل و أن رمی الأولی ثلاثا فی الثانیة أو الثالثة أو هما قلیلًا او کثیراً أعاد و لو رمی الأولی و الثانیة أربعاً

ص: 185

أربعا و الثالثة ثلاثاً أکمل الأولیتین و أستأنف الأخیرة سبعاً و لو رمی الأخیرة ابتدأ أربعاً فما فوقها ثمّ عکس إلی الأولی فرماها أربعاً فما فوقها قوی القول بإبقاء الأولی علی رمیها و تکملته لوقوعه من أهله فی محله سیما لو تقرب فی الکیفیة الخامسة و ظاهر الصحیح صحة اللاحق لو أکمل الأربعة فی المتقدم السابق مطلقاً حتی مع النسیان نعم فی العمد لا یبعد إعادة المؤخر الذی حقه التقدیم السابق مطلقاً حتی مع العمد ففیه فی رجل رمی الجمرة الأولی بالثلاثة و الثانیة سبع قال یعید رمیهن سبعاً سبع قلت فإن رمی الأولی و الثلاثیة بثلاث و الثالثة بسبع قال یرمی الجمرة الأولی بثلاث و الثانیة بسبع و یرمی جمرة العقبة سبع قلت فإنه رمی الجمرة الأولی بأربع و الثانیة بأربع و الثالثة بسبع قال یعید فیرمی الأولی بثلاث و الثالثة بثلاث و الثانیة بثلاث و لا یعید علی الثالثة و لکنه فی السهو و الجهل لا یمکن دفعه و أما فی العمد فیشکل الحال فی شموله له لعدم انصراف الإطلاق إلیه أولًا و الشک فی صحته لمکان النهی ثانیاً و یظهر منه أیضاً لزوم إعادة الرمی المتقدم لو کان أقل من أربعة لو عقبه برمی أخر و هو أحوط و أن کان فی لزومه وجه لاحتمال اشتراط الموالاة و لکنه بعید و من قضی ما فاته من الرمی قضاه غدوه بعد طلوع الشمس و ما کان لیومه أراه بعد الزوال للصحیح الأمر بذلک و لکنه محمول علی الاستحباب کما أفتی به الأصحاب و فی الأخر الأمر بالتفصیل بین الیومین بساعة و الظاهر أنه محمول علی الندب کما أفتی به الأصحاب و هل یجوز القضاء قبل طلوع الشمس أم یتعین بعده وجهان الأحوط الثانی للاحتیاط و لعموم ما دل علی أن الرمی بعد طلوع الشمس و النهی قبله و الأقوی الأول لانصراف ما دل علی ذلک للأداء دون القضاء فیبقی ما دل علی لزوم قضائه فی الغد سلیماً عن المعارض و لا یجوز الرمی لیلًا للأخبار و فتوی الأصحاب إلا لعذر یمنع من وقوعه نهاراً فیجوز حینئذٍ تقدیمه لیلًا لنهاره و یجوز قضاؤه لیلًا قبل یوم القضاء و لو لم یمکن تفریق القضاء قضی الجمیع لیلة واحدة و یدل علی جواز الرمی لیلًا ما ورد فی الخائف و العبید و الرعاة و الحاطبة و المدین و المریض و قد نقل علی جواز ذلک للعذر و یجوز أن یرمی عن المعذور کالمریض و أن لم یکن میئوساً من برئه و عن المغمی علیه و عن الصبی و عن الممیز لمنقول

ص: 186

الإجماع و فتوی الأصحاب و أخبار الباب و یجب علی المریض أن یستنیب و یجزی الفعل عنه تبرعاً لفحوی ما دل علی إجزاءٍ بالحج تبرعاً و یندب استئذانه لأنه أولی بإبراء ذمته و لو استناب فأغمی علیه لم تنفسخ الاستنابة لأنه استنابة للعجز و الإغماء زیادة فیه و لصحته تبرعاً فاستئذانه أولی و لو صحا المستنیب أو المتبرع عنه فلا إعادة علیه و لو نسی من حصی جمرة و حصاة إلی الثلث فإن عینها رماها کیف ما کانت و أن اشتبهت رمی الحل من باب المقدمة و للخبر الأمر بذلک و الإجماع المنقول و لو نسی حصی جمرة لم یعینها أو نسی أربعة من جمرة واحدة أعاد علی الثلاث مرتباً لاحتمال فوات الأولی فیسقط الترتیب الواجب و لو فاته من کل جمرة واحدة أو اثنتان أو ثلاث أعادها مرتبة لتعدد الفائت بالأصالة و لو فاته ثلاثاً أو شک فی کونها من واحدة أو أکثر رمی کل واحدة ثلاثاً مرتباً لجواز التعدد فی واحدة و لو فاته أربعاً فشک کذلک أعاد الرمی من أصله و لو شک فی عدد واحدة و هو المحل لزمه الیقین و أن دخل فی غیرها لم یلتفت و کذا فی الأخیرة لو طال الفصل أو دخل فی غیرها علی أشکال و أن کان کثیر الشک لم یلتفت و لو ترک الرمی سهواً أو جهلًا حتی دخل مکة وجب علیه أن یرجع و یتدارک ما ترکه وجوباً نصاً و فتوی و بالأولی ما لو ترک عمداً و الأظهر الأشهر کما فی الخبر لأن التدارک أیام التشریق و به یقید إطلاق غیره من الفتوی و الروایة من التدارک مطلقاً و لو لم یمکنه التدارک استناب و لو فاتته أیام التشریق یسقط عنه قضاه فی ذلک العام و لا شی ء علیه من کفارة أو فداء بل و لا أثم أن کان معذوراً بعدم الإتیان مطلقاً لیلًا أو نهاراً و ما ورد أن من ترک الرمی بقی علی إحرامه من النساء و علیه الحج من قابل متروک الظاهر لا یعتد بمضمونه و حمله علی الندب لا بأس به نعم أن حج من قابل لزمه قضاء کلًا أو بعضاً بل و الإحرام لقضائه فإن لم یحج رمی عنه ولیه فإن لم یکن له ولی استعان برجل من المسلمین یرمی عنه کما فی الخبر المعتبر بفتوی المشهور و الإجماع المنقول و الاحتیاط فلا یعارضه أصالة البراءة من لزوم الإعادة و لا صحیح ابن عمار علی ما قیل فیمن نسی أو جهل حتی فاته و خرج قال لیس علیه أن یعید لعدم معارضته الأصل و لاحتمال الخبر نفی الإعادة فی تلک السنة

ص: 187

و یجوز لمن أراد النفر بالنفر الأول أن ینفرد بعد الزوال لا قبله للأخبار منقول الاتفاق إلا من أکره فندبه للأصل و للفراغ من أفعاله و للخبر النافی للباس عن النفر قبل الزوال و هو قوی إلا أن الأول أحوط و من نفر فی النفر الثانی جاز له النفر قبل الزوال للأصل و الأخبار و الإجماع المنقول حتی من أکثر الموجبین الرمی عند الزوال علی الأظهر و یندب الإقامة بمنی أیام التشریق و یندب رمی الجمرة الأولی عن یمینه عن یسارها من بطن المسیل لا من أعلاها و الدعاء بالمأثور و التکبیر مع کل حصاة و الوقوف عندها ثمّ القیام عن یسار الطریق و استقبال القبلة و الدعاء و التقدم قلیلًا و الدعاء ثمّ رمی الثانیة کالأولی و الوقوف عندها و الدعاء ثمّ الثالثة مستدیر القبلة و لا یقف عندها کل ذلک للنصوص و الفتاوی عدا الاستدبار ففیه کلام.

ثانیها: إذا فرغ الحاج من مناسک منی فإن بقی علیه طواف واجب أو سعی و قد ترکهما لزم علیه العود إلی مکة

إذا أمکنه أداه و ألا لم یجب علیه نعم یندب له طواف الوداع و هو مستحب عندنا و یندب أمام ذلک صلاة ست رکعات بمسجد الخیف بمنی بأصل الصومعة عند المنارة فی وسطه و فوقها إلی جهة القبلة نحو من ثلاثین ذراعاً و عن یمینها و شمالها کذلک و الظاهر أن الخلف کذلک و أن أغفله بعضهم هذا کله للأخبار و فی بعضها صلاة مائة رکعة و مائة تسبیحه و مائة تهلیلة و مائة تحمیده و یندب التحصیب للنافر أخیراً للفتوی و النصوص و هو النزول فی الطریق بالمحصب و هو مجمع الحصبا المحمولة بالسیل و الظاهر أنه ما بین العقبة و مکة و قیل ما بین الجبل الذی عنده مقابر مکة و الجبل الذی یقابله مصعداً فی الشق الأیمن لقاصد مکة و یندب الاستلقاء فیه للتأسی کما قیل و یندب دخول الکعبة سیما للضرورة و أن یکون حافیاً و أن یکون مغتسلًا و یندب صلاة رکعتین بعد الدعاء عند دخوله بالمأثور و یقرأ فی الأولی بعد الحمد حم السجدة و یسجد للسجود الواجب و یقرأ فی الثانیة بقدرهما من الآیات لا الحروف و الکلمات للخبر و أن یکون بین الأسطوانتین اللتین یلیان الباب علی الرخامة الحمراء علی مولد علی (علیه السلام) و یندب الصلاة فی زوایاها الأربع و الدعاء و هو ساجد و استلام أرکانها الأربع قبل الخروج و یتأکد فی الیمانی و یندب الدعاء عند

ص: 188

الحطیم بعد الخروج و هو اشرف البقاع بین الباب و الحجر إلی المقام و یندب طواف الوداع سبعة أشواط کغیره و استلام الأرکان فی شوط سیما فی الطرفین و إتیان المستجار و الدعاء فی السابع أو بعد الفراغ منه أو من صلاة و یندب إتیان زمزم و الشرب من مائها و الدعاء خارجاً و الخروج من باب الحناطین و هی بإزاء الرکن الشامی و السجود عند الباب و استقبال القبلة و الدعاء و الصدقة بتمر یشتریه بدرهم و العزم علی العود و یندب النزول فی المعرس علی طریق المدینة مسجد یقرب مسجد الشجرة إذا مر به لیلًا أو نهاراً کل هذه الذی ذکرناه منصوص علیه فی الفتوی و مذکور فی النصوص فلا أشکال فی جمیعها بحمد الله.

القول فی الحصر و الصد

اشارة

و هما فی اللغة و عند جمهور العامة المنع بعدو أو مرض أو شبههما فهما بمعنی واحد و فی بعض کلام أهل اللغة و فی أخبارنا أن الصد المنع بالعدو و الحصر المنع بالمرض و کأنه حقیقة شرعیة فی عرف أئمتنا (علیهم السلام) أو عرف الشارع مطلقاً و الوارد فی الکتاب محتمل لإرادة المنع اللغوی فیراد به ما یشملها و محتمل لإرادة المعنی المعروف فی أخبارنا و هو المنع بالمرض و یکون المنع بالعدو خال من ذکره الکتاب و وقت بیانه السنة و محتمل لإرادة المنع من العدو بعکس ما علیه أخبارنا لما نقل من اتفاق المفسرین علی إرادة ذلک من الآیة و أنها نزلت فی حصر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی الحدیبیة و حصروا حصر هاهنا بمعنی واحد و أن اختلفنا فی جملة من کلام أهل اللغة.

و الأول: فی الصد

اشارة

و فیه أمور

أحدها: المصدود من منعه عدو

من بنی آدم أو غیره أو شبهه ذلک عن مناسک مکة أو عن الموقفین بحیث له طریق له سوی موضع الصدا و کان له طریق أخر لأنفقه له عنده لسلوکه و ذلک لأن المحرم یبقی علی إحرامه إلی أن یتم مناسکه التی یحل بها و یجب علیه الإتمام بعد الإحرام کتاباً و سنة إجماعاً کل ذلک من غیر أشکال و خلاف

ص: 189

فی المقام فإذا صد عن المناسک و أحتاج إلی محلل من الشارع لیرتفع عنه الحرج فجعل الشارع له الهدی محللًا عن کل شی ء حرمه الإحرام حتی النساء بأن یذبحه بمکانه بنیة التحلل إذ لا عمل إلا بالنیة و للاحتیاط و فتوی الأصحاب و الحکم بذلک هو المشهور فتوی و عملًا و دلت علیه الأخبار المتکثرة عن الأئمة الأطهار و نطق به الکتاب بمعونة فهم الأصحاب فیمن لم یوجب الهدی کإبن یرار من أوجبه و لکن أوجب إرساله فلا یحل عنده المصدود حتی یبلغ الهدی محله کالحلبی أو من فصل بین الإمکان و عدمه کابن الجنید لا یسمع قوله فی مقابلة الأخبار المعتبرة فی نفسها المعتضدة بفتوی الأخبار و ما استند إلیه ابن إدریس من اصله فهو مقطوع و ما استند إلیه من تخصیص الآیة بالحصر و هو المنع من المرض فهو بالأخبار و کلامهم مدفوع نعم قد یقال أن الأمر بذبح الهدی فی مکانه للرخصة لوقوعه بعد توهم الحضر و توهم أن الواجب الإرسال به کالمحصور و حینئذٍ فلو بعث به کان أولی من ذبحه بمکانه و لکن الأحوط خلافه و هل یتوقف الإحلال علی التقصیر کما فی الخبر أو عن الحلق کما عن النبی أو علی أحدهما لاستصحاب بقاء الإحرام بدونه و لاستصحاب لزومه أو لا یتوقف أخذ بالإطلاق کتاباً و سنة و فتوی وجوه أقواها الأخیر و أحوطها الوسط و هل التحلل بالهدی رخصة و تخفیف و ألا فیجوز له البقاء علی إحرامه إلی أن یتحقق الفوات فیتحلل بالعمرة کما هو شأن من فاته الحج و نسب الحکم بذلک للأصحاب و یجب علیه إکمال أفعال العمرة أن تمکن و ألا تحلل بالهدی و لو کان الإحرام لعمرة مفردة لم یتحقق کنذر تحلل بالهدی و یظهر من إطلاق النص و الفتوی جواز الإحلال بالصد مطلقاً و لو مع رجاء زوال العذر و لو ظناً فإن کان إجماعاً فمسلم و ألا فالأظهر و الأحوط دوران الأمر مدار الیاس من زواله قطعاً أو ظناً و لا أقل من إلحاق الشک بهما دون الظن بالزوال لعدم انصراف النص و الفتوی له فیلزم الاقتصار علی الیقین فیما خالف القواعد.

ثانیها: لو اشترط فی إحرامه أن یحله حیث حبسه

قوی القول بحصول الحل بدون الهدی بل بدون نیة التحلل لظهور فائدة الاشتراط فی ذلک و للإجماع المنقول علی ذلک و قیل لا فائدة له فی المصدود بل هو مجرد تعبد فی ذکر الألفاظ و قربه و له فی

ص: 190

المحصور فائدة و هی التحلل من دون أن یبلغ الهدی محله و قیل لا فائدة له فیهما سوی التعبد.

ثالثها: یتحقق الصد بالمنع عن مناسک مکة للعمرة و عنها أرکان الحج

و لا یتحقق بالمنع إلی العود إلی منی و رمی الجمار و المبیت بها للإجماع المنقول و فتوی الفحول بل یحکم بصحة حجه و یستنیب فی الرمی أن أمکن و ألا قضاه فی القابل و أن منع من مناسک من یوم النحر استناب و تم نسکه بمنی من غیر خلاف علی الأظهر فإن تعذرت الاستنابة احتمل البقاء علی الإحرام للاستصحاب و احتمل جواز التحلل لرفع العسر و الحرج و لصدق الصید فیناوله عموم دلیله و لأن الصد یفید التحلل عن الجمیع فعن البعض أولی و کذا الوجهان لو کان المنع عن مکة و منی و لو صد عن مکة خاصة بعد التحلل بمنی احتمل البقاء علی إحرامه بالنسبة إلی النساء و الطیب و الصید إلی أن یأتی ببقیة الأفعال اقتصاراً علی مورد الیقین من تحلل المصدود و احتمل تحلله لعموم الدلیل و لزوم العسر و الحرج سیما بعد خروج ذی الحجة و فی الممنوع عن السعی فقط بعد حصول الطواف فی عمرة التمتع أو الأفراد عن طواف النساء فی عمدة الأفراد إشکال من البقاء علی الإحرام للأصل و الشک فی المزیل و من جواز التحلل لعموم الدلیل و نفی العسر و الحرج و بالجملة فالأظهر جواز التحلل للمصدود عن إبعاض الحج و العمرة بالهدی لا بدونه و أن أمکن القول به و سقوط ما صد عنه فی عامة بعد التحلل و لا ما یقبل النیابة فإنه لا یجزی فیه حکم المصدود للفتوی و ظاهر النصوص و أما نفس الحج الواجب المستقر فی ذمته أو مستمر التمکنة من العود فلا یسقط بل یأتی به العام المقبل قولًا واحداً و یسقط المندوب بمنی عدم وجوب إعادته و أن بقی وصف المندوبیة علیه.

رابعها: لو ساق هدیاً فإن لم یشعره و یقلده جاز العدول عنه و التحلل به

و إن أشعره و قلده احتمل أجزأه عن هدی السیاق و التحلل معاً للشهرة المنقولة بل و الإجماع و للأصل و إطلاق الکتاب و السنة و خصوص بعض الأخبار الدالة علی أن القارن یحصر و قد أشترط قال یبعث بهدیه و خبر نحر الحسین (علیه السلام) ما ساقه من

ص: 191

البدنة حتی مرض بالسقیا و أحتمل عدمه لأصالة عدم التداخل و للرضوی الأمر بسوق هدی مع هدیه و للاحتیاط و لحمل الإطلاق علی غیر صورة التداخل لانصرافه إلیها لأصالة تعدد المأمور به بتعدد الأمر و لو وهن الإجماع المنقول بعدم صراحته فیه و کذا الخبرین بعدم صراحتهما یکون المذبوح قد وجب ذبحه بالسوق أو کونه هو المسوق علی أن مورد أحدهما الاشتراط و لعله له حکم أخر و مع ذلک فالأول أقوی لفتوی المشهور و الأخیر أحوط و التفصیل بین ما وجب بالإشعار أو التقلید فیجزی لتلبسه عنه الإحرام و بین ما أوجبه بغیره کنذر أو کفارة فلا یجزی لأصالة عدم التداخل أیضاً لا یخلو من قوة و احتیاط و أما الإحصار فهو المنع بالمرض و شبهه من کسر و جروح و قرح و فی إلحاق الرمد و نحوه إشکال و الحکم بتحلله بالهدی نطق به الکتاب و السنة و الإجماع

[الثانی فی الحصر]

اشارة

و هنا أمور.

أحدها: یلزم المحصور إذا أراد أن یحل أن یبعث هدیاً إلی منی

إن کان حاجّاً و مکة إن کان معتمراً و لا یحل حتی یبلغ الهدی محله وفاقاً للمشهور و علیه ظاهر الکتاب و نطقت به الأخبار و قیل بجواز النحر مکانه مطلقاً ما لم یکن ساق استناداً للصحیح الدال علی أن المحصور إذا لم یکن ساق ینسک و یرجع فیه أنه ضعیف عن معارضة دلیل المشهور و غیر صریح فی الذبح و محتمل ظاهر فتوی المشهور و قیل بالنحر مکانه إذا اضطر إلی التأخیر و فیه أن الاضطرار یسوغ تعجیل الذبح لأن فیه مخالفة القواعد من جهتین و المرسل المشعر بذلک ضعیف عن مقاومة ما تقدم و قیل بالتفصیل بین الواجب فیجب البعث و بین المندوب فلا یجب و به روایة مرسلة لا تقاوم ما قدمنا سنداً و دلالة و قیل بالتخییر بین البعث و عدمه للمروی بطریقتین عن الحسین (علیه السلام) فی أحدهما أنه خرج فمرض فلحقه علی (علیه السلام) فنحر له بدنه و حلق رأسه و رده إلی المدینة و فی أخر هو مکانه و حلق شعر رأسه و فیهما ضعف عن مقاومة ما ذکرنا مع احتمال عدم الإحرام منه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و یراد بالسقیا الذی نحر فیها هی البئر التی کان یستقی منها النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لا التی بینها و بین المدینة یومان.

ص: 192

ثانیها: إن لم یکن المحصور ساق هدیاً لزمه بعث هدی غیر مسوق

و إن ساق احتمل کونه کالمصدود فی الخلاف المتقدم کما هو ظاهر الأصحاب و نقل علیه الإجماع المرکب و احتمل جواز التحلیل بهدی السیاق مطلقاً لورود الأخبار بذلک فی المحصور من غیر تعرض فیها للمصدود و علی کل حال فتجنب المنذور المعین و ما کان لکفارة و شبهها هو الأولی و الأحوط.

ثالثها: إذا بعث المحصور هدیه ظل عند حضور وعده مع أصحابه فی النحر أو الذبح فی المکان المعین

کما دلت علیه الصحیحة و الموثقة و لا یجوز التحلل قبله و لکنه یتحلل من کل شی ء سوی النساء بالنص و الإجماع و لا یحللن له إلا إذا حج من قابل و طاف طواف النساء کما دلت علیه الأخبار فان لم یمکنه استناب لجواز النیابة فی الطواف لمن لم یتمکن و لرفع العسر و الحرج و القول بجواز الاستتابة حتی فی الاختیار ضعیف هذا فی الحج الواجب و أما المندوب فالمشهور و ربما نقل علیه الإجماع و دل علیه نفی العسر و الحرج جواز الاستتابة لعدم وجوب العود فی المندوب و البقاء علی الإحرام ضرر عظیم و قیل بعدم وجوبه أصلًا لا إِصالة و لا استنابة للأصل و انصراف المنع للواجب و ربما یقال ببقاء الإحرام للاستصحاب و لو کان الإحصار فی عمرة التمتع احتمل سقوط التحلل بالطواف بل یحل بمجرد بعث الهدی لعدم مشروعیة طواف النساء و کل شی ء للمحرم الذی انکسرت ساقه و الأظهر لزوم الطواف فیها أیضاً لإطلاق الأخبار بتوقف حل النساء علی الطواف و للاستصحاب أیضاً و المتیقن التحلیل به هو الطواف دون غیره و الروایة متروکة لا عامل بها علی ظاهرها فلتحمل علی التقیة أو علی ما إذا استناب و التعلیل بعدم طواف النساء فی العمرة علیل لمنع منعه هنا و لمنع کون هذا الطواف طواف النساء فلعله طواف أخر مشروع للتحلیل قضی به إطلاق الأدلة و فی الصحیح الأمر بالطواف و بعده السعی و هو أحوط.

رابعها: إذا بعث المحصور هدیه أو ثمن یشتری به فیذبحه أو ینحر فی المیعاد المخصوص

الذی دلت علیه القرائن اللفظیة أو الحالیة فحضر وقت الوعد فإن علم أنه لم یذبح أو لم ینحر لعارض من عدم وصولهم أو من ذهاب الوعد أو من الخلف فی

ص: 193

قولهم بقی علی إحرامه إلی أن یتحلل بعمرة مفردة أو یحج من قابل أو یستنیب فی السبب المحلل و أن لم یعلم فأحل وقت الوعد فتبین له بعد الإحلال عدم الذبح أو النحر کما قدمنا بنی علی إحلاله و لزمه أن یبعث هدیاً أخر من قابل الأخبار و فتوی الأصحاب و هل یجب علیه عند البعث اجتناب ما یجتنبه المحرم إلی یوم الوعد لفتوی المشهور نقلًا و ظاهر الأمر به فی الأخبار و سیما النساء للنص علیهن فی الخبر أو لا یجب للأصل و لعدم کونه محرماً و عدم کونه فی الحرم فلا یجب و لحمل الأخبار علی الندب و فیه أن الأصل مقطوع بالحجة و منع عدم کونه محرماً بل هو محرم خفف الشارع عنه زمن الجهل و العلم قبل البعث و بقی الباقی و بالجملة فالشرط فی کل کتاباً و سنة بلوغ الهدی محله فإذا لم یبلغ لم یحل و نفی الضرر عنه قولهم و لا شی ء علیه فی الأخبار لا ینافی بقاء الإحرام الواقعی بل قد یقال بلزوم الاجتناب من حین العلم و الکشاف عدم بلوغ الهدی محله لاستصحاب حکم الإحرام خرج منه حال الجهل للاتفاق علی استثنائه فتوی و روایة فیبقی الباقی و لکن ظاهر الأخبار و فتوی الأخیار هو لزوم الاجتناب حین البعث لا حین العلم و فی الموثق فلیمسک الآن عن النساء إذا بعث.

خامسها: إذا بعث الحاج أو المعتمر محصوراً أو مصدوداً هدیه فزال عنه العارض

التحق بأصحابه فی العمرة مطلقاً و فی الحج أن لم یفت لزوال العذر و انحصار جهة الإحلال حینئذٍ بالمناسک و للإجماع المنقول و الأخبار المعتبرة کالصحیح إذا أحصر بعث بهدیه فإذا أفاق و وجد بنفسه خفة فلیمض أن ظن أنه یدرک الناس فإن قدم مکة قبل أن ینحر الهدی فلیقم علی إحرامه حتی یفرغ من جمیع المناسک و ینحر هدیه و لا شی ء علیه و أن قدم مکة و قد نحر هدیه فإن علیه الحج من قابل أو العمرة قلت فإن مات و هو محرم قبل أن ینتهی إلی مکة قال یحج عنه أن کان حجة إسلام و یعتمر إنما هو شی ء علیه و نحوه غیره فی المصدود حیث التحق ثمّ أن الحاج أن أدرک أحد الموقفین اختیاراً أو علی وجه یجزی کما تقدم صح حجه و أن لم یدرک کذلک تحلل بعمرة مفردة و یقضی الحج أن کان واجباً و کذلک العمرة و یقضیها ندباً أن کان مندوبین و الظاهر أن الحکم کذلک من غیر فرق بین تبین وقوع الذبح عنه و عدمه مع احتمال التحلیل بالذبح عند

ص: 194

تبینه و سقوط التحلل بالعمرة کما احتمله الشهیدان لمعارضته ما دل علی لزوم التحلل بالعمرة لمن فاته الحج بما دل علی حصول التحلل بالهدی إذا أوصله محله کتاباً و سنة فلا یبعد تحکیمه فی ذلک الأدلة و لکنه احتمال ضعیف لمخالفته للاستصحاب و الاحتیاط و لانصراف أدلته بحکم التبادر لغیر من زال عنه العارض فلحق و لما وجد فی بعض النسخ الصحیح المتقدم بدل و العمرة و هو منطبق علی القول المشهور و المعتمر یقضی عمرته عند زوال المانع و لو فی الشهر الذی أعتمر فیه علی الأظهر و لا یشترط هنا تخلل شهری الاحرامین للأصل و اختصاص ما دل علی لزوم الفصل بشهر عمن کان سبقت له عمرة تامة و نسب للأکثر اشتراط ذلک و أن المسألة من باب واحد و هو الأوفق بالاحتیاط و لا بأس به.

سادسها: إذا تحلل القارن أو غیره قضی فی القابل ما وجب علیه بعینه إن تعین علیه فرداً من أفراد الحج

و إن کان مضطراً لفرد أو کان مندوباً تخیر فی القضاء و لا یتعین علیه النوع الذی تحلل منه فلو قرن فی الواجب للضرورة أو للندب لم یجب علیه فی القابل القران و کذا غیره کل ذلک لعموم الأدلة و الاستصحاب و أفتی به جملة من الأصحاب و قیل و نسب للأکثر و المشهور أن القارن لو تحلل لزمه الحج قراناً و لا یجوز غیره و ربما یظهر من بعضهم تسریة الحکم لغیر القران أیضاً و القول بذلک فی خصوص القران هو الأقوی لورود الصحیح فی القارن بأنه یدخل فی مثلما خرج منه و کذا غیره و حمل ما ورد علی الندب من دون معارض أقوی أو صارف بصرف عنه مشکل جداً و أما فی غیر القارن فلا دلیل علیه فتبقی أدلة التخییر فیه سلیمة عن المعارض نعم هو أحوط.

سابعها: المحصور لو اضطر إلی حلق رأسه قبل بلوغ الهدی إلی محله

جاز و علیه الفداء ذبح شاة أو صیام ثلاثة أیام أو صدقة للنص و الفتوی.

ثامنها: لو عجز المحصور أو المصدود عن الهدی و ثمنه

بقی علی إحرامه إلی أن یتحقق الفوات فیتحلل العمرة أن أمکن و ألا بقی علی إحرامه إلی أن یجد هدیاً أو یقدر علی العمرة هذا ظاهر الفتوی و فی النصوص الصحیحة ما یدل علی الأمر بالصوم إذا

ص: 195

لم یجد هدیاً و الأخذ بها لو لا مخالفة الأصحاب متعین و مع ذلک فهی خاصة فی المحصور و تعدیتها للمصدود قیاس و ظاهر ابن الجنید جواز التحلل بمجرد النیة و هو ضعیف.

تاسعها: لا یلحق بالمصدود و لا المحصور من حبس علی أداء دین قادر علی وفائه

و هل یلحق بالمصدود المحبوس علی دین لا یقدر علی وفائه أو المحبوس ظلماً أو المحبوس علی مال لیس للحابس أخذه شرعاً أو غیر ذلک مما شابه ذلک و یلحق بالمحصور ما شابهه من المکسور و المجروح و غیرهما وجهان و وجه اللحوق بتنقیح المناط و أشعار بعض الأخبار کقوله (علیه السلام) المحصور و المضطر مخیران بنیتهما فی المکان الذی یضطران فیه و روایة المفضل فیمن حبسه السلطان یوم عرفة قال هذا مصدود عن الحج و غیر ذلک و یؤیده عمومات نفی الحرج و العسر و وجه العدم الاقتصار علی مورد النصوص و الفتاوی و جلها و المعتبر منها خاص فی منع العدو و الظاهر فی غیر ما ذکرناه و فی غیر منع فوات النفقة أو عارض أخر غیر العدو مما یسوغ عدم إتمام المناسک و الأول أظهر و الظاهر عدم الفرق فی المحبوس ظلماً بین قدرته علی فک نفسه بالمال و بین عدمه و بین کون المال مما یجحف بالحال و بین عدمه و بین کون حبسه ظلماً من جهة الحج و بین عدمه إلا أن الاحتیاط مع القدرة علی الدفع سیما مع عدم الإجحاف و سیما مع عدم کون الحبس من جهة الحج مطلوب.

عاشرها: لو اندفع المرض بالدواء و العدو بالقتال المضنون معه السلامة

فإن کانا یسیرین من غیر مشقة فلا یبعد عدم جواز التحلل بل یلزم علیه الدواء و القتال و إن کان فیهما مشقة و طول و بذل بما یضر بالحال سقط الدواء و القتال.

حادی عشرها: من لم یتمکن من الحج لصد أو حصر فعرض له ما یمنع التحلل بالهدی و لو نسیاناً أو تعمد ذلک

فلم یتحلل بالهدی حتی فات الحج بعمرة فإن أعتمر فصد عن دخول مکة تحلل عن العمرة بالهدی و یجوز الصبر إلی أن یفوت الوقت حتی لو سار إلی بلده قبل أن یتحلل و تعذر العود فی عامه لخوف الطریق فهو مصدود فله التحلل بالذبح و التقصیر فی بلده.

ص: 196

ثانی عشرها: لو أجتمع الصد و الحصر تخیر بین تحلیلهما

و الأحوط تشخیص نیة ما تحلل له عند فعل أحد المحللین مع احتمال لزوم التحلل عمن تقدم سببه و مع الإتیان بمحلله کما إذا عرض الصد بعد بعث الهدی أو الحصر بعد ذبحه و قیل بالتقصیر و هو أحوط.

ثالث عشرها: لو أفسد حجه فصد أو حصر

جاز له التحلل بل هو أولی من التحلل من الصحیح وجب علیه بدنه الإفساد و دم التحلل و الحج من قابل من غیر خلاف للنص و الفتوی فإن کانت الحجة الممنوع عنها حجة إسلام قد استقر وجوبها أو استمر إلی القابل و قلنا فیمن وجب علیه الحج ثانیاً للإفساد أن الأولی هی حجة الإسلام و الثانیة عقوبة ألتزم بحجتین لوجوبهما علیه و لم یأت بشی ء منهما و أن قلنا أن الأولی عقوبة و الثانیة حجة احتمل سقوط الأولی للأصل و لأن العقوبة إنما وجبت لإتمام الفاسد و احتمل بقاؤها للاحتیاط و الاستصحاب و حینئذٍ فیجب تأخیرها عن حجة الإسلام لتقدم وجوبها للإجماع المنقول و الاحتمال الأول أظهر و الثانی أحوط و لبعض المتأخرین کالأردبیلی مناقشة فی الصورة الأولی و لکنها لمعارضتها القواعد و فتوی الأصحاب غیر مسموعة و إذا تحلل المصدود قبل الفوات بعد إفساد حجه و قد انکشف العدو أو کذا أن کانت و الوقت باق وجب الحج أصالة الأولی حجة الإسلام مع احتمال المرتین کما یظهر مما تقدم و علی فرض کون الأولی هی العقوبة و قد سقطت فقام مقامها حج الإسلام الذی کانت مترتبة التأخیر قیل أنه حج یقضی لسنته کما عبر بذلک جمع من أصحابنا و أن قیل غیر ذلک فیه و أما لو یتحلل بالکلیة بل کان صابراً إلی أن ینکشف العدو فإن انکشف و الوقت متع للحج وجب المضی فی الحج الفاسد و قضاه فی القابل واجباً کان الحج أو مندوباً و لو کان مندوب و وجوب قضاء الفاسد عقوبة و أن لم یکن الوقت متسعاً و قد فاته تحلل بعمرة مفردة و قضی من قابل واجباً کان الحج أو مندوباً و علی کلا التقدیرین فلیس علیه دم للتحلل نعم علیه بدنه للإفساد و لو فاته و کان العدو باقیاً یمنعه عن العمرة فله التحلل من غیر أن یعدل إلیها لعدم

ص: 197

العمرة و لو عدل إلیها کان له التحلل منها و علیه التحلل و بدنه الإفساد و قضاء واحد و هو ما عدل منه لا ما عدل إلیه.

فائدة ورد فی عدة طرق و فیها الصحیح أن من بعث هدیاً من أفق من الآفاق تطوعاً یواعد أصحابه وقت ذبحه أو نحره فیجتنب ما یجتنبه المحرم و لا یلبی فإذا حضر وقت الوعد أحل و لا شی ء علیه أن ظهر خلاف فی الوعد و لیس فی شی ء منها البعث إلی مکة أو منها فتعمها و أفتی بذلک جملة من أصحابنا و ذکر منهم جملة أنه لو فعل ما یحرم علی المحرم وجبت علیه الکفارة للصحیح فیمن بعث بدنه و أمر المبعوث معه أن یشعرها و یقلدها فی یوم کذا فاضطر إلی لبس الثیاب قال فلیلبس الثیاب و لینحر بقرة یوم النحر عن لبس ثیابه و أنکر الحکم من اصله ابن إدریس و حکم بأنها عبادة لم تثبت و انکر المتاخرون علی إنکاره لها عبادة وردت بها الأخبار و نطقت بها فتاوی الأخیار و شهد به التسامح فی ادلة السنن و الحق فی المقام أن فی الروایات ما یمکن إِثبات الحکم به بمعونة فهم الأصحاب و أن کان فی نفسه محتملًا لمشروعیة عبادة مستقلة و لبیان حکم من أحکام الصد و الحصر إلا أنه فی الأول أظهر و أما إثبات هذه العبادة للتسامح بأدلة السنن فما لا یصغی إلیه لأنه إنما یسلم فیما شرع اصله من العبادات و شک فی خصوصیة و لا یسلم لإثبات عبادة جدیدة مخترعة ثمّ مع إثبات تلک العبادة بهذه الروایات فالأظهر فیها لزوم اجتناب ما یجتنبه المحرم ما دام بانیاً علیها لما ورد من فعل علی (علیه السلام) فیلزم الاقتصار فی کیفیة العبادة واجبة أو مندوبة علی ما تیقن من القول و الفعل و هل یجوز فسخها لا یبعد عدمه للاحتیاط و النهی عن أبطال العمل و هل یجب التکفیر إذا لم یجتنب ما یحرم علی المحرم وجهان من أشعار الخبر المتقدم بذلک فی الجملة و من عدم تصریحه بما یراد منه و غایة ما ینافیه ترتب بقره علی خصوص الثیاب و البقرة لا یقولون بها و لعل للثیاب نعم استحباب التکفیر تغضیاً عن شبهة الخلاف و تسامحاً بأدلة السنن بعد ثبوت أصل تلک العبادة لا بأس.

ص: 198

القول فی طوارئ الإحرام:

اشارة

و هی عدة أمور

أحدها: القول فی الاستمتاع بالنساء و ما فی حکمها

اشارة

و فیه أمور

أحدها: من جامع امرأته مع الإنزال أو بدونه و لو المتمتع بها

لإطلاق الفتوی و النصوص و قد أدخل الحشفة لانصراف أدلة الجماع و الوقاع إلیه و أصالة البراءة من دونه أو قدرها من مقطوعها لظاهر الاتفاق أو من غیر مقطوعها علی أشکال من دون حاجب أو مع حاجب ضعیف لإطلاق النص و مع الکثیف أشکال فی قبل المرأة و دبرها لإطلاق أدلة الجماع و الوقاع و نحوها الصادقة علی الدبر و القبل و لفتوی المشهور و دعوی انصرافها للقبل بعد فتوی المشهور و عملهم لا وجه لها و الموثق فیمن وقع علی أهله دون الفرج قال علیه بدنه و لیس علیه الحج من قابل غیر صالح لتقیید الإطلاق المعتضد بفتوی الأصحاب لو سلمنا اختصاص الفرج بالقبل وضعاً أو ظهوراً و لو منعنا ذلک لارتفع التعارض من أصله فسد حجه فرضاً کان أو نقلًا و وجبت علیه بدنه و الحج من قابل للإجماع و النصوص.

ثانیها: یشترط فی الحکم بالفساد أن یکون عالماً بالإحرام و عالماً بحکم من تحریم الجماع و ذاکر لهما و عامداً للجماع

و لا یشترط علمه بالفساد و تذکره له علی الظاهر بل لا أظن أحد مفت بخلافه و غایة مفاد الإجماع المنقول و الأخبار بسقوطه عن الناسی و المکره و الجاهل و کلها لا تشمل جاهل الفساد بل ظاهرها تعلقها بالتحریم دونه.

ثالثها: لا یبعد شمول الحکم

للأمر لإطلاق الأهل و الامرأة و للأجنبیة شبهة أو زنا للغلام لأنهما أفحش فهما بالإفساد و العقوبة أولی و الاحتیاط یقضی بذلک و أن کان لا یخلو عن مناقشة.

رابعها: الأقوی تعلق الحکم بما إذا وقع الجماع قبل الوقوف بالمشعر وقف بعرفة أم لا

لإطلاق الأخبار و تخصیص جملة منها علی ما دون المزدلفة و للإجماع المنقول و فتوی الفحول و قیل یعتبر تقدمه علی الوقوف بعرفة لما روی أن الحج عرفه و أن من

ص: 199

وقف عرفه فقد تم حجه و هو ضعیف عن معارضة المتقدم مضافاً فالاحتمال الأول أعظم الأرکان و الثانی أنه یکفی فی إدراکه أو أنه یقارب التمام.

خامسها: من استمنی بیده من غیر جماع فعلیه بدنه خاصة

للأصل النافی لغیرها للأخبار النافیة للقضاء عمن جامع دون الفرج و للإجماع المنقول و یدل علی بدنه فحاوی الأخبار و کلام الأخبار فلا کلام فی ثبوت البدنة إنما الکلام فی أن حکم الاستنماء حکم الإجماع فی الإفساد أیضاً کما دلت علیه بعض الأخبار و أفتی به الشیخ (رحمه الله) بل و نسب للأکثر و الاحتیاط یقضی به أو لیس فی حکمه لما قدمناه من قوة الدلیل الدال علی نفی الإفساد فیخص به الدلیل الدال علی عموم الحکم بالمشابهة و یرجح علیه ما دل علیه بالخصوص کما فی الأخبار أو بطول نظر أو بتذکر النساء مع احتمال اختصاص الخلاف بالعبث بذکره کما فی روایة الشیخ و أن یکون بیده کما أفتی به بعض.

سادسها: من وطأ زوجته مکرهاً لها یفسد حجها

و لم یلزمها شی ء للأصل و العمومات و خصوص الروایات نعم یلزمه بدنه أخری فوق بدنته و هل ینویا عنها لظاهر الأمر بها إنهائها أو عنه لا کراهة لها وجهان عدم التعرض فی النیة لجهة الخصوصیة أولی و لو أکرهته فالحکم بالنسبة إلیه کذلک و لو وطأها مطاوعة لزمها أیضاً للاحتیاط ما لزمه و لبس علیه شی ء من سببهما و علیهما مع مطاوعتها قطعاً کما فی الأخبار ظاهراً بل نص و مع إکراهها الظاهر أن ذلک تأدیب للزوج للمختار منهما مطلقاً لافتراق بمعنی عدم جواز اختلافهما بأنفسهما بل لا بد من ثالث یجعلانه هما أو یجعله الحاکم أو عدول المسلمین معهما لا یفارقهما کی یکون رادعاً لهما فما لم یکن رادعاً لغیر الممیز أو من لا یحتشم شرعاً و عرفاً کالأمة لا عبرة به و تفسیر الافتراق بما ذکرنا دلت علیه الأخبار و کلام الأخیار و هل الافتراق علی سبیل الوجوب کما هو الأوامر المعبر عنها بالجملة الاسمیة و الفعلیة و ظاهر فتوی المشهور نقلًا و نقل علیه الإجماع أم الندب للأصل و ظهور کون الأمر من الآداب فی أمثال هذه المقامات و الوجه الأول و الظاهر أن وجوبه بالأداء بأحدهما و فی بعض الروایات ما جمعت بین

ص: 200

القضاء و الأداء فی لزوم التفریق و الظاهر أنه المشهور و ربما نقل علیه الإجماع و هو الأظهر و الأحوط هذا أن یسلکا فی القضاء طریق سلکاها فی الأداء و ألا فلا افتراق و لا یجب علیهما شی ء و لا الحکم معلل بأنهما إذا وصلا موضع الجماع تذکراه فربما دعاهما التذکر و هل غایة الافتراق حتی یبلغ الهدی محله کما فی خبر معاویة بن عمار و حتی یقضی المناسک و یعود إلی موضع الخطیئة کما یشعر به خبر ابن حمزة أو حتی ینفر الناس و یرجع إلی موضع الخطبة کما فی جملة من الأخبار أیضاً و حتی ینتهی إلی مکة فی الحجة الأولی أو إلی أن یقضیا المناسک فی الثانیة کما قد تشعر روایة علی بن حمزة و حتی یقضی المناسک فی الأولی و یصل إلی مکان الخطیئة فی الثانیة کما قد یستخرج من الأخبار أو حتی یقضیا المناسک فی الأولی و یبلغ الهدی محله فی الثانیة کما قد یحصل من جمع بعض الأخبار مع بعض و الظاهر أن جمیع ما قدمنا جائز و التفاوت محمول علی مراتب الاستحباب فالمطلوب بالذات بلوغ الهدی محله و افضل منه قضاء جمیع المناسک و افضل منه الرجوع إلی موضع الخطیئة أن مر به فلو لم یمر به کما إذا کانت الخطیئة فی طریق عرفه و کان طریق بلاده علی سمت أخر سقط حینئذٍ به حکم الرجوع إلی محل الخطیئة و یجری حکم الافتراق للأمر و هل یجری للأجنبیة و الغلام وجهان من الأصل و من دعوی الأولویة.

سابعها: لو فسد حجه و لزمه الإتمام و الإعادة فهل الأولی فرضه و الثانیة عقوبة

کما فی الصحیح قلت فأی الحجتین لهما قال الأولی التی أحدثا فیها مات حدث و الأخری علیهما عقوبة و یؤیده استصحاب الصحة و أنه لو کان الغرض هو الثانیة لا تشترط فیها ما یشترط فی أداء حج الإسلام الواجب و لیس فلیس أو الأولی عقوبة و الثانیة فرصة للصحیح المشتهر بفتوی و عملًا بل ربما نقل الإجماع علی مضمونه من أن الرفث فساد لحجه و لا معنی للفساد إلا ما لم یبرأ للذمة و یترتب علیه القضاء و حمله علی النقصان مجاز لا یصار إلیه علی أن الصحیح الأول مقطوع مضمر لم تثبت نسبته للإمام (علیه السلام) و جریان استصحاب الصحة فی مثل ما یتجدد من الأعمال محل نظر و الملازمة الأخیرة ممنوعة لاستقرار الحج فی ذمته مفسدة و تفریط فی الإفساد

ص: 201

فالأخیر حینئذٍ أقوی و تظهر فائدة الخلاف فی النیة و فی الأجیر للحج فی السنة و الناذر له و المصدود بعد الإفساد و غیر ذلک ثمّ أن القضاء علی الفور أما لو کانت الثانیة هی الفرض و کانت حجة إسلام فلا کلام و لو کانت غیرها فالظاهر أنه کذلک لظاهر فتوی الأصحاب و منقول الإجماع و قولهم (علیهم السلام) و علیه الحج من قابل و الظاهر إرادة خصوص السنة الأولی من القابل کما هو المفهوم عرفاً و لو أفسد قضاء الفاسد فی العام القابل لزمه ما لزمه فی العام الأول و هکذا لعموم الدلیل فإذا أتی فی السنة الثانیة بحجة صحیحة کفاه عن الفاسد ابتداء و قضاء و لا یجب علیه قضاء أخر و أن فسد عشر حجج لأن علیه حجّاً واحداً صحیحاً و لو جامع فی الفاسد لزمه بدنه أخری کان التکرار فی مجلس أو مجالس کفر ما بینهما أم لم یکفر لعموم الدلیل و أصالة تعدد المأمور به بتعدد الأمر نعم لو کان التکرار لا ینافی الوحدة عرفاً کالإکثار من الإدخال و الإخراج فی جماع واحد لم یفصل بینهما فاصل یعد به اثنین لم یترتب علیه إلا بدنه واحدة و یکون حکمه کحکم الإیلاج و ألا تزال دفعه و احتمال الفرق بین توسط التکفیر و عدمه و بین وحدة المجلس و عدمه و بین الإفساد و عدمه لأن الجماع بعد الإفساد لا تأثیر له بخلاف ما لم یفسد کالاستمتاع بما دون الفرج کله ضعیف مخالف لظاهر الأوامر و الإفساد بمعنی عدم أجزاء الحج لا ینافی ترتب الکفارة علی الإحرام و بقائه محرماً إلی الجماع الثانی و لو أفسد التطوع ثمّ احضر فیه لزمته بدنه الإفساد و دم الاحصار لوجود موجبهما و یکفیه قضاء واحد فی السنة أو القابل قلنا فی إفساد حجة الإسلام أنها الأولی أو الثانیة علی الأظهر و ذلک لأن حج التطوع لم یجب من أصله بل لأنه إذا أحرم لم یحل إلا بالتحلیل بعد قضاء المناسک أو بالإحصار و قد تحلل فی الإحصار بالهدی فخرج عن العهدة فلا تجب علیه إلا واحدة عفویة فی تلک السنة أو القابل مع احتمال أنه لما أحرم وجب علیه الإتیان بحج صحیح و لم یأت فیه فیکون حکمه کحکم حج الإسلام و فیه أن الاحصار کشف عن أنه لم یکن علیه الإتیان بها فضلًا عن أنها صحیح.

ثامنها: إذا جامع المحل أمته المحرمة بإذنه إذ لا إحرام إلا بإذنه و کان عالماً عامداً

فعلیه بدنه أو بقرة أو شاة مخیراً بینهما فإن أعسر عن ذلک فشاة أو صیام دل علی ذلک

ص: 202

النص و الفتوی و المراد بالصیام ثلاثة أیام کما هو المنساق عند بدلیته للشاة فی بعض الأخبار صیام أو صدقة و الظاهر أن الصدقة مرتبة بعد الصیام للاحتیاط و الأحوط أن یکون بدل کل یوم مدان و هل الحکم مختص بالإکراه و أن کانت الروایة مطلقة اقتصاراً فیها علی مورد الیقین و جمعاً بین ما دل علی الحکم المتقدم و بین الصحیح النافی للشی ء علیه أو یعمه المطاوعة أخذ بإطلاقها مع عدم وضوح المقید بها وجهان أقواهما الثانی إلا أنها مع المطاوعة یجب علیها الحج من قابل وصوم ستین یوماً أو ثمانیة عشر أن قلنا بثبوت البدل لهذه البدنة و ألا وجبت البدنة مع المکنة بالعتق و الیسار و بالجملة فالحکم یتعلق بالرجل ما دامت الأمة محرمة و بها علی نحو الجماع فی الإحرام من الإکراه و عدم کونه قبل المشعر أو بعده من الأحکام المتعلقة بتلک الأمور و لو جامع المحل زوجته المحرمة فإن کانت مطاوعة فلا شی ء علیه و جرت علیها أحکام الجماع و أن کانت مکرهة فعلیه بدنه علی الأظهر الأحوط لثبوتها علیه حال الإحرام و لا یؤثر إلا وجوبها علیه عن نفسه أیضاً و لو أکره غلامه أو طاوعاه و کانا محرمین و هو محل أو محرم ففی لحوق أحکام الأمر للغلام المملوک أو لحوق الزوج لهما محل نظر من الأصل و عدم النص و من شبهه تنقیح المناط بل الأولویة و الأخیر أحوط.

تاسعها: لو جامع المحرم بعد الوقوفین لم یفسد حجه

للنص و الفتوی و لکن أن جامع بعد طواف الزیارة قبل طواف النساء کلًا أو قبل مجاوزة النصف أو قبل تمام خمس علی وجه أخر لزمته بدنه مع العمد و لا شی ء علیه مع الجهل و الغفلة نصاً و فتوی و لو أتم خمساً فلا شی ء علیه لخبر ابن حمران فیمن طاف خمساً فغشی جاریته قال یغتسل ثمّ یرجع فیطوف بالبیت تمام ما بقی علیه من طوافه ثمّ یستغفر ربه و لا یعود و لا دلیل فیه صریحاً إلا أن فتوی المشهور یجبر الدلالة کما تجبر السند و لو تجاوز النصف قیل لا شی ء علیه إذا تجاوزه لأن المجاوزة کالإتمام فی الصحة و کخبر أبی بصیر إذا زاد علی النصف و خرج ناسیاً أمر من یطوف عنه و له أن یقرب النساء إذا زاد علی النصف و فیه مع عدم الصراحة لاحتمال إرادة الخمس من الزیادة و احتمال أن له القرب للنساء بعد الطواف عنه لا یعارض ما دل علی لزوم البدنة لمن لم یطف طواف

ص: 203

النساء الشامل حتی لمن طاف خمساً لو لا ظاهر الروایة و فتوی المشهور بل الإجماع المنقول فالأحوط لزوم البدنة مطلقاً و لو جامع بعد الوقوفین قبل طواف الزیادة فلا أشکال فی صحة الحج و تلزمه البدنة مع العمد و العلم و الیسار للفتوی و الأخبار سواء طاف منه قلیلًا أو کثیراً تجاوز النصف أم لا و مع عدم الیسار فبقرة أو شاة کما فی کلام جمع أو بقرة فإن عجز فشاة کما فی کلام آخرین و هو الأظهر و هو الأحوط و لیس فی الأخبار ما یکون حجة ظاهرة علی الترتیب و روایة خالد بیاع القلانس و غیرها مما یوهم ذلک لها مورد أخر إلا أنه من مجموع النظر فی الأخبار فی المقامات المتفرقة یمکن استخراج الترتیب المذکور و لو جامع فی إحرام العمرة المفردة قبل السعی فعلیه بدنه و علیه إعادة العمرة للأخبار الدالة علی ذلک فی العمرة المفردة قبل الطواف و السعی و قبل السعی و لیس فی الأخبار لزوم الإتمام و لا وجوب التفریق و لکن الأحوط کما أفتی به بعضهم ذلک لشبهة تنقیح المناط بالتفریق و شبهة عدم جواز إنشاء إحرام أخر قبل إتمام الأول کما أن الأظهر فی الأخبار و الأحوط تعین القضاء فی الشهر الداخل و لزوم الصبر إلیه و لو قلنا فی غیر المقام بجواز توالی العمرتین و الاکتفاء بالفرق بینهما بعشر و هل یلحق العمرة المتمتع بها فی حکم العمرة المفردة فی الفساد و نحوه استشکله فی القواعد قبل التساوی فی الأرکان و حرمتهن قبل أدائها و إنما الاختلاف باستمتاع الحج و وجوب طواف النساء و عدمها من الأصل و الخروج عن النصوص و لزوم أحد الأمرین إذا لم یسع الوقت إنشاء عمرة أخری قبل الحج أما تأخیر الحج إلی قابل أو الإتیان به مع فساد عمرته و هو یستلزم أما فساده مع الإتیان بجمیع أفعاله و التجنب فیه عن المفسد أو انتقاله إلی الأفراد و مع انتقاله یسقط الهدی و تنتقل العمرة مفردة و یجب لها طواف النساء و فی جمیع ذلک إشکال و یظهر من بعضهم أنه لا إشکال فی فساد العمرة المتمتع بها و إنما الإشکال فی فساد الحج بفسادها من ارتباطه بها و عدمه من انفراده بإحرام آخر و الأصل صحته و البراءة عن القضاء.

عاشرها: یقوی القول بلزوم البدل فی بدنه الإفساد فی حج أو عمرة

لقول الشیخ (رحمه الله) فی الخلاف من وجب علیه دم فی إفساد الحج فعلیه بقرة فإن لم یجد فسبع شیاه

ص: 204

علی الترتیب فإن لم یجد فقیمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاماً یتصدق فإن لم یجد صام عن کل مد یوماً و ذکر أن دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم و طریقة الاحتیاط فی الأخبار و ما یشعر بالتصدق بالإطعام و فیها ما یشعر بوحدة الشاة و فی کلام الأصحاب أیضاً ما یخالف کلام الشیخ إلا أن الأحوط و الأظهر هو ما ذکره الشیخ (رحمه الله).

حادی عشرها: لو نظر إلی غیر أهله فأمنی بشهوة أو دونها

قاصداً الأمناء أو لا معتاداً للأمناء أو لا نظر إلی ما یحل النظر إلیه علی الأظهر فعلیه بدنه أن کان موسراً أو بقرة أن کان متوسطاً و شاة أن کان معسراً لإطلاق خبر أبی بصیر المنجبر بفتوی الأکثر و لصحیح زرارة الأمر بجزور أو بقرة فإن لم یجد فشاة المحمول علی ذلک جمعاً و فی بعض الفتاوی أن من عجز عن الشاة صام ثلاثة أیام و لا بأس به و لو نظر إلی أهله فأمنی فلا شی ء علیه إلا أن یکون بشهوة أو معتاد الأمناء أو قاصده لدلالة الأخبار فی الأول و دخوله تحت الاستمناء فی الثانی و لو مس أهله من غیر شهوة و لم یکن معتاد الأمناء فلا شی ء علیه و أن أمنی و أن مسها بشهوة کان علیه شاة أمنی أم لم یمن للنصوص و الفتاوی الدالة علی ذلک و إطلاق الدم فیها محمول علی الشاة لأنه المتبادر أو المتیقن و فی بعض الأخبار نص علیه و حمله بعضهم علی البدنة لأن اللمس أقوی من النظر و فیه بدنه و هو أحوط و أحوط منه الجمع و لو قبل أهله من غیر شهوة فجزور کما تدل علیه الأخبار و التقبیل و أن کان مطلقاً فی بعض و مقیداً بالإنزال فی أخر إلا أن المفهوم من مجموعها ذلک لو مس غیر امرأته من غیر شهوة فلا یبعد أن علیه شاة و لو أمنی فبدنه و لو کان شهوة فکذلک کل ذلک لفحوی ما تقدم و لو أمنی عن ملاعبة فجزور أن کان معتاد الأمناء أو کان بشهوة و أن کان بغیرها فالأقوی ذلک أخذ بإطلاق صحیح عبد الرحمن و لکنه ظاهر فی الشهوة أو الاعتیاد نظراً إلی من یجامع أو استمع إلیه أو استمع لکلام الامرأة أو وضعها أو نظر إلی نزو بهیمة فأمنی و لم یکن معتاد فلا شی ء علیه و أن کان معتاداً فالظاهر أن علیه بدنه و لو قصد ذلک فالأحوط له ذلک و لو عقد المحرم عالماً عامداً لمثله علی امرأة مثلهما أو لا فدخل بها فعلی کل منهما بدنه أن دخل بها فی الإحرام لظاهر الاتفاق و فحوی بعض الروایات و الأحوط إلحاق الجاهل

ص: 205

بالعالم أیضاً کما أطلقه الأکثر و کذا إلحاق الداخل فی الإحلال بالداخل فی الإحرام علی الأظهر و الأحوط ثبوت البدنة علی العاقد و لو کان محلًا و علی الزوجة أن کانت محلة أیضاً کل ذلک مع العلم أخذ بروایة سماعة.

ثانیها: القول فی جملة من کفارات المحضورات

اشارة

و فیه أمور

أحدها: من لبس المخیط جاهلًا أو ناسیاً

فلا شی ء علیه و کذا کل ما لبس المحرم مما یحرم لبسه أو أکل مما یحرم أکله أو فعل مما یحرم فعله فإنه لیس علی الناسی و الجاهل شی ء ما عدا الصید کما سیأتی إن شاء الله تعالی و یثبت علی العامد و لو مضطراً فی لبس المخیط دم شاة و لو کان المخیط سراویل لعموم النص و الفتوی خلافاً للشیخ فنفی ذلک فی لبس السراویل للأصل و لخلو الأخبار عن ذکر فداه و فیه أن عموم أو لبس ثوباً لا ینبغی لبسه عام شامل و الأحوط لزوم الشاة أیضاً فی لبس الشمشکة و الخفین و أوجبه بعضهم لأن الأصل فی تروک الإحرام الفداء إلا أن یدل علی السقوط دلیل و لا شعار أو لبس ثوباً لا ینبغی له لبسه به لتساویهما فی الخیاطة و فی الجمیع نظر و الأظهر تکرر الکفارة بتکرر اللبس عرفاً فی مکان واحد أو أمکنة متعددة تغایرت الملابس فی الصنف أو اتحدت فی وقت واحد متقارب عرفاً أو فی وقتین لأصالة تعدد المأمور بتعدد الأوامر و لو تعدد الملابس فلا کفارة لتعلقها بتعدد اللبس لا بتعدد الملبوس و الأحوط إخراج الکفارة هنا إذا أختلف أصناف الملبوس.

ثانیها: کل محرم أکل أو لبس ما لا یحل له أکله أو لبسه فعلیه شاة إذا کان عامداً

و لا شی ء علی غیره للنص و الفتوی و التحریم فی المخیط یتعلق باللبس فلو تردی بالثوب أو توشّح به سیما ما کان وصفه علی الإحاطة فالأظهر أن لا کفارة و الاحتیاط لا یخفی.

ثالثها: لیس لمحرم و لا لمحل حلق رأس المحرم

للإجماع المنقول و فتوی الفحول و لا فدیة علیها لو فعلا بأذن المحلوق و بدونه و للمحرم حلق المحل و لا شی ء علیه و لو أذن المحلوق فی الحلق أو الحلق نفسه و لو المسمی کان علیه مع العمد لا نوی إصابة شاة

ص: 206

أو صدقة أو صیام ثلاثة أیام للکتاب و السنة و الإجماع و لا یتفاوت بین حلق شعر الرأس أو غیره عدا ما یستثنی و لو کان الحلق عمداً لا لأذی قوی القول بالتخییر أیضاً لإطلاق الفتوی و الإجماع المنقول و یحتمل اختصاص کفارته بالشاة لاختصاص نصوص التخییر بما إذا کان الحلق عن أذی و یدخل ما إذا لم یکن کذلک تحت عموم ما دل علی أن من حلق رأسه فعلیه دم شاة و هو الأحوط و المراد بالصدقة أثنی عشر مدا لستة مساکین کما هو المشهور فتوی و روایة نقلًا بل تحصیلًا أو عشرة لعشرة مساکین کما نسب للمشهور و دلت علیه الروایة بلفظ الإشباع المنصرف إلی المد غالباً أو التخییر جمعاً بین الدلیلین و لا یبعد ذلک و أن کان الأول یحسب الدلیل أقوی أو الستة لستة قل أو کثر یصدق بکف من طعام أو سویق للنصوص و الإجماع المنقول و فتوی الأکثر نقلًا و عن المرتضی تعمیم ذلک لکل شعیر و یدل علیه ظواهر بعض النصوص و هو أحوط و فی بعض الأخبار الصدقة بکف أو کفین و هو محمول علی الندب کما هی القاعدة فی التردید بین الأقل و الأکثر و حملها علی التردید من الراوی فیجتنب الکفاف من باب المقدمة ضعیف و لو سقط الشعر بسبب مس الوضوء لصلاة أو لغیرها فلا کفارة للنص الدال علی أنه لیس شی ء ما جعل علیکم فی الدین من حرج و ظاهر التعلیل و تنقیح المناط یقضیان بإلحاق الغسل و التیمم بالوضوء و الغسل لرفع الخبث علی إشکال و لو نتف إبطیه معاً فعلیه شاة للنص و الفتوی و إذا نتف واحد فعلیه إطعام ثلاثة مساکین للخبر و الفتوی و علی الأول یحمل ما ورد فی الصحیح أن فی نتف الإبط شاة لظهور إرادة الإبطین من لفظ الإبط کما هو المعمول به غالباً و ظهورها فی الاثنین أیضاً فیما دل علی الإطعام الثلاثة مساکین معارض بفهم الأصحاب و ظاهر الاتفاق فی الباب و بذلک خصصناها بالواحد و لم نعمل بظاهرها و فی إلحاق نتف بعض الإبطین و کلهما أو بعض واحد منهما بکله وجه قوی کما أن فی إلحاق الحلق بالنتف أیضاً مع احتمال أنه کفارة فی الأول للأصل و کونها شاة فی الثانی للعموم و هو الظاهر.

رابعها: الأحوط التکفیر بشاة فی قلع الضرس

لفتوی بعض الأصحاب و الأمر به فی المرسل سواء أدمی أم لم یدم للإطلاق و نزله بعضهم علی ما إذا أدمی لأن فی

ص: 207

الإدماء شاة علی قول و الاحتیاط بثبوت ذلک فی الإدماء أیضاً و الأصل ینفی الوجوب فی المقامین لعدم دلیل صالح علیه و یلزم استعمال الدهن الطیب شاة لعموم ما دل علی لزومها فی استعمال الطیب من خبراً و إجماع و لخصوص الخبر الوارد فیمن داوی قرصته بدهن البنفسج المرید بفتوی المشهور و یحرم قلع شجر الحرم سواء نبت أصله فیه أو کان فرعه فیه للنصوص و الفتاوی و علی قلعها الکفارة خلافاً لمن أسقطها و یدل علیها النص و الفتوی فی الجملة و الظاهر أنها بقرة فی الکبیرة و شاة فی الصغیرة و الفارق بینهما العرف و القیمة فی الأغصان کما دل علی ذلک فتوی المشهور و الإجماع المنقول و الجمع بین الروایات الدالة علی ثبوت البقرة مطلقاً و علی التفصیل بین الکبیرة فبقرة و الصغیرة فشاة و علی أن فی الأغصان القیمة یقضی بذلک الظاهر و المشکوک فی کبرها و صغرها یجب فیها شاة لأصل عدم الکبر مع احتمال البقرة للاحتیاط و قیل أنها بقرة مطلقاً استناداً لروایة ضعیفة سنداً بالإرسال و أن أسندت لأصحابنا و دلالة لتضمنها القلع من داره و هو من المستثنیات.

خامسها: الجدال الصادق إذا بلغ ثلاثاً متوالیات أو لا علی ما أفتی به المشهور بل علیه الإجماع

و دلت علیه جملة من الروایات ففیه شاة و ألا فلا شی ء علیه و هل علیه الاستغفار بالواحدة الظاهر ذلک لصدق الجدال المحرم علیه و ما ورد فیمن جادل و هو صادق أنه لا شی ء علیه محمول علی رمی الکفارة من المال کما هو الظاهر و لو لا فتوی الأصحاب لکان القول باشتراط توالی الثلاث فی ثبوت الکفارة متوجهاً للأخبار الدالة علی ذلک فیقید بها الأخبار المطلقة و لکن الفتوی به شاذ فیحمل التقید علی زیادة التأکید و الظاهر أنه لو أضطر إلی الجدال لإثبات حق أو دفع باطل ارتفع الإثم و الکفارة و الأحوط ثبوتها فی الجدال الکاذب شاة فی المرة الأولی فإن دفعها فشاة فی الثانیة و هکذا و أن لم یدفعها فبقرة فی الثانیة فإن دفعها عادت فی الثالثة شاة و أن لم یدفعها فبدنه فی الثالثة فإن دفعها عادت فی الرابعة شاة و ألا قام احتمال أجزاء البدنة إلی أخر الأعداد و قام احتمال تعدد البدنة و یدل علی ما ذکرناه مجملًا الرضوی المنجبر بفتوی المشهور و الروایات الدالة علی لزوم الشاة الواحدة فی الیمین الکاذبة الواحدة

ص: 208

و ما دل علی البقرة فی الیمینین الکاذبتین و أن ضعف سنده و ما دل علی الخبر رد فیمن جادل کذباً فی إحرام مجمله علی الثلاثة فما فوق جمعاً بینه و بین ما تقدمه و فی بعض الأخبار الصحیحة أن علی المخطئ فی جداله بقرة إذا کان فوق مرتین و أخذ بظاهرها بعض أصحابنا و لو لا فتوی الأصحاب بغیرها و أعراضهم عنها لکان القول بها متوجهاً.

سادسها: فی تغطیة الرأس بثبوت ساتر أو حنا أو دواء أو طین کذلک أو ارتماس بما أو حمل ما یستر به شاة

لفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و قوله (علیه السلام) أو لیس ما لا ینبغی له لبسه متعمداً فعلیه شاة و الثوب الساتر للرأس لا ینبغی لبسه و یدل علی غیره ما نقل من عدم القائل بالفرق و روی الشیخ مرسلًا أن من غطی رأسه فعلیه الفداء مع ضمیمه نقل الوفاق علی عدم الفرق و ما ورد من لزوم الفداء علی من ارتمس فی الماء فی إلحاق تغطیة وجه المرأة براس الرجل إشکال من الاحتیاط و أصالة المساواة و من الأصل و فقد دلیل الشمول و فی ثبوت الکفارة لو کان الثوب و نحوه غیر ساتر للبشرة و عدمها وجهان أقواهما و أحوطهما الثبوت و البعض من الرأس کالکل لجریان حکم الکل للأجزاء و فی تکرر الشاة بتکرر التغطیة کل یوم أو کل زمان یتکرر بنیة فواصل بحیث یعد تغطیات متعددة و عدم تکررها بتکررها مطلقاً و تکررها بتکررها اختیاراً و عدم تکررها مطلقاً اضطراراً أو تکررها مع رفع الأولی و وضع الثانیة و عدمه مع بقاء الأولی وجوه أقواها الأخیر و لا عبرة بتعدد الغطاء إذا لم تتعدد التغطیة و لا عبرة بالنقطة و الخیط و شبههما لعدم صدق الستر به أثم و لا کفارة فی الستر ببعض البدن للنص و الفتوی و نفی الحرج.

سابعها: فی التظلیل سائراً اختیاراً أو اضطراراً شاة

و الشاة کفارة لجمیع التظلیل الواقع من المحرم لا أن المختار علیه شاة فی کل تظلیله متمیزة عن أخری مفصولة عنها فإن استمرت فعن کل یوم و لأن المضطر کذلک بل علیهما شاة فی جمیع تظلیلهما تنزیلًا له منزلة الواحد لفتوی الأصحاب و ظاهر الأخبار فی الباب و القاعدة و أن اقتضت لزوم الشاة فی کل تظلیلة متمیزة عن الأخری و بفاصل محسوس لتعدد المأمور

ص: 209

به بتعدد الأمر إلا أن الأخبار فی المضطر صریحاً و فتوی الأصحاب فی المضطر و المختار ظناً عن ذلک الأصل إلی لزوم شاة عن مدة جمیع التظلیل بل ربما کان فی الأخبار ما یشعر بذلک بالنسبة إلی المختار أیضاً نعم لو تکرر النسک کحج و عمرة لتکررت الکفارة بتکرره نصاً و فتوی و احتیاطاً و الأحوط تکرر الکفارة بتکرر الأیام قرباً للقواعد بعد ثبوت التکفیر مهما أمکن و جعل الکفارة لکل یوم مداً من طعام أو جعلها ککفارة الحلق من الأذی شاذان ضعیفان فتوی و روایة و عملًا کضعف ما ورد من ذبح بدنه فی کفارة التظلیل لعلی بن جعفر لعدم معارضتها لما دل علی الشاة و عدم صراحة کون الفاعل و القابل هو الامام (علیه السلام).

ثامنها: فی قلع الحشیش من الحرم القیمة علی الأصح

و یأثم قالعه و لو قلع شجرة منه أعادها وجوباً علی الأظهر إلی الحرم و إلی مکانها علی الأحوط فلو أعادها و عادت إلی ما کانت علیه لم یضمنها و ألا بان جفت ضمن قیمتها علی الأحوط و علیه الکفارة.

تاسعها: فی قلم کل ظفر عمداً مداً طعام

و فی قلم أظفار یدیه اجمع أو رجلیه اجمع کذلک فی مجلس واحد شاة و لو قلم یدیه اجمع فی مجلس و رجلیه اجمع فی مجلس أخر لزمه شاتان للأخبار و فتوی الأصحاب ما عدا من شذ منهم و ما جاء من الأخبار مما ینافی ذلک مطروح أو ما دل و الحکم بثبوت الشاة معلق علی عدم تحلل التکفیر بعد قص کل ظفر أو بعضها فلو تحلل التکفیر سقط حکم الشاة لأن المتبادر من النص و الفتوی فی ثبوت الشاة إنما هو مع عدم التکفیر و لو أتم الیدین فی مجلس فکفر لها فأتبعها بالرجلین وجب علیه شاة أخری علی الأظهر و ألا لزم خلوها عن الکفارة و المتبادر من لزوم شاة لهما فی مجلس واحد هو ما إذا لم یتخلل التکفیر بل وقعت الیدان و الرجلان متعاقبتین و الظاهر أن بعض الظفر ککله و لو قص ظفراً دفعات متعددة فالظاهر ترتب کفارة واحدة لأن الغالب فی قصه ذلک و لو حصل فاصل بین الدفعات أو تعدد المجلس فالأظهر و الأحوط التعدد و لو أفتاه مفت بالقلم محلًا کان المفتی أو محرماً مجتهداً أم لا عامداً بالحرام بالإفتاء بالباطل أو ساهیاً عنه فقلم فأدمی

ص: 210

یده لزم المفتی شاة للخبر المعتبر بالفتوی به و العمل و ما دل علی خلافه مطروح لا یلتفت إلیه و لو تعدد المفتی تعددت الشاة أَفتوا دفعة أو متعاقبین و یحتمل الاتحاد لأصل البراءة و یحتمل الاتحاد مع الدفعة و ألا فعلی الأول و یحتمل أنه أن کان کل منهما یکتفی بفتیاه فعلی الأول و أن کان لا یکتفی إلا بالجمیع فعلی الجمیع.

عاشرها: یلزم فی استعمال الطیب أکلا أو شماً أو تداویاً أو بخوراً

أو سعوطاً و أدهاناً أو افتراشاً أو احتقاناً أو کحلًا شاة للأخبار الدالة علی لزوم الشاة فی أکله و فی الأدهان به للدواء کذلک عموماً و خصوصاً للإجماعات المحکیة علی لزومها فی جملة من ما ذکر فی عبائر جمع و الإجماعات المحکیة نقلًا علی لزومها فی استعماله مطلقاً و لعدم الفرق بین استعماله دون استعمال فی الکلام من یعتد به و للاحتیاط فما جاء من الأمر بالتصدق بقدر ما صنع قدر مشبعه أو التصدق بقدره أو التصدق بتمر مطلقاً فیمن مس الطیب فی الأول أو مسه و أکله أو تلذذ به فی الثانی أو أکله فی الثالث و أفتی به الصدوق من مضمون الأولین شاذ لا یلتفت إلیه فهو مطروح أو محمول علی الندب فی حالة السهو و الظاهر أن الکفارة تثبت فی الدهن الطیب علی أی وجه استعمله المحرم و کذا فی المسک و العنبر و الکافور و الورس و الزعفران و العود و أما فی غیرهما فلا کفارة فیه و أن قلنا بحصول الإثم باستعماله للأصل و نقل الشیخ الإجماع و الأخبار علی عدم الکفارة فی غیر ما ذکر إلا إذا کان أکلًا فالظاهر ثبوت الکفارة علی أکله من أی نوع کان إلا ما خرج عن اسمه أو عن حکمه لإجماع منقول أو أخبار معتبرة لعدم شمول إجماع الشیخ المنقول نعم لو کان فی ثوبه طیب جاهلًا له أو ناسیاً فأحرم لزمه غسله بنفسه أو بالتماس من محل و لا یلزم فی غسله شی ء لأنه من ضروریات الإزالة المأمور بها و للأصل و لأنه تارک للطیب و مزیل له لا متطیب عرفاً.

القول فی الصید

اشارة

و فیه أمور

أحدها: الأصل فیما رتبه الشارع من الغرامات علی فعل صادر من المکلف بلفظ کفارة أو ندبة أو أجزاء أو أشباهها أن تکون مشروعة لرفع أثم حاصل من الفعل

أو

ص: 211

تخفیفه فهی مؤذنة بتحریم الفعل الصادر من المکلف إلا ما أخرجه الدلیل بل ربما یدعی ظهور ذلک عن أمة مسببة عن فعل من أفعال المکلف و لو بلفظ من فعل کذا تصدق أو أعطی أو ذبح أو صام أو صلی أو أغتسل أو غیر ذلک فإنه یؤذن بتحریم سببه إلا ما أخرجه الدلیل.

ثانیها: یجوز قتل السباع من الطیر و غیره و الحیة و الفأرة و العقرب و نحوها إذا خاف منها علی نفسه

للإجماع و الأخبار المعتبرة المتکثرة المجوزة لقتل ما یخاف منه علی نفسه و کذا ما لا یخاف منه علی نفسه لفتوی المشهور و جملة من الأخبار المجوزة و الإجماع المنقول و لاختصاص تحریم الصید بالمحلل علی الأظهر و ما ورد فی بعض الأخبار من النهی عن قتل السباع و الحیة إذا لم تخف منهما کالصحیح فی السبع و أن لم یردک فلا تقتله و الآخر فی الحیة و أن لم تردک فلا تردها محمول علی الکراهة لعدم مقاومة أدلة الجواز و هو خیر من طرحه بل الأحوط الترک و یجوز قتل البرغوث و أن لم یؤذ للأخبار الدالة علی الجواز مع الأصل و فتوی الفحول و الأحوط الترک مع عدم الإیذاء لعموم الأخبار الناهیة عن قتل جمیع الدواب عدا ما استثنی و کذا البق و شبهه و یجوز أن یرمی الغراب و الحداة فی الحرم و الحل محل و محرم عن ظهر البعیر و غیره لإطلاق الصحیح و فتوی الأعاظم و لا شی ء علیه لو أدی الرمی إلی قتله بل لا بأس بقصد قتلهما أیضاً إلا أن الأحوط ترکه مع عدم الإیذاء کما أن الأحوط ترک رمیهما مطلقاً إلا عن ظهر البعیر مخافة إیذائه لمکان الدبر و هل یختص الغراب بما حرم أکله أو مطلقاً لو جوزنا أکل بعض الأصناف منه وجهان ینشآن من تعارض عموم تحریم الصید للمحلل للغراب و غیره للصحیحین الدالین علی جواز رمیه محللًا أو محرماً و أقوی الوجهین تحکیم عموم تحریم الصید و صرف الخبرین إلی المحرم من الغراب کما هو الظاهر و لا کفارة فی شی ء مما ذکرنا من الدواب کلها للأصل و فتوی المعظم حتی الأسد إذا أراده للإجماع المنقول و فتوی الفحول و أما إذا لم یرده ففی روایة أن علی قاتله کبشاً إذا لم یرده و هی ضعیفة سنداً و عدداً و دلالة لاختصاصها بقتل الأسد فی الحرم و عدم تقییدها بعدم الإرادة فلا تعارض ما دل علی عدم وجوب شی ء من عدم

ص: 212

البیان فی الأخبار و من الأصل و الإجماع المنقول و من ما دل علی جواز قتله الظاهر فی نفی الکفارة فلتحمل علی الندب و لیس فی قتل الزنبور و خطاه کفارة للأصل و الخبر و فتوی جملة من الأعاظم و هل یجوز قتله عمداً للأصل و ظاهر بعض الأخبار و لکونه من المحرم دون المحلل أو لا یجوز للأخبار الناهیة عن قتل الدواب عدا ما استثنی أو للأخبار المثبتة للکفارة فی قتله الظاهرة فی حصول الإثم به و یجوز عند إیذائه و لا کفارة و یمنع من عدمه جمعاً بین الأخبار وجوه أقواها الأخیر و تثبت الکفارة فی قتله عمداً مع عدم إیذائه إذا کان واحد بکف من طعام کما فی المرسل نقلًا أو شی ء من طعام کما فی الصحیح أو الحسن نقلًا أو صدقة و لو بکف من طعام کما فی بعض الدواب أو شی ء کما فی بعض أخر أو بتمرة کما فی بعض ثالث و هل یتبع الکثیر أفراده کما هو الظاهر أو مد من تمر کما فی بعض الفتاوی أو مد من طعام أو تمر کما فی بعض أخر أو صاع أن قتل زنابیر و أن کان کثیرتان کما فی بعض ثالث و أقوی ما فی هذه الأقوال ما دلت علیه الصحاح من ثبوت شی ء من طعام و الظاهر انصرافه للحنطة و فی شموله للتمر و الزبیب وجه و الأحوط خلافه و لا بأس بشراء القماری و الدباسی و هما نوعان معروفان من الطیور و إخراجهما من مکة دون ذبحهما و قتلهما إجماعاً فی الثانی و علی قول مشهور فی الأول للصحیح عن شراء القماری یخرج من مکة و المدینة قال ما أحب أن یحرج منها شی ء و فی صحته سنداً و دلالة لا أحب علی الکراهة دون التحریم و فی تسریة الحکم إلی الدباسی مع أن المذکور فیه القماری و فی شمول الحکم للمحل و المحرم مع عدم النص علی الثانی بالخصوص و فی دلالته علی جواز الإخراج من الحرم مع أن الموثق المذکور فیها الإخراج من مکة و المدینة و التلازم بین ذلک ممنوع إشکال من (لج) من إجمال فیضعف به الاستدلال فی مقابلة ما دل علی المنع من إخراج الصید و الحمام من الحرم.

ثالثها: فی قتل النعامة بدنة

للمشهور و الإجماع المنقول و الأخبار و هی تعم الذکر و الأنثی و تختص بأنها ما تجوز للهدی و قیل جزور کما ورد فی بعض الأخبار و الظاهر اتحادهما إلا أن الجزور ما یجزر مطلقاً و الأحوط اختیار الأنثی فی البدنة لشبهه

ص: 213

أنها خاصة بها و قد تطلق البدنة علی البقرة و لکن لا یراد هنا اتفاقاً نصاً و فتوی و ربما ظهر من کون البدنة ما تنحر للهدی لزوم کون سنها من الهدی و هو أحوط و مقتض إطلاق الفتوی و النص هو أجزاء البدنة مطلقاً شابهت النعامة فی الکبر و الصغر و الأنوثة و الذکورة و السن أو خالفتها و ربما اشترطت المماثلة و ربما أنه أحوط لإطلاق المماثلة فی الآیة الشریفة ما عدا الأنوثة ففی الاحتیاط بخلافها إشکال کما تقدم و من لم یجد البدنة و عجز عنها قومها قیمة عادلة بأحد النقدین یوم الجنایة أو یوم التأدیة أو یوم العجز أو إلا علی ما بینها ببینة عادلة أو بواحد عادل أو شیاع و یقضی تلک القیمة علی الطعام کما فی الأخبار و جمع فی أقوال جمع من الأصحاب و المراد به ما یطعم مطلقاً أو الحبوب أو علی البر خاصة کما فی بعض الروایات و فتوی آخرین للاحتیاط و ربما کان لانصراف الإطعام الطعام إلیه و یطعم ستین مسکیناً لکل مسکین نصف صاع مدان کما فی المعتبر فی الأخبار و المشهور بین الأخیار و قیل ربع الصاع مد کما فی جملة من الأخبار و فتوی جمع من الأخبار و یعضده إطلاق الإطعام و لکن الأول أقوی و لا یلزم إنفاق ما زاد من قیمتها علی ثلاثین صاعاً بل له ذلک و لا تکمیل ما نقص من قیمتها عن ذلک کل ذلک للإجماع المنقول و فتوی الفحول و الروایة المعتبرة و ما ورد من الأمر بالتصدیق بقیمة البدنة مطلقاً و أفتی به الحلبیان و الأمر بدفع سبع شیاه لمن لم یجد فضعیفان لا یعارضان ما تقدم و من لم یجد القیمة صام ستین یوماً عن کل یوم مد أو عشرة عن کل مد فی قول فإن لم یمکن له صوم الستین صام ثمانیة عشر للأخبار و فتوی المشهور و الاحتیاط فی الأول خلافاً لابن الجنید فالثمانیة عشر للأخبار الدالة علی ذلک و هی ضعیفة بالنسبة لما أفتی به المشهور و نقل علیه الإجماع و الأخبار الثمانیة عشر فی الثانی بحملها علی حالة العجز کما نقل علیه الإجماع و قضی به الاحتیاط و نسب إلی المشهور و لأن الجمع بین أخبار الستین و الثمانیة عشر بالحمل علی صورة العجز من قبیل الجمع بین المطلق و المقید بخلاف الجمع بینها بحمل الزائد علی الندب فإنها من قبیل الجمع بین الحقیقة و المجاز و هو مرجوح بالنسبة إلی الأول و فیه أن أخبار الثمانیة عشر خالیة عن ذکر عدم التمکن فلا تصلح للتقیید و أن المجاز هنا مشهور متعارف فلا

ص: 214

یرجح علیه الجمع بالتقید فالعمدة فی المقام فتوی المشهور و الاحتیاط فی فراغ الذمة بعد شغلها و لا یصام عن الإمداد الزائدة علی توزیعها علی ستین مسکیناً لو وزعت القیمة علیها للأصل و النص و ظاهر الاتفاق لأن الصیام عدل الإطعام و کذا لا یصام عن ما نقص من الإمداد عن إطعام ستین لعدم ثبوت البدل منه فلا یثبت البدل و الأصل و طاهر أخبار البدلیة و قیل یصوم رکوناً لبعض الإطلاقات الأمرة بالصوم ذلک القدر و لو انکسر القدر الواجب دفعه للمسکین قبل دفعه و صام یوماً للاحتیاط و ظاهر الاتفاق و لأن صیام الیوم لا یتبعض فإن تم الإجماع فلا نزاع و ألا فالظاهر بدلیة الصوم عن مجموع الصاع لا عن ابعاضه و ألا لجمع بین البدل و المبدل و هل بدلیة الثمانیة عشر من مجموع الستین مطلقاً و لو نذر علی أزید من ثمانیة عشر کما هو ظاهر النص و الفتوی أو مع العجز عما زاد علیها کما یقضی به الاحتیاط و الأول أقوی و لو عجز بعد صیام شهر عن أخر فالأقوی الاحتمالات وجوب مشقة و یحتمل وجوب ما یمکنه من التسعة فما زاد لخروج الفرض کما جاءت به الأخبار فلا بد فیه من الاحتیاط و یحتمل سقوط الصوم أصلًا لأنه قد انکشف عجزه عن شهرین و أن علیه ثمانیة عشر و قد فعلها و قد یحتمل الفرق بین وقوع العجز بعد القدرة علی الأداء فالاحتمال الثانی و بین کثیر و ما کان قبلها فالسقوط رأساً و فی فراخ النعامة صغیر من الإبل لروایة مرسلة أفتی بمضمونها کثیر من الأصحاب و للأصل و المماثلة فی الآیة و قیل فیها بدنه لعموم الأخبار أن فی النعامة بدنه و خصوص خبر أبان فی فراخ نعامة ذبحوها و أکلوها قال علیهم مکان کل فرخ أصابوه و أکلوه بدنه و للاحتیاط و فی الخبر ضعف لاحتمال ترتب البدنة علی الذبح و الأکل و فی الاحتیاط مناقشة لتسلیمه فیما لو کان الصغیر رخصة لا عزیمة و هو ممتنع فالأول أقوی و مع العجز یساوی بدله بدل الکبیر علی النحو المتقدم.

رابعها: فی مثل بقرة الوحش و حماره بقرة أهلیة

وفاقاً للأکثر و نفی عنه الخلاف بعضهم و فی المقنع أن فی حماره بدنه للخبرین الدالین علی ذلک و یمکن حملها لشذوذهما علی الاستحباب أن لم تکن البقرة عزیمة أو علی إرادة البقر من البدنة فإن لم یجدها قضی ثمنها علی البر أو علی الغلات الأربع أو علی ما یسمی طعاماً و الأول

ص: 215

أولی و أطعم ثلاثین مسکیناً لکل مسکین مدان کما فی الصحیحین أو مدان کما فی أخر و الأول أظهر و أحوط و لو کانت قیمة البقرة أقل أقتصر علی قیمتها و لو زادت کانت له الزیادة کما فی الأخبار فإن لم یقدر صام عن کل مسکین یوماً للنص و الفتوی فإن عجز عن الصیام صام تسعة أیام للأخبار الأمرة بها بعد العجز عن الصدقة بحملها علی ذلک.

خامسها: فی الظبی شاة

سواء کان معزاً أو ضأناً صغیراً أو کبیراً للکتاب و السنة و الإجماع فإن عجز قومها و قضی ثمنها علی البرء و الطعام و الأولی الأول و أطعم عشرة مساکین لکل مسکین مدان أو مد و الأول أظهر و أحوط و لا تجب الزیادة إجماعاً و لا یکمل الناقص علی الأظهر فی الفتوی و النص و یظهر من بعضهم الاحتیاط فی الإکمال و لا بأس به فإن لم یجد صام عن کل مدین أو مد علی وجه یوماً إلی أن یبلغ عشرة نقص الصیام عنها خلافاً لمن أوجب العشرة علی من لم یجد مطلقاً فإن عجز صام ثلاثة أیام للأخبار و فی الثعلب و الأرنب أیضاً شاة للأخبار و الفتاوی فإن عجز قیل یستغفر الله تعالی و لا شی ء علیه و الأظهر الانتقال إلی إطعام عشرة ثمّ إلی الصوم الذی هو بدله ثمّ إلی صوم ثلاثة أیام لقوله (علیه السلام) من کان علیه شاة فلم یجد فلیطعم عشرة مساکین فمن لم یجد صام ثلاثة أیام و بدلیة الصوم عن الإمداد دلت علیها أخبار أخر و مما ذکر من الأخبار و الفتاوی و الذی یقضی به الاحتیاط هو لزوم الترتیب فی الإبدال سیما الصوم الأخیر من الثمانیة عشر و التسعة و الثلاثة فإنه قد نفی الحلاف فی ترتیبه علی ما قبله و قیل بالتخییر بین الإبدال أخذاً بظاهر أو المفیدة للتخیر فی الآیة حتی قیل أنها نص فیه ورد بنفی کونه نصاً و الظهور بل هو مجملة المعنی بین التخییر و التنویع و غیرهما و الحق أن ظهور التخییر لا ینکر و لکن یصرفنا عنه ما هو أقوی منه و الحقیقة تصرف لوجود قرینة المجاز غایة الأمر دوران الأمر بین إبقاء أو علی حقیقتها و صرف الأخبار إلی استحباب الترتیب و بین إبقاء الأخبار المؤیدة بفتوی المشهور و نقل الإجماع علی حقیقتها و التجوز بأو و لا شک أن التأنی لقوة الأخبار و استفاضتها و اعتضادها بالمرجحات الکثیرة.

ص: 216

سادسها: فی کسر بیض النعام إذا تحرک الفرخ فیها و کان حیّاً و تلف بالکسر بکرة من الإبل أنثی

إلا لبکر و هی الشی ء و الظاهر إرادة الوحدة هاهنا للإجماع المنقول و فتوی جل من الفحول و الخبرین المعتبرین فی أحدهما البکارة و فی الأخر البعیر یحمل علیه و بذلک یقید أخبار الإرسال الآتیة و لو کسرها فوجد ما فیها میت قبل ذلک لم یلزمه شی ء و کذا و لم یجد فی بطنها شیئاً أو وجده فاسداً و لو وجده حیّاً فمات بعد ذلک کان فیه ما فی صغار النعام علی الأظهر و الظاهر عدم الکفارة بین کسره بنفسه و بین کسره بدابته و لو کسرها فوجد فیها فرخاً فتلف و لم یکن قد تحرک أو لم یقطع بتحرکه أو شک فی حیاته و موته و فسادها و عدمه کما هو عادة البیض المشتمل علی أفراخ من احتمال الصحة و الفساد و عدمه و الحیاة السابقة و عدمها أرسل فحلًا من الإبل و یکفی الواحد فی الإناث بعدد البیض بحیث یعلم أنه قد طرقها من الواحدة إلی ما فوق فما نتج منها فهو هدی لبیت الله الحرام للأخبار المتکثرة الظاهرة فی المجهولة الحال لاشتمالها علی التعلیل بأنه ربما فسد بعض أخر و لفتوی الأصحاب و أن جمع من أصحابنا یلزم الإرسال حتی فی الصورة الأولی لإطلاق الأخبار أو لبعض الأخبار الناصة علی الإرسال مع التحرک و فیه أن الخبرین و فحوی الأخبار الأمرة مقیدة لها و الناصة علی الإرسال مع التحرک و فی المقام أقوال أخر شاذة لا یلتفت إلیها فإن عجز فی الصورة الأولی أو الثانیة علی الأظهر و أن رتبه جمع علی الصورة الثانیة فقط کما یظهر من عبائر جماعة من أصحابنا فعن کل بیضة شاة و أن عجز طعم عشر مساکین فإن عجز صام ثلاثة أیام للخبر المنجبر بالفتوی و العمل و فیه أن لکل مسکین مد خلافاً لمن أوجب مدین و فیه تقدیم الطعام علی الصیام خلافاً لمن أخبره لأخبار شاذة و فی کسر بیض القطا مثل ما فی کسر بیض النعام إلا أن فی کسر هنا إذا تحرک الفرخ مخاض کالغنم کما روایة ظاهرة ذلک أی ما من شأنه أن یکون حاملًا أو صغار من الغنم أفتی به جمع لقوله فی الخبر فکان من الغنم و الظاهر حصول الامتثال بها تخییراً و یجمع بینهما فی فرد ممکن علی الظاهر أیضاً و الظاهر أنها عزیمة لا رخصة فلا تجزی الکبار و إذا لم یتحرک الفرخ بل کانت مجهولة الحال أرسلا فحلًا من الغنم علی إناثها بعدد ما کسر

ص: 217

من البیض فما نتج فهو یهدی لبیت الله تعالی للأخبار الإمرة بالإرسال و هی و أن کانت مطلقة فیه کما أفتی به جمع إلا أن الجمع بینهما و بین الأخبار الإمرة بالمخاض و البکارة بمعونة فتوی الأصحاب و عموم تشبیه کفارة بیض القطا ببیض النعام کما فی روایة و عموم یصنع فیه الغنم کما یصنع فی بیض النعام فی الإبل کما فی ثانیة و غیرها مما یشعر بذلک یقضی بما ذکرناه و من هذه الأخبار یفهم مساواة بیض القطا لبیض النعام کما أفتی به العظام من العلماء الأعلام و أنه و أن عجز عن الإرسال فعن کل بیضة شاة فإن عجز فإطعام عشرة مساکین فإن عجز فصیام ثلاثة أیام و استعاد العلامة (رحمه الله) و من تبعه وجوب الشاة بعد العجز عن الإرسال للزوم صغیرها فی المحقق فکیف یلزم مطلقها فی الموهوم و لعدم لزومها فی الاختیار فکیف تلزم حالة العجز و حمل التشبیه فی الروایة و بعض الفتاوی علی المرتبتین الأخیرتین ضعیف بعد قضاء الأخبار و الاحتیاط به کضعف ما حکم به بعض المتأخرین من إنکار عموم التشبیه و عدم الدلیل علی جمیع هذه المراتب سوی أصل الإرسال الذی هو مورد صریح الأخبار فی الکفارة لأنه مخالف لظاهر الخطاب و کلام الأصحاب و أوجب بعضهم مع العجز عن الإرسال التصدق بدرهم و لا دلیل معتبر علیه و بعضهم أوجب مع عدم التحرک القیمة و هو کذلک و الحق الأصحاب بالقطا غیره و أن لم یکن منصوصاً کالدراج و القبج بل و مما ماثلها فالتعدی عن کلامهم لأوجه له و الاحتیاط یقضی به.

سابعها: فی الحمام و هو کل مطوق أی ما حاط بعنقه حمرة أو خضراء

کما فی کلام جمع من أهل اللغة أو هو کل ما یهدی و عرفاً أو کل ما یشرب عَبّاً أنه یأخذ الماء قطرة قطرة بمنقاره فیبلعها و قیل أن کل الحمام هو أن کل ما عب هدر شاة علی المحرم فی الحل للنص و الفتوی و درهم علی المحل فی الحرم للنص و إطلاق جل الفتاوی فیرجع ما دل علی القیمة إِلیه حملًا علی الأغلب من کونه قیمة الحمام درهم مع احتمال لزوم القیمة للأخبار الإمرة بها المفسرة لها بالدرهم أو غیر مفسرة و إرجاع أخبار الدرهم إلیها حملًا علی الغالب و یؤیده ما دل علی الثمن أو مثل الثمن و أفضل من الثمن و الأحوط لزوم الأزید من أحد الأمرین أما القیمة أو الدرهم و شاة و درهم

ص: 218

و القیمة علی المحرم فی الحرم للنص و الفتوی و لاجتماع السببین و للاحتیاط و فی فرخ الحمام و هو الصغیر من الضان مطلقاً علی المحرم فی الحل و نصف درهم علی المحل فی الحرم و یجتمعان علی المحرم فی الحرم للنصوص و إطلاق جل الفتاوی و فی کسر کل بیض منه بعد التحرک و حمل قبله درهم علی المحرم فی الحل و بعده أیضاً نصف درهم و قبله ربع درهم علی المحل فی الحرم و یجتمعان علی المحرم فی الحرم لإطلاق النصوص و جل الفتاوی و فی قتل القطا و الدراج و الحجل حمل قد فطم و رعی الشجر کما فی الأخبار و فی جملة من العبادات أن حده أن یکمل له أربعة أشهر و هذه تخرج عن أحکام الحمام و أن دخل جملة منها فی أسمه و فی قتل کل من القنفذ و الیربوع و الضب قیل و أشباهها جدی کما فی النصوص و الفتاوی و هو من الذکر من أولاد المعز فی السنة الأولی أو من حین ما تضعه أمه إلی أن یقوی و یرعی أو أنه من أربعة أشهر إلی أن یرعی أو أنه من ستة أشهر أو سبعة و الأحوط الثالث و أوجب بعضهم فیما ذکرنا حملا و ادعی الإجماع علیه و لکنه ضعیف و فی قتل العصفور و القنبرة و الصعوة قیل و أشباهها مد من الطعام مطلقاً و الأحوط اختصاصه بالبر للمرسل و فتوی الأکثر و قبل شاة لعموم صحیح بن سنان و فیه أن الخاص یحکم علی العام و قیل قیمته و فی الحرم قیمتان لمرسل سلیمان بن خالد و هو لا یقاوم ما قدمنا و یمکن حمل القیمة علی المد و فی الجراد و القملة یرمیها عنه أو یقتلها کف من طعام کما دلت علی ذلک جملة من النصوص و الفتاوی و جعله من البر أحوط و فی کثیر الجراد شاة کما فی جملة من النصوص و الفتاوی و تحصیل الکثرة بالمرة الواحدة أو بالمرات المتعددة مع عدم تخلل التکفیر و المدار فی الکثرة علی العرف و یحتمل أنها من الثلاثة فما فوق و فی جملة من الأخبار فی الجرادة تمره و تمرة خیر من جرادة و أفتی بعض الأصحاب بالتخییر و هو قوی و بعض الأصحاب و جعل فی الجراد الکثیر مد من تمر و هو ضعیف و فی بعض الأخبار جواز إلقاء القملة و لا شی ء فیها و لا یبعد الأخذ به و لا ینافی الکفارة و یحمل نفی الشی ء علی نفی الإثم و فی بعض الأخبار أن فی أکل الجرادة شاة و لا بأس بالأخذ به و هو أحوط و القتل غیر الأکل و هذه کلها لا بدل لکفارتها علی الأظهر نعم یقوی فیما کانت

ص: 219

کفارته شاة لزوم بدلها من إطعام عشرة مساکین أو صیام ثلاثة أیام لعموم ما جاء فی بدلیتهما عن الشاة إذا لم یجد فی خبر عما و قیل فی قتل العضایة کف من طعام للصحیح الدال علی ذلک و هو حسن و ما شق التحرز منه من الجراد المطروح علی الطریق فلا شی ء فیه للأصل و النصوص عموماً و خصوصاً و الفتوی و الأحوط فیما لا بدل له بالخصوص لزوم الاستغفار و التوبة بنیة الکفارة و البدلیة و ألا فالتوبة و الاستغفار واجبان بعد کل ذنب.

ثامنها: یجزی عن الصغیر الذی له مثل من النعم مثله

للآیة و الأصل و الإجماع المنقول و أخبار الحمل و الجدی عن المغیب مثله بعیبه المماثل لا بعیب أخر و الأفضل الکبیر و الصحیح ما لم یکن للصغر خصوصیة و یجزی المریض عن مثله بذلک المرض لا بغیره و یجزی الذکر عن الأنثی و بالعکس لأن المراد بالمماثلة فی الخلقة و فیه نظر فالأحوط المماثل و لا شی ء فی الحیوان المیت و البیض الفاسد و یستوی الأهلی من الحمام و یسمی بالیمام و غیره و المملوک و غیره أن تحقق ملک الحمام فی الحرم فی القیمة و هی درهم أو نصفه إذا قتل فی الحرم کما یستویان فی الحل فی الفداء کل ذلک للعمومات إلا أن الحمام الحرمی و هو غیر المملوک یشتری بقیمة علفه الحمامة و فی الصحیح القمح و هو الحنطة و المملوک یتصدق بقیمته و یقوی القول بالتخییر بین العلف و الصدقة بالقیمة فی حمام الحرم للصحیح الدال علی ذلک و لا فرق فی المملوک بین أن یکون قائله الملک أو غیره علی الأظهر و یجب ضمان القیمة له للقواعد القاضیة بذلک و لا ینافیه خلو الأخبار عن ضمان القیمة لأنها مسوقة للغرامات الشرعیة دون المالکیة و یخرج عن الحاصل مما له مماثل من النعم حاملًا منها لشمول دلیل المماثل فإن تعذر المثل وجب البدل و قوم الجزاء حاملًا و لو لم تزد قیمة الحامل عن قیمة الحائل احتمل أجزاء الحائل و لو زاد جزء الحامل عن إطعام المقدر کالعشرة فی شاة الظبی فالأقرب وجوب الزیادة بسبب الحمل إلی أن یبلغ العشرین فلا یجب الزائد إذ لا تزید قیمة الحمل علی قیمة أمه و یحتمل الزیادة لعدم انفراد الحمل و یحتمل عدم الزیادة علی العشرة الأصل و العمومات و لو ضرب الحامل فألقته حیّاً فماتا معاً بالضرب فدی کل

ص: 220

منهما بمثله و لو مات أحدهما فداه خاصة و لو عاشا مع العیب ضمن الأرش و بدونه فلا شی ء علیه و لو وقع الجنین میتاً فإن علم موته قبل الضرب فلا شی ء علیه و یضمن الأرش من الأم و هو تفاوت ما بین قیمتها حاملًا و مجهضاً و أن شک فی موته احتمل الحکم بحیاته إلی وقت الجنایة فیلزم الفداء و یحتمل الحکم بموته قبلها لأصل البراءة و لو ضرب ظبیاً فنقص عن قیمته احتمل لزوم عشر الشاة لوجوبها فی الجمیع و احتمل لزوم عشر قیمتها و احتمل أنه ان وجد المشارک فی الذبح فالعین و ألا فالقیمة للعجز و هو الأقرب و لو أزمن صیداً و أبطل امتناعه احتمل لزوم کمال الجزاء لأنه کالهالک و احتمل لزوم الأرش و لو قتل ما لا تقدیر لفدیته فعلیه القیمة و کذا البیض و قیل فی الإوزة و هی البطة و الکرکی شاة و لا یخلو من احتیاط و العبرة بتقویم الأجزاء وقت الخراج لأنه وقت الانتقال إلی القیمة و یحتمل فیه الإعواز و فیما لا تقدیر لفدیته وقت الإتلاف لأنه وقت الوجوب و العبرة فی قیمته الصید الذی لا تقدیر لفدیته بمحل الإتلاف لأنه محل الوجوب و فی قیمة البدل من النعم بمنی أن کانت الجنایة فی إحرام الحج و بمکة أن کانت فی إحرام العمرة و لو شک فی القتل أو فی المقتول هل أنه صید أو لا و فی الصید هل أنه بری أو بحری فالأصل البراءة و لا یجب علیه الاستعلام علی الأظهر و الأحوط الاستعلام مع العلم بالمقتول و الشک فی أنه صید بر أو بحر إذا اشتبه الصید بغیره لزم اجتناب الکل من باب المقدمة و یجب فی دفع القیمة أن یحکم بها عدلان عارفان و لو کان أحدهما أو کلاهما القاتل إلا أن یکون قتله عمداً و لما یتوب مع احتمال أنه صغیرة فلا یقدح فإن لم یوجد فالرجوع لأهل الخبرة و لو کانوا فسقة و فی جملة من الأخبار أن العدل الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أو الامام (علیه السلام) من بعده و أن قراءة التثنیة فی قوله ذو عدل خطا بل هی بلا ألف و لکن الفقهاء علی خلاف ذلک و لو فقد العاجز عن البدنة البر فالأظهر تعدیله بالقیمة و وضعها عند ثقة لیشتریه إذا أراد الرجوع إلی أهله و ألا أبقاه عنده و توقع القدرة و احتمل الانتقال إلی شراء غیره من الطعام أما مطلقاً و الأقرب إلی البر فالأقرب و هو الأحوط ثمّ هل یکتفی بالستین لو زاد علیهم کالبر لأصالة البراءة و عموم خبر الطعام أو لا یکتفی للاحتیاط و اختصاص ذلک

ص: 221

بالستین وجهان و الأحوط الأخیر و احتمل الانتقال إلی الصوم لفقدان البر و الإسراع إلی براءة الذمة و علی الأول فهل تضمن القیمة عند تلفها للاحتیاط و استصحاب الأمر بالإخراج أو لا لنفی الحرج و أصل البراءة من الإخراج ثانیاً فتکون کالزکاة المعزولة وجهان و الأول أحوط.

تاسعها: صید الحرم حرام

و هو برید فی برید للأخبار و الإجماع المنقول و هو محدود بحدود معروفة و علائم موصوفة و من قتل فیه صیداً ضمنه بقیمته محلًا کان أو محرماً للأخبار و فتوی الأصحاب و لو اشترک جماعة محلون فی قتله ففی وجوب القیمة علی کل واحد منهم أو علی جمیعهم قیمة واحدة وجهان أقواهما الثانی للأصل و القیاس علی المحرمین باطل و الأحوط الأول و کما یحرم علی المحل قتل الصید فی الحرم یحرم علیه أیضاً أسبابه کالدلالة و الإعانة و نحوها و بالجملة فکلما یحرم علی المحرم فی الحل یحرم علی المحل فی الحرم و یکره للمحل صید ما یوم الحرم عادة قطعاً أو ظناً للنص و فتوی الأصحاب و لا یحرم للأصل السالم عن المعارضة و للمعتبرین النافیین للجزاء و فیهما لأنه نصب حیث نصب و هو له حلال و رمی حیث رمی و هو له حلال و ما دل علی التحریم من روایة ضعیف سنداً و دلالة و اضعف منه نقل الإجماع علی التحریم فإن أصابه فدخل الحرم فمات ضمنه علی روایة أفتی بمضمونها جملة من الأصحاب و الأقوی عدم الضمان للأصل و الأخبار النافیة للجزاء و هی أقوی فلتحمل أخبار الضمان علی الندب و هو خیر من حمل أخبار النفی علی الآثم لکونه ساهیاً أو جاهلًا و یظهر من بعض الأصحاب کما فی بعض أخبار الباب أنه میته علی کلا القولین و یحرم لحمه فإن کان إجماعاً فیها و ألا فعلی القول بالحل لا یخلو عن مناقشة و یکره صید خارج الحرم إلی برید و یسمی حرم الحرم و یندب فیه الجزاء أو یندب أن یتصدق بشی ء مما یتمول عادة و لو فَقَأَ عینه أو کسر قرنه و لا یجب شی ء منهما للأصل و فتوی المشهور و الأخبار المتقدمة و قوله تعالی: (وَ مَنْ دَخَلَهُ کٰانَ آمِناً) و فی الخبر أن المخرج بحبله ثمنه و لحمه حرام مثل المیتة و یضمن المحل القیمة لو رمی من الحرم فقتل فی الحل أو رمی فی الحل فقتل فی الحرم و لو کان بعضه فی الحل و بعضه فی الحرم و کذا لو

ص: 222

أصاب الصید علی غصن أصله فی الحرم و هو فی الحل أو بالعکس للإجماع المنقول و فتوی الفحول و دلالة جملة من الأخبار علی جملة من الآثار و یلحق بذلک ما لو رمی فی الحل صیداً فأصابه فی الحرم علی الأظهر و من أدخل صیداً فی الحرم وجب علیه ارساله للفتوی و النص و للإجماع و لو تلف فی یده قبل الإرسال ضمن قیمته و تصدق بها للنص و الفتوی و کذا لو أخرجه فتلف بیده خارج الحرم قبل الإرسال لإطلاق قوله (علیه السلام) فی الخبر فإن أمسکه حتی مات فعلیه الفداء و لو دخل طائرأ مقصوص الجناح حفظه حتی یکمل ریشه ثمّ أرسله وجوباً فی ذلک کله نصاً و فتوی و إجماعاً منقولًا و الأظهر أنه لو أرسله قبل الریش ضمنه لأنه بمنزلة الإتلاف و أن لم یمکن حفظه و ابقاه عنده أودعه عند عدل أو موثوق به مطلقاً و لو أمره علی الأظهر یحفظه حتی یکمل ریشه فیرسله و فی إلحاق الفرخ و الممنوع من الطیران لعارض أخر بمقصوص الجناح وجه یقضی به الاحتیاط و المشارکة فی علة الحکم و هل یحرم حمام الحرم علی المحل فی الحل للنهی عنه حیث کان إذا علم أنه من حمام الحرم فی جملة من جملة الأخبار و لأنه من دخله کان أمناً و لو خرج عنه و للاحتیاط أو لا یحرم للأصل و انصراف ما فی الکتاب و عموم الأخبار لما کان فی الحرم و لمعارضته خصوص النهی عنه خارج الحرم بما دل علی جوازه کالصحیح المفسر للکتاب أنه کان أمناً حتی یخرج من الحرم و هو و أن ورد بلفظ الطیر إلا أن أطهر أفراده الحمام و یشیر إلی ذلک حال الإنسان المستجیر أیضاً فالجمع بین ما دل علی النهی و بین ما دل علی الجواز بحمل الأول علی الکراهة و الثانی علی الأذن هو الوجه و الاحتیاط لا یخفی و من نتف ریشه من حمام الحرم فی الحرم قبل الإرسال فعلیه صدقة یسلمها إلی المسکین بالید الناتفة أن نتف بالید للنص و الفتوی و الظاهر وجوب تسلیم الصدقة بالید الناتفة و لو تعدد الریش لزوم فی کل ریشة صدقة و أن کان دفعه احتمل التعدد و احتمل الاجتزاء بصدقة واحدة و هو أقوی و لو حصل نقص بالنتف ضمن الأرش علی کل حال علی الأظهر و الأحوط إلحاق کل طائر بالحمام و أحوط منه إلحاق غیر الطائر به فی نتف الصوف و الشعر سیما فی ضمان الأرش عند نقصانه و لو سلم الصدقة بغیر الید الجانبیة فالظاهر

ص: 223

الأجزاء و أن أثم بترک ذلک و الأحوط عدم الأجزاء و لا بأس بالصید المذبوح فی الحل للمحل إذا ذبحه المحل و أن أکله فی الحرم للأصل و النص و الفتوی بخلاف ما إذا ذبحه المحرم أو ذبح فی الحرم فإنه کالمیتة یحرم أکله و یملک المحل الصید فی الحرم إذا کان مالکه قبل دخوله فی الحرم للأصل و القواعد القاضیة بذلک من غیر معارض سوی وجوب الإرسال و هو لا ینافی الملک و کم من ملک لا یجوز التصرف به کأم الولد و کم من ملک لا یبقی علی حاله بل ینتقل إلی حال أخر و الواجب إرسال ما معه من الصید لا ما یملکه منه و أن لم یکن معه و المذبوح فی الحرم من الصید میتة لا یجوز أکله کما لا یجوز أکله کما لا یجوز ملک الصید ابتداء.

عاشرها: ما یلزم المحل فی الحرم و المحرم فی الحل جمیعه یلزم المحرم فی الحرم

للأخبار و فتوی الأصحاب و الاحتیاط و أصالة عدم تداخل الأسباب نعم فی جملة من الأخبار أن علیه الجزاء مضاعفاً و هو محتمل لتضعیف الفداء فیما له الفداء و القیمة فیما له قیمة إلا أن فتوی الأصحاب و سوق أخبار الباب یقضیان بإزادة الفداء و القیمة فیما له فداء و قیمة و فیما له قیمة قیمتان من قوله الفداء مضاعفاً علیک و لا یتفاوت الحال فی اجتماع الفداء و القیمة بین أن یبلغ الفداء بدنه و بین أن لا یبلغ و کذا لو قلنا بتضاعف الفداء أیضاً کل ذلک لإطلاق الفتاوی و النصوص المعتبرة فلا یعارضها ما ورد فی الخبر من أن الجزاء إذا بلغ البدنة فلا تضاعف له لضعفه عن مقاومتها فلا یحکم علیها.

حادی عشرها: یثبت الجزاء فی قتل الصید

عمداً أو جهلًا أو سهواً أو نسیاناً أو معاً کان ضرب غیره فأصابه و حکم العمد حکم غیره فلا تتضاعف فیه الفدیة لإطلاق النص و الفتوی خلافاً لمن ضاعفها فیه مطلقاً أو مع قصد نقض الإحرام کالمرتضی و نقل علیهما الإجماع و أیدها بالاحتیاط و الأولویة و الکل ضعیف عن مقاومة الأصل و إطلاق النصوص و الفتاوی و لو تکررت الجنایة من غیر عمد تکرر الفداء لأصالة تعدد المأمور به بتعدد الأمر تعدد الزمان أو اتحد طال الفصل أم لم یطل حصل الفداء فی الأثناء أو لم یحصل تعدد المجنی علیه و الزمان أو اتحد نعم لو اتحدت الجنایة أو المجنی علیه و تعددت أمکنتها فی حیوان واحد فالظاهر أنها جنایة واحدة و لو تکررت الجنایة

ص: 224

عمداً أو سهواً أو تکررت فی إحرامین متقاربین أو متباعدین أو تکررت فی الحرم بالنسبة إلی المحل فکذلک یلزم تکرار الفدیة فیها للقاعدة المذکورة أما لو تکررت من المحرم عمداً فهل تتکرر بالنسبة إلی إحرام القاعدة المذکورة و العمومات و للاحتیاط و للأخبار الدالة علی أن علیه الکفارة فی کل ما أصاب و للأخبار الدالة علی مساواة العمد لغیره للکفارة فیما عدا الإثم و للأولویة الثابتة للعمد علی غیره و للزوم کفارة النعامة بقتل جرادة قبلها أو لا تتکرر للأصل و لظاهر الآیة حیث له الانتقام منه فی مقام التفصیل بین الابتداء و العود و للأخبار الخاصة و نسب القول به للأکثر و الأشهر و لمذهب أصحابنا و لأشهر الروایات و أظهرها و أکثرها و لانصراف إطلاق الأخبار للابتداء لا للعود و للخطأ و اخویه لا للعمد و ما ذکر من الاحتیاط لیس بدلیل فی مقام التعارض و من الأخبار المشتملة علی ما الموصولیة فیکون عمومها بالنسبة إلی الأفراد لا إلی الأحوال من التکرار و غیره فإذا القول الأخیر أقوی.

ثانی عشرها: لو اشتری محل بیض النعام لمحرم فأکله

کان علی المحرم عن کل بیضة شاة و علی المحل درهم کذلک للنصوص و ظاهر الاتفاق و ظاهرهما عدم الفرق بین کون المشتری و الأکل فی الحل و الحرم و لکن الأظهر المضاعفة علی الأکل فی الحرم جمعاً بین الصحیح و بین ما دل علی المضاعفة و الأحوط التزام أکثر الأمرین فیه من القیمة و الدرهم للمشتری و الظاهر ان الشاة فداء الأکل و یبقی فداء الکسر علی ما مر من لزوم الإرسال أن لم یتحرک الفرخ و هل یلحق غیر الشراء به من عقود معاوضة أو غیرها وجهان أحوطهما الإلحاق و هل یلحق أیضاً غیر البیض من الصید به وجهان أقواهما العدم للأصل و لو اشتری محرم لمحرم ذلک و یثبت علیه ذلک بطریق أولی أن کان مکسوراً و أن لم یکن کذلک کان علیه ما علی کاسره لتسبیبه ذلک و أن اشتراه المحرم لنفسه لم یکن علیه شی ء للأصل.

ثالث عشرها: لا یملک المحرم الصید بعقد معاوضة و لا مجانی و لا سبب قهری

کمیراث و شبهه لا ابتداء و لا استدامة إذا کان الصید معه و لو لم یکن معه جاز ملکه استدامة و ابتداء و لا یجب إرساله للأصل من غیر معارض لانصراف الآیة إلی ما کان

ص: 225

معه هکذا یظهر من إطلاق عبارات جمع من الأصحاب و دلیله قاصر عن الأخبار الخاصة بل فیها ما یدل علی أنه یملک الصید و یلزمه إخراجه عن ملکه و کذا من الکتاب للشک فی انصراف التحریم لمثل ذلک سیما لما کان الملک بمیراث و شبهه أو کان فی الاستدامة لا فی الابتداء و ما یذبحه المحرم فی الحرم من الصید میتة لا یجوز أکله إلا فی فحصه فیجوز مع ضمان الفداء لعموم الأدلة و خصوصها و لو کان عنده مع الصید میتة أصلیة قدم أکل الصید علیها إذا قدر علی فدائه لحرمة المیتة الفائتة فلا تقدم فی الأکل علی العارضیة و للنصوص المخالفة للعامة الموافقة لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و قیل مع عدم التمکن من الفداء یأکل المیتة و هل المراد بعدم التمکن عدمه مطلقاً أو وقت الاضطرار و هل یراد بالفداء المرتبة الأولی أم جمیع المراتب وجوه علی هذا القول الأخیر و دلیله الجمع بین الروایات الدالة علی أکل المیتة و تقدیمه علی الصید مطلقاً و بین الروایات الإمرة بأکل الصید مع أنه یحمل الأخیرة علی ما إذا قدر علیها و الأول علی ما إذا لم یقدر و هو قوی إلا أن الأظهر هو القول بتقدیم أکل الصید مطلقاً لقوة دلیله و تنزیل الأمر بالفداء فیه علی الغالب و ما ذکر من الأمور الاعتباریة لتأید تقدیم أکل المیتة من اجتماع المحرمات و نحوها لا یقوی علی ما ذکرنا.

رابع عشرها: إذا کان الصید المجنی علیه مملوکاً لغیر المالک

فالأظهر لزوم الجزاء علیه لله تعالی و ضمان قیمته للمالک جمعاً بین الدلیلین و الحقین و قیل الفداء للمالک سواء زاد عن قیمته أو نقص نعم علیه فی النقصان التکملة لعدم فراغ الذمة من الحق المخلوق إلا بذلک و هو ضعیف مخالف لظواهر الأدلة و مخالف لقواعد الضمان و الغرامات و غیر مناسب لترتب الفداء و جعله مرتباً أحدهما الصوم و أحدهما الاستغفار و فیه من المفاسد ما تنتهی إلی العشرة فالأعراض عن هذا القول أو تنزیله اجمل و لو کان الصید غیر مملوک تصدق بفدائه کما هو الظاهر من النص و الفتوی علی الفقراء و المساکین کما هو الظاهر من لفظ الصدقة فی النصوص و هو المتیقن من فراغ الذمة.

ص: 226

خامس عشرها: یذبح الفداء و ینحر بمکة للحاج و المعتمر بمنی

لفتوی المشهور و جملة من الأخبار المعتبرة سیما فداء الصید لورود الأخبار المعتبرة به فما أختاره بعض المتأخرین من جواز ذبحه بموضع الإصابة و حمل أخبار التأخیر علی الندب تمسکا بأخبار و تعلیلات تضعف عن مقاومة ما قدمنا ضعیف و کذا ما اختاره بعض آخر جواز ذبح غیر فداء الصید بموضع الإصابة دون استناد الاختصاص الآمرة بالتأخیر بفداء الصید دون غیره و لروایة ضعیفة حاکمة بالتفصیل ضعیف أیضا عن مقاومة ما اخترناه و الظاهر أنه لا فرق بین عمرة التمتع المقبولة فی الحکم للإطلاق الناشئ من النصوص و أکثر الفتاوی خلافاً لابن إدریس فالحق الأولی بالحج و هو ضعیف و فی بعض الروایات جواز تأخیر الفداء من إحرام العمرة علی منی و لا بأس بالمصیر إلیه رخصة و إن کانت الوظیفة ما ذکرناه و الأحوط اختصاص ذلک بغیر کفارة الصید للآیة و الخبر المانع عن ذبح فداء الصید بغیر مکة و الأحوط شراء الفداء فی مکان الصید لإشعار بعض الأخبار و علیه فتوی بعض الصحاب.

سادس عشرها: یضمن الصید بمباشرة تلفه

و أما بالفداء أن نَصَّ علی فدائه أو بالقیمة إن لم یکن فیه نص خاص و من قتل صیدا فأکله أو أکل بعضه لزمه فداء القتل و فداء أخر للأکل للنص و الفتوی و ظاهر الانفاق و لا یکفی فداء القتل عن الأکل کما احتمله بعضهم للخبر الأمر علی قوم أصابوا فراخ نعام فذبحوها و أکلوها قال علیهم مکان کل فرخ أصابوه و أکلوه بدنة لقوة احتمال أن البدنة من حیث الإصابة و الذبح فقط و یبقی الأکل مشمولًا لما دل علی لزوم فدائه من الأخبار بلا معارض و هذا الفداء شاة کما فی جملة من الأخبار و فتوی الکثیر من الأخبار أو القیمة کما فی بعض أخبار أُخر و أفتی به جماعة و الأقوی الأول لضعف دلیل القیمة عن تلک الأدلة سنداً و عدداً فلیحمل علی إرادة الفداء منه کما قد یستعمل فی بعض الأخبار و لفظ القیمة فی الفداء و ما ورد فی بعض الأخبار من لزوم الثمن فی الأکل لیس فیه تصریح بکون الأکل محرماً بل فی بعضها تصریح بالعدم و الظاهر أن الجزاء یتضاعف لو کان فی الحرم علی ما قدمنا من القاعدة و کذا الظاهر انه لا یتفاوت فی لزوم الفداء بالکل بین کون الذابح

ص: 227

محلًا أو محرماً فی الحل و الحرم لعموم الأدلة و لو صاد المحرم فذبحه المحل فی الحل حل علی المحل أکله و إن کان فی الحرم و حرم علی المحرم و إن ذبحه المحرم و لو فی الحل أو ذبحه المحل فی الحرم کان میتة و لو باشر القتل جماعة أو الأکل کذلک کان علی کل منهما جزاء کامل للنصوص و الفتاوی و إن استند القتل إلی أحدهم خاصة عرفاً علی إشکال و لو ضرب المحرم بطیر علی الأرض فی أرض الحرم فقتله فعلیه دم و قیمتان للخبر الآمر بثلث قیم الأولی علی الفداء و أزید فی بعض الفتاوی و التعزیر و یرشد إلیه بعض الأخبار و الاعتبار و هل یختص الحکم فیما لو قتله بعد ذلک وجهان من الأصل و الاقتصار علی مورد الیقین و من أن إحدی القیم لاستصغار الحرم و هو أحوط و هل یسری لغیر الطیر إشکال و الأحوط السرایة و لو شرب لبن ظبیة فی الحرم و هو محرم فعلیه دم و الظاهر أنه شاة و قیمة اللبن للخبر و جملة من الفتاوی و لان الدم للشرب و هو کالأکل ما لا یحل أکله و القیمة لإتلافه جز صید فعلیه قیمته و الأحوط ثبوت قیمة اللبن لو شربه المحل فی الحرم و الدم لو شربه المحرم فی الحل و الأحوط سریان الحکم لغیر الظبیة و لغیر الشرب من الإتلافات و لو رمی محل فقتل الصید بعد إحرامه فلا شی ء علیه إلا أن یتمکن من إزالته بعد إحرامه فالأحوط ثبوت الجزاء و یضمن البعض بقیمته لو نقله فأفسده النقل و یضمن أبعاض الصید ککله و ضمانها بالأرش و هو تفاوت ما بین قیمتها صحیحة و معیبة و قیل أن فی کسر قرنی الغزال نصف قیمته و فی واحد الربع و فی عینیه کمال القیمة و فی عینه نصفه و فی کسر کل ید أو رجل نصف القیمة لخبر أبی بصیر فی المحرم و نسب القول به للأکثر و الأقوی ثبوت الأرش للقواعد و نسب للأکثر و یمکن إرجاع ما فی الخبر إلیه و لو رمی صیداً فشک فی الإصابة فلا شی ء علیه و یستغفر الله لجزائه و لو أصابه و لم یجرحه فلیستغفر الله و لو شک فی جرحه و عدمه کان علیه الفداء لظهور الإصابة فی الجرح و نقل علیه الإجماع و قد یناقش فیه لأصالة العدم و لو أصابه فکسره و غاب عنه فلم یدر هلک أم لا کان علیه الفداء کاملا للنصوص و الجرح کالکسر لظاهر التعلیل و إطلاق الفتاوی و لو جرحه أو کسره ثمّ رآه بعد ذلک حیّاً معیباً أو غیر معیب ضمن الأرش للقواعد القاضیة بذلک و یحتمل ضمان

ص: 228

ربع قیمته و یحتمل ضمان ربع قیمة الفداء لورود بعض الأخبار بذلک المحتملة لکل من الأمرین و إن رجع فی بعضها للصید خاصة إلا أنه ضعیف و یحتمل أن الأرش فی الجرح و ربع أحد القیمتین فی الکسر لأنه مورد الروایة إن لم یقم إجماع مرکب علی تساویهما.

سابع عشرها: یضمن الصید بإثبات الید علیه؟؟ إماما؟؟

کما یضمن الغاصب و لو کان المتلف غیره إلی أن یرسله فیزول عنه ضمانه و لو ثبت یده علی الصید مملوک للغیر ضمنه فداء لله تعالی و قیمة لمالکه إن أرسله و إن دفعة إلیه برأ و لو أمسک الصید محرم فذبحه محرم آخر ضمن کل منهما و لو کان معه صید لم یتمکن من إرساله قبل الإحرام و لا بعده حتی تلف من غیر تفریط فالأوجه عدم الضمان مع احتمال کون مجرد الید سبباً للضمان و هو أحوط و لو لم یرسل الصید حتی أحل لم یجب علیه الإرسال بعد الإحلال و لا فداء علیه و یملکه جدیداً بنیة أخری لزوال ملکه عنه کما نقل علیه الإجماع و لو لا الإجماع لکان فی زوال ملکه عنه مناقشة لعدم ظهور الکتاب و عدم دلالة السنة علیه بل فی بعض الأخبار دلالة علی بقاء ماله کقوله فی أکل الصید دون المیتة إنما یأکل من ماله و لا یتفاوت فی الضمان علی المحرم بین إدخال الصید فی الحرم و بین عدمه کما هو ظاهر لفتوی و الإجماع المنقول و یظهر من الأخبار الاختصاص بما دخل الحرم و لو تلف الصید بیده قاصداً حفظه أو خلاصه من سبع أو فداء به ففی ضمانه أشکل من عموم أدلة الضمان و من أنه محسن و الأول أحوط.

ثامن عشرها: یضمن الصید بالتسبیب

فلو دل محرم محلًا أو محرم فی حل أو إحرام علی صید فقتله المدلول ضمنه الدال کما یضمنه القاتل للنصوص و الفتاوی و الإجماع المنقول و فی بعض الأخبار إجمال فی استقرار الضمان علی الدال و علی القاتل و لکن الظاهر بقرینة السیاق و فتوی الأصحاب هو إرادة استقراره علی الدال أیضاً و المتیقن من النص و الفتوی فی ضمان الدال هو ما إذا تعقبه القتل فلو لم یأخذه المدلول أو أخذه و أرسله فلا شی ء علیه و إن شک بعده أخذه أنه هل قتله أو أرسله فوجهان و لا یبعد أنه لا شی ء علیه أیضاً للتقیید الفداء فی بعض الأخبار و لو لم تؤثر

ص: 229

الدلالة شیئاً کما إذا کان عالماً به المدلول سابقاً فلا شی ء علیه و لو فعل ما یقضی بالدلالة و کان غیر قاصد لها فوجهان أحوطهما ثبوت الضمان و لو دل المحل علی صیده فی الحرم ضمن علی الأقوی للروایات الدالة علی ذلک و للاحتیاط و لو کان فی غیر الحرم فلا شی ء علیه و من أغری کلباً علی صید و هو محرم ضمن بإغرائه و کذا لو أغراه فی الحرم و هو محل علی الأظهر و لو أغری محل کلباً فی الحل علی صید فی الحرم فالأحوط بل الأظهر الضمان و سابق الدابة و راکبها و قائدها و الواقف بها یضمنون للأخبار و التسبیب و کذا مرسلها من یده عمداً مع قصد القتل و مع عدمه إذا کان من عادتها الانفلات و مع عدم العادة إشکال و لو انفلتت قهراً فلا شی ء علیه و من أغلق باباً علی صید فمات أو أوقد ناراً فحرقت صیداً مع قصد الإحراق و مع عدمه ضمن التسبیب و لو رمی الصید رامیان فأصابه أحدهما دون الآخر کان علی کل منهما فداء للاحتیاط و لشبهة بالتسبیب و للخبرین المعتبرین و الظاهر اختصاصهما بموردهما أو هو إذا کانا محرمین و لو أوقد جماعة ناراً فأحرق بها صید فإن قصدوا الإحراق ضمن کل واحد منهم الفداء کاملًا و إن لم یقصدوا ضمن الجمیع فداءً و أحداً للفتوی و النص المعتبر و لا یبعد إلحاق الضمان علی المحل فی الحرم أیضاً بالنسبة إلی لزوم القیمة و اجتماعها علی المحرم فی الحرم و یقوی ذلک مع القصد إلی الصید و شکل بدونه لعدم الدلیل علیه و لو قصد إلی الصید بعض دون بعض لزم کل منهم حکمه فیکون علی کل من قصد فداء و علی جمیع من لم یقصد فداء و لو کان من لم یقصدوا أحداً فإشکال لاستبعاد مساواته القاصد و یحتمل مع اختلافهم فی القصد أن یکون الواجب علی من لم یقصد ما کان یلزمه مع عدم قصد الجمیع فلو کانوا اثنین فعلی القاصد شاة و علی من لم یقصد نصفها لو کان الواقع حمامة و هکذا و لو نفر المحل حمام الحرم عمداً أو سهواً علی الظاهر عن و کره أو عن الحرم بحیث خرج عن الحرم کان علیه مع رجوعه إلی و کره أو إلی الحرم شاة و الأظهر إرادة الخروج و العود علی الحرم و إن لم یرجع کان علیه لکل حمامة شاة کل ذلک لفتوی الأکثر و بعض الروایات المرسلة المنجبرة بفتواهم و لأنه مع عدم الرجوع یدخل تحت قاعدة من أخرج طیراً من الحرم

ص: 230

و لم یعده إلیه ضمنه و یفهم من ذلک أیضاً إرادة التنفیر و الخروج من الحرم و العود إلیه لا الخروج من الوکر أو من مکانه الذی هو فیه و لو نفَّرهُ المحرم قوی احتمال أنه کالمحل لإطلاق الفتوی و أحتمل تضاعف الجزاء علیه و هو أحوط و لا یبعد أنه یکفی فی ثبوت الجزاء علی المحرم تنفیره عن و کره و عن مکانه و إن لم یخرج عن الحرم أخذ بإطلاق الفتوی و أما تنفیر الحمام فلم نجد فیه شیئاً و مع الشک فی العدد یبقی علی الأقل و فی العود یبنی علی عدمه و لو نفر واحدة کان علیه شاة مع عدم الرجوع و مع الرجوع قوی احتمال أن لا شی ء علیه للأصل و اختصاص الروایة و الفتوی بالکثیر و أحتمل مساواتها للکثیر لأن الحمام اسم جنس و لا بعد فی مساواة التنفیر للإتلاف و لو غلق باباً علی حمام الحرم و فراخ و بیض فإن فتح الباب عنها فلا شی ء علیه للأصل و لعدم زیادته علی الأخذ و الإرسال و إلا ضمن المحرم الحمامة شاة و الفرخ بحمل و البیضة بدرهم و ضمن المحل الحمامة بدرهم و الفرخ بنصفه و البیضة بربعه للنص و الفتوی و الظاهر اجتماعهما علی المحرم فی الحرم تمسکاً بالقواعد و مقتضی إطلاق الفتوی و النص الوارد بذلک إن هذا الضمان مترتب علی نفس الإغلاق عند الجهل بالحال و لا یشترط العلم بالموت کما اشترطه بعضهم نعم عند الموت یجتمع علیه الأمران بمقتضی الأدلة المتقدمة و لو أمسک صیداً فی الحرم ضمنه أیضاً و لو أمسک المحل الأم فی الحرم فماتت فلا یبعد الضمان لأنه إتلاف جاء من ناحیة الحرم کما لو رمی من الحرم فأصاب صیداً فی الحرم و لو نفر صیداً فهل بمصارمة شی ء ضمن و لو نفره فأخذه آخر فإن رجع إلی و کره أو أرجعه الأخذ برأ المنفر من ضمانه و إلا کان ضامناً له بأی متلف کان و فی بعض الأخبار إشعار بذلک و یحتمل عدم الضمان للأصل و ضعف التسبیب و عدم المباشرة و لو نصب المحرم أو المحل فی الحرم شبکة فتعلق بها صید ضمن إذا مات أو ذهب عضو منه و لو نصبها فی الحل محل فتعلقت بالصید بعد الإحرام أو بعد دخول الحرم فلا شی ء علیه للأصل و لعدم التسبیب بعد الإحرام و لو احل الکلب المربوط و هو محرم أو المربوط فی الحرم أو الحل حل الصید کذلک فتسبب عن حله قتل الصید ضمنه و کذا لو قصر فی رباط کلب استصحبه و هل یضمن بمجرد استصحاب الکلب

ص: 231

وجه یقضی به الاحتیاط و لو حفر المحرم بئراً فی محل عدوان فتردی بها صید ضمنه إن لم یکن فی محل عدوان فلا شی ء و یحتمل الضمان و إن لم یکن فی محل عدوان إذا کان الحفر فی الحرم أو کان و هو محرم و الاحتیاط فی هذه المقامات مطلوب علی حال.

تم کتاب الحج من فضل المتعال علی وجه الاختصار و الصلاة علی محمد و آله الأطهار و سلم تسلیماً رحم الله من دعا لکاتبه بالعفو عن سیئاته العظام.

الخط یبقی زماناً بعد کاتبه و کاتب الخط تحت الأرض مدفونا

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.